«دبلوماسية الأولمبياد»... سيلفي الانتصار يجمع لاعبين من الكوريتين

الفائزون بميداليات تنس الطاولة من الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية يلتقطون صورة «سيلفي» على منصة التتويج بعد نهائي الزوجي المختلط في أولمبياد باريس (أ.ف.ب)
الفائزون بميداليات تنس الطاولة من الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية يلتقطون صورة «سيلفي» على منصة التتويج بعد نهائي الزوجي المختلط في أولمبياد باريس (أ.ف.ب)
TT

«دبلوماسية الأولمبياد»... سيلفي الانتصار يجمع لاعبين من الكوريتين

الفائزون بميداليات تنس الطاولة من الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية يلتقطون صورة «سيلفي» على منصة التتويج بعد نهائي الزوجي المختلط في أولمبياد باريس (أ.ف.ب)
الفائزون بميداليات تنس الطاولة من الصين وكوريا الشمالية وكوريا الجنوبية يلتقطون صورة «سيلفي» على منصة التتويج بعد نهائي الزوجي المختلط في أولمبياد باريس (أ.ف.ب)

«هذه ربما تكون الصورة الأكثر أهمية في هذه الألعاب الأولمبية»، هكذا أعلن منشور على وسائل التواصل الاجتماعي على منصة «ويبو» الصينية، بعد فوز الصين بالميدالية الذهبية في الزوجي المختلط لتنس الطاولة في دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس.

ولكن في الصورة التي انتشرت على نطاق واسع للفائزين بالميداليات وهم يلتقطون صورة سيلفي على المنصة، فإن الرياضيين الصينيين هم الأقل تركيزاً على الناس. وبدلاً من ذلك، فإن من لفتوا الاهتمام في العرض هم الفائزون بالميدالية الفضية من كوريا الشمالية والفائزون بالميدالية البرونزية من كوريا الجنوبية، والذين شوهدوا وهم يتجمعون معاً في وقت من التوترات المتصاعدة بين البلدين.

وأرسل كل من ري جونغ سيك وكيم كوم يونغ من كوريا الشمالية، والجنوبي شين يو بين والفريق الصيني المنتصر وانغ تشوكين وسون ينجشا صوراً إلى هاتف ليم، وهو هاتف سامسونغ من صنع كوريا الجنوبية، حسب تقرير لصحيفة «جابان تايمز».

وأصبحت صورة «سيلفي النصر» - كما صاغها منظمو الألعاب الأولمبية - اتجاهاً في أولمبياد باريس، وتمكن الفائزون بالميداليات هذا العام من التقاط صور لأنفسهم على المنصة باستخدام هواتف من الراعي الشركة العملاقة «سامسونغ»، التكتل الكوري الجنوبي.

قالت صحيفة «جونغ آنغ إلبو» اليومية واسعة الانتشار: «صورة سيلفي مع العلمين الوطنيين لكوريا وهاتف سامسونغ»، حسبما أوردت «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتأتي صورة سيلفي شبه الجزيرة الكورية في الوقت الذي وصلت فيه العلاقات الثنائية بين سيول وبيونغ يانغ إلى أدنى مستوياتها منذ الحرب الكورية. في يناير (كانون الثاني)، أعلن الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون أن الشمال لن يسعى بعد الآن إلى إعادة التوحيد السلمي مع الجنوب وأنه «لا ينوي تجنب» الحرب. وفي الأشهر الأخيرة، كثفت كوريا الشمالية تجاربها الصاروخية وأطلقت بالونات مليئة بالقمامة والنفايات عبر الحدود رداً على المنشورات الدعائية التي أرسلها ناشطون من كوريا الجنوبية إلى الشمال.

وعلى أن كوريا الشمالية ظلت لفترة طويلة منبوذة في السياسة العالمية، فقد اتخذت نهجاً مختلفاً في مجال ألعاب القوى، حيث رأت في الرياضة وسيلة لإضفاء الطابع الإنساني على نظامها -وهو ما أصبح يُعرف باسم «دبلوماسية الرياضة»، حسبما أشار تقرير لمجلة «تايم» الأميركية.

وبثت محطات البث الكورية الجنوبية بشكل متكرر مقاطع فيديو للصورة الذاتية، حيث تأمل العديد من المعلقين أهمية لحظة الوحدة النادرة. وقال أحد المعلقين: «هذه هي الروح الحقيقية للألعاب الأولمبية»، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وأشارت مجلة «تايم» إلى أن الزعيم الكوري الشمالي مولع بكرة السلة إلى الحد الذي جعله يشكِّل صداقة غير متوقعة مع نجم كرة السلة الأميركي السابق دينيس رودمان، في حين كان والده الراحل كيم جونغ إل معروفاً بحبه للغولف.

