الصين في مرمى المراقبة الأميركية رغم عدم تصنيفها متلاعبةً بالعملة

وزارة الخزانة أضافت آيرلندا وسويسرا إلى القائمة

أوراق نقدية من اليوان الصيني والدولار الأميركي (د.ب.أ)
أوراق نقدية من اليوان الصيني والدولار الأميركي (د.ب.أ)
TT

الصين في مرمى المراقبة الأميركية رغم عدم تصنيفها متلاعبةً بالعملة

أوراق نقدية من اليوان الصيني والدولار الأميركي (د.ب.أ)
أوراق نقدية من اليوان الصيني والدولار الأميركي (د.ب.أ)

أعلنت وزارة الخزانة الأميركية عدم تصنيف الصين دولة متلاعبة بالعملة، وذلك في أول تقرير نصف سنوي عن العملات يصدر عن إدارة الرئيس دونالد ترمب الجديدة. ورغم ذلك، لم تتردد في توجيه تحذير شديد لبكين، مؤكدة أنها ستُبقيها تحت المراقبة المشددة بسبب «نقص الشفافية» في سياسات سعر الصرف لديها. وفيما قالت الوزارة إنه لا يوجد أي شريك تجاري رئيسي للولايات المتحدة قام بالتلاعب في عملته خلال عام 2024، اتسعت «قائمة المراقبة» للدول التي تتطلب اهتماماً وثيقاً لتصل إلى تسع دول مع إضافة آيرلندا وسويسرا إليها.

هذا التحذير يُضاف إلى قائمة طويلة من التوترات التجارية المستمرة بين أكبر اقتصادين في العالم، مما يفتح الباب أمام تساؤلات حول مستقبل اليوان وتأثيره على المشهد الاقتصادي العالمي.

تفاصيل تقرير «الخزانة» وتداعياته

لم تُصنّف وزارة الخزانة الصين على أنها متلاعبة بالعملة في الوقت الحالي، على الرغم من «ضغوط الانخفاض» التي يواجهها اليوان، إلا أنها أصدرت تحذيراً شديداً لها، مشيرة إلى أنها «تتميز بين شركائنا التجاريين الرئيسيين بنقص الشفافية حول سياسات وممارسات سعر الصرف لديها»، بحسب «رويترز».

وذكرت وزارة الخزانة في بيانها أن «نقص الشفافية هذا لن يمنع وزارة الخزانة من تصنيف الصين إذا أشارت الأدلة المتاحة إلى أنها تتدخل عبر قنوات رسمية أو غير رسمية لمقاومة ارتفاع (اليوان) في المستقبل».

وصرّح مسؤولو وزارة الخزانة بأنهم يدرسون توسيع نطاق مراقبتهم لتشمل مراقبة أنشطة صناديق الثروة السيادية وصناديق التقاعد الحكومية بحثاً عن أي مؤشر على أن هذه الكيانات تتصرف بناءً على أوامر بكين في سوق الصرف الأجنبي. وأوضحوا أنه لا يوجد دليل حالي على ذلك، ولكنه كان تكتيكاً استخدمه آخرون في الماضي.

وأفادت وزارة الخزانة بأن كلاً من الصين، واليابان، وكوريا الجنوبية، وتايوان، وسنغافورة، وفيتنام، وألمانيا، وآيرلندا، وسويسرا، هي الدول المدرجة في قائمة المراقبة لمزيد من التدقيق في أسعار الصرف الأجنبية. تُضاف الدول تلقائياً إلى القائمة إذا استوفت اثنين من المعايير وهما: فائض تجاري مع الولايات المتحدة لا يقل عن 15 مليار دولار، وفائض في الحساب الجاري العالمي يزيد على 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، ومشتريات صافية مستمرة أحادية الاتجاه من العملات الأجنبية. وقد أُضيفت آيرلندا وسويسرا بسبب فائضهما التجاري الكبير وفائض الحساب الجاري مع الولايات المتحدة.

أوراق نقدية من اليورو والفرنك السويسري (رويترز)

ونفى البنك الوطني السويسري يوم الجمعة اتهامه بالتلاعب بالعملة، لكنه أكد أنه سيواصل العمل بما يخدم مصالح سويسرا، حيث ساعد الفرنك السويسري القوي في دفع التضخم إلى المنطقة السلبية الشهر الماضي. وقال البنك: «البنك الوطني السويسري لا يشارك في أي تلاعب بالفرنك السويسري. وهو لا يسعى لمنع التعديلات في الميزان التجاري أو لاكتساب مزايا تنافسية غير عادلة للاقتصاد السويسري».

