موجة التغيير في لبنان تتمدّد إلى منهجية معالجة أزمة الودائع العالقة

بعد تخلي الحكومة الجديدة عن خياري «الشطب» والإفلات من المسؤولية

الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة في القصر الجمهوري (رويترز)
TT

موجة التغيير في لبنان تتمدّد إلى منهجية معالجة أزمة الودائع العالقة

الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة في القصر الجمهوري (رويترز)
الرئيس جوزيف عون ورئيس الحكومة في القصر الجمهوري (رويترز)

انضمَّت أزمة المودعين الشائكة في البنوك اللبنانية إلى لائحة الأولويات المرشحة للمعالجة، وفق منهجية رسمية «مختلفة» بالعهد الجديد رئاسياً وحكومياً، وتستند إلى ركيزة «شطب» اقتراحات «الشطب» من حسابات المدخرات التي أشهرها رئيس الحكومة نواف سلاف، المتبوعة بتأكيدات الالتزام بوعود وتعهُّدات تقضي بتسريع إعداد خطة إنقاذ معدّلة للتعافي وإعادة هيكلة القطاع المالي، تشمل تحديد آليات متنوعة لسداد متدرج للحقوق العالقة.

ورغم الارتياح النسبي الذي عكسه التغيير الجوهري في المقاربات الحكومية بأوساط المودعين، فإن أرقام الفجوة الواقعية بين الأصول والخصوم (الموجودات والمطلوبات) البالغة نحو 70 مليار دولار (من دون احتساب قيمة احتياط الذهب التي ارتفعت إلى نحو 29 مليار دولار)، لا تشي بقدرة السلطات المعنية على إنتاج حلول «سحرية» تضمن التحسين الفوري للتصرُّف بالحسابات بما يفوق الحصص الشهرية المتاحة حالياً من قبل البنك المركزي.

 

رئيس الحكومة مستقبلاً وفداً من رابطة المودعين (رئاسة الحكومة)

وينبغي، حسب مسؤول مالي كبير تواصلت معه «الشرق الأوسط»، إطلاق قاطرة المعالجة المتدرجة لهذه الأزمة المعقّدة من محطة مركزية تكفل مصارحة شفّافة في مخاطبة المودعين المقيمين وغير المقيمين، ومعزّزة بوقائع رقمية مدقّقة، وبحيث تقرّ بحقيقة ضآلة الموفورات النقدية حالياً، إنما هذا العجز الآني لا يحول دون الإقرار بحقوق الأموال المشروعة، وبالتزام تمكين أصحابها من إدارة سيولتها بالتقسيط المتوافق مع توفر الإمكانات ووفق برنامج زمني محدّد.

ومن دون تريُّث يتيح الانغماس في صياغة الخطة البديلة حكومياً وبالتنسيق مع البنك المركزي، بادر وزير المال ياسين جابر إلى الجزم بأنه «من غير الوارد شطب أموال المودعين، ولا مصلحة للبنان بذلك». لكن هذا لا يعني أن الودائع ستُردّ «غداً»، مشيراً إلى أن «الأولوية لصغار المودعين؛ إذ سيتم وضع مبلغ (فريش) دولار في حساباتهم، ليس لسحبه إنما لاستخدامه تباعاً بسبب الظروف المعيشيّة، ثم إيجاد حل لباقي المودعين من خلال صندوق استرداد الودائع».

وبدوره، أكد رئيس جمعية المصارف سليم صفير، وخلال زيارة مجلس إدارة الجمعية لرئيس الجمهورية جوزيف عون، الترحيب بتعهده بحماية أموال المودعين، مبيّناً أنه «لا حلَّ لملف المودعين، ولا إصلاح للقطاع المصرفي، إلّا من خلال عمل مشترك ينتج رؤية إصلاحية موحَّدة، وتضع الحلول الواقعيّة التي تؤمّن عودة المصارف إلى لعب دورها الأساسي في تمويل الاقتصاد المنتج، وتحفظ حقوق المودعين».

وفي حين التزمت الحكومة فعلياً، في بيان الثقة، بإيلاء أولوية للاهتمام لقضية الودائع ضمن خطة متكاملة بمعايير دولية والحفاظ على الحقوق، برز في السياق عينه تأكيد رئيس الحكومة أن الدولة تكون قوية بمقدار استعادة ثقة المواطنين. واستطراداً، فإنه «من دون إعادة العافية إلى القطاع المصرفي، لن تكون هناك استثمارات، وبالتالي لن تتوفر الودائع».