وتوفر الأحداث الرياضية الدولية مثل الألعاب الأولمبية ساحة نادرة للتفاعلات المدنية بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية، اللتين لا تزالان في حالة حرب من الناحية الفنية مع بعضهما البعض. فقد سارت الكوريتان معاً تحت علم واحد في كل من الألعاب الأولمبية الصيفية لعامي 2000 و2004، فضلاً عن الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2006. كما ساروا معاً في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانج 2018، رغم فشل خطة مماثلة للألعاب البارالمبية بعد أن لم يتمكن الجانبان من الاتفاق على العلم.

يلتقط الحائز على الميدالية البرونزية جونغ هون ليم من كوريا الجنوبية صورة سيلفي مع يو بين شين من كوريا الجنوبية والحائزان على الميداليات الذهبية تشوكين وانغ من الصين ويينغشا صن من الصين مع الحائزين على الميداليات الفضية جونغ سيك ري من كوريا الشمالية وكوم يونج كيم من كوريا الشمالية على منصة التتويج مع ميدالياتهم بعد الفوز (رويترز)

وفي دورة الألعاب الأولمبية في ريو 2016، انتشرت صورة سيلفي أخرى التقطتها لاعبة الجمباز الكورية الجنوبية لي أون جو ونظيرتها الكورية الشمالية هونغ أون جونغ على نطاق واسع وتم الترحيب بها باعتبارها شهادة على كيف تتجاوز الرياضة السياسة.

في العام الماضي، شاركت رافعة الأثقال الكورية الجنوبية كيم سو هيون قصصاً عن تفاعلات دافئة مع منافسيها من كوريا الشمالية الذين تراهم بانتظام في اللقاءات، بما في ذلك الوقت الذي اقترب منها مدرب كوري شمالي وأخبرها «بالاستمرار» في دورة الألعاب الآسيوية العام الماضي. ولكن في نفس الألعاب، قالت لاعبة كرة السلة الكورية الجنوبية كانج لي سول إنها «شعرت بخيبة أمل قليلاً» لأن نظراءها الكوريين الشماليين تجاهلوها تماماً، رغم أن الرياضيين من الجانبين لعبوا معاً سابقاً في فريق مشترك في دورة الألعاب الآسيوية 2018.

كما سعت كوريا الشمالية إلى استضافة أحداث رياضية دولية خاصة بها، بما في ذلك بطولة سنوية للهواة في رياضة الغولف تقام على نفس ملعب الغولف الذي يستخدمه كيم جونغ أون. ولقد لعب زعماء الكوريتين لسنوات طويلة بفكرة استضافة كأس العالم أو الألعاب الأولمبية بشكل مشترك، رغم أن مثل هذه الجهود تعثرت مراراً وتكراراً وسط توتر العلاقات الدبلوماسية.

في دورة الألعاب الصيفية في باريس، وهي أول دورة ألعاب أولمبية تشارك فيها كوريا الشمالية بعد غيابها عن طوكيو بسبب الوباء، يتنافس 16 رياضياً من كوريا الشمالية في أحداث تتراوح من تنس الطاولة إلى الجمباز إلى المصارعة.

بدأت دورة الألعاب في باريس بشكل أكثر صعوبة - في حفل الافتتاح، تم تقديم الوحدة الكورية الجنوبية باسم جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية، الاسم الرسمي لكوريا الشمالية، مما أثار استياء الكوريين الجنوبيين وقادتهم ودفع المنظمين إلى الاعتذار. لكن الصورة الذاتية تم الترحيب بها منذ ذلك الحين باعتبارها تجسيداً «للروح الحقيقية للألعاب الأولمبية».

لم يكن لدى الرياضيين أنفسهم الكثير ليقولوه عن صورتهم التاريخية أو عن بعضهم البعض. والثلاثاء الماضي، حين أعطى ليم جونج هون، لاعب التجديف الكوري الجنوبي الذي التقط الصورة الذاتية «سيلفي»، إجابة موجزة فقط للمراسلين الذين سألوا عن تفاعل فريقه مع الكوريين الشماليين. قال: «عندما قدموا الحائزين على الميدالية الفضية، هنأناهما».

وفي هذه الأثناء، عندما سأل الصحافيون في وقت لاحق عما إذا كان فريق كوريا الشمالية يشعر بأي «تنافس» مع نظرائه الكوريين الجنوبيين، قال لاعب كوريا الشمالية كيم كوم يونج ببساطة: «لا، لم نشعر بذلك».


