النمو البريطاني يسجل ارتفاعاً هامشياً في الربع الأخير وسط تباطؤ الإنفاق

زيادة غير متوقعة في مبيعات التجزئة خلال فبراير

صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)
صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)
TT
20

النمو البريطاني يسجل ارتفاعاً هامشياً في الربع الأخير وسط تباطؤ الإنفاق

صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)
صورة عامة للحي المالي في لندن (رويترز)

سجّل الناتج المحلي الإجمالي البريطاني ارتفاعاً هامشياً بنسبة 0.1 في المائة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من عام 2024، بعد أن ظل مستقراً عند صفر في المائة في الربع الثالث، وفقاً لأحدث البيانات الصادرة عن مكتب الإحصاء الوطني.

ويبدو أن الأسر تواصل الإحجام عن الإنفاق وسط تصاعد حالة عدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية. وأكد كبير الاقتصاديين في مكتب الإحصاء الوطني، غرانت فيتزنر، أن «الاقتصاد لا يزال يُظهر نمواً ضئيلاً منذ الصيف الماضي»، مشيراً إلى أن الناتج المحلي الإجمالي للفرد - وهو مؤشر رئيسي لمستويات المعيشة - يعاني من ركود فني بعد انخفاضه لربعين متتاليين، وفق صحيفة «تلغراف».

تراجع نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 0.1 في المائة خلال الفترة من أكتوبر (تشرين الأول) إلى ديسمبر (كانون الأول) 2024، ولم يُسجل أي نمو يُذكر على مدار العام بأكمله. ويأتي هذا التباطؤ في أعقاب قيام مكتب مسؤولية الموازنة يوم الأربعاء بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد البريطاني لعام 2025 إلى 1 في المائة فقط، بعد أن كانت تقديراته السابقة تشير إلى 2 في المائة.

وعلى النقيض من ذلك، شهدت مبيعات التجزئة البريطانية ارتفاعاً غير متوقع في فبراير (شباط)، متجاوزة معظم توقعات المحللين الذين رجّحوا حدوث انخفاض في ظل ضعف الأداء الاقتصادي العام. وأفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن أحجام المبيعات ارتفعت بنسبة 1 في المائة على أساس شهري، مدفوعة بزيادة مبيعات السلع غير الغذائية، رغم التراجع الذي شهدته متاجر السوبر ماركت بعد انتعاشها في يناير (كانون الثاني).

وكان استطلاع أجرته «رويترز» قد أشار إلى انخفاض شهري متوقع بنسبة 0.4 في المائة في حجم المبيعات. كما قام مكتب الإحصاء الوطني بمراجعة الزيادة الشهرية لشهر يناير، ليعدلها إلى 1.4 في المائة بدلاً من التقدير الأولي البالغ 1.7 في المائة. ورغم تقلبات قطاع التجزئة، من المرجح أن تُسهم هذه النتائج في دعم وزيرة المالية، راشيل ريفز، التي قوضت البيانات الاقتصادية الضعيفة طموحاتها لتحفيز الاقتصاد منذ توليها المنصب في يوليو الماضي.

وقالت هانا فينسيلباخ، كبيرة الإحصائيين في مكتب الإحصاء الوطني: «كان فبراير شهراً إيجابياً لمتاجر السلع المنزلية، حيث شهدت أكبر زيادة لها منذ أبريل (نيسان) 2021، مدفوعة بانتعاش مبيعات متاجر الأدوات المنزلية»، مضيفةً أن مبيعات الملابس شهدت أيضاً تحسناً ملحوظاً بفضل التخفيضات الواسعة.

وأظهرت بيانات أخرى صادرة عن المكتب أن الأسر البريطانية قامت بزيادة مدخراتها كنسبة مئوية من دخلها في نهاية عام 2024، لتصل إلى أعلى مستوياتها منذ ما يقرب من 15 عاماً، باستثناء فترة جائحة كوفيد-19. فقد ارتفعت نسبة المدخرات إلى 12 في المائة في الربع الرابع من 2024، مقارنة بـ 10.3 في المائة في الربع الثالث.

ويُعد هذا المستوى المرتفع من المدخرات، وإمكانية استغلاله مستقبلاً، أحد العوامل التي تدفع بعض الاقتصاديين إلى توقع تحسن النمو الاقتصادي في وقت لاحق من العام. كما ارتفعت أحجام مبيعات التجزئة في الأشهر الثلاثة المنتهية في فبراير بنسبة 0.3 في المائة، وهي أول زيادة تُسجل في هذا المؤشر منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2024.

