محافظ بنك الشعب الصيني يكشف من العلا عن 4 تحديات تواجه الأسواق الناشئة

قال إن استقرار اليوان أساسي للاستقرار المالي والاقتصادي العالمي

محافظ بنك الشعب الصيني بان جونغشنغ يتحدث خلال «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (الشرق الأوسط)
محافظ بنك الشعب الصيني بان جونغشنغ يتحدث خلال «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (الشرق الأوسط)
TT
20

محافظ بنك الشعب الصيني يكشف من العلا عن 4 تحديات تواجه الأسواق الناشئة

محافظ بنك الشعب الصيني بان جونغشنغ يتحدث خلال «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (الشرق الأوسط)
محافظ بنك الشعب الصيني بان جونغشنغ يتحدث خلال «مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة» (الشرق الأوسط)

أشار محافظ بنك الشعب الصيني، بان جونغشنغ، إلى أن الأسواق الناشئة قد عززت قدرتها على الصمود في السنوات الأخيرة، كاشفاً عن 4 تحديات رئيسية تواجه هذه الأسواق وطرق الاستجابة معها. وقال في «مؤتمر العلا للأسواق الناشئة»، الأحد، إنه خلال العامين الماضيين، ورغم التقلبات في أسعار الفائدة، فإن التأثير على الأسواق الناشئة والنمو والأسواق المالية كان أقل وضوحاً، مقارنة بالأزمة المالية العالمية في 2008.

وأرجع ذلك إلى التحسينات في أطر السياسات النقدية، وإدارة الاحتياطات من النقد الأجنبي، وهياكل الديون في كثير من الأسواق الناشئة، مما عزز قدرتها الاقتصادية على الصمود. وفي عام 2016، كانت الأسواق الناشئة قد ساهمت بنحو ثلثي النمو العالمي، وفقاً لجونغشنغ.

وأكد أن استقرار اليوان يُعد عنصراً أساسياً لضمان الاستقرار المالي والاقتصادي العالمي؛ مشيراً إلى أن الصين ستواصل السماح للسوق بلعب دور محوري في تحديد سعر الصرف. وأضاف أنه في الوقت الذي شهد فيه كثير من العملات تراجعاً أمام الدولار، حافظ اليوان على استقراره. وقال: «في الآونة الأخيرة، أدت عدة عوامل إلى ارتفاع مؤشر الدولار، مما أسفر عن انخفاض قيمة كثير من العملات غير الدولارية. ومع ذلك، ظل اليوان مستقراً إلى حد بعيد رغم التقلبات الكبيرة التي شهدتها السوق».

التحديات واستجابات السياسات للأسواق الناشئة

من وجهة نظر محافظ بنك الشعب الصيني، تواجه الأسواق الناشئة 4 تحديات رئيسية:

1- التوترات الجيوسياسية والتجزئة الاقتصادية

في السنوات الأخيرة، برزت الصراعات الجيوسياسية وسياسات الحماية التجارية، مما قد يؤدي إلى اضطراب سلاسل القيمة العالمية وإعاقة التدفق الحر للعملات، والتكنولوجيا، ورأس المال، والأفراد. وقد أسفر ذلك عن انخفاض النمو العالمي والمكاسب الإنتاجية.

2- تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي على المدى المتوسط

تتسم الأوضاع الحالية بعدم اليقين في السياسات الاقتصادية في بعض الدول. وفي حال تصاعدت سياسات الحماية التجارية، سيتسبب ذلك في تقلبات متزايدة في التجارة، مما يضر بالاستثمار والتبادل التجاري، ويرفع من توقعات التضخم، ويقوِّض النمو على المدى المتوسط. ووفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، فإن الاقتصاد العالمي سينمو بنسبة 3 في المائة فقط على المدى المتوسط، وهو أدنى مستوى منذ عام 2000.

3- تقلب الأسواق المالية وضغوط تدفق رأس المال

لا يزال مسار أسعار الفائدة في الاقتصادات المتقدمة الكبرى غير مؤكد إلى حد بعيد، وأصبحت الأسواق أكثر حساسية للبيانات الاقتصادية غير المتوقعة. وإذا اختلفت المسارات الفعلية لخفض أسعار الفائدة بشكل كبير عن توقعات السوق، فقد يؤدي ذلك إلى زيادة تقلب أسعار الأصول في الأسواق الناشئة. وفي الوقت نفسه، لا تزال آفاق المعلومات العالمية غير واضحة.