مقالات ذات صلة

أولمبياد باريس: الكولومبي ريستريبو يؤدي أصعب غطسة في منافسات القفز

رياضة عالمية الكولومبي لحظة الغطس في المنافسات (أ.ب)

أولمبياد باريس: الكولومبي ريستريبو يؤدي أصعب غطسة في منافسات القفز

قام الكولومبي دانييل ريستريبو بأصعب محاولة غطس حتى الآن في أولمبياد باريس، الثلاثاء، في الدور التمهيدي لمنافسات القفز من منصة متحركة لثلاثة أمتار.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية كايليا نمور (أ.ف.ب)

كايليا نمور: حياتي تغيرت بعد ذهبية الألعاب الأولمبية

الجزائرية كايليا نمور، ذات الـ17 عاماً، لم تستوعب بعد حجم النجومية والشهرة التي وصلت إليها بعد تتويجها بالميدالية الذهبية في أولمبياد باريس 2024.

«الشرق الأوسط» (الجزائر )
رياضة عالمية نيراج شوبرا (أ.ب)

«أولمبياد باريس - رمي الرمح»: الهندي شوبرا يبدأ دفاعه عن الذهبية

أكد رامي الرمح الهندي نيراج شوبرا ادعاءه أنه أحد المرشحين للفوز برمية واحدة، الثلاثاء، بعدما استهل حملة الدفاع عن لقبه في منافسات رمي الرمح للرجال.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية تركيا بطلة أوروبا  إلى الدور قبل النهائي لمنافسات الكرة الطائرة (إ.ب.أ)

أولمبياد باريس-الطائرة: سيدات تركيا إلى نصف النهائي

بلغت تركيا بطلة أوروبا الدور قبل النهائي لمنافسات الكرة الطائرة للسيدات لأول مرة في الأولمبياد بعد الفوز 3-2 على الصين في ألعاب باريس في مباراة متقلبة.

«الشرق الأوسط» (باريس)
رياضة عالمية زهرة نورة (رويترز)

أولمبياد باريس: إصابة المبارزة الجزائرية زهرة كحلي بقطع في الرباط الصليبي

أصيبت المبارزة الجزائرية زهرة نورة كحلي بقطع في الرباط الصليبي خلال مشاركتها في أولمبياد باريس.

«الشرق الأوسط» (الجزائر )

أولمبياد باريس: الكولومبي ريستريبو يؤدي أصعب غطسة في منافسات القفز

الكولومبي لحظة الغطس في المنافسات (أ.ب)
الكولومبي لحظة الغطس في المنافسات (أ.ب)
TT

أولمبياد باريس: الكولومبي ريستريبو يؤدي أصعب غطسة في منافسات القفز

الكولومبي لحظة الغطس في المنافسات (أ.ب)
الكولومبي لحظة الغطس في المنافسات (أ.ب)

قام الكولومبي دانييل ريستريبو بأصعب محاولة غطس حتى الآن في أولمبياد باريس، الثلاثاء، في الدور التمهيدي لمنافسات القفز من منصة متحركة لثلاثة أمتار للرجال.

في غطسته الخامسة، أطلق ريستريبو نفسه ليقوم بأربع شقلبات ونصف الشقلبة في وضعية الرمح، وهي المحاولة التي يبلغ مستوى صعوبتها 4.2 درجة.

وأبلغ ريستريبو (24 عاماً) «رويترز» بعد الحدث، بأنه كان أول شخص يحاول مثل هذه القفزة الصعبة في منافسات المنصة المتحركة.

وقال: «كانت القفزة في منتهى الصعوبة. إذا أردت القيام بمثل هذه القفزة تحتاج إلى استعداد قوي والتزام وانضباط... لكنني أعتقد أن العقبات تكون في العقل، وإذا وثقت بنفسك يمكنك القيام بأي شيء».

وقام الصيني وانج زونجيان، الذي تصدّر الدور التمهيدي، بأصعب غطسة له بمستوى صعوبة 3.9 نقطة. كما توقف بعض أقوى منافسي وانج، ومن بينهم البريطاني جاك لو، والمكسيكي أوسمار أولفيرا، عند مستوى صعوبة 3.9.

وبدأ ريستريبو التدريب على هذه المحاولة قبل أربعة أو خمسة أشهر بتشجيع من مدربه.

وقال: «في تلك اللحظة شعرت بالسهولة، لكن عندما بدأت التدريب بخمسة تكرارات كان الأمر صعباً. لكن هذا هو الجزء الأكثر روعة في المنافسة. أشعر الآن أنني بحالة جيدة».

على الرغم من كونه أول من حاول القيام بأصعب محاولة للغطس، فإن أداء ريستريبو الإجمالي لم يكن جيداً بما يكفي ليتأهل.

واحتل ريستريبو المركز 17 في القفز من منصة متحركة لثلاثة أمتار في «ألعاب طوكيو»، قبل ثلاث سنوات في مشاركته الأولى بالأولمبياد.