رأي المصارف

وتتلاقى هذه الرؤية، وفق الأمين العام لجمعية المصارف فادي خلف، مع موقف المصارف التي تؤمن بأن إعادة هيكلة القطاع وتعزيز الثقة به، هما ركيزتان للنمو الاقتصادي المنشود، لا سيما مع دخول لبنان مرحلة جديدة من التغيير السياسي والاقتصادي، حيث تبرز مسألة معالجة الفجوة المالية، كأحد أهم التحديات التي تواجه الحكومة. علماً بأن هذه الفجوة نتجت عن تراكم سنوات من السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية غير المستدامة وسوء إدارة الموارد من قبل الدولة ومصرف لبنان.

 

رئيس الحكومة خلال لقائه حاكم البنك المركزي بالإنابة وسيم منصوري (رئاسة الحكومة)

وتبعاً لضرورة إرساء أي حل مستقبلي على قاعدة أنه لا تعافٍ اقتصادياً من دون قطاع مصرفي قوي، ولا نظام مصرفياً دون حفظ حقوق المودعين، يجد خلف أن «الفرصة لا تزال قائمة لإيجاد حلول عادلة تعيد ثقة المودعين وتحافظ على القطاع المصرفي. والمسار الواضح يقوم على إصلاحات جذرية، وتوزيع عادل للمسؤوليات ضمن الأزمة النظامية، وإعادة بناء الثقة بالقطاع المصرفي كركيزة أساسية لنمو الاقتصاد الوطني».

وزير المالية ملتقياً حاكم مصرف لبنان بالإنابة (وزارة المالية)

ومع تقدُّم القناعة الرسمية بالتخلي نهائياً عن نظريات شطب الودائع، فإنه من المفترض، حسب خلف، أن تشمل الحلول المطروحة تحميل الدولة ومصرف لبنان الجزء الأكبر من المسؤولية، واستثمار أصولهما، وإعادة جدولة الديون السيادية بأسلوب عادل يحافظ على الاستقرار المالي، وهيكلة القطاع المالي والمصرفي بطريقة تحفظ أموال المودعين وتحافظ على دور المصارف في تمويل الاقتصاد المنتج.

ووفق هذه المحدّدات الرئيسية المحدثة، المتقاطعة مع معلومات المسؤول المالي، يبرز الدور المحوري للبنك المركزي في تولي مهمة تحديد معالم خريطة الطريق الرقمية والتقنية للخطة الحكومية المتكاملة الموعودة بشأن الودائع، وبما يشكل أحد أهم المرتكزات الأساسية لتصحيح أوضاع الجهاز المصرفي، عبر عمليتي إعادة هيكلة متزامنة بين كفتي الكتلة الأثقل لالتزامات البنوك تجاه عملائها البالغة نحو 84 مليار (إجمالي الودائع الدفترية لودائع المقيمين وغير المقيمين)، وكتلة توظيفاتها التي تناهز 80 مليار دولار لدى مصرف لبنان.

مقر جمعية مصارف لبنان في بيروت (رويترز)

جمع البيانات

وبالفعل، يعكف حاكم البنك المركزي بالإنابة، الدكتور وسيم منصوري، على استكمال جمع البيانات والمعطيات ذات الصلة بالمهمة، وفي الأحدث منها الحصول استثنائياً على معلومات تفصيلية عن عمليات السداد الجزئي أو الكلي للقروض المحرَّرة بالعملات الصعبة، بدءاً من نهاية أكتوبر (تشرين الأول) من عام 2019 (تاريخ انفجار الأزمة المالية)، بعدما تم سابقاً جمع بيانات إحصائية عن فئات المودعين وتوزيعهم وفق سقوف المبالغ العائدة لهم، وتحديد أعداد الأفراد الذين بلغوا سن التقاعد (64 سنة). فضلاً عن الطلب من البنوك الاستمرار بتطبيق قرار عدم توزيع أي أنصبة أرباح على حقوق حَمَلة الأسهم العادية.

