موازنة الأربعاء تحدد مصير رئيس الوزراء البريطاني وسط تراجع شعبيته

الحكومة تستبعد خفض الإنفاق وتلجأ إلى «ضريبة الدخل» و«ضريبة الأميال» لمعالجة الدين

وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز تصافح رئيس الوزراء كير ستارمر بعد إلقاء خطابها الرئيس في المؤتمر السنوي لـ«حزب العمال» البريطاني (رويترز)
وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز تصافح رئيس الوزراء كير ستارمر بعد إلقاء خطابها الرئيس في المؤتمر السنوي لـ«حزب العمال» البريطاني (رويترز)
TT

موازنة الأربعاء تحدد مصير رئيس الوزراء البريطاني وسط تراجع شعبيته

وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز تصافح رئيس الوزراء كير ستارمر بعد إلقاء خطابها الرئيس في المؤتمر السنوي لـ«حزب العمال» البريطاني (رويترز)
وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز تصافح رئيس الوزراء كير ستارمر بعد إلقاء خطابها الرئيس في المؤتمر السنوي لـ«حزب العمال» البريطاني (رويترز)

بعد فوزه الكاسح في الانتخابات العامة العام الماضي، قدّم «حزب العمال» البريطاني موازنة وصفت حينها بأنها جرعة لمرة واحدة من الزيادات الضريبية، بهدف إصلاح المالية العامة، وخفض الدين، وتخفيف تكاليف المعيشة، وتحفيز النمو الاقتصادي. ولكن، بعد مرور عام، لا يزال التضخم مرتفعاً بعناد، وارتفع الاقتراض الحكومي، وبقي الاقتصاد راكداً. ومن المتوقع أن تحمل الموازنة السنوية، المقرر تقديمها يوم الأربعاء، المزيد من الزيادات الضريبية، سعياً وراء نفس الازدهار الاقتصادي المراوغ.

سيناريو «يوم جرذ الأرض»

تعكس الحالة الاقتصادية الحالية فشل الموازنة السابقة في تحقيق أهدافها، مما يثير قلقاً واسعاً في الأوساط التجارية، والسياسية، وفق «أسوشييتد برس».

وصفت رئيسة مجموعة اتحاد الصناعات البريطانية، راين نيوتن-سميث، الوضع قائلة: «لا نشعر بأننا نمضي قدماً، بل نشعر بأننا عالقون في (يوم جرذ الأرض)»، بمعنى أن الاقتصاد البريطاني، والسياسات الحكومية عالقة في دائرة مفرغة.

القلق لا يقتصر على قطاع الأعمال؛ فبسبب التصنيفات الكئيبة للحكومة في استطلاعات الرأي، يدرس بعض المشرّعين من «حزب العمال» فكرة لم تكن واردة من قبل، وهي الإطاحة برئيس الوزراء كير ستارمر، الذي قادهم إلى الفوز قبل أقل من 18 شهراً. وأشار مدير مركز «مور إن كومون» لاستطلاعات الرأي، لوك ترايل، إلى أن الناخبين «لا يفهمون سبب عدم حدوث تغيير إيجابي»، مضيفاً: «قد تكون هذه هي لحظة الفرصة الأخيرة للحكومة».

ناشطون يحملون لافتة كُتب عليها «افرضوا الضرائب على المليارديرات-أصلحوا عدم المساواة-افرضوا الضرائب على الملوثين-أصلحوا المناخ» (أ.ف.ب)

مساحة محدودة للمناورة بين الديون والتعهدات

تؤكد الحكومة أن وزيرة الخزانة، راشيل ريفز، ستتخذ «قرارات صعبة، لكنها صحيحة» في موازنتها، لتخفيف تكلفة المعيشة، وحماية الخدمات العامة، وإبقاء الدين تحت السيطرة. لكن مساحة مناورتها محدودة للغاية.