4- ارتفاع الدَّين العام وتأثيره على الاستقرار المالي

يشير صندوق النقد الدولي إلى أن مخاطر الدين العام العالمي قد ارتفعت بشكل كبير بسبب العوامل السياسية وغيرها. ولا تقتصر مخاطر الديون على الدول النامية فحسب؛ بل إن مستوى الدين العام في بعض الاقتصادات المتقدمة يحظى أيضاً باهتمام وثيق. وقد وجدت تقارير حديثة أن الدين في الاقتصادات المتقدمة الكبرى يمثل أكبر تحدٍّ للاستقرار الاقتصادي والمالي الكلي.

وإذا ازدادت مخاوف المستثمرين بشأن الآفاق المالية، فقد يؤدي ذلك إلى تقلبات في سوق السندات الحكومية، مما قد ينتشر بسرعة إلى الأصول الأخرى. وهذا بدوره يزيد من مخاطر السيولة والملاءة المالية، مما قد يهدد الاستقرار المالي.

الاستجابة لهذه التحديات

لخص محافظ بنك الشعب الصيني طرق الاستجابة للتحديات السابقة، في تعزيز قدرة الأسواق الناشئة على الصمود، وزيادة التعاون العالمي في مواجهة التحديات الاقتصادية، وإصلاح الحوكمة المالية العالمية.

أولاً- تعزيز قدرة الأسواق الناشئة على الصمود

عبر تحسين أطر السياسات النقدية وزيادة الشفافية، وتحسين توجيه توقعات السوق.

يشمل ذلك تعزيز مرونة سعر الصرف، ليعمل بوصفه آلية استقرار تلقائي لموازنة المدفوعات وتعزيز القدرة على التكيف مع الصدمات الخارجية، إلى جانب تعزيز إدارة الديون العامة لضمان استدامتها، مع إعادة بناء الحيز المالي لترك مجال أكبر لمواجهة الأزمات المحتملة. بالإضافة إلى تطوير أسواق السندات المحلية وتعزيز التعاون في الاستثمار والتمويل بالعملات المحلية، للحد من تأثير تدفقات رأس المال على النظام المالي المحلي.

ثانياً- تعزيز التعاون العالمي في مواجهة التحديات الاقتصادية

ينبغي على الأسواق الناشئة التمسك بالتعددية والسعي نحو التعاون المربح للجميع؛ خصوصاً مع ازدياد الحمائية وعدم اليقين السياسي في الاقتصادات المتقدمة. ومن الضروري تعزيز التضامن والتعاون بين دول الجنوب على نطاق أوسع وأعمق، لتنسيق السياسات الاقتصادية الكلية لدعم النمو العالمي والحفاظ على الاستقرار المالي.

ثالثاً: إصلاح الحوكمة المالية العالمية

حقق صندوق النقد الدولي تقدماً في الإصلاحات الرقابية والحوكمة، ولكن لا يزال هناك كثير من العمل المطلوب لتعزيز الحوكمة المالية العالمية.

• تعزيز دعم الدول النامية، عبر تحسين فعالية الآليات الثنائية ومتعددة الأطراف في صندوق النقد الدولي، ومعالجة الاختلالات في التجارة والاستثمار، وتعزيز الحوكمة العادلة والمنصفة.

• إصلاح حوكمة الصندوق، بحيث تعكس بشكل أفضل الوزن الحقيقي للأسواق الناشئة في الاقتصاد العالمي. فالحصص الحالية لا تعكس الوضع الفعلي للأسواق الناشئة، وينبغي تحديد جدول زمني ملزم لإعادة تخصيص الحصص بحلول يونيو (حزيران) 2025.

سياسة الصين المالية 2025

وقال المحافظ إن الاقتصاد الصيني حقق نمواً بنسبة 5 في المائة خلال عام 2024، مما يعكس نجاح السياسات المتبعة في مواجهة التحديات الاقتصادية. وذلك رغم تصاعد الحمائية التجارية والتوترات الجيوسياسية وتباطؤ الاستهلاك المحلي.

وأضاف: «لا تزال الصين واثقة في متانة اقتصادها، مستندة إلى اقتصاد ديناميكي قائم على الابتكار، وسوق ضخمة تدعم الاستهلاك المحلي، وبنية تحتية متطورة تعزز التنمية المستدامة».

