البنوك الخليجية تتكيف مع خفض الفائدة رغم تحديات السيولة

الفراج: المصارف تعتمد على الصكوك طويلة الأجل لتعزيز استقرارها المالي

رجل يقود دراجة أمام بنك «الإمارات دبي الوطني» الرئيسي (رويترز)
رجل يقود دراجة أمام بنك «الإمارات دبي الوطني» الرئيسي (رويترز)
TT

البنوك الخليجية تتكيف مع خفض الفائدة رغم تحديات السيولة

رجل يقود دراجة أمام بنك «الإمارات دبي الوطني» الرئيسي (رويترز)
رجل يقود دراجة أمام بنك «الإمارات دبي الوطني» الرئيسي (رويترز)

تستعد البنوك الخليجية لمواجهة تأثير خفض أسعار الفائدة الأميركية على صافي أرباحها، في وقت تسعى فيه دول المنطقة إلى دعم نموها غير النفطي وتحفيز السيولة في الأسواق المالية. ورغم أن خفض الفائدة قد يضع ضغطاً على هوامش الربح المصرفي، فإن قوة الأداء المالي للبنوك الخليجية وقدرتها على تنويع مصادر التمويل عبر إصدارات الصكوك والسندات قد تخففان من هذا الأثر، بينما تستعد قطاعات أخرى مثل العقارات والصناعة والاستهلاك لجني ثمار هذه الخطوة.

وحسب تقرير قطاع البنوك في دول مجلس التعاون الخليجي عن الربع الثاني من العام الحالي، والصادر عن شركة «كامكو إنفست» الكويتية، فقد حققت البنوك الخليجية أرباحاً صافية بلغت 16.2 مليار دولار بزيادة 9.2 في المائة على أساس سنوي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.

يؤكد محللون أن البنوك الخليجية تتمتع بوضع مالي قوي، حيث تتجاوز ودائعها وتمويلاتها تريليوني دولار، وتعتمد على إصدارات الصكوك والسندات لتغطية فجوة سيولة تُقدّر بنحو 50 مليار دولار. هذه الإصدارات، التي تُقسّم بين شرائح أولى وثانية، تُعزز من قدرة البنوك على امتصاص الصدمات وتمويل النمو.

قوة مالية

وقال الرئيس الأول لإدارة الأصول في «أرباح كابيتال»، محمد الفراج، إن خفض الفائدة قد يضغط على هوامش أرباح البنوك الخليجية، لكنه أشار إلى أن عدة عوامل قد تخفف هذا الأثر، بينما تستفيد قطاعات اقتصادية أخرى بشكل مباشر من انخفاض تكلفة التمويل.

وأضاف أن الوضع المالي للبنوك الخليجية يظهر قوتها، حيث تتجاوز الودائع 2.2 تريليون دولار والتمويلات 2.3 تريليون دولار، مع اعتمادها على إصدارات الصكوك والسندات بقيمة 290 مليار دولار لسد فجوة السيولة البالغة 50 مليار دولار، منها 22 في المائة صكوك من الشريحة الأولى و78 في المائة صكوك وسندات طويلة الأجل من الشريحة الثانية.

وتشير الصكوك من الشريحة الأولى إلى رأس المال الأساسي الذي يحمي البنك ويُستخدم لامتصاص الخسائر قبل أي التزامات أخرى، بينما تشمل الصكوك والسندات من الشريحة الثانية تمويلات طويلة الأجل تُضاف إلى رأس المال لدعم النمو والتوسع، لكنها لا توفر مستوى الحماية الفوري نفسه للبنك كما تفعل الشريحة الأولى.

أحد فروع «بنك الراجحي» في السعودية (البنك)

تأثير متفاوت بين دول الخليج

وأوضح الفراج أن خفض أسعار الفائدة يضغط على صافي دخل الفوائد، خصوصاً بالنسبة إلى البنوك التي تعتمد على الودائع لأجل، لكن الإيرادات غير الفوائد، وهي تأتي من جميع مصادر دخل البنك بخلاف الفوائد المالية، والتي تمثل نحو 25 في المائة من إجمالي دخل البنوك الخليجية، تقلل من هذا الأثر.