ويعاني الاقتصاد البريطاني، وهو سادس أكبر اقتصاد في العالم، من أداء أضعف من متوسطه على المدى الطويل منذ الأزمة المالية العالمية 2008-2009. وقد كافحت حكومة «حزب العمال» التي انتخبت في يوليو (تموز) 2024 لتقديم النمو الاقتصادي الموعود. وتتحمل المالية العامة في المملكة المتحدة أعباء متعددة تشمل تكاليف جائحة كوفيد-19، وتداعيات الحرب الروسية-الأوكرانية، والتعريفات الجمركية العالمية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب. كما تتحمل بريطانيا العبء الإضافي للخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست)، الذي أدى إلى خسارة مليارات الجنيهات من الاقتصاد منذ عام 2020.

تنفق الحكومة حالياً أكثر من 100 مليار جنيه إسترليني (130 مليار دولار) سنوياً لخدمة الدين الوطني، الذي يقف عند نحو 95 في المائة من الدخل القومي السنوي. وتضاف إلى الضغوط حقيقة أن حكومات «حزب العمال» تاريخياً اضطرت إلى بذل جهد أكبر لإقناع قطاع الأعمال، والأسواق المالية بسلامتها الاقتصادية. وتدرك ريفز جيداً كيف يمكن أن تتفاعل الأسواق المالية عندما لا تتطابق أرقام الحكومة، مستذكرةً التجربة القصيرة لرئيسة الوزراء السابقة ليز تراس التي انتهت في أكتوبر (تشرين الأول) 2022 بعد أن تسببت حزمة تخفيضاتها الضريبية غير الممولة في زعزعة الأسواق.

شخص يسير بجوار خيام يستخدمها المشردون مأوى في لندن (رويترز)

بين الضرائب الجديدة وخفض الإنفاق

استبعدت الحكومة إجراء تخفيضات في الإنفاق العام على غرار ما شهدته البلاد خلال 14 عاماً من حكم المحافظين، كما تم إحباط محاولاتها لخفض فاتورة الرعاية الاجتماعية الضخمة من قبل مشرّعي «حزب العمال». وهذا يترك زيادة الضرائب على أنه خيار رئيس للحكومة لزيادة الإيرادات.

قالت الزميلة البارزة في مركز «معهد الحكم» للأبحاث، جيل روتر: «نحن لسنا في الموقف الذي كانت راشيل ريفز تأمل فيه. فبدلاً من اقتصاد (انطلق إلى الحياة) ليسمح بإنفاق أعلى، وضرائب أقل، يجب على ريفز أن تقرر ما إذا كانت ستملأ فجوة مالية سوداء كبيرة بزيادة الضرائب، أو خفض الإنفاق».

تأتي الموازنة بعد أسابيع من رسائل مختلطة، وفوضوية، شهدت إشارة ريفز إلى أنها سترفع ضرائب الدخل –ما يعد خرقاً لتعهد انتخابي رئيس– قبل أن تعود سريعاً. وفي خطاب ألقته في 4 نوفمبر (تشرين الثاني)، مهدت ريفز لزيادة ضرائب الدخل بالقول إن الاقتصاد أكثر مرضاً، والتوقعات العالمية أسوأ مما عرفته الحكومة عند توليها السلطة.

وبعد ضجة بين مشرعي «حزب العمال»، وتحديث أفضل من المتوقع للمالية العامة، أشارت الحكومة إلى أنها تفضل مجموعة من الإجراءات الصغيرة لزيادة الإيرادات، مثل «ضريبة القصور» على المنازل باهظة الثمن، وضريبة الدفع مقابل كل ميل على سائقي السيارات الكهربائية. وستحاول الحكومة تخفيف حدة الإجراءات بإضافة حوافز تشمل زيادة تفوق التضخم في مدفوعات المعاشات التقاعدية، وتجميد أسعار تذاكر القطارات.

