الأسواق العالمية أمام مفترق طرق بين التسوية أو الركود بفعل الرسوم الأميركية

 خبراء لـ«الشرق الأوسط»: تحذيرات من تقلبات حادة ومخاوف من تراجع اقتصادي عالمي طويل الأمد

رجل يمر أمام لوحة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم في بورصة إندونيسيا (أ.ب)
رجل يمر أمام لوحة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم في بورصة إندونيسيا (أ.ب)
TT
20

الأسواق العالمية أمام مفترق طرق بين التسوية أو الركود بفعل الرسوم الأميركية

رجل يمر أمام لوحة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم في بورصة إندونيسيا (أ.ب)
رجل يمر أمام لوحة إلكترونية تعرض أسعار الأسهم في بورصة إندونيسيا (أ.ب)

شهدت الأسواق المالية العالمية اضطرابات واسعة، إثر إعلان الإدارة الأميركية فرض رسوم جمركية جديدة هي الأكثر جرأة منذ عقود؛ ما فتح الباب أمام سيناريوهات كثيرة بشأن مستقبل هذه الأسواق، بين احتمالات التصعيد المتواصل، أو إمكانية التوصل إلى حلول دبلوماسية تخفف من حدة الأزمة.

وتأتي تلك التأثيرات بعد إطلاق الرئيس الأميركي دونالد ترمب العنان لـ«الرخاء الاقتصادي» من خلال فرض تلك الرسوم على عشرات الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، حيث شددت الإدارة على أن الهدف منها هو ضمان حرية التجارة و«إبطال عقود من العولمة التي قضت على قطاع كبير من قاعدتنا الصناعية». في وقت رأى آخرون، أنه سواء تحقق هذا الجهد طويل المدى أم لم يتحقق، فإن الرسوم مدمرة على المدى القصير.

وفقد مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» نحو عُشر قيمته على مدار يومين من التداول.

شاشة تداول تُظهر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بعد جرس الإغلاق في بورصة نيويورك في 7 أبريل (رويترز)
شاشة تداول تُظهر مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بعد جرس الإغلاق في بورصة نيويورك في 7 أبريل (رويترز)

ردة فعل سريعة

وفي قراءة للسيناريوهات المتوقعة، يقول أرون ليزلي جون، كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشيال»: «شهدت الأسواق المالية العالمية اضطراباً حاداً إثر إعلان الإدارة الأميركية عن حزمة رسوم جمركية جديدة، في خطوة تُعدّ من أكثر التحركات الحمائية جرأة منذ ثلاثينات القرن الماضي».

وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «ردة الفعل جاءت سريعة وعنيفة؛ إذ فقدت الشركات المدرجة في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ما يقارب 5 تريليونات دولار من قيمتها السوقية خلال يومين فقط، في أسوأ تراجع من نوعه منذ عقود. وكنتيجة لذلك، خفّضت مؤسسات مالية كبرى توقعاتها لأداء المؤشر، متوقعة تراجعه إلى مستوى 4700 نقطة».

أرون ليزلي جون كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشيال»
أرون ليزلي جون كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشيال»

وتابع: «هذا التصعيد عزز المخاوف من دخول الاقتصاد العالمي في مرحلة من الركود التضخمي، حيث يتزامن تباطؤ النمو مع ارتفاع التضخم، وهو ما انعكس في تراجع شهية المستثمرين تجاه الأصول ذات المخاطر العالية، وتفضيلهم للملاذات الآمنة كالمعادن الثمينة وأدوات الدين».

حالة الذعر

لفت إلى أن حالة الذعر في الأسواق أدت إلى ضغوط على أسعار النفط، حيث انخفض خام برنت بنسبة تقارب 15 في المائة خلال 5 أيام ليصل إلى نحو 64 دولاراً للبرميل، ما يُنذر بتداعيات سلبية على اقتصادات الدول المصدرة للنفط.

وحول التأثير في منطقة الخليج، قال كبير محللي السوق في «سنشري فاينانشيال» أن الأسواق المالية في المنطقة تأثرت سلباً، متماشية مع الموجة العالمية. وأضاف: «سجلت البورصات في دبي وأبوظبي والرياض تراجعات حادة، شملت أسهم شركات كبرى مثل أرامكو. ورغم أن التجارة النفطية قد لا تتأثر مباشرة بهذه الرسوم نظراً لاحتمال استثناء الطاقة من القيود، فإن الأثر غير المباشر الناتج عن تراجع الطلب العالمي وأسعار الخام يظل مقلقاً».

