العالم يترقب «دخان روزنباد الأبيض» بمحادثات استوكهولم

وسط غموض يحاصر مفاوضات التجارة بين أميركا والصين

علما الولايات المتحدة والصين يرفرفان خارج مقر رئيس الوزراء السويدي في العاصمة استوكهولم (أ.ف.ب)
علما الولايات المتحدة والصين يرفرفان خارج مقر رئيس الوزراء السويدي في العاصمة استوكهولم (أ.ف.ب)
TT

العالم يترقب «دخان روزنباد الأبيض» بمحادثات استوكهولم

علما الولايات المتحدة والصين يرفرفان خارج مقر رئيس الوزراء السويدي في العاصمة استوكهولم (أ.ف.ب)
علما الولايات المتحدة والصين يرفرفان خارج مقر رئيس الوزراء السويدي في العاصمة استوكهولم (أ.ف.ب)

على غرار الترقب الذي يشهده العالم خلال أيام انتخاب البابا الجديد في الفاتيكان، وانتظار ظهور «الدخان الأبيض» دلالةً على التوصل إلى توافق بين المقترعين، يترقب العالم صور أي تصريحات أو بيانات، أو حتى تسريبات، من أروقة اجتماعات العاصمة السويدية استوكهولم، بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم؛ أميركا والصين.

وبدأ المسؤولون الأميركيون والصينيون يوماً ثانياً من المحادثات في استوكهولم يوم الثلاثاء، لحل النزاعات الاقتصادية الطويلة الأمد، وتهدئة الحرب التجارية المتصاعدة.

ومر اليوم الأول من دون إعطاء أي مسؤول من الطرفين أي معلومة أو إفصاح عما جرى يوم الاثنين، بعد اجتماع استغرق ما يزيد على 5 ساعات في مقر رئيس الحكومة السويدية المعروف باسم «روزنباد». وقد لا تُسفر الاجتماعات عن اختراقات كبيرة فورية، ولكن الجانبين قد يتفقان على تمديد آخر، مدة 90 يوماً، لهدنة الرسوم الجمركية التي تم التوصل إليها في منتصف مايو (أيار). وقد يُمهّد هذا الطريق أيضاً لاجتماع محتمل بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب والرئيس الصيني شي جينبينغ، في وقت لاحق من العام، على الرغم من أن ترمب نفى يوم الثلاثاء بذل أي جهد من أجل عقده.

وشوهد وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت وهو يصل إلى مقر المباحثات صباح الثلاثاء، بعد اجتماع منفصل مع رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون. كما وصل نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ إلى مكان الاجتماع.

وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت لدى وصوله إلى مقر الاجتماعات الأميركية الصينية في العاصمة السويدية استوكهولم يوم الثلاثاء (رويترز)

وتواجه الصين موعداً نهائياً في 12 أغسطس (آب) للتوصل إلى اتفاق دائم بشأن التعريفات الجمركية مع إدارة ترمب، بعد التوصل إلى اتفاقيات أولية في مايو ويونيو (حزيران) لإنهاء أسابيع من تصاعد التعريفات الجمركية المتبادلة وقطع المعادن الأرضية النادرة.

ومن دون اتفاق، قد تواجه سلاسل التوريد العالمية اضطرابات متجددة، بسبب عودة الرسوم الجمركية الأميركية إلى مستويات ثلاثية الأرقام، ما قد يرقى إلى حظر تجاري ثنائي. وتأتي محادثات استوكهولم عقب أكبر صفقة تجارية أبرمها ترمب حتى الآن مع الاتحاد الأوروبي يوم الأحد، والتي تضمنت فرض رسوم جمركية بنسبة 15 في المائة على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي إلى الولايات المتحدة، وهي ما تعادل الاتفاق مع اليابان أيضاً. وقد جلب هذا الاتفاق قدراً من الارتياح للاتحاد الأوروبي، ولكنه أثار أيضاً شعوراً بالإحباط والغضب؛ حيث نددت فرنسا بالاتفاق ووصفته بأنه «خضوع»، وحذَّرت ألمانيا، أكبر اقتصاد في أوروبا، من أضرار «كبيرة».

نائب رئيس الوزراء الصيني هي ليفنغ لدى وصوله إلى مقر إجراء المباحثات الأميركية الصينية في العاصمة السويدية استوكهولم يوم الثلاثاء (رويترز)

ويقول محللون إن الصين قادرة على ممارسة قدر من النفوذ، بفضل قبضتها على السوق العالمية للمعادن الأرضية النادرة والمغناطيس، المستخدمة في كل شيء، من المعدات العسكرية إلى محركات مساحات زجاج السيارات.

وعلى عكس الاتحاد الأوروبي، لا تعتمد الصين أيضاً على الولايات المتحدة في علاقاتها الأمنية، ويمكنها ترك محادثات التجارة تستمر عدة أشهر أخرى، وفقاً لتصريح سايروس دي لا روبيا، كبير الاقتصاديين في بنك هامبورغ التجاري، لـ«رويترز»، والذي أضاف أن «الصين تدرك جيداً موقفها التفاوضي القوي، وهو ما يتضح جلياً من التصعيد المؤقت الذي شهدناه في أبريل (نيسان)».