تُضاف هذه المعطيات إلى جداول تفصيلية بالودائع والفوائد المقبوضة في سنوات سابقة (بدءاً من عام 2015) جمعها البنك المركزي من المصارف، تشمل الحسابات العالقة بعد الأزمة باستثناء المدخرات الجديدة (الفريش). وتتوزّع على شطور بدءاً من سقف 3 آلاف دولار، لتبلغ الودائع التي تفوق مائة مليون دولار. وهي تتضمن عدد الزبائن (وليس الأسماء) في كل شطر، وتصنيفهم بين مقيم في لبنان وغير مقيم.

كما جرى اعتماد 15 خانة للتصنيف تظهر توزيع المدخرات لصالح الأفراد والمؤسسات، وبما يشمل التحديد الوظيفي بين القطاعين العام والخاص، والأموال العائدة للنقابات المهنية والجمعيات، والشركات غير المالية، والمؤسسات التعليمية والطبية، مع تحديد لودائع صندوق الضمان الاجتماعي والمؤسسة الوطنية لضمان الودائع، وودائع السفارات الأجنبية والمنظمات العربية والإقليمية والدولية، وسوى ذلك من تصنيفات تثبت هوية وحجم المبالغ العائدة صاحب الحق الاقتصادي.

مقر «مصرف لبنان المركزي» في بيروت (أ.ب)

وتنضح هذه البيانات المجمعة، حسب المسؤول المالي، بجانب من التدابير التي سيتم اعتمادها من قبل البنك المركزي سواء لجهة تطوير آليات ضخ الحصص الشهرية لصالح المودعين، أو لجهة البرمجة اللاحقة لتحديد المبالغ والمهل الزمنية في الخطة المتكاملة التي يُفترض أن تتبناها الحكومة، وبما يشمل خصوصاً اعتماد آليات صرف خاصة واستثنائية لشرائح الودائع الصغيرة وكبار السن والودائع الناشئة عن تعويضات نهاية الخدمة الخاصة بالمتقاعدين من الأسلاك العسكرية والمدنية والضمان الاجتماعي. فضلاً عن مراعاة خصوصيات صناديق النقابات والتعاضد ومؤسسات التعليم والصحة والمنظمات الخارجية.

ويختلف هذا التوجه مع مضمون مسودة الخطة الأخيرة للحكومة السابقة التي اقترحت ضمان 100 ألف دولار من كل وديعة «مشروعة»، على أن يجري سدادها ضمن مهلة، وستتم تسويتها على مدة 11 سنة بدفعات شهرية مُناصَفة من قبل البنوك مباشرة ومن أرصدة حساباتها لدى البنك المركزي.

ومع ترجيح إضافة فئات جديدة وتعديلات على الحصص تبعاً لوفرة التدفقات وتحسُّن أرقام احتياطات العملات الصعبة، فقد قدرت الخطة السابقة مبلغ التسوية الإجمالي بنحو 11.8 مليار دولار.

اقتراحات للسداد

وعلى ضوء قرار الحاكم بالإنابة القاضي بزيادة المصرف المركزي للدفعات الشهرية بدءاً من شهر مارس (آذار) المقبل، فمن المنتظَر إعادة النظر تدريجياً بحجم عمليات صرف الحصص الشهرية التي لحظتها الخطة الحكومية السابقة، والتي كانت تقترح بأن يحصل المودع على 400 دولار شهرياً في السنة الأولى، وفي السنة الثانية حتى السنة الرابعة يحصل على مبلغ 500 دولار شهرياً، وفي السنة الخامسة حتى السنة السابعة يحصل على 600 دولار شهرياً، وفي السنة الثامنة حتى السنة العاشرة يحصل على 700 دولار شهرياً، وفي السنة الأخيرة يحصل على 800 دولار شهرياً.

أما بالنسبة للشرائح الأكبر بعد عزل مبالغ السداد المتدرج بحد أدنى يبلغ 100 ألف دولار، فإن الاقتراحات موزعة أيضاً على قنوات سداد متوسطة وبعيدة المدى تشمل التحويل إلى أسهم رأسمالية في البنوك وسندات دين مصنفة ضمن الأموال الخاصة المساندة، مما يساهم بضمان الحقوق وبإعادة رسملة البنوك ضمن مهمة إعادة هيكلة القطاع. فضلاً عن خيار إصدار سندات دولية صفرية الفائدة وذات تصنيف ائتماني مرتفع، تستحق مبالغها بعد 20 سنة.