ريفز تلقي خطابها الرئيس في المؤتمر السنوي لـ«حزب العمال» البريطاني في ليفربول (رويترز)

مخاطر الانقسام السياسي على ستارمر وريفز

تأتي الموازنة في الوقت الذي يواجه فيه ستارمر قلقاً متزايداً من مشرعي «حزب العمال» بشأن تصنيفات استطلاعات الرأي المتردية، والتي تضع الحزب خلف حزب «إصلاح المملكة المتحدة» اليميني المتشدد. وفي وقت سابق من هذا الشهر، أثار مكتب رئيس الوزراء تكهنات جامحة عندما أعلن استباقياً لوسائل الإعلام أن ستارمر سيقاتل أي تحدٍ لقيادته.

ويرى باتريك دايموند، أستاذ السياسة العامة في جامعة كوين ماري بلندن، أن إرضاء الأسواق والناخبين في آنٍ واحد أمر صعب. وقال: «يمكنك منح الأسواق الثقة، ولكن هذا يعني على الأرجح زيادة الضرائب، وهو أمر لا يحظى بشعبية كبيرة لدى الناخبين. ومن ناحية أخرى، يمكنك منح الناخبين الثقة بمحاولة تقليل تأثير الزيادات الضريبية، لكن ذلك يجعل الأسواق متوترة، لأنها تشعر بأن الحكومة ليست لديها خطة مالية واضحة».

رغم أن الانتخابات المقبلة لن تُجرى حتى عام 2029، وتأمل الحكومة في أن تحفز إجراءاتها الاقتصادية نمواً أعلى، وتخفف الضغوط المالية، يحذر المحللون من أن موازنة فاشلة يمكن أن تكون مسماراً آخر في نعش حكومة ستارمر.

واختتمت جيل روتر حديثها بالقول: «كل من ستارمر وريفز لا يحظيان بشعبية كبيرة حقاً... قد يكونان صامدين الآن، لكنني لا أعتقد أن الناس سيمنحونهما احتمالات كبيرة ببقائهما بالضرورة طوال مدة البرلمان».


مقالات ذات صلة

استراتيجية «أنفق الآن وادفع لاحقاً» تضع حكومة ستارمر في فخ التأجيل المالي

تحليل إخباري رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر يتحدث في مجلس العموم بلندن (رويترز)

استراتيجية «أنفق الآن وادفع لاحقاً» تضع حكومة ستارمر في فخ التأجيل المالي

قدمت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، موازنة ذات قيمة «ضخمة»، لكنها غير تقليدية في هيكلها. إذ تضمنت زيادة ضريبية كبيرة بلغت 26 مليار جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد المشرعون يتابعون خطاب ريفز (أ.ف.ب)

الموازنة البريطانية... زيادة الضرائب بـ26 مليار جنيه إلى مستويات قياسية

أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز عن حزمة ضريبية بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (حوالي 34.3 مليار دولار) مما يدفع العبء الضريبي إلى أعلى مستوى

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ريفز تزور متجر «بريمارك» في لندن (رويترز)

موازنة بريطانيا... ريفز تختبر اليوم ثقة المستثمرين والحزب بحزمة ضريبية ضخمة

تستعد وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، لإلقاء خطاب الموازنة الذي من المرجح أن يتضمن عشرات المليارات من الجنيهات الإسترلينية في صورة ضرائب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شخص من دون مأوى يتوسل بينما تواجه وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز قرارات مالية صعبة (رويترز)

عام على موازنة ريفز الأولى... كيف كان أداء الاقتصاد البريطاني خلاله؟

تعهدت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز على مدار العام الماضي بتسريع وتيرة الاقتصاد البريطاني إلا أن وتيرة النمو تباطأت مؤخراً وسط ترقب لموازنة 2026

«الشرق الأوسط» (لندن)
شمال افريقيا أرشيفية متداولة للقائد المنشق أبو عاقلة كيكل (الثالث من اليسار) مع «الدعم السريع» قبل انضمامه للجيش play-circle

معارك شرسة في كردفان واستهداف قائد قوات «درع السودان»

يتواصل الاقتتال العنيف بين الجيش السوداني و«قوات الدعم السريع» في نطاق واسع من إقليم شمال كردفان.

