بنك إنجلترا يعلن «الهدنة» النقدية ترقباً لـ«موازنة الخريف»

بين التضخم المتجذر وضبابية السياسة المالية

بنك إنجلترا والمنطقة المالية في لندن (رويترز)
بنك إنجلترا والمنطقة المالية في لندن (رويترز)
TT

بنك إنجلترا يعلن «الهدنة» النقدية ترقباً لـ«موازنة الخريف»

بنك إنجلترا والمنطقة المالية في لندن (رويترز)
بنك إنجلترا والمنطقة المالية في لندن (رويترز)

يستعد بنك إنجلترا لإعلان قراره الحاسم بشأن أسعار الفائدة يوم الخميس المقبل، وسط ترجيحات واسعة بين المستثمرين والاقتصاديين للإبقاء على سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير، عند 4 في المائة.

من شأن هذا التصويت على تثبيت تكاليف الاقتراض أن يضع حداً لوتيرة التخفيف المنتظم التي اتبعها البنك كل ربع سنة تقريباً، منذ أغسطس (آب) 2024.

ويجد البنك المركزي البريطاني نفسه على مفترق طرق، حيث لا يزال التضخم يحوم عند مستويات مقلقة، بينما تلوح في الأفق تحديات اقتصادية أخرى، أبرزها إعلان موازنة الخريف الحكومية في 26 نوفمبر (تشرين الثاني).

محافظ «بنك إنجلترا» أندرو بيلي ينظر خلال مؤتمر صحافي سابق لتقرير السياسة النقدية في لندن (رويترز)

كسر نمط التخفيف المتواصل

منذ أغسطس 2024، اتبع بنك إنجلترا نمطاً واضحاً تمثل في خفض سعر الفائدة؛ حيث قام بتخفيف السياسة النقدية بإجمالي 1.25 نقطة مئوية. ومن شأن الإبقاء على سعر الفائدة عند 4 في المائة وقف هذه السلسلة من التخفيضات الدورية، ليرسل إشارة بأن معركة البنك ضد التضخم لم تنتهِ بعد، رغم ازدياد الأدلة على تباطؤ النشاط الاقتصادي وضعف سوق العمل.

ويأتي هذا في تباين واضح مع قرارات التيسير التي اتخذها «الاحتياطي الفيدرالي» مؤخراً.

السبب الأبرز وراء حذر بنك إنجلترا هو بقاء التضخم عند مستويات مرتفعة بشكل عنيد. فرغم تراجع معدل زيادة الأسعار في سبتمبر (أيلول) إلى 3.8 في المائة (وهو أقل مما توقعه البنك نفسه)، فإنه لا يزال بعيداً جداً عن المستهدف الرسمي عند مستوى 2 في المائة.

ويرى بعض المحللين أن الارتفاع الأخير في التضخم يعود إلى عوامل مؤقتة وغير أساسية، مثل زيادة ضريبة التأمينات الوطنية لأصحاب العمل التي تم تمريرها للمستهلكين، بالإضافة إلى ارتفاع تكاليف النقل والغذاء والطاقة الموسمية. ولكن آخرين يؤكدون أنه لا يوجد دليل ملموس على أن ضغوط الأسعار قد بلغت ذروتها فعلاً.

برج لندن والمنطقة المالية فيها عند الفجر (رويترز)

ويُعد اقتراب موعد موازنة الخريف الحكومية التي ستقدمها المستشارة راشيل ريفز في 26 نوفمبر، عاملاً رئيسياً في حسابات بنك إنجلترا. ويرى المحافظ أندرو بيلي، أن توقيت الخفض المقبل غير مؤكد جزئياً؛ لأن البنك يريد استيعاب التأثير المحتمل للموازنة.

وإذا جاءت الموازنة بزيادات «كبيرة» في الضرائب تستهدف الأسر أو الشركات، فإن هذا يمثل سياسة مالية انكماشية قد تؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد، مما قد يشجع البنك على التحرك بـخفض الفائدة في ديسمبر (كانون الأول). أما إذا كانت داعمة للنمو وتحمل تخفيفاً مالياً كبيراً، فقد يزيد ذلك من الضغوط التضخمية، ما يدعم موقف البنك في تأجيل خفض الفائدة.

