ركود اقتصاد منطقة اليورو خلال الربع الأخير يعمّق المخاوف بشأن تعافي النمو

الانكماش المستمر في ألمانيا أثر على الأداء العام للكتلة

أفق منطقة المصارف خلال غروب الشمس في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
أفق منطقة المصارف خلال غروب الشمس في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
TT
20

ركود اقتصاد منطقة اليورو خلال الربع الأخير يعمّق المخاوف بشأن تعافي النمو

أفق منطقة المصارف خلال غروب الشمس في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)
أفق منطقة المصارف خلال غروب الشمس في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

ظل اقتصاد منطقة اليورو راكداً في الربع الأخير، فقد فضل المستهلكون توخي الحذر وتجميد الإنفاق؛ مما يعزز المخاوف من تأخر التعافي المتوقع منذ فترة طويلة، وفق ما أظهرت بيانات «مكتب الإحصاءات الأوروبي (يوروستات)» يوم الخميس.

وبقي الناتج المحلي الإجمالي للدول العشرين التي تشترك في العملة الموحدة ثابتاً مقارنة بالربع السابق؛ مما يمثل خيبة أمل مقارنة بالتوقعات التي كانت تشير إلى نمو بنسبة 0.1 في المائة ضمن استطلاع أجرته «رويترز». وقد أثر الانكماش المستمر في ألمانيا لمدة عامين متتاليين على الأداء العام للكتلة الاقتصادية.

وجاء النمو في منطقة اليورو ضعيفاً على مدار العامين الماضيين، فالصناعة تعاني من ركود عميق بسبب ارتفاع تكاليف الطاقة، في وقت تعاني فيه الحكومات من محدودية الأموال المخصصة للإنفاق، بينما تزيد الأسر من معدلات الادخار؛ مما أثر سلباً على الاستهلاك.

ولم يطرأ تحسن على هذا الاتجاه السلبي في الأشهر الأخيرة؛ بسبب المخاوف من ضعف سوق العمل، إضافة إلى تأثيرات الحرب التجارية مع الولايات المتحدة؛ مما يهدد بسحب الاقتصاد الضعيف بالفعل إلى الأسفل.

ويرجع هذا الانكماش العام إلى المشاعر السلبية في الأسواق، وهو ما كان الدافع وراء تأكيد «البنك المركزي الأوروبي» خفض أسعار الفائدة في اجتماعه الرابع على التوالي يوم الخميس، مع الإشارة إلى إمكانية اتخاذ مزيد من تدابير التيسير النقدي.

ومع ذلك، قد يكون جزء من الفشل في النمو ربع السنوي ناتجاً عن أداء آيرلندا، التي سجلت انخفاضاً بنسبة 1.3 في المائة. ويُعزى هذا إلى الوجود الكثيف للشركات متعددة الجنسيات في البلاد؛ بما فيها شركات التكنولوجيا والأدوية الكبرى، مما يُشوّه أرقام نموها ويسبب تقلبات.

وبالنسبة إلى النمو السنوي في الربع الرابع، فقد سجلت منطقة اليورو زيادة بنسبة 0.9 في المائة، وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى واحد في المائة.

وبشأن أكبر اقتصادات منطقة اليورو، فقد انكمش الاقتصادان الألماني والفرنسي، بينما ظل الاقتصاد الإيطالي راكداً، في حين حققت إسبانيا نمواً بلغ 0.8 في المائة.

وفي سياق يشير إلى التحديات التي تواجهها سوق العمل في المنطقة، فقد ارتفعت البطالة إلى 6.3 في المائة خلال ديسمبر (كانون الأول) الماضي من 6.2 في المائة خلال الشهر السابق عليه، وفقاً لأرقام «يوروستات».

ومن المتوقع أن يتسارع النمو في المنطقة بدءاً من عام 2025، حيث يُتوقع أن يرتفع إلى ما يُعرف بـ«النمو المحتمل» عام 2026، وهو المعدل المستقر دون تحفيز اقتصادي أو توليد تضخم زائد. إلا إن هذا المعدل لا يتجاوز 1.4 في المائة، وهو أقل بكثير من تقديرات النمو بالولايات المتحدة التي تتراوح بين 1.8 و1.9 في المائة؛ مما يشير إلى أن منطقة اليورو ستظل متخلفة عن أكبر اقتصاد في العالم لسنوات مقبلة.

ومن الأسباب الرئيسية لهذا الوضع، النمو الضعيف في الإنتاجية بمنطقة اليورو، بالإضافة إلى العيوب الهيكلية، مثل التنظيمات المرهقة والخلافات السياسية، فضلاً عن الأسواق المجزأة، التي ستواصل عرقلة أي تحسن اقتصادي.

ومع ذلك، يظل التعافي البطيء نحو النمو المستدام محل شك، خصوصاً بعد أن كانت الأرقام المخيبة للآمال خلال العام الماضي تشير إلى أن صناع السياسات بالغوا في تقدير مرونة المستهلك، الذي أعاد بناء مدخراته بعد التضخم السريع، لكنه أصبح الآن أكثر قلقاً بشأن فقدان الوظائف، مما يعني أن الإنفاق الاستهلاكي قد لا يتعافى قريباً.