محمد أمين ياسين (نيروبي)

المؤشرات الصينية ترتفع مع عطلة الأعياد

سيدة تستعد لالتقاط صورة تذكارية مع زينة العام الجديد في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
سيدة تستعد لالتقاط صورة تذكارية مع زينة العام الجديد في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
TT

المؤشرات الصينية ترتفع مع عطلة الأعياد

سيدة تستعد لالتقاط صورة تذكارية مع زينة العام الجديد في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)
سيدة تستعد لالتقاط صورة تذكارية مع زينة العام الجديد في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الصينية بكين (أ.ف.ب)

واصلت أسهم البر الرئيسي الصيني مكاسبها يوم الخميس، حيث سجل مؤشر شنغهاي الرئيسي جلسة رابحة للجلسة السابعة على التوالي، مدفوعاً بمكاسب أسهم قطاعي الطيران والروبوتات، في حين كانت بورصة هونغ كونغ مغلقة بمناسبة عطلة عيد الميلاد.

وعند الإغلاق، ارتفع مؤشر شنغهاي المركب الرئيسي بنسبة 0.47 في المائة، بينما ارتفع مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.18 في المائة.

وكانت أسهم قطاعي الطيران والروبوتات من بين أكبر الرابحين، حيث قفزت المؤشرات الفرعية التي تتبع هذين القطاعين بنسبة 4.39 و2.84 في المائة على التوالي. وكانت أسهم قطاعي الطيران والروبوتات من بين أكبر الرابحين، حيث قفزت المؤشرات الفرعية التي تتبع هذين القطاعين بنسبة 4.39 و2.84 في المائة على التوالي.

وتراجع قطاع العقارات عن مكاسبه السابقة، رغم تخفيف بكين لبعض القيود المفروضة على شراء العقارات بهدف استقرار القطاع المتعثر. وانخفض مؤشر «سي إس آي 300 للعقارات»، الذي يرصد أداء القطاع، بنسبة 0.34 في المائة.

وخففت سلطات بلدية بكين القيود المفروضة على شراء المنازل يوم الأربعاء، وخفضت الحد الأدنى المطلوب لتأهيل المشترين، في أحدث الجهود المبذولة لتعزيز الطلب وسط تراجع أسعار المنازل في العاصمة الصينية.

وتعهد البنك المركزي الصيني باستقرار توقعات السوق والحفاظ على سعر الصرف «مستقراً بشكل أساسي عند مستوى معقول ومتوازن»، وفقاً لبيان صادر عن اجتماع يوم الأربعاء. وسيكون سوق هونغ كونغ مغلقاً يومي الخميس والجمعة بمناسبة عطلة عيد الميلاد. ستُستأنف التداولات في 29 ديسمبر (كانون الأول).

ومن جانبه، سجل اليوان الصيني في السوق المحلية أعلى مستوى له منذ نحو 15 شهراً يوم الخميس، مقترباً من 7 يوانات للدولار، مدعوماً بتسارع المصدرين في نهاية العام لتحويل حيازاتهم من الدولار إلى العملة المحلية، وتوقعات بانخفاض قيمة الدولار الأميركي أكثر في العام المقبل. ورغم أن الارتفاع المتسارع لليوان قد دفع البنك المركزي للتدخل لإبطاء وتيرة صعوده، فإن العديد من المحللين يرون أن هذا الاتجاه ما زال في بدايته.

وقالت شركة «إندستريال سيكيوريتيز» في مذكرة لها: «قد تتحول العوامل التي كانت تعيق اليوان في السابق إلى عوامل مواتية تدفعه نحو مزيد من الارتفاع في المستقبل»، مشيرةً إلى حيازات الشركات من الدولار التي تبلغ قيمتها نحو 1.2 تريليون دولار والتي يتم استقطابها بشكل متزايد إلى الصين.

وارتفعت قيمة العملة الصينية بنحو 5 في المائة مقابل الدولار منذ أوائل أبريل (نيسان)، مع انحسار التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، وانتعاش سوق الأسهم الصينية الذي اجتذب تدفقات استثمارية أجنبية.