ترمب ولقاء شي

وذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» يوم الاثنين، أن الولايات المتحدة علّقت القيود على صادرات التكنولوجيا إلى الصين، لتجنب تعطيل محادثات التجارة مع بكين، ودعم جهود ترمب لتأمين لقاء مع شي هذا العام. وردّ ترمب على التلميحات بأنه يسعى للقاء شي. وكتب على موقع «تروث سوشيال» يوم الثلاثاء: «هذا غير صحيح، أنا لا أسعى لأي شيء! قد أذهب إلى الصين، ولكن ذلك سيكون بناءً على دعوة من الرئيس شي فقط، والتي جرى توجيهها بالفعل... وغير ذلك لا أهتم به!».

وركّزت محادثات التجارة الأميركية الصينية السابقة في جنيف ولندن في مايو ويونيو، على خفض الرسوم الجمركية الانتقامية الأميركية والصينية من مستوياتها الثلاثية، واستعادة تدفق المعادن الأرضية النادرة التي أوقفتها الصين، ورقائق الذكاء الاصطناعي H20 من شركة «إنفيديا»، وغيرها من السلع التي أوقفتها الولايات المتحدة.

ومن بين القضايا الاقتصادية الأوسع نطاقاً، تشكو واشنطن من أن نموذج الصين الذي تقوده الدولة ويعتمد على التصدير، يُغرق الأسواق العالمية بسلع رخيصة، بينما تُصرّ بكين على أن ضوابط تصدير السلع التقنية لأغراض الأمن القومي الأميركي تسعى إلى إعاقة النمو الصيني. وقد أعلن بيسنت بالفعل عن تمديد الموعد النهائي، وقال إنه يريد من الصين إعادة التوازن لاقتصادها بعيداً عن الصادرات، مُوجّها نحو زيادة الاستهلاك المحلي، وهو هدفُ عقودٍ من الزمن لصانعي السياسات الأميركيين.


مقالات ذات صلة

الاقتصاد حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
الاقتصاد قادة دول الخليج وممثلوهم المشاركون في «القمة الخليجية 46» التي انعقدت في العاصمة البحرينية الأربعاء (بنا)

البنك الدولي يرفع توقعاته لاقتصادات الخليج ويؤكد صمودها في مواجهة التحديات

رفع البنك الدولي توقعاته لنمو دول مجلس التعاون الخليجي في عام 2026 إلى 4.5 في المائة، من توقعاته السابقة في أكتوبر (تشرين الثاني).

«الشرق الأوسط» (واشنطن - الرياض)
الاقتصاد د. عبد القادر حصرية حاكم «مصرف سوريا المركزي» ورائد هرجلي وليلى سرحان وماريو مكاري من شركة «فيزا» (الشرق الأوسط)

شراكة استراتيجية بين «مصرف سوريا المركزي» و«فيزا» لتحديث منظومة المدفوعات

أعلن «مصرف سوريا المركزي» وشركة «فيزا» العالمية عن اتفاق على خريطة طريق استراتيجية لبناء منظومة متكاملة للمدفوعات الرقمية في سوريا.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
الاقتصاد ركاب بانتظار القطار في محطة بالعاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

توافق حذر بين الحكومة وبنك اليابان على رفع الفائدة

أكدت ثلاثة مصادر حكومية مطلعة لـ«رويترز» أن رفع بنك اليابان لسعر الفائدة بات «مرجّحاً بشدة» في اجتماع ديسمبر (كانون الأول)

«الشرق الأوسط» (طوكيو)

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
TT

الولايات المتحدة تعلن تعليق بعض عقوباتها على شركة نفط روسية

لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)
لافتة لشركة «لوك أويل» على منصة النفط فيلانوفسكوغو في بحر قزوين بروسيا (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، الخميس، تعليق بعض العقوبات التي فرضتها على شركة النفط الروسية العملاقة «لوك أويل»، للسماح لمحطات الوقود في خارج روسيا بمواصلة العمل.

وأكدت وزارة الخزانة الأميركية أن التعامل مع هذه المحطات مجاز به «لتفادي معاقبة» زبائنها ومورّديها، وبشرط ألا يتم تحويل العائدات إلى روسيا. يسري هذا الإعفاء حتى 29 أبريل (نيسان) 2026، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وكانت الولايات المتحدة أضافت في أواخر أكتوبر (تشرين الأول)، أكبر شركتين لإنتاج النفط في روسيا، «لوك أويل» و«روسنفت»، إلى اللائحة السوداء للكيانات الخاضعة للعقوبات، وهو سجل تتابعه العديد من الدول والشركات.

وتواجه الشركات التي تتعامل مع كيانات روسية، خطر التعرض لعقوبات ثانوية، وهو ما قد يمنعها من التعامل مع البنوك والتجار وشركات النقل والتأمين الأميركية التي تشكل العمود الفقري لسوق السلع الأساسية.

ويأتي إعلان وزارة الخزانة بعد يومين من اجتماع في موسكو بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمبعوث الرئاسي الأميركي ستيف ويتكوف، في إطار مساعٍ تجريها واشنطن للتوصل إلى تسوية للحرب في أوكرانيا.


وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
TT

وزير المالية اللبناني: الظرف الصعب لا يسمح بفرض ضرائب بناءً على طلب «صندوق النقد»

جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)
جانب من اجتماع مجلس الوزراء في قصر بعبدا برئاسة الرئيس جوزيف عون (إكس)

كشف وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، عن تفاصيل جديدة تتعلق بطلبات «صندوق النقد الدولي»، مؤكداً أن «الصندوق» طلب من لبنان تحقيق فائض في الموازنة العامة إلى جانب فرض مزيد من الضرائب.

وشدد جابر، وفق ما جاء في بيان صادر عن رئاسة الجمهورية اللبنانية عقب اجتماع مجلس الوزراء، على أن وزارة المالية «لا نية لديها» لتلبية هذه المطالب؛ «تحديداً في هذا التوقيت»، عادّاً أن «الظرف صعب» وأنه لا يتحمل زيادة الأعباء على المواطنين.

وعلى صعيد آخر، قدّم وزير المالية لمحة إيجابية عن الوضع المالي العام في لبنان، وقال إن «الوضع المالي مستقر، وليس هناك عجز، وبدأنا تحقيق الفائض بالليرة اللبنانية».


إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
TT

إنتاج كازاخستان النفطي يتراجع 6 % بسبب تضرر خط أنابيب بحر قزوين

حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)
حقل «كاراتشاغاناك» الكازاخستاني (إكس)

انخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز بنسبة 6 في المائة في أول يومين من شهر ديسمبر (كانون الأول)، وفقاً لما ذكره مصدر في قطاع النفط والغاز يوم الخميس، وذلك عقب هجوم أوكراني بطائرة مسيّرة على منشأة تحميل تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين في البحر الأسود.

وكان خط أنابيب بحر قزوين، الذي ينقل أكثر من 80 في المائة من صادرات كازاخستان النفطية، ويتعامل مع أكثر من 1 في المائة من الإمدادات العالمية، قد علق عملياته يوم السبت بعد تعرض مرساة في المحطة الواقعة بالقرب من ميناء نوفوروسيسك الروسي لأضرار.

واستأنف لاحقاً عمليات الإمداد باستخدام مرساة واحدة (SPM) بدلاً من المرساتين اللتين يستخدمهما عادةً. وتعمل وحدة ثالثة، قيد الصيانة حالياً والتي بدأت قبل الإضرابات، كوحدة احتياطية. وانخفض إنتاج كازاخستان من النفط ومكثفات الغاز في أول يومين من ديسمبر إلى 1.9 مليون برميل يومياً، مقارنةً بمتوسط ​​الإنتاج في نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقاً للمصدر وحسابات «رويترز».

ويُظهر انخفاض إنتاج النفط تأثير هجوم طائرة من دون طيار تابعة لاتحاد خط أنابيب بحر قزوين على كازاخستان؛ العضو في «أوبك بلس»، والتي صدّرت نحو 68.6 مليون طن من النفط العام الماضي، وتحتل المرتبة الثانية عشرة بين أكبر منتجي النفط في العالم.

وينقل خط أنابيب بحر قزوين، الذي يبلغ طوله 1500 كيلومتر (930 ميلاً)، النفط الخام من حقول تنجيز وكاراتشاغاناك وكاشاغان في كازاخستان إلى محطة يوزنايا أوزيرييفكا في نوفوروسيسك. والموردون الرئيسيون هم حقول في كازاخستان، كما تحصل على النفط الخام من منتجين روس.

وصرح نائب وزير الطاقة الكازاخستاني، يرلان أكبروف، يوم الخميس، بأن إحدى مراسي شركة النفط والغاز الكازاخستانية (CPC) في محطة البحر الأسود تعمل بكامل طاقتها، ولا توجد أي قيود على نقل النفط.

وأفادت خمسة مصادر في قطاع الطاقة لـ«رويترز» يوم الأربعاء بأن كازاخستان ستُحوّل المزيد من النفط الخام عبر خط أنابيب «باكو-تبليسي-جيهان» في ديسمبر (كانون الأول) بسبب انخفاض طاقة خط أنابيب بحر قزوين.

كما يُصدر المنتجون الكازاخستانيون النفط الخام إلى مينائي نوفوروسيسك وأوست-لوغا الروسيين تحت علامة «كيبكو» التجارية، وإلى ألمانيا عبر خط أنابيب دروجبا، لكن هذه المسارات تُقدّم هوامش ربح أقل، وتعتمد على طاقة شركة «ترانسنفت» الروسية لتشغيل خطوط الأنابيب.

خيارات إعادة توجيه النفط من كازاخستان، وهي دولة غير ساحلية، محدودة نظراً لضغط شبكة خطوط الأنابيب الروسية بعد هجمات متكررة بطائرات من دون طيار على مصافيها ومنشآت التصدير.

وقدّر مصدر آخر في قطاع الطاقة فقدان طاقة تحميل خط أنابيب بحر قزوين عند استخدام خط أنابيب واحد فقط بـ900 ألف طن أسبوعياً.