أكَّد رئيس شركة «بوينغ» السعودية، أسعد الجموعي، أن المملكة تسير بخطى متسارعة نحو ترسيخ مكانتها بصفتها مركزاً إقليمياً رائداً في صناعة الطيران العالمية. ويأتي هذا التوجه مدفوعاً بنمو غير مسبوق في أعداد المسافرين، وطلبيات طائرات تاريخية، إلى جانب مشروعات بنية تحتية طموحة تتماشى مع برنامج التحول الوطني.
وأشار الجموعي، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن الطلبيات الأخيرة من «طيران الرياض» و«الخطوط الجوية العربية السعودية» لشراء 121 طائرة من طراز «بوينغ 787 دريملاينر» تعكس التزام المملكة الراسخ ببناء قطاع نقل جوي تنافسي عالمي. وأضاف أن «طيران الرياض» تُعد خطوة استراتيجية ضمن منظومة وطنية شاملة لتوسيع القطاع.
لقطات حصرية من داخل مصنع بوينج يزيّنها لون الخزامى لطائرتنا من طراز 787-9 دريملاينر على خط التجميع ⌛️ pic.twitter.com/LXLUo9HGnT
— Riyadh Air (@RiyadhAir) July 24, 2025
تُضاف هذه الطلبيات، حسب الجموعي، إلى أسطول مكون من 240 طائرة «بوينغ» تعمل حالياً في السعودية، بما في ذلك صفقة «آفي ليس» المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، لشراء 20 طائرة «بوينغ 737-8» مع خيارات لعشر طائرات إضافية، لتصبح «آفي ليس» أول شركة سعودية تقتني هذا الطراز.

وقال الجموعي: «تدعم هذه الطائرات الجديدة أهداف المملكة في الاستدامة والربط الجوي، وتهدف إلى الوصول لأكثر من 100 وجهة بحلول عام 2030، بالتزامن مع مشروعات ضخمة، مثل مطار الملك سلمان الدولي ومنطقة الرياض المتكاملة».
وأوضح أن السعودية تقود تحوّلاً شاملاً في قطاع الطيران، مرتكزاً على الاستثمار في الكفاءات المحلية، وتطوير المهارات والقدرات الصناعية، وتعزيز الابتكار والتقنية، ما يفتح المجال أمام جيل جديد من السعوديين لقيادة مستقبل القطاع.
وأضاف أن «بوينغ» تتوقع نمواً إقليمياً في الطلب على 250 ألف متخصص في مجال الطيران خلال العقدين المقبلين، منهم 68 ألف طيار، و63 ألف فني و104 آلاف من أطقم الخدمة الجوية، مشيراً إلى التزام الشركة بتأهيل الكوادر السعودية وتزويدهم بالمهارات اللازمة عبر مبادرات تعليمية وتدريبية متقدمة.
التحوُّل في الابتكار والتقنية
وشدد الجموعي على أن «بوينغ» تُركّز على دعم أهداف «رؤية السعودية 2030» من خلال الابتكار والرقمنة والتقنيات المتقدمة، مشيراً إلى مشروعات ومبادرات بارزة تشمل شراكات أكاديمية وصناعية.
وأوضح أن الشركة أطلقت مبادرة إقليمية بعنوان «Pick Up Your Wings and Fly» لتشجيع الشابات السعوديات على دخول مجال الطيران، عبر قصص حقيقية لنساء ناجحات في هذا القطاع. وقد تم إطلاقها بالتعاون مع جامعة الفيصل، الشريك الأكاديمي للشركة.
وتشمل الشراكة مع جامعة الفيصل تقديم دعم هندسي وإشراف على مشروعات تطبيقية، مثل تصميم مركبة تعمل بالطاقة الشمسية للمشاركة في مسابقات دولية. كما تتعاون «بوينغ» مع جامعة الأميرة نورة لتعزيز تعليم العلوم والتقنية والهندسة والرياضيات (STEM)، وفتح آفاق جديدة للشابات في مجالات العلوم والفضاء.
وتواصل الشركة تعاونها الممتد منذ 15 عاماً مع جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست)، لإجراء أبحاث متقدمة في الذكاء الاصطناعي، والمواد الجديدة، والنمذجة الحاسوبية، والطاقة الشمسية، ومعالجة المياه الصناعية، دعماً لتوجه المملكة لأن تصبح مركزاً عالمياً للبحث والتطوير والابتكار التقني.
دعم الصناعات الدفاعية والتوطين
وفي سياق التحول الصناعي، أكّد الجموعي أن «بوينغ» تعمل بالشراكة مع «الشركة السعودية للصناعات العسكرية» لتطوير قدرات الصيانة والدعم للطائرات العمودية العسكرية، إضافة إلى استكشاف فرص تصنيع المواد المتقدمة في الطيران، مثل المعادن والبلاستيك والراتنجات، بالتعاون مع وزارة الاستثمار، بهدف بناء سلسلة توريد محلية متكاملة.
علاقة تاريخية
وفي معرض حديثه عن العلاقة مع السعودية، قال الجموعي إن زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الأخيرة للمملكة سلَّطت الضوء على العلاقات التاريخية الراسخة بين الرياض وواشنطن، التي تقوم على المصالح المشتركة في مجالات الاقتصاد والأمن والتقنية.
وأوضح أن علاقة «بوينغ» بالسعودية تمتد لأكثر من 80 عاماً، منذ تسليم أول طائرة «DC-3» في الأربعينات، وصولاً إلى صفقة العام الماضي التاريخية لشراء 121 طائرة «دريملاينر»، ما يعكس توافقاً استراتيجياً عميقاً بين الطرفين.
نحو مستقبل طموح للطيران السعودي
واختتم الجموعي بتأكيد أن هذا التعاون مع المملكة يدعم أهداف «رؤية 2030»، لا سيما فيما يتعلّق بتنويع الاقتصاد، وتمكين الكفاءات الشابة، وترسيخ موقع السعودية بصفتها مركزاً عالمياً للاتصال والابتكار.
وأعرب عن اعتزازه بالشراكة الطويلة مع المملكة، متطلعاً لأن تكون «(بوينغ) جزءاً من قصة نجاحها لعقود مقبلة، عبر بناء قدرات محلية، وترسيخ مكانتها بصفتها دولة رائدة عالمياً في الطيران، والتصميم الصناعي، والتصنيع المتقدّم، والابتكار الرقمي».