وقالت شركة «غالاكسي سيكيوريتيز» في تقرير لها: «يعود ارتفاع اليوان إلى تحسن الاقتصاد، وخفض أسعار الفائدة من قِبَل (الاحتياطي الفيدرالي) الأميركي، وتوقعات ارتفاع قيمة اليوان التي تحققت ذاتياً».

وفي تحذير واضح من المبالغة في تقلبات العملة، تعهد بنك الشعب الصيني يوم الأربعاء بالعمل على استقرار توقعات السوق والحفاظ على سعر الصرف «مستقراً بشكل أساسي عند مستوى معقول ومتوازن». وانعكاساً لهذا الجهد، حدد بنك الشعب الصيني سعر صرف اليوان عند 7.392 يوان للدولار قبل افتتاح السوق يوم الخميس، أي أقل بـ244 نقطة من توقعات «رويترز».

وقالت شركة «إندستريال سيكيوريتيز»: «يشير هذا إلى أن البنك المركزي، الذي يُلمح إلى ارتفاع قيمة اليوان، قد بدأ في إبطاء وتيرة ارتفاعه بشكل طفيف». وتتوقع الشركة أن يرتفع اليوان أكثر العام المقبل، حيث من المرجح أن يتجاوز التيسير النقدي الأميركي توقعات السوق، مما سيدعم ارتفاع اليوان.


وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
TT

وزير الصناعة السعودي: ولي العهد سرّع إلغاء المقابل المالي لتعزيز تنافسية القطاع عالمياً

وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)
وزير الصناعة متحدثاً للحضور في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

كشف وزير الصناعة والثروة المعدنية، بندر الخريف، عن كواليس ما قبل إصدار قرار مجلس الوزراء، الأخير، المتمثل في إلغاء المقابل المالي عن القطاع الصناعي، مبيناً أن ولي العهد قاد اجتماعاً كان مدافعاً عن المنظومة، وهو مَن اتخذ القرار بهذه السرعة، في خطوة الهدف منها تعزيز تنافسية الصناعة السعودية على مستوى العالم.

يأتي ذلك بعد أيام من قرار مجلس الوزراء، بإلغاء المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في المنشآت الصناعية، في خطوة ستسهم في تعزيز تنافسية الصناعة السعودية عالمياً، وزيادة وصول الصادرات غير النفطية وانتشارها في مختلف الأسواق العالمية.

وجاء كلام وزير الصناعة والثروة المعدنية، خلال «مجلس صناعيي الرياض الثامن»، بتنظيم غرفة الرياض، يوم الخميس، مؤكداً أن قرار إلغاء المقابل المالي، يعكس وضوح «رؤية 2030» والحكومة تجاه هذه المنظومة وأهميتها في تنويع القاعدة الاقتصادية وزيادة الصادرات وخلق الفرص الاستثمارية لنمو القطاع غير النفطي.

استقرار السياسات

واستطرد الخريف: «علينا مسؤولية جماعياً أن نثبت أن هذا القرار صحيح ويخلق تنافسية عالية للقطاع الصناعي ويجعل هذه المنظومة منافسة دون قيود ودون ترقب».

جانب من لقاء وزير الصناعة والثروة المعدنية في مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وأبدى تفاؤله بأن القرار سيكون عاملاً مهماً لخلق الاستقرار للسياسات المرتبطة بالاستثمار الصناعي، وتمكين المستثمرين لاتخاذ القرارات المناسبة، مطالباً في الوقت ذاته من المنشآت ضرورة الاستفادة من كل الممكنات لخدمة المنظومة.