وأشار إلى أن تجربة خفض الفائدة في الفترة بين 2019 و2021 أظهرت تفاوت التأثير بين دول الخليج، حيث كانت الإمارات الأكثر تأثراً بانخفاض هوامش البنوك، تلتها الكويت، بينما كان التأثير على قطر وعُمان محدوداً، وكانت السعودية الأقل تأثراً بفضل بطء إعادة تسعير القروض واعتمادها الكبير على التمويلات العقارية الثابتة، التي بلغت قروض الأفراد فيها 711 مليار ريال وقروض الشركات 221 ملياراً.

القطاعات المستفيدة

وأكد الفراج أن خفض الفائدة سيحفز الإقراض في مختلف القطاعات، بما في ذلك القروض الاستهلاكية والعقارية وتمويل المشاريع، ما سيدعم النمو الاقتصادي غير النفطي المتوقع بنسبة 4.5 - 5 في المائة وفق وكالة «موديز».

كما يُعد القطاع العقاري والتمويل العقاري هو المستفيد الأكبر، حيث سيؤدي انخفاض تكلفة التمويل إلى زيادة الطلب وربما ارتفاع الأسعار، مما يدعم مشاريع التطوير العقاري، وفق الفراج.

أفراد يدخلون إلى أحد فروع «البنك الأهلي» في السعودية (رويترز)

وسيستفيد القطاع الاستهلاكي من انخفاض كلفة التمويل، مما يزيد من القوة الشرائية، وكذلك القطاع الصناعي الذي يستفيد من تكلفة تمويل أقل لتشجيع التوسع. أما قطاع الطاقة والبتروكيميائيات، فيكون التأثير عليه غير مباشر عبر تحفيز النمو الاقتصادي المحلي، وفق الفراج.

وأضاف الفراج أن مرونة البنوك الخليجية في مواجهة خفض الفائدة مدعومة ببطء إعادة تسعير القروض، والصكوك من الشريحة الأولى، وتنويع مصادر التمويل عبر الصكوك والسندات طويلة الأجل، ونمو الاقتصاد غير النفطي، وإصدارات الشركات التي توفر سيولة إضافية لتمويل الأفراد والقروض العقارية.


مقالات ذات صلة

شمال افريقيا أحد الأبنية المصرية القديمة في وسط القاهرة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

جدل «الإيجار القديم» يعود للواجهة في مصر بسبب «الزيادات الجديدة»

عاد ملف «الإيجار القديم» إلى صدارة النقاش في مصر، مع جدل حول بدء تطبيق الزيادات الجديدة في القيمة الإيجارية للوحدات السكنية والتجارية.

محمد عجم (القاهرة)
عالم الاعمال مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وSEE القابضة توقعان مذكرة تفاهمٍ

مدينة الملك عبد الله الاقتصادية وSEE القابضة توقعان مذكرة تفاهمٍ

وقّعت مدينة الملك عبد الله الاقتصادية مذكرة تفاهم مع مجموعة SEE القابضة المختصة في مجال الاستدامة والمطورة لنموذج «المدينة المستدامة».

الاقتصاد نماذج لمشروع «بوابة الملك سلمان» في أحد المعارض (الشركة)

«رؤى الحرم المكي» توقِّع 6 مذكرات تفاهم استراتيجية لتعزيز مشروع «بوابة الملك سلمان»

أعلنت شركة «رؤى الحرم المكي»، إحدى شركات صندوق الاستثمارات العامة، توقيع 6 مذكرات تفاهم استراتيجية مع شركاء دوليين في مشروعها «بوابة الملك سلمان».