ويزمع البنك المركزي، وفقاً للمعلومات، التدقيق في البيانات المجمعة لاستنباط مصادر الأموال في الحسابات الكبيرة، بدءاً من مليون دولار، وما راكمته من فوائد تتعدى المتوسطات السوقية في كل سنة، مما يسهّل التصنيف السريع للودائع «المشروعة»، وإخضاع المبالغ المشكوك في مصدرها للمساءلة عبر هيئة التحقيق الخاصة، وبالتعاون مع المصرف المعني لجمع ما يلزم من معلومات وردود على أسئلة محدّدة ضمن قاعدة «اعرف عميلك».

وبنتيجة التحقّق، يتم اعتماد التصنيف العادل جزئياً أو كلياً لقيود المبالغ في الحسابات. وبالتالي يجري تجميد ما يقع تحت الشبهات أو تعذّر التبرير إلى حين البتّ بها قضائياً. كما يندرج في نطاق الاستبيان أيضاً تحديد الحسابات «الجامدة»، وتوزعها بين مقيمين وغير مقيمين من أفراد ومؤسسات عامة في الداخل أو واردة من الخارج.

وثمة تقديرات، وفق حسب المسؤول المعني، بأن عزل هذه القيود عن كتلة الالتزامات لدى البنوك، وإيداعها ضمن حساب خاص لدى البنك المركزي سيؤدي، مع إضافة مبالغ الحسابات المصنَّفة «غير مشروعة»، إلى خفض ملموس في قيود الودائع الدفترية، يصعب تقدير أرقامه مسبقاً.

رئيس الوزراء نواف سلام يصل إلى الجلسة العامة للتصويت على الثقة بالحكومة 26 فبراير 2025 (رويترز)

إجراءات ضريبية؟

وبالتوازي، تجري بلورة إجراءات قانونية وضريبية تساهم في زيادة التدفقات النقدية المخصّصة لإنصاف المودعين. وتندرج ضمنها ملاحقة الأرباح غير المشروعة التي تم تحصيلها من قِبَل مقترضين (أفراد وشركات) عبر الإطفاء الجزئي أو التام، بعد حصول التدهور النقدي، لعقود تمويل محرَّرة بالدولار لا تقع ضمن خانة قروض التجزئة والإسكان، بسعر الصرف الرسمي (1507 ليرات للدولار) أو عبر شراء شيكات بالدولار المحلي (من الودائع) الذي يوازي فعلياً بين 10 و15 في المائة من السعر الفعلي للدولار النقدي. علماً بأن محفظة القروض لدى المصارف تعدّت 50 مليار دولار قبل انفجار الأزمة لتنكمش بحدة إلى أقل من 5 مليارات دولار حالياً.

وبالمثل، تتوفر لدى البنك المركزي بيانات مكتملة لمبالغ الدعم للسلع الغذائية والاستهلاكية والأدوية والمحروقات المستندة إلى قرارات رئاسية وحكومية، بعيد إعلان تعثُّر لبنان عن إيفاء استحقاقات أصول وفوائد سندات الدين الدولية في ربيع عام 2020.

ويُفترَض، وفق المسؤول المالي، إجراء تدقيق محاسبي وجنائي في هذه المصروفات التي تعدَّت قيودها الموثقة من قبل شركة «ألفاريز أند مارسال»، حدود 7 مليارات دولار حتى نهاية عام 2021، علماً بأن هذا الرقم ارتفع لاحقاً ليتعدّى، حسب التقديرات، مستوى 11 مليار دولار، وعلماً بأن المصرف المركزي كان قد أرسل جميع تفاصيل هذه الملفات إلى الحكومة السابقة. ثم أرسلها مجدداً إلى الحكومة الحالية بغية إخضاعها للتدقيق، تنفيذاً للقانون 240 لعام 2021 القاضي بإجراء تدقيق جنائي بملفات الدعم.


مقالات ذات صلة

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

الاقتصاد الواجهة القديمة للبنك المركزي الأرجنتيني بعد ترميمها في بوينس آيرس  (رويترز)

الأرجنتين تتفاوض مع بنوك للحصول على قرض بقيمة 7 مليارات دولار

أعلن وزير الاقتصاد الأرجنتيني لويس كابوتو، يوم الأربعاء، أن بلاده تجري مفاوضات مع بنوك للحصول على قرض يصل إلى 7 مليارات دولار.