من جانبه، أشار رئيس مجلس إدارة غرفة الرياض، المهندس عبد الله العبيكان، في كلمته على هامش الحدث، إلى الدور المحوري الذي تقدمه الوزارة في قيادة التحول الصناعي، وتعزيز تنافسية القطاع، وتمكين الاستثمارات النوعية التي تشكل ركيزة أساسية في بناء مستقبل الصناعة الوطنية، والتي تحظى بدعم غير مسبوق من الحكومة، الأمر الذي حوَّل الصناعة إلى محرك حقيقي للنمو، وركيزة أساسية في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

التحول الرقمي

وقال إن محورَي المجلس هذا العام يتركزان على التحول الرقمي وربط البيانات، وتعزيز المحتوى المحلي ورفع الأثر الاقتصادي، ويمثلان حجر الأساس لأي نهضة صناعية حديثة، وأن الرقمنة ليست مجرد أداة تطوير، بل ركيزة استراتيجية تعيد تشكيل سلاسل الإمداد، وتحسين كفاءة التشغيل، وترفع جودة القرار.

المهندس عبد الله العبيكان في كلمته خلال مجلس صناعيي الرياض الثامن (الشرق الأوسط)

وأكد العبيكان أن المحتوى المحلي ليس مجرد نسبة تقاس، بل قيمة تُبنى واستثمار يعاد ضخه في الاقتصاد الوطني، وفرص عمل تُخلق، وأثر اقتصادي يتسع ويتجذر.

وحسب العبيكان، فإن غرفة الرياض تؤمن بأن دورها يتجاوز تنظيم الفعاليات إلى صناعة الحوار، ودفع البيئة الصناعية نحو التطور، وهذا المجلس، بما يحمله من خبرات ورؤى، يمثل مساحة خصبة لتوليد أفكار عملية وبناءه، والخروج بتوصيات قادرة على المساهمة في تعزيز مسار الصناعة الوطنية.


انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
TT

انفتاح الأسواق الأميركية... عهد جديد للأصول البديلة في 2026

أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)
أشخاص يغادرون مقر هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية في واشنطن (رويترز)

تشهد الأسواق المالية في الولايات المتحدة مرحلة من التحول، والتطور، مع اتساع نطاق الخيارات الاستثمارية المتاحة للمستثمرين الأفراد. وفي هذا السياق، يبرز التحدي في موازنة الاستفادة من الفرص الجديدة مع إدارة المخاطر المحتملة، لا سيما لأولئك الذين يفتقرون إلى الخبرة، أو الدعم الاستشاري المستمر. ومع اقتراب هذه الأدوات المعقدة من متناول الجميع، يطرح السؤال المحوري: هل تمثل هذه الخيارات فرصة حقيقية لتعزيز العوائد، أم إنها تحمل مخاطر لم يعتد عليها المستثمر العادي في خططه التقاعدية التقليدية؟

وفي هذا الإطار، قد يُتاح قريباً للمستثمرين الأميركيين الوصول إلى مجموعة أوسع من المنتجات المرتبطة بفئات الأصول، مثل الائتمان الخاص، والعملات الرقمية، في إطار جهود إدارة الرئيس ترمب، وهيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية لفتح الأسواق. ويرى بعض مستشاري الاستثمار أن هذا التوسع قد يضع عبئاً إضافياً على الأفراد لتحمل مسؤولية حماية أنفسهم مالياً.

واعتمد كل من البيت الأبيض وهيئة الأوراق المالية والبورصات، برئاسة بول أتكينز، منح المستثمرين خيارات أوسع للاستفادة من بعض فئات الأصول التي قد تحقق عوائد مرتفعة. ومع ذلك، يحذر بعض المستشارين الماليين عملاءهم المعتادين على الاستثمار في الأسهم والسندات من أنهم قد لا يكونون مستعدين تماماً لتدفق هذه العروض الجديدة، التي يتوقع محللو السوق ازديادها في 2026، وفق «رويترز».

يقول مارك ستانكاتو، مؤسس شركة «في آي بي ويلث آدفايزرس» في ديكاتور، جورجيا: «سيحدث شيء سلبي، وسيقول الناس: لحظة، لم أدرك المخاطر التي كنت أتعرض لها». ويضيف أن المستثمرين قد يجدون صعوبة في اتخاذ قرارات مدروسة، لا سيما عند تقييم أصولهم التقاعدية.