وفي سياق آخر، تظل التساؤلات قائمة بشأن تأثير الزيادات الضريبية على أصحاب العمل، وارتفاع فواتير الطاقة المُنظّمة، وزيادة الحد الأدنى للأجور، وجميعها قرارات من المقرر تنفيذها الشهر المقبل، ما يضع تحديات جديدة أمام صانعي السياسات.

وحذّر أوليفر فيرنون-هاركورت، رئيس قسم التجزئة في «ديلويت»، من أن «التضخم المستمر في أسعار المواد الغذائية يعني أن المستهلكين يشترون كميات أقل، وسيتوخى تجار التجزئة الحذر إزاء التغيرات القادمة في تكاليف الأجور خلال الأسبوع المقبل».

وبالنظر إلى الأداء السنوي، فقد ارتفعت مبيعات التجزئة بنسبة 2.2 في المائة مقارنة بالعام الماضي، متجاوزة توقعات استطلاعات الرأي التي رجّحت نمواً سنوياً بنسبة 0.5 في المائة فقط.

وفي ظل هذه التطورات، قامت شركة «نيكست» لتجارة الملابس برفع توقعاتها للأرباح بعد تحقيقها أداءً أقوى من المتوقع. ومع ذلك، أشارت شركة «كينغفيشر» المتخصصة في تجارة تحسينات المنازل إلى أن ثقة المستهلكين تأثرت بتدابير مالية تضمنتها موازنة الحكومة في أكتوبر الماضي. كما أفاد مكتب الإحصاء الوطني بأن مستويات مبيعات التجزئة لا تزال دون مستويات ما قبل الجائحة، مما يعكس استمرار التحديات الاقتصادية التي تواجه الأسواق البريطانية.


مقالات ذات صلة

بيسنت: الهند قد تكون أولى الدول الموقّعة على اتفاق تجاري مع أميركا

الاقتصاد سكوت بيسنت خلال اجتماعات الربيع لصندوق النقد الدولي والبنك الدولي في واشنطن (رويترز)

بيسنت: الهند قد تكون أولى الدول الموقّعة على اتفاق تجاري مع أميركا

قال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت الاثنين إن كثيراً من كبار شركاء الولايات المتحدة التجاريين قدموا مقترحات «جيدة جداً» لتجنب الرسوم الجمركية الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
عمال في خط إنتاج تابع لمصنع «نيسان» شمال العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

ترجيحات بإبقاء «بنك اليابان» على أسعار الفائدة

من المُتوقع أن يُبقي «بنك اليابان» أسعار الفائدة ثابتة يوم الخميس، ويُحذّر من تزايد المخاطر على الاقتصاد الهشّ، مما قد يُبقي السياسة النقدية في نمط ركود.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد رجل يمر بسيارة نقل أمام لوحة إلكترونية تعرض سعر الين مقابل الدولار وسط العاصمة اليابانية طوكيو (رويترز)

طوكيو تنفي مزاعم بشأن مطالبة أميركا بتعزيز الين

نفت اليابان تقريراً إعلامياً يفيد بأن وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، أبلغ نظيره الياباني في اجتماع ثنائي بواشنطن أن ضعف الدولار وقوة الين أمران مرغوب فيهما.

«الشرق الأوسط»
الاقتصاد عامل يملأ الفولاذ المنصهر في مصنع قضبان الفولاذ في فيرامجام الهند (رويترز)

الناتج الصناعي الهندي يسجل نمواً دون التوقعات في مارس

أظهرت بيانات حكومية، الاثنين، أن نمو الناتج الصناعي في الهند خلال مارس (آذار) جاء دون توقعات الاقتصاديين، في ظل تسارع وتيرة إصدار البيانات وتباطؤ نشاط التعدين.

«الشرق الأوسط» (نيودلهي)
الاقتصاد متداولون للعملات في إحدى قاعات التداول بمقر «هانا بنك» في العاصمة الكورية سيول (أ.ب)

كوريا تستبعد التوصل إلى اتفاق تجاري مع أميركا قبل الانتخابات الرئاسية

استبعد مسؤول حكومي كوري جنوبي كبير، الاثنين، الموافقة على حزمة تجارية مع الولايات المتحدة قبل الانتخابات الرئاسية في الدولة الآسيوية في 3 يونيو (حزيران) المقبل.