ولفت إلى أنه «على المدى المتوسط إلى الطويل، قد تبرز بعض العوامل الإيجابية في دول الخليج، لا سيما في ظل التقدم الملحوظ في برامج التنويع الاقتصادي. فجهود السعودية والإمارات في تطوير قطاعات بديلة مثل السياحة، والطاقة المتجددة، والخدمات اللوجيستية، من شأنها أن تعزز قدرة هذه الاقتصادات على امتصاص الصدمات، كما أن دور الإمارات كمركز عالمي لإعادة التصدير قد يستفيد من تحوّل مسارات التجارة العالمية بحثاً عن بدائل أكثر مرونة».

متداول يراقب أسهم مؤشر جاكرتا المركب (أ.ف.ب)
متداول يراقب أسهم مؤشر جاكرتا المركب (أ.ف.ب)

تسويات أم ركود

على صعيد التوقعات المستقبلية، قال جون إن السيناريو الأكثر تفاؤلاً يتمثل في التوصل إلى تسويات دبلوماسية وتجارية تُفضي إلى تقليص الرسوم أو إلغائها، ما قد يُعيد التوازن إلى الأسواق ويُعزز ثقة المستثمرين. أما في حال استمرار التصعيد، فقد تدخل الأسواق في دوامة من التقلبات الحادة، مع تراجع في حجم التجارة الدولية، وزيادة في مخاطر الركود، خصوصاً في الاقتصادات الأكثر هشاشة.

زيادة التكاليف

من جهته، أكد حمزة دويك، رئيس قسم التداول والتسعير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ساكسو بنك»، أن الأسواق العالمية والخليجية ستشهد تقلبات حادة نتيجة لهذه الرسوم، موضحاً أن «بورصة دبي المالية تراجعت بنسبة 5 في المائة، وأبوظبي بنسبة 4 في المائة، وتداول السعودية بأكثر من 6 في المائة؛ ما يعكس التأثير الكبير والسريع لهذه القرارات».

مواطنون إماراتيون في سوق دبي المالية (أ.ب)
مواطنون إماراتيون في سوق دبي المالية (أ.ب)

وأضاف دويك خلال تعليق لـ«الشرق الأوسط» أن «هذه الرسوم ستزيد من تكاليف التصدير وتضعف تنافسية المنتجات في السوق الأميركية، ما يضر القطاعات التي تعتمد بشكل أساسي على الواردات مثل الإلكترونيات والسيارات والبناء والسلع الاستهلاكية».

حمزة دويك رئيس قسم التداول والتسعير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ساكسو بنك»
حمزة دويك رئيس قسم التداول والتسعير لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في «ساكسو بنك»

تباطؤ عالمي

أوضح دويك أن «الأسهم الأوروبية والآسيوية تأثرت سلباً بشكل كبير، وسط مخاوف من تباطؤ اقتصادي عالمي، ما أثر بشكل واضح على أسواق الخليج التي شهدت أيضاً تراجعاً كبيراً في أسعار النفط».

وختم بالقول إن استمرار الرسوم الجمركية على المدى الطويل ربما يؤدي إلى حالة من عدم اليقين؛ ما يزيد من تردد المستثمرين، ويدفعهم نحو الأصول الآمنة، وسط توقعات باستمرار التقلبات في الفترة المقبلة.


مقالات ذات صلة

توقيف 12 شخصاً بتهمة التلاعب في بورصة إسطنبول

الاقتصاد بورصة إسطنبول (أ.ب)

توقيف 12 شخصاً بتهمة التلاعب في بورصة إسطنبول

قررت النيابة العامة في إسطنبول توقيف 12 شخصاً من أصل 15 متهماً بالتورط في التلاعب في بورصة إسطنبول.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد شعار «توتال إنرجيز» يظهر على مبنى في رويل مالميزون قرب باريس (رويترز)

تراجع أسعار النفط وضعف هوامش التكرير يخفّضان أرباح «توتال إنرجيز» في الربع الأول

انخفض صافي الدخل المعدل لشركة «توتال إنرجيز» الفرنسية العملاقة للنفط بنسبة 18 في المائة خلال الربع الأول، ليصل إلى 4.2 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مستثمران في السوق المالية السعودية يراقبان شاشة التداول (أ.ف.ب)