وأكدت هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية، والبيت الأبيض استمرار تركيزهما على حماية المستثمرين. وقالت تايلور روجرز، المتحدثة باسم البيت الأبيض: «يلتزم رئيس الهيئة، أتكينز، بضمان أسواق عادلة، ومنظمة، وفعّالة، مع حماية المستثمرين الأفراد». وأضافت أن الولايات المتحدة تظل «المكان الأفضل، والأكثر أماناً للاستثمار».

وأشار متحدث باسم الهيئة إلى أن تركيزها ينصب على ضمان حصول المستثمرين على «معلومات موثوقة لاتخاذ قرارات مدروسة» بشأن جميع المنتجات الجديدة. وكان أتكينز قد صرّح في سبتمبر (أيلول) بأن إتاحة الوصول إلى الأصول الخاصة تستلزم وضع ضوابط مناسبة. كما قالت وزارة العمل إنها ستضع قواعد وإرشادات لأفضل الممارسات عند تقديم الأصول الخاصة، وغيرها من البدائل لمستثمري التقاعد.

ويُثار التساؤل حول ما إذا كانت هذه الخطوات توفر مزيداً من العوائد للمستثمرين، أو تزيد المخاطر على صغار المستثمرين. فقد أعلنت إدارة ترمب في أغسطس (آب) عن خطط لتسهيل وصول المستثمرين الأفراد إلى أصول مثل الائتمان الخاص، والأسهم الخاصة، وطلب من وزير العمل، المسؤول عن خطط التقاعد، التشاور مع جهات أخرى، بما فيها هيئة الأوراق المالية والبورصات، خلال ستة أشهر. وكان أتكينز قد صرّح في نوفمبر (تشرين الثاني) بأن أدوات التقاعد التقليدية، مثل صناديق التاريخ المستهدف، تتجنب الاستثمار في هذه الأصول، ما يضر بالمستثمرين.

حالياً، تتيح خطط التقاعد، مثل 401(k)، الاستثمار في الأصول المتداولة علناً، كالأسهم، والسندات، عبر صناديق الاستثمار المشتركة، أو صناديق المؤشرات المتداولة. وفتح الاستثمار في الأسهم الخاصة، أو الائتمان الخاص قد يوفر فوائد من حيث التنويع، لكنه يثير تساؤلات حول كيفية تقييم هذه الأصول، وسيولتها، وجودة الخيارات المتاحة للمستثمرين الأفراد.

كما تعمل هيئة الأوراق المالية والبورصات الأميركية على تسهيل وصول المستثمرين إلى العملات المشفرة من خلال تسريع إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الجديدة، عبر اعتماد معايير الإدراج العامة في سبتمبر، ما أزال عقبة أمام إطلاق صناديق المؤشرات المتداولة الفورية المرتبطة بالعملات المشفرة.

وقال روبرت بيرسيكيت، المخطط المالي في شركة «ديلاجيف فايناشال» بارفادا، كولورادو إن العروض الجديدة قد تزيد المخاطر على المستثمرين الأفراد، الذين يعتبرهم الأكثر عرضة للخطر، والأقل خبرة في تقييم مخاطر المنتجات الجديدة، أو المعقدة، مضيفاً: «المستثمر العادي... لا يملك فريقاً من المستشارين لدعمه».

ومنذ تطبيق معايير الإدراج العامة في سبتمبر، شهدت صناديق المؤشرات المتداولة للعملات المشفرة نمواً ملحوظاً، وفقاً لبيانات «مورنينغ ستار»، فيما توقعت شركة «بايتوايز» لإدارة الأصول ظهور نحو مائة صندوق أخرى خلال عام 2026. كما ازداد الاهتمام بصناديق الفترات، وهي صناديق مغلقة تستثمر في الأصول الخاصة، نتيجة استفادتها من توسيع نطاق خطط التقاعد.

وقال برايان أرمور، المحلل في «مورنينغ ستار»: «أتوقع تدفقاً كبيراً للصناديق التي تستثمر في الأصول الخاصة في عام 2026».