«الشرق الأوسط» (سيول)

مشاريع سياحية مشتركة بين الرياض ودبي... واستقطاب الزوار القادمين من السعودية

جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط)
TT
20

مشاريع سياحية مشتركة بين الرياض ودبي... واستقطاب الزوار القادمين من السعودية

جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط)

كشف المدير التنفيذي في «مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري»، عصام كاظم، لـ«الشرق الأوسط» عن وجود مشاريع سياحية مشتركة مع المملكة والاستفادة القصوى من الزوار القادمين منها، وتحديداً عبر سفينة «كروز السعودية» لاستقطاب المزيد من السياح وتمكينهم في دولة الإمارات، وخصوصاً أن الرياض تشهد تطورات متسارعة في هذا الاتجاه، مؤكداً أن هذه المشاريع تدرس بشكل كامل ويتم تطويرها كفريق واحد.

جاء ذلك خلال انطلاق النسخة الثانية والثلاثين من «معرض السفر العربي» في دبي، بمشاركة أكثر من 2800 عارض، وأكثر من 166 دولة، وما يزيد على 55 ألف زائر متوقع، ومن ضمنها السعودية التي تشارك بجناح «أرض السعودية»، والذي يضم عدداً من الجهات الحكومية والشركات الخاصة.

المدير التنفيذي في «مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري» عصام كاظم (الشرق الأوسط)
المدير التنفيذي في «مؤسسة دبي للتسويق السياحي والتجاري» عصام كاظم (الشرق الأوسط)

وتابع كاظم أن «سوق السفر العربي» من أهم المعارض عالمياً، وهو منصة يشارك بها جميع الدول، وتشارك السعودية بوجود كل شركائها الاستراتيجيين، «ولا بد من انتهاز هذه الفرصة للتعرف على الأسواق بشكل كبير وبناء علاقات وإيصال رسالة المملكة بطريقة واضحة، وفي ذات الوقت العمل على منتج يتناسب مع آخر التطورات واحتياجات السياح الدوليين».

المواسم السعودية

وأفصح كاظم عن تحقيق أرقام جديدة في استقطاب السياح إلى دبي خلال العام الماضي، بزيادة 9 في المائة عن 2023 بالوصول إلى 18.7 مليون سائح دولي، وفي الربع الأول من العام الحالي هناك نمو بـ5.3 في المائة، على أساس سنوي.

وواصل أن التركيز منصب على جميع الأسواق الدولية، وانتهاز الفرص بالتعاون بين القطاعين العام والخاص، وهناك فرق وحملات تدرس احتياجات السياح السعوديين، وفي المقابل الترويج في فترات المواسم والإجازات في المملكة، من خلال استهداف كل الفئات في المملكة، كاشفاً عن نمو أعداد الزوار من السعودية، ومبيناً أن دبي من أولى الوجهات التي فتحت أبوابها لتمكين السياح القادمين من المملكة.

وأضاف أنه تزيد الفرص مع تطور السياحة في السعودية ومنطقة الخليج بصفة عامة، وفي دبي التركيز حالياً على جودة الخدمة من حيث تسهيل الوصول في المطارات عبر البوابات الذكية والبنية التحتية لضمان تكرار الزيارات الدولية.

وأكمل كاظم أن التركيز على زيادة أعداد السياح والإنفاق وتكرار الزيارات، وأن نحو 25 في المائة من زوار دبي يكررون الزيارة مرتين في العام كأقل عدد من الزيارات، وهذه أهم ميزة وتعتبر من أعلى النسب العالمية.

جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط)
جانب من «معرض السفر العربي» في دبي (الشرق الأوسط)

الموقع الجغرافي

وقال إن دبي تمتاز بموقع جغرافي يستطيع الوصول إليه السائح من ثلث العالم كحد أقصى في 4 ساعات، موضحاً أن العمل التكاملي مستمر مع جميع الأجهزة العامة لتسهيل إجراءات التأشيرات وتطويرها، وأن بلاده أعلنت مؤخراً عن خدمة تأشيرة الزيارة لمدة خمس سنوات للوصول إلى المستهدفات المطلوبة في نمو أعداد السياح وتكرار الزيارات.

وبيّن المدير التنفيذي أن أكثر نسبة إنفاق في دبي من السائح الروسي والخليجي وعدد من الدول الأوروبية، مفصحاً عن التواصل المستمر مع شركات الطيران الإماراتية للتوسع في الوجهات والرحلات الدولية، وفي ذات الوقت اكتشاف الفرص في عدد من الأسواق الدولية، وتشجيع هذه الشركات للوصول إليها ووضعها ضمن استراتيجيتهم.

وتابع أن هناك عملاً كذلك مع شركات الطيران لتوفير باقات سياحية وتقديم أسعار مغرية للسائح لزيادة أعداد الزوار، وكذلك تحفيز المستثمرين لرفع أعداد الغرف الفندقية، وخاصةً أن بلاده من أفضل الاستثمارات العالمية في هذا المجال، ووضع الأسعار المناسبة لاستقطاب السياح من جميع بلدان العالم.