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد شعار شركة «دار جلوبال» في بورصة لندن بعد قرع الجرس (الشرق الأوسط)

«دار جلوبال» تنتقل إلى فئة الشركات التجارية في بورصة لندن

سجّلت شركة «دار جلوبال» المدرجة في بورصة لندن خطوة جديدة في مسارها، بانتقالها إلى فئة «أسهم رأس المال الشركات التجارية».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
TT

تحسّن ثقة المستهلك الأميركي بأكثر من المتوقع في بداية ديسمبر

رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)
رجل يتسوق في قسم الأجهزة بمتجر هوم ديبوت في واشنطن (رويترز)

أظهرت البيانات الأولية الصادرة يوم الجمعة ارتفاع مؤشر ثقة المستهلك لجامعة ميشيغان إلى 53.3 نقطة في بداية ديسمبر (كانون الأول)، مقارنةً بقراءة نهائية بلغت 51 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني)، متجاوزاً توقعات الاقتصاديين عند 52 نقطة، لكنه لا يزال منخفضاً بشكل كبير مقارنة بمستوى 71.7 نقطة في يناير (كانون الثاني) الماضي.

وشهد تقييم المستهلكين للظروف الاقتصادية الحالية انخفاضاً طفيفاً، بينما تحسّنت توقعاتهم المستقبلية إلى حد ما. كما تراجعت توقعات التضخم للعام المقبل إلى 4.1 في المائة مقابل 4.5 في المائة في الشهر السابق، مسجلة أدنى مستوى منذ يناير، مع استمرار الضغوط على الأسعار بسبب الرسوم الجمركية على الواردات، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وقالت جوان هسو، مديرة المسوحات الاقتصادية في ميشيغان: «الاتجاه العام للآراء يبقى قاتماً، حيث يواصل المستهلكون الإشارة إلى عبء ارتفاع الأسعار». على الرغم من تراجع التضخم عن أعلى مستوياته منتصف 2022، إلا أنه يظل أعلى من هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 في المائة بثبات.


مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
TT

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» يتباطأ في سبتمبر

يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)
يتسوق أشخاص في سوبر ماركت في لوس أنجليس (رويترز)

تباطأ مؤشر التضخم المفضل لدى «الاحتياطي الفيدرالي» قليلاً في سبتمبر (أيلول)، مما يمهّد الطريق على الأرجح لخفض أسعار الفائدة المتوقع على نطاق واسع من قِبل البنك المركزي الأسبوع المقبل.

وأعلنت وزارة التجارة، يوم الجمعة، أن الأسعار ارتفعت بنسبة 0.3 في المائة في سبتمبر مقارنة بأغسطس (آب)، وهي نسبة الشهر السابق نفسها. وباستثناء فئات الغذاء والطاقة المتقلبة، ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.2 في المائة، وهو معدل مماثل للشهر السابق، ويقارب هدف «الاحتياطي الفيدرالي» للتضخم البالغ 2 في المائة إذا استمر على مدار عام كامل، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وعلى أساس سنوي، ارتفعت الأسعار الإجمالية بنسبة 2.8 في المائة، بزيادة طفيفة عن 2.7 في المائة في أغسطس، في حين ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 2.8 في المائة مقارنة بالعام السابق، بانخفاض طفيف عن 2.9 في المائة المسجلة في الشهر السابق. وأظهرت البيانات التي تأخرت خمسة أسابيع بسبب إغلاق الحكومة، أن التضخم كان منخفضاً في سبتمبر، مما يعزز مبررات خفض سعر الفائدة الرئيسي لمجلس «الاحتياطي الفيدرالي» في اجتماعه المقبل يومَي 9 و10 ديسمبر (كانون الأول).

رغم ذلك، لا يزال التضخم أعلى من هدف البنك المركزي البالغ 2 في المائة، جزئياً بسبب الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترمب، لكن العديد من مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» يرون أن ضعف التوظيف، والنمو الاقتصادي المتواضع، وتباطؤ مكاسب الأجور؛ سيؤدي إلى انخفاض مطرد في مكاسب الأسعار خلال الأشهر المقبلة.

ويواجه «الاحتياطي الفيدرالي» قراراً صعباً الأسبوع المقبل: الحفاظ على أسعار الفائدة مرتفعة لمكافحة التضخم، مقابل خفضها لتحفيز الاقتراض ودعم الاقتصاد، وسط تباطؤ التوظيف وارتفاع البطالة ببطء.