«الشرق الأوسط» (بوينس آيرس )
الاقتصاد أشخاص يمرون بجوار بنك إنجلترا في لندن (رويترز)

«بنك إنجلترا» يخفض متطلبات رأس المال لأول مرة منذ الأزمة المالية

خفض «بنك إنجلترا»، الثلاثاء، متطلبات رأس المال التي يتعين على البنوك الاحتفاظ بها، في أول خفض لمتطلبات رأس المال منذ الأزمة المالية العالمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
خاص رئيس الحكومة اللبناني مجتمعاً مع رئيس وأعضاء جمعية مصارف لبنان (رئاسة الحكومة)

خاص الحكومة اللبنانية تنجز قريباً مشروع قانون «الفجوة» المالية

بلغ مشروع قانون استرداد الودائع مرحلة الصياغة القانونية النهائية بعد جولات طويلة من النقاشات داخل اللجنة الوزارية، التي يرأسها نوّاف سلام.

علي زين الدين (بيروت)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يحث بنوك اليورو على تعزيز سيولتها لمواجهة ضغوط الدولار

دعا البنك المركزي الأوروبي، يوم الأربعاء، المقرضين في منطقة اليورو الذين لديهم تعاملات كبيرة بالدولار، إلى تعزيز سيولتهم ورفع احتياطياتهم الرأسمالية.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شعار بنك يو بي إس السويسري في زيوريخ (رويترز)

«يو بي إس» يواجه خسائر محتملة في صناديق الائتمان بسبب إفلاس «فيرست براندز»

ذكرت صحيفة «هاندلسبلات» الألمانية، يوم الأربعاء، نقلاً عن مصادر، أن «يو بي إس» قد يضطر إلى خفض قيمة صناديق الائتمان التي تديرها وحدة صندوق التحوط «أوكونور».

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
TT

دراسة: شركات سويسرية تخطط لنقل عملياتها إلى الخارج لمواجهة الرسوم

علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)
علم سويسرا في ميناء جنيف (رويترز)

أظهرت دراسة أجرتها جمعية الأعمال «إيكونومي سويس»، أن الشركات السويسرية تخطط لنقل جزء من عملياتها وإنتاجها إلى الخارج لمواجهة تأثير الرسوم الجمركية الأميركية.

واستطلعت الدراسة آراء أكثر من 400 شركة قبل وبعد موافقة سويسرا الشهر الماضي، على اتفاق لخفض الرسوم الجمركية الأميركية من 39 في المائة إلى 15 في المائة، حيث حدد نحو ربع الشركات بالفعل خطوات ملموسة ستتخذها، وفق «رويترز».

وأشارت الدراسة إلى أن ما يقرب من ثلث هذه الشركات قررت زيادة استثماراتها خارج سويسرا، ونقل إنتاجها وعملياتها إلى الخارج. وأفاد نحو 16 في المائة من الشركات بأنها ستنقل عملياتها إلى دول خارج الاتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة، فيما ستتجه 10 في المائة إلى الولايات المتحدة، و5 في المائة أخرى نحو الاتحاد الأوروبي.

وشملت الخيارات الأخرى البحث عن أسواق جديدة، ورفع الأسعار، وحتى تعليق الصادرات إلى الولايات المتحدة.

وقال رودولف مينش، كبير الاقتصاديين في «إيكونومي سويس»، إن نقل العمليات والاستثمار في الخارج لم يضر بسويسرا، التي تظل وجهةً تجارية جاذبة، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وأنشطة البحث والتطوير.

وكجزء من الاتفاق، تعهدت برن أيضاً باستثمارات بقيمة 200 مليار دولار من شركاتها في الولايات المتحدة، ما أثار مخاوف بشأن التأثير الاقتصادي المحتمل على المدى الطويل.

وأشار بنك «يو بي إس» إلى أنه في حال نقل صناعة الأدوية - أكبر قطاع تصدير في سويسرا - جميع إنتاجها المتجه إلى الولايات المتحدة إلى هناك، فإن النمو الاقتصادي التراكمي السويسري على مدى 5 سنوات سينخفض من 10 في المائة إلى 7.7 في المائة.