وفي إطار سياساتها لعام 2025، ذكر أن الصين تعتزم اعتماد سياسات مالية تحفيزية ونقدية مرنة لدعم النمو، مع التركيز على تعزيز الإصلاحات الاقتصادية والانفتاح، والانتقال إلى اقتصاد يقوده الاستهلاك بدلاً من الاستثمار.

وتسعى الصين لتشجيع الابتكار، وزيادة الإنتاجية لتحقيق نمو عالي الجودة، يعتمد على التكنولوجيا والتحديث، إلى جانب تحسين ميزان المدفوعات الخارجي، والحفاظ على استقرار سعر الصرف لدعم الاستقرار المالي العالمي.


مقالات ذات صلة

الشركات الأجنبية في الصين تواجه ضربة مزدوجة بسبب الحرب التجارية

الاقتصاد أشخاص يمرون أمام متجر «أبل» في شنغهاي (أرشيفية - رويترز)

الشركات الأجنبية في الصين تواجه ضربة مزدوجة بسبب الحرب التجارية

تمثل الشركات الأجنبية والمشاريع المشتركة نحو ثلث إجمالي تجارة الصين، وفقاً لبيانات رسمية توضح مدى تأثر الشركات الدولية في الصين بالحرب التجارية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ترمب يحمل أمراً تنفيذياً موقعاً بشأن الرسوم الجمركية في حديقة البيت الأبيض (رويترز)

بكين تنفي محادثات تجارية مع واشنطن رغم مزاعم ترمب

قالت الصين، السبت، إنها لم تُجرِ أي محادثات مع الولايات المتحدة بشأن القضايا التجارية، على الرغم من ادعاء الرئيس ترمب تلقيه اتصالاً هاتفياً من الرئيس الصيني.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد الرئيس الصيني يصفق خلال حفل توقيع مع نظيره الأذربيجاني إلهام علييف في قاعة الشعب الكبرى (أ.ب)

رئيس الصين: الرسوم الجمركية والحروب التجارية تضر النظام الاقتصادي العالمي

قال الرئيس الصيني شي جينبينغ، يوم الأربعاء، إن الرسوم الجمركية والحروب التجارية تُقوض الحقوق والمصالح المشروعة لجميع الدول وتضر النظام التجاري متعدد الأطراف.

«الشرق الأوسط» (بكين)
الاقتصاد السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض كارولاين ليفيت خلال مؤتمر صحافي في البيت الأبيض (أ.ب)

البيت الأبيض: الأمور تسير جيداً لصفقة تجارية محتملة مع الصين

قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت، اليوم الثلاثاء، إن مناقشات الولايات المتحدة مع الصين بشأن اتفاق تجاري محتمل تمضي بشكل جيد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص صورة مركبة لترمب وباول (أ.ف.ب)

خاص هل يتجاوز ترمب الخط الأحمر ويهدد استقرار الأسواق؟

تصاعدت حالة عدم اليقين بشأن مستقبل النظام المالي والتجاري في الأيام الأخيرة، مع احتمال أن يُقوّض الرئيس الأميركي دونالد ترمب استقلالية الاحتياطي الفيدرالي.

إيلي يوسف (واشنطن)

وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل

وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: سنعيد أموال المودعين على 3 مراحل
0 seconds of 1 minute, 9 secondsVolume 90%
Press shift question mark to access a list of keyboard shortcuts
00:00
01:09
01:09
 
TT
20

وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل

وزير المال اللبناني لـ«الشرق الأوسط»: استعادة أموال المودعين على 3 مراحل

أكد رئيس الوفد اللبناني إلى اجتماعات الربيع لصندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن، وزير المال ياسين جابر، في حوار مع «الشرق الأوسط»، أن إعادة أموال المودعين في المصارف ستتم على 3 مراحل متتالية. وإذ أقر بالضغوط الأميركية لإغلاق جمعية «القرض الحسن» التابعة لـ«حزب الله»، شدد على تحقيق سياسة دفاعية تؤدي إلى نزع أسلحة الميليشيات. وتحدث عن عودة لبنان «الطبيعية» إلى «الحضن العربي»، واصفاً العلاقات مع الدول العربية بأنها «ممتازة»، لا سيما مع المملكة العربية السعودية.