تباين الرؤى

رغم الاتفاق الواسع على أن بنك إنجلترا سيُبقي على أسعار الفائدة ثابتة في نوفمبر الحالي، فإن الانقسام يظهر بحدة حول التوقيت الفعلي لعودة دورة التيسير النقدي؛ حيث تتباين الآراء بين التخفيف المبكر في ديسمبر أو الانتظار حتى العامين المقبلين.

فمن جهة، دفعت البيانات الاقتصادية الأضعف من المتوقع، والمتعلقة بالتضخم والوظائف والناتج المحلي، المتعاملين في الأسواق المالية إلى رفع رهاناتهم بشكل كبير، حتى باتوا يرجِّحون احتمالاً يصل إلى نحو 60 في المائة لخفض الفائدة في اجتماع ديسمبر المقبل.

وفي المقابل، ترجح «بلومبرغ» خيار التثبيت لفترة أطول؛ حيث تشير إلى أن التضخم لا يزال عند مستويات مرتفعة بشكل عنيد، وأن البنك المركزي سيحتاج إلى رؤية اتجاه نزولي «واضح» ومستدام في بيانات الأسعار، مع تفضيل الانتظار حتى فبراير (شباط) أو أبريل (نيسان) من عام 2026 قبل الإقدام على أي تخفيض، بينما يمثل هذا الجدل تحدياً للمستثمرين وصناع القرار في فهم المسار المستقبلي للاقتصاد البريطاني.


مقالات ذات صلة

ديربي لندني ساخن بين تشيلسي وآرسنال في الدوري الإنجليزي

رياضة عالمية نشوة لاعبي آرسنال بعد الفوز على بايرن ميونيخ في دوري أبطال أوروبا (رويترز)

ديربي لندني ساخن بين تشيلسي وآرسنال في الدوري الإنجليزي

مع تراجع نتائج ليفربول وابتعاد مانشستر سيتي عن الصدارة ربما يكون لقب آرسنال على المحك في لقائه مع تشيلسي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ريفز تُلقي بيان الموازنة في مجلس العموم بلندن (رويترز)

ريفز تدافع عن موازنتها: أنا المسؤولة عن السياسة الاقتصادية

شنت وزيرة الخزانة البريطانية، راشيل ريفز، حملة دفاعية قوية، يوم الخميس، ضد الانتقادات التي وجهت إليها بخصوص موازنتها التي رفعت العبء الضريبي لأعلى مستوى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أشخاص يمرون أمام متجر مراهنات في برايتون بريطانيا (رويترز)

فضيحة تسريب الموازنة البريطانية: رئيس الهيئة الرقابية المالية يعرض استقالته

قال رئيس الهيئة الرقابية المالية البريطانية، ريتشارد هيوز، يوم الخميس إنه سيستقيل من منصبه إذا طلبت منه وزيرة الخزانة راشيل ريفز والنواب ذلك.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شعار «جي بي مورغان» خارج مكاتبه في باريس (رويترز)

«جي بي مورغان» يبني مقراً ضخماً في لندن يدعم الاقتصاد البريطاني بـ13 مليار دولار

أعلن بنك «جي بي مورغان»، يوم الخميس، عن خططه لبناء برج ضخم بمساحة 3 ملايين قدم مربع (280 ألف متر مربع) في منطقة كناري وارف المالية شرق لندن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد المشرعون يتابعون خطاب ريفز (أ.ف.ب)

الموازنة البريطانية... زيادة الضرائب بـ26 مليار جنيه إلى مستويات قياسية

أعلنت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز عن حزمة ضريبية بقيمة 26 مليار جنيه إسترليني (حوالي 34.3 مليار دولار) مما يدفع العبء الضريبي إلى أعلى مستوى

«الشرق الأوسط» (لندن)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.