وأضاف مينش أن سويسرا أصغر من أن تستوعب مبلغ 200 مليار دولار، لكنها تمتلك تاريخاً طويلاً في الاستثمار بالخارج، وقد ساعدت هذه الاستثمارات أيضاً في تأمين فرص عمل داخل البلاد.


حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
TT

حكومة اليابان تترقب مستقبل الفائدة وتحركات الين

زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)
زوار لجناح بأحد معارض الألعاب في بلدة تشيبا قرب العاصمة اليابانية طوكيو (إ.ب.أ)

أكّد وزراء في الحكومة اليابانية، يوم الجمعة، أن تحديد أدوات السياسة النقدية يظل من اختصاص بنك اليابان بالكامل، وذلك وسط توقعات متزايدة بأن يقدم البنك على رفع أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ديسمبر (كانون الأول) الجاري. وقال وزير إنعاش الاقتصاد مينورو كيووتشي إن الحكومة «تأمل أن يواصل بنك اليابان إدارة السياسة النقدية بالشكل المناسب لتحقيق استقرار التضخم عند 2 في المائة، بالتعاون الوثيق مع الحكومة»، مضيفاً أن قرار رفع الفائدة وآلياته أمر يعود للبنك المركزي وحده.

وفي مؤتمر منفصل، أعرب كبير أمناء مجلس الوزراء مينورو كيّهارا عن قلق طوكيو من التحركات السريعة من جانب واحد في سوق العملات، خصوصاً مع تراجع الين لمستويات قرب 155 للدولار. وقال كيّهارا: «نراقب السوق عن كثب، ومستعدون لاتخاذ الإجراءات المناسبة ضد التحركات المفرطة أو غير المنتظمة، بما في ذلك سلوكيات المضاربة». وتأتي تلك التصريحات في حين يقترب بنك اليابان من إنهاء مرحلة أسعار الفائدة شديدة الانخفاض بعد عقود من السياسات التيسيرية.

وفي تحليل نشرته «رويترز»، أفاد مسؤولون بأن رئيسة الوزراء ساناي تاكايتشي بدأت تنتهج خطاباً أكثر حذراً تجاه الأسواق بعد ارتفاع حاد في عوائد السندات اليابانية طويلة الأجل إلى أعلى مستوياتها منذ 2007. وخلال اجتماع مع فريقها الاقتصادي في 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عرضت وزيرة المالية ساتسوكي كاتاياما على تاكايتشي مخططاً يوضح تسارع عمليات بيع السندات وارتفاع تكلفة الاقتراض، وهو ما جعل تعبيرات رئيسة الوزراء «أكثر جدية»، وفق مصدر مطّلع. وتاكايتشي، التي تُعد من ورثة «أبينوميكس»، تواجه تحدياً كبيراً في تمويل خطتها التحفيزية البالغة 137 مليار دولار، والمعتمدة في جزء كبير منها على إصدار ديون جديدة. وتحاول رئيسة الوزراء تهدئة الأسواق، نافية أن تواجه اليابان سيناريو مشابهاً لـ«صدمة تراس» في بريطانيا عام 2022، التي شهدت انهيار السندات والإطاحة بالحكومة على خلفية تمويل خطط إنفاق غير ممولة.

وتكشف التحليلات أن تراجع مشتريات بنك اليابان وشركات التأمين المحلية يضع عبئاً كبيراً على سوق السندات؛ إذ تشير تقديرات بنك أوف أميركا إلى أن صافي المعروض سيرتفع بـ11 تريليون ين إضافية في 2026. وقال مدير محافظ في طوكيو: «خطة تاكايتشي تعتمد على نمو اقتصادي قوي... لكن إذا لم يتحقق هذا النمو، فلن يبقى إلا جبل الديون». كما بدأ بعض المستثمرين بالرهان على مزيد من انخفاض الين وارتفاع عوائد السندات، بسبب التوقعات برفع الفائدة قريباً.

من جانبه، قال محافظ بنك اليابان كازو أويدا إن هناك «عدم يقين» بشأن المستوى المناسب لرفع الفائدة مستقبلاً، لافتاً إلى أن المعدل الطبيعي (الحيادي) في اليابان يتراوح بين 1 في المائة و2.5 في المائة. ومن المتوقع أن يصبح مؤتمر أويدا الصحافي في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحدث الأكثر أهمية للأسواق، مع محاولة المستثمرين استشراف مسار التشديد النقدي في 2026.


الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
TT

الاقتصاد اليوناني يواصل تعافيه في الربع الثالث

إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)
إشعال الشعلة الأولمبية في معبد البارثينيون بجبل أكروبوليس في اليونان (أ.ف.ب)

يواصل الاقتصاد اليوناني مسار التعافي بثبات، بعدما سجل نمواً بنسبة 0.6 في المائة في الربع الثالث من 2025 مقارنة بالربع السابق، مدفوعاً بارتفاع الاستثمارات وتحسن الاستهلاك المحلي، وفقاً للبيانات الأولية الصادرة عن هيئة الإحصاء اليونانية يوم الجمعة.

وجرى تعديل نمو الربع الثاني بالخفض إلى 0.4 في المائة، إلا أن الربع الثالث أظهر ديناميكية أقوى في القطاعات الإنتاجية والاستهلاكية، في مؤشر على استمرار زخم النمو رغم الضغوط التي تواجه الاقتصاد الأوروبي عموماً.

وأظهرت البيانات المعدلة موسمياً ارتفاع الإنفاق الاستهلاكي النهائي بنسبة 0.6 في المائة، حيث ارتفع استهلاك الأسر بنسبة 1.2 في المائة، وزاد إنفاق القطاع الحكومي بنسبة 2.3 في المائة. ويعكس هذا الاتجاه تحسناً في ثقة المستهلكين، وتوسّعاً في الطلب المحلي، وهو عامل أساسي في اقتصاد يعتمد على الاستهلاك والسياحة.

وسجّل إجمالي تكوين رأس المال الثابت، وهو مؤشر رئيسي لقياس الاستثمار في الأصول طويلة الأجل، مثل المنشآت والبنية التحتية، ارتفاعاً لافتاً بلغ 3.5 في المائة، مقارنة بالربع السابق. ويأتي هذا التحسن في إطار سعي أثينا إلى جذب مزيد من الاستثمارات المدعومة بإصلاحات هيكلية وبرامج تمويل أوروبية ضمن خطة التعافي من آثار الجائحة.

كما سجّلت الصادرات، وخدمات السياحة التي تُعد ركيزة مهمة للدخل القومي، ارتفاعاً طفيفاً بنسبة 0.2 في المائة. وفي حين تراجعت الواردات إجمالاً بنسبة 1.6 في المائة، وكانت الواردات السلعية الأكثر تأثراً بتراجع بلغ 2.3 في المائة، فقد ارتفعت واردات الخدمات 1 في المائة. وساهم تراجع الواردات في تخفيف الضغط على الميزان التجاري خلال الربع الثالث.

وفي تطور لافت يعزز صورة التعافي الاقتصادي، انخفض معدل البطالة في اليونان خلال الربع الثالث إلى 8.2 في المائة، مقارنة بـ8.6 في المائة في الربع الثاني، وفق بيانات هيئة الإحصاء الصادرة يوم الخميس. وحسب الأرقام، فقد بلغت البطالة بين النساء 10.6 في المائة مقابل 6.2 في المائة للرجال. وكان ما يقرب من 59 في المائة من العاطلين عن العمل هم من العاطلين لفترات طويلة (12 شهراً فأكثر). ويمثل هذا المعدل الأدنى للبطالة منذ أكثر من عقد، في بلد كان قد سجّل معدلات بطالة تجاوزت 27 في المائة خلال الأزمة الاقتصادية التي ضربته قبل سنوات.

وتعتمد اليونان في نموها على مزيج من نشاط السياحة القوي وارتفاع الاستهلاك المحلي وتحسّن الاستثمارات المرتبطة بخطة التعافي الأوروبية، إضافة إلى إصلاحات مالية وهيكلية دعمت ثقة المستثمرين. ومع ذلك، لا تزال التحديات قائمة، بما في ذلك ارتفاع الأسعار، وتكاليف الاقتراض الأوروبية، واستمرار حساسية الاقتصاد تجاه أي تباطؤ في قطاع السياحة... لكن بيانات الربع الثالث تعطي انطباعاً بأن اليونان تسير بثبات نحو تعزيز نموها الاقتصادي بعد سنوات من التقشف والأزمات.