ووصف جابر لقاءاته على هامش اجتماعات صندوق النقد والبنك الدوليين في واشنطن بأنها «كانت جيدة إجمالاً»، لافتاً إلى أهمية هذه الزيارة من أجل «ردم الهوة التي بُنيت عبر سنوات. هوة الثقة بيننا وبين المجتمع الدولي، وبيننا وبين إخواننا العرب أيضاً».

وإذ عرض لاجتماعات عقدها اجتماعاً مع ممثلي صندوق النقد الدولي لتقديم «إصلاحات ضرورية» أقرتها الحكومة اللبنانية، قال إن «هذه في الحقيقة إصلاحات لا نقوم بها كرمى أحد ما، لا نقوم بها كرمى لصندوق النقد الدولي، بل هي إصلاحات كرمى لبلدنا، كرمى لنا، وكرمى لشعبنا».

وتساءل جابر: «إذا أردنا أن نصلح قطاع الكهرباء فليدفع اللبناني فاتورة أقل، ويحصل على خدمة 24 ساعة، بدل إضاءة المولد وإطفائه ودفع اشتراك لمولّد الحي، فمَن أخدم بذلك؟ صندوق النقد الدولي؟ أم أخدم شعبي؟ عملياً، أعتقد أننا قطعنا مرحلة في ردم هذه الهوة». ووصف جابر تصويت مجلس النواب أخيراً على قانون التعديلات في السريّة المصرفية بغالبية 87 صوتاً بأنه «تصويت ثقة على الإصلاحات التي تقوم بها الحكومة اللبنانية»، التي أعدَّت مشروع قانون آخر حول إعادة تنظيم القطاع المصرفي، وأحيل إلى لجنة المال التي «ستقوم بدراسته بشكل سريع وسيذهب إلى الهيئة العامة» لمجلس النواب.

إعادة أموال المودعين

واعتبر جابر أن «لبنان اليوم أولوياته غير عمودية. لبنان أولوياته أفقية. كل شيء أولوية عندنا: اتفاق مع صندوق النقد. اتفاقات مع البنك الدولي. معالجة موضوع الديون الخارجية التي حصل تخلف عن تسديدها. موضوع إصلاح المصارف. موضوع المودعين وإعطائهم حقوقهم وأموالهم» وغير ذلك.

وكشف جابر أن الحاكم الجديد لمصرف لبنان، كريم سعيد، يُعِدّ «دراسة لكيفية إعادة هيكلة المصارف وكيفية العمل على إعادة أموال المودعين»، مشدداً على أن «أي قطاع مصرفي في العالم لا يستطيع إعادة كل الأموال لكل المودعين في نفس الوقت. ستكون هناك مراحل: المرحلة الأولى لمتوسطي الدخل، لمن لديهم 100 ألف دولار ونزولاً. هؤلاء ستكون لهم الأولوية لأنهم يشكلون 84 في المائة من مجموع المودعين».

ومن ثم المرحلة الثانية التي ستأتي «بسرعة لمبالغ أعلى، ممكن تصل إلى حد 500 ألف دولار، أو إلى حد المليون، ومن ثم أعلى. الخطة ستصدر متكاملة مع بعضها، ولكن التسديد سيكون على مراحل». وقال: «نحن بحاجة كبيرة إلى قطاع مصرفي فاعل. ولكنه سيكون قطاعاً مصرفياً لديه الرسملة الكافية، ولديه الالتزام بكل المعايير الدولية»، موضحاً أنه إذا لم يتحقق ذلك «يمكن أي مصرف الاندماج مع مصرف آخر، يمكن أن تندمج 3 مصارف مع بعضها البعض لتحقيق الغاية».

ونبَّه إلى أنه «بسبب الاقتصاد النقدي، وُضعنا على اللائحة الرمادية. وللخروج من اللائحة الرمادية يجب أن تعود الأموال إلى المصارف، ونعود إلى حياة مصرفية عادية».

وعن طلب الأميركيين إغلاق جمعية «القرض الحسن»، قال: «هذا موضوع يهتم به حاكم مصرف لبنان وليس لدينا. طبعاً سنرى ماذا سيحصل».