أسواق الخليج ترتفع مع ترقب المستثمرين لنتائج الأعمال

ارتفعت أسواق الأسهم الرئيسية في الخليج خلال التعاملات المبكرة يوم الاثنين، مع ترقب المستثمرين إعلانات أرباح الشركات، رغم أن حالة عدم اليقين حدّت من المكاسب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد أحد المتداولين في السوق المالية السعودية (أ.ف.ب)

الأسواق الخليجية تختتم تعاملات الأحد على تباين

اختتمت أسواق الخليج تعاملاتها، اليوم (الأحد) بتباين، حيث تراجع «تاسي» السعودي، بينما ارتفعت مؤشرات الكويت وقطر ومسقط، وسط ترقب لنتائج مالية وتوزيعات أرباح.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية احتشد الآلاف بتجمع جديد في مرسين جنوب تركيا السبت للمطالبة بإطلاق سراح إمام أوغلو وإجراء انتخابات مبكرة (حزب الشعب الجمهوري - إكس)

تجمع حاشد جديد دعماً لإمام أوغلو... وموجة اعتقالات ثانية في إطار قضيته

تحدى زعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل الرئيس رجب طيب إردوغان بإجراء مناظرة وبث التحقيق مع رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو على الهواء

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

تراجع معظم أسواق الخليج بعد صدور بيانات اقتصادية أميركية ضعيفة

مستثمر يراقب الأسهم المتراجعة في البورصة الكويتية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب الأسهم المتراجعة في البورصة الكويتية (أ.ف.ب)
TT
20

تراجع معظم أسواق الخليج بعد صدور بيانات اقتصادية أميركية ضعيفة

مستثمر يراقب الأسهم المتراجعة في البورصة الكويتية (أ.ف.ب)
مستثمر يراقب الأسهم المتراجعة في البورصة الكويتية (أ.ف.ب)

شهدت معظم أسواق الأسهم الخليجية تراجعات في التعاملات المبكرة اليوم الخميس، متأثرة ببيانات اقتصادية أميركية دون التوقعات، وضغوط ناتجة عن تراجع أسعار النفط.

وأظهرت البيانات انكماش الاقتصاد الأميركي في الربع الأول من العام، نتيجة ارتفاع الواردات، مع سعي الشركات إلى تجنب رسوم جمركية محتملة، وفق وكالة «رويترز».

وفي السعودية، أنهى مؤشر السوق تداولات اليوم على انخفاض بنسبة 1.1 في المائة، مغلقاً عند مستوى 11544 نقطة، وهو أدنى إغلاق له في ثلاثة أسابيع، وسط تداولات بلغت قيمتها الإجمالية نحو 5.1 مليار ريال.

وتراجعت أسعار النفط بأكثر من 2 في المائة، حيث هبط خام برنت إلى ما دون 60 دولاراً للبرميل، بينما انخفض خام نايمكس إلى أقل من 57 دولاراً للبرميل.

وتأثر أداء السوق بتراجع أسهم بارزة، حيث هبط سهم «مصرف الراجحي» بنسبة 1 في المائة ليصل إلى 96.50 ريال، في حين انخفض سهم «البنك الأهلي السعودي» بنسبة 2 في المائة إلى 34.90 ريال. كما خسر سهم «أكوا باور» أكثر من 2 في المائة مغلقاً عند 314 ريالاً.

الأسواق الخليجية

في دبي، هبط سهم «بنك دبي التجاري» بنسبة 8.9 في المائة، ليتصدر قائمة الخاسرين، ويضغط على مؤشر سوق دبي المالي الذي أغلق متراجعاً 0.6 في المائة، مسجلاً أكبر خسارة يومية منذ 7 أبريل (نيسان).

في قطر، أغلق مؤشر البورصة منخفضاً بنسبة 0.1 في المائة، متأثراً بهبوط سهم «صناعات قطر» بنسبة 2.9 في المائة.

في المقابل، واصل مؤشر بورصة أبوظبي ارتفاعه للجلسة الرابعة على التوالي، ليغلق مرتفعاً بنسبة 0.2 في المائة، مسجلاً أعلى مستوياته منذ 5 مارس (آذار).

أما في الكويت، فأنهى مؤشر السوق الأول تعاملاته على ارتفاع طفيف، بدعم من صعود سهم «بيت التمويل الكويتي» بنسبة 0.3 في المائة. كما أعلنت شركة «بورصة الكويت» عن نمو في صافي أرباحها بنسبة 69.5 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام، ليبلغ 7.94 مليون دينار.