يُذكر أن ترمب كان قد صنّف الصين متلاعبة بالعملة في أغسطس (آب) 2019، وهي خطوة جاءت آنذاك - وكما هو الحال الآن - وسط توترات تجارية متزايدة بين الولايات المتحدة والصين. وأسقطت وزارة الخزانة هذا التصنيف في يناير (كانون الثاني) 2020 مع وصول مسؤولين صينيين إلى واشنطن لتوقيع اتفاق تجاري مع الولايات المتحدة.

موظفة تفرز أوراقاً نقدية من فئة 100 دولار في مقر بنك هانا في سيول (إ.ب.أ)

التوقعات المستقبلية وديناميكيات الدولار

صدر التقرير بعد ساعات من تحدث ترمب مع الزعيم الصيني شي جينبينغ للمرة الأولى منذ عودته إلى البيت الأبيض، وذلك وسط مواجهة تجارية أكثر توتراً بين أكبر اقتصادين في العالم، ومعركة حديثة حول المعادن الهامة. وكانت الدولتان قد أبرمتا اتفاقاً مدته 90 يوماً في 12 مايو (أيار) لخفض بعض الرسوم الجمركية المرتفعة التي فرضتها كل منهما على الأخرى منذ تنصيب ترمب في يناير.

يغطي التقرير الأخير العام الكامل الأخير لإدارة سلف ترمب، الديمقراطي جو بايدن، الذي لم يصنف أي شريك تجاري متلاعباً بالعملة خلال فترة ولايته التي استمرت أربع سنوات، لكنه أثار مخاوف مماثلة بشأن سلوك الصين ونقص الشفافية.

وشهد العام الماضي بشكل عام تعزيزاً واسع النطاق للدولار، حيث ارتفع الدولار بنسبة 7 في المائة في عام 2024 مقابل سلة من عملات الشركاء التجاريين الرئيسيين. وقال مسؤولون في وزارة الخزانة إن هذه الديناميكية جعلت من غير المرجح أن تجد وزارة الخزانة أدلة على إجراءات أحادية الاتجاه ثابتة من قبل الدول لإضعاف عملاتها لتحقيق ميزة تنافسية، حيث كانت معظم العملات تتراجع بشكل عام على أي حال.

لكن يمكن أن يتغير ذلك خلال هذا العام، إذ انخفض الدولار بالفعل بنحو 9 في المائة منذ عودة ترمب إلى البيت الأبيض وشنّه حرباً تجارية دفعت المستثمرين العالميين إلى إعادة التفكير في التزاماتهم تجاه الأصول الأميركية. في البيئة الحالية، قد يكون من المغري للدول التدخل لمحاولة منع أو عكس الاستمرار في تعزيز عملاتها، وقال مسؤولون في الخزانة إنهم سيراقبون من كثب هذا السلوك.


مقالات ذات صلة

الذهب يستقر... ويتجه لتسجيل خسارة أسبوعية

الاقتصاد حبيبات من الذهب النقي داخل مصنع كراستسفيتمايت للمعادن الثمينة في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)

الذهب يستقر... ويتجه لتسجيل خسارة أسبوعية

استقرت أسعار الذهب يوم الجمعة لكنها تتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية، متأثرة بارتفاع الدولار وصدور بيانات اقتصادية أميركية قوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أوراق نقدية من فئة الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار يرتفع وسط غموض بشأن باول وترقب الأسواق للرسوم

ارتفع الدولار الأميركي أمام معظم العملات الرئيسة يوم الخميس مدعوماً بتصريحات الرئيس دونالد ترمب بشأن رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد صورة توضيحية لعملات ذهبية في فيينا (رويترز)

الذهب يتراجع مع صعود الدولار وتراجع الغموض بشأن باول

تراجعت أسعار الذهب، يوم الخميس، متأثرةً بصعود الدولار الأميركي وتراجع حدة التوتر في الأسواق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد أبراج ومؤسسات مالية على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

«صندوق النقد»: مصر حققت تقدماً متفاوتاً في الإصلاحات الاقتصادية

قال صندوق النقد الدولي إن مصر حققت تقدماً متفاوتاً في الإصلاحات الهيكلية المنصوص عليها في اتفاق قرض موسع قيمته 8 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد عملات معدنية من فئة 1 و2 يورو (رويترز)

البنوك المركزية تكثف شراء سندات اليورو لتعزيز التنويع بعيداً عن الدولار

كثّفت البنوك المركزية عمليات الشراء ضمن مبيعات سندات منطقة اليورو هذا العام، في مؤشر إيجابي لليورو، مع سعي الاتحاد الأوروبي لتعزيز التنويع.