لا تسييل للذهب

وتحدث جابر عن مخزونات لبنان من الذهب، فقال إن «هذا المخزون يعطي ثقة أن لدى مصرف لبنان موجودات، وأنه قادر على أن يكون موضع ثقة للمستقبل عندما يقوم بدوره الصحيح»، مضيفاً أنه «حصل للأسف الشديد بعض السياسات الخاطئة في السنوات الماضية من خلال الحاكم السابق (رياض سلامة)، سيتم تفاديها الآن». وأكد أن «تسييل الذهب غير وارد الآن. لماذا؟ لأنه أولاً قرار تسييل الذهب لا هو بيد حاكم مصرف لبنان، ولا هو بيد وزير المال، ولا هو بيد الحكومة حتى. هذا يحتاج إلى الذهاب لمجلس النواب لاتخاذ قرار هناك. هذا الأمر ليس موضع بحث».

«حزب الله» وسلاحه

ورداً على سؤال عما تعتبره الإدارة الأميركية «الفيل في الغرفة» اللبنانية، وهو «حزب الله» وسلاحه، أجاب جابر بأن «الجيش اللبناني ينتشر ويقوم بدوره في الجنوب وينفذ الاتفاق أو قرار الأمم المتحدة (1701) بدقة»، مشيراً إلى أنه «إذا أردنا للجيش أن ينتشر ويمسك البلد، فنحن نتمنى الجيش. ولكن ألا نريد أن نعطيه إمكانيات؟ ألا نريد أن نقوم بشكل منظم؟».

وذكر بأن «رئيس الجمهورية متسلّم هذا الملف، ويتعامل معه بحكمة، وهو أمضى ثماني سنوات قائداً للجيش، ويعرف الأرض ويعرف الظروف ويعرف الإمكانيات. أحياناً يحصل ضغط، ونحن لا نزال الآن أخذ قرار مجلس الوزراء بتطويع 4500 جندي جدد. وحتى اليوم لم يقدر على إتمام العشرة آلاف جندي المطلوبين للذهاب (إلى الجنوب)؛ فهذه الأمور تأخذ وقتاً، وأعتقد أن الأطراف كلها، بما فيها الحزب (حزب الله) يقولون: (نحن نحترم الجيش ونريد التعاون معه)، وكذا». وكذلك قال إن «رئيس الجمهورية يقول إنه سيُتِمّ العمل على تحقيق سياسة دفاعية، وسيدعو إلى اجتماعات، ولكن لنعطِه وقتاً».

العلاقات مع السعودية

وتكلم جابر عن فتح العلاقة مع السعودية وبقية الدول العربية، فقال إنه «من الطبيعي أن نكون في الحضن العربي» لأن «لبنان ينتمي الى هذا العالم العربي. واللبنانيون اليوم منتشرون بمئات الآلاف في الدول العربية»، بما فيها المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت وقطر والعراق، واصفاً العلاقات مع هذه الدول بأنها «ممتازة للغاية». وأضاف: «يدنا ممدودة وسنسعى بكل جهدنا لتكون لدينا أفضل العلاقات مع أخواننا العرب».

وكذلك وصف الدول العربية بأنها «الأخ الأكبر. لديها حرص على لبنان»، الذي هو «دولة صغيرة وللأسف الشديد لا تستعمل كل القدرات التي عندها. أنا في رأيي أن أخواننا العرب في حديثهم وفي حديثنا معهم ضنينون على لبنان ويريدون للبنان أن يكون أفضل. هم يحبون العودة الى لبنان».

واعتبر أن «الذي مررنا به لا دولة يمكنها تحمله»، لأنه حصل في لبنان انهيار مالي عام 2019، وانفجار نصف نووي في 2020، وكوفيد جلسنا ككل العالم متعطلين، وبعدها فراغ رئاسي، وحكومة تصريف أعمال لا تستطيع اتخاذ قرار، وبرلمان معطل لأن قسماً يقول إنه إذا لم يكن هناك رئيس لا مجلس نواب يشتغل، ومن ثم حرب 13 شهراً. من يقدر على تحمل كل هذه مع بعضها، غير ما تحملناه قبلاً».

وتمنى على العرب «ألا ينسوا أننا احتضنا مليونين من السوريين»، موضحاً أنه يقول للأميركيين: «يا ترى إذا استقبلت الولايات المتحدة 120 مليون مكسيكي لسنتين، ماذا يحصل فيها؟ فلبنان احتمل كثيراً. ولبنان (...) يقوم بجهد كبير حتى يقوم بإصلاحات بنيوية وحقيقية بكل قطاعاته وأن أخواننا العرب والعالم يقفوا بجانبه».