«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
TT

«وول ستريت» تختتم أسبوعاً هادئاً... والأسهم تلامس المستويات القياسية

متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)
متداول يراقب شاشة تعرض مؤشرات الأسهم في بورصة نيويورك (رويترز)

اقتربت الأسهم الأميركية، يوم الجمعة، من مستوياتها القياسية، مع توجه «وول ستريت» نحو نهاية أسبوع اتسم بالهدوء النسبي.

وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.3 في المائة، ليصبح على بُعد 0.2 في المائة فقط من أعلى مستوى له على الإطلاق، فيما صعد مؤشر «داو جونز» الصناعي بـ46 نقطة (0.1 في المائة). أما مؤشر «ناسداك» المركّب فزاد بنحو 0.4 في المائة، في حين تراجع مؤشر «راسل 2000» لأسهم الشركات الصغيرة بنسبة 0.2 في المائة بعدما لامس مستوى قياسياً في الجلسة السابقة، وفق وكالة «أسوشييتد برس».

وفي قطاع الشركات، سجّل سهم «نتفليكس» انخفاضاً بنسبة 2.1 في المائة، بعد إعلانها خططاً لشراء «وارنر براذرز» إثر انفصالها عن «ديسكفري غلوبال»، في صفقة تبلغ 72 مليار دولار نقداً وأسهماً. وارتفع سهم «ديسكفري» التابعة للشركة بنسبة 2.6 في المائة.

وقفز سهم «ألتا بيوتي» بنسبة 11 في المائة بعد إعلان نتائج فصلية فاقت توقعات المحللين من حيث الأرباح والإيرادات، مع إشارتها إلى تحسّن ملحوظ في التجارة الإلكترونية، مما دفعها إلى رفع توقعاتها للإيرادات السنوية.

كما حققت «فيكتوريا سيكريت» أداءً قوياً، إذ سجّلت خسارة أقل من المتوقع ورفعت توقعاتها لمبيعات العام، ليرتفع سهمها بنسبة 14.4 في المائة.

أما سهم «هيوليت باكارد إنتربرايز» فانخفض 3.9 في المائة رغم تحقيق أرباح أعلى من التوقعات، نتيجة إعلان الشركة إيرادات دون المستوى المأمول.

وجاء هذا الأداء في أسبوع هادئ نسبياً بالنسبة إلى السوق الأميركية، بعد أسابيع شهدت تقلبات حادة بفعل مخاوف مرتبطة بتدفقات كبيرة على قطاع الذكاء الاصطناعي وتوقعات تحركات مجلس الاحتياطي الفيدرالي.

بعد فترة من التردد، يتوقع المستثمرون الآن بالإجماع تقريباً أن يخفّض بنك الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي الأسبوع المقبل لدعم سوق العمل البطيئة. وسيكون ذلك الخفض الثالث هذا العام إن حدث.

وتحظى أسعار الفائدة المنخفضة بدعم المستثمرين، لأنها تعزّز تقييمات الأصول وتحفّز النمو الاقتصادي، لكنها قد تزيد الضغوط التضخمية التي لا تزال أعلى من هدف «الفيدرالي» البالغ 2 في المائة.

ويدعم توقع خفض الفائدة عودة مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى مشارف مستوياته القياسية المسجلة في أكتوبر (تشرين الأول)، في حين يترقب المستثمرون إشارات جديدة من اجتماع «الفيدرالي» حول مسار الفائدة العام المقبل.

وفي أسواق السندات، استقرت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات عند 4.11 في المائة، في حين ارتفع العائد على السندات لأجل عامَين إلى 3.54 في المائة من 3.52 في المائة.

وعالمياً، ارتفعت المؤشرات في معظم أوروبا وآسيا؛ فقد صعد مؤشر «داكس» الألماني بنسبة 0.9 في المائة، وقفز مؤشر «كوسبي» الكوري الجنوبي بنسبة 1.8 في المائة.

في المقابل، تراجع مؤشر «نيكي 225» في طوكيو بنسبة 1.1 في المائة بعد بيانات أظهرت انخفاض إنفاق الأسر اليابانية بنسبة 3 في المائة في أكتوبر على أساس سنوي، وهو أكبر تراجع منذ يناير (كانون الثاني) 2024، وسط تقلبات أثارها احتمال رفع «بنك اليابان» أسعار الفائدة.