«الشرق الأوسط» (لندن)

الذهب يستقر... ويتجه لتسجيل خسارة أسبوعية

حبيبات من الذهب النقي داخل مصنع كراستسفيتمايت للمعادن الثمينة في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
حبيبات من الذهب النقي داخل مصنع كراستسفيتمايت للمعادن الثمينة في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
TT

الذهب يستقر... ويتجه لتسجيل خسارة أسبوعية

حبيبات من الذهب النقي داخل مصنع كراستسفيتمايت للمعادن الثمينة في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)
حبيبات من الذهب النقي داخل مصنع كراستسفيتمايت للمعادن الثمينة في مدينة كراسنويارسك السيبيرية (رويترز)

استقرت أسعار الذهب يوم الجمعة لكنها تتجه نحو تسجيل خسارة أسبوعية، متأثرة بارتفاع الدولار وصدور بيانات اقتصادية أميركية قوية، فيما بلغ البلاتين أعلى مستوى له منذ أغسطس (آب) 2014.

وسجل الذهب في المعاملات الفورية 3339.20 دولار للأوقية بحلول الساعة 06:40 بتوقيت غرينتش، بينما استقرت العقود الآجلة للذهب في الولايات المتحدة عند 3344.60 دولار. وانخفض المعدن النفيس بنسبة 0.5 في المائة منذ بداية الأسبوع، وفق «رويترز».

ورغم تراجع الدولار بنسبة 0.1 في المائة مقابل سلة من العملات الرئيسية يوم الجمعة، فإنه يتجه نحو تحقيق ثاني مكاسبه الأسبوعية على التوالي، ما يجعل الذهب المقوّم بالدولار أكثر تكلفة لحاملي العملات الأخرى.

وقال كيلفن وونغ، كبير محللي السوق لدى «أواندا»: «بدأنا نرى بيانات تدعم استمرار مرونة الاقتصاد الأميركي، ولا تزال الأسواق تتوقع أن يحافظ مجلس الاحتياطي الفيدرالي على سياسة نقدية مشددة نسبيا».

وأظهرت بيانات يوم الخميس أن مبيعات التجزئة الأميركية ارتفعت بنسبة 0.6 في المائة في يونيو (حزيران) بعد انخفاض بنسبة 0.9 في المائة في مايو (أيار)، كما انخفضت طلبات إعانة البطالة الأسبوعية إلى 221 ألفاً، وهو أداء أفضل من المتوقع.

وتعكس هذه المؤشرات أن الاقتصاد الأميركي لا يزال في وضع مستقر، ما يدعم تردد «الفيدرالي» في تسريع وتيرة تخفيف السياسة النقدية. ويُعد الذهب ملاذاً آمناً في أوقات الضبابية، ويؤدي أداءً أقوى عادةً في ظل أسعار فائدة منخفضة.

وقال محللو «بي إم آي» في مذكرة: «نتوقع أن تشكل قرارات خفض الفائدة من قبل (الاحتياطي الفيدرالي) في وقت لاحق من عامي 2025 و2026 محفزاً رئيسياً لصعود الذهب مستقبلاً».

في هذه الأثناء، يواصل المستثمرون مراقبة تطورات الحرب التجارية، مع توسيع الرئيس الأميركي دونالد ترمب نطاق الرسوم الجمركية.

وانخفض سعر البلاتين الفوري بنسبة 0.3 في المائة ليبلغ 1453.23 دولار للأوقية، بعدما لامس في وقت سابق أعلى مستوى له منذ أكثر من عشر سنوات. وصعد البلاديوم بنسبة 1.5 في المائة إلى 1293.32 دولار، وهو أعلى مستوى له منذ أغسطس 2023، كما ارتفعت الفضة بنسبة 0.2 في المائة لتسجل 38.20 دولار للأوقية.