مقالات ذات صلة

وزير السياحة السعودي: 3.2 مليون سائح زاروا الأحساء شرق المملكة في 2024

الاقتصاد وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب خلال كلمته في «منتدى الاحساء 2025» (واس)

وزير السياحة السعودي: 3.2 مليون سائح زاروا الأحساء شرق المملكة في 2024

كشف وزير السياحة السعودي أحمد الخطيب عن نمو قياسي للقطاع في الأحساء شرق المملكة، حيث تجاوز إجمالي عدد السياح المحليين والوافدين في المحافظة 3.2 مليون سائح.

«الشرق الأوسط» (الأحساء)
الاقتصاد صورة جوية تُظهر مبنى البنك المركزي خلال غروب الشمس في برازيليا (رويترز)

اقتصاد البرازيل ينمو 3.8 % في 2024 رغم التباطؤ بالربع الأخير

نما الاقتصاد البرازيلي بنسبة 3.8 % في عام 2024، ممّا يعكس استمرار نمو أقوى من المتوقع، رغم فقدان الزخم في الأشهر الأخيرة نتيجة للتشدّد النقدي.

«الشرق الأوسط» (برازيليا )
الاقتصاد عرض جوي للحاويات في ميناء هامبورغ (رويترز)

«المركزي الألماني» يحذر: الرسوم الجمركية الأميركية تهدد النمو في البلاد

قال رئيس البنك المركزي الألماني يواكيم ناغل، يوم الاثنين، إن ألمانيا معرَّضة بشكل خاص للرسوم الجمركية الأميركية التي قد تحدّ من النمو لسنوات مقبلة.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت)
الاقتصاد يمشي الناس على شارع رئيسي في كرويدون جنوب لندن (رويترز)

نمو طفيف للاقتصاد البريطاني بنسبة 0.1 % في الربع الأخير

شهد اقتصاد المملكة المتحدة نمواً طفيفاً بنسبة 0.1 في المائة في الربع الأخير من العام الماضي، مما وفّر بعض الراحة النادرة في ظل الصورة الاقتصادية المتشائمة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد راشيل ريفز تتحدث مع الموظفين خلال زيارتها لمنشآت «بريميير مودولار» في دريفيلد يناير 2025 (رويترز)

اقتصاديون يحذرون... بريطانيا قد تضطر لرفع ضريبة الدخل لتغطية الصدمات المستقبلية

حذَّر اقتصاديون من أن الحكومة البريطانية قد تضطر إلى رفع ضريبة الدخل لتغطية تكلفة أي صدمات مستقبلية بعد أن قضت على هامش الاقتراض البالغ 9.9 مليار جنيه إسترليني.

«الشرق الأوسط» (لندن)

محضر «الفيدرالي»: قلق إزاء ارتفاع التضخم من جراء سياسات ترمب... ودعم وقف خفض الفائدة

متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك أسعار الأسهم والسندات (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك أسعار الأسهم والسندات (رويترز)
TT
20

محضر «الفيدرالي»: قلق إزاء ارتفاع التضخم من جراء سياسات ترمب... ودعم وقف خفض الفائدة

متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك أسعار الأسهم والسندات (رويترز)
متداول في بورصة نيويورك يراقب تحرك أسعار الأسهم والسندات (رويترز)

أشار مسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي في اجتماع عقد الشهر الماضي إلى مخاطر متزايدة من احتمال تفاقم التضخم، وهو السبب الرئيسي وراء إبقاء أسعار الفائدة دون تغيير.

ووفقاً لمحضر اجتماع 28 - 29 يناير (كانون الثاني) الذي صدر يوم الأربعاء، قال مسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي إن التعريفات الجمركية التي اقترحها الرئيس دونالد ترمب والترحيل الجماعي للمهاجرين، فضلاً عن الإنفاق الاستهلاكي القوي، كانت عوامل قد تدفع التضخم إلى الارتفاع هذا العام.

وأشار مسؤولون في بنك الاحتياطي الفيدرالي، وعددهم 19، والذين يشاركون في قرارات أسعار الفائدة، إلى أنهم «يريدون رؤية المزيد من التقدم بشأن التضخم قبل إجراء أي تخفيضات أخرى. وأبقوا على سعر الفائدة الرئيسي لبنك الاحتياطي الفيدرالي عند 4.3 في المائة بعد خفضه من أعلى مستوى له في عقدين من الزمان عند 5.3 في المائة في أواخر العام الماضي». ويجعل توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي من غير المرجح أن تنخفض تكاليف الاقتراض للمستهلكين بما في ذلك الرهن العقاري وقروض السيارات وبطاقات الائتمان في أي وقت قريب.

في الأسبوع الماضي فقط، أصدرت الحكومة بيانات تشير إلى أن التضخم كان في الواقع يزداد سوءاً، مما دفع العديد من خبراء الاقتصاد إلى توقع خفض واحد فقط - إن وجد - لأسعار الفائدة هذا العام. وقالت وزارة العمل إن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 3 في المائة في يناير مقارنة بالعام الماضي، ارتفاعاً من أدنى مستوى لها في ثلاث سنوات ونصف عند 2.4 في المائة في سبتمبر (أيلول) الماضي. ومع ذلك، يتبع بنك الاحتياطي الفيدرالي من كثب مقياساً منفصلاً للتضخم يظهر أن التضخم أقرب إلى 2.5 في المائة.

كما استشهد المحضر بـ«درجة عالية من عدم اليقين» المحيطة بالاقتصاد، مما جعل من المناسب لبنك الاحتياطي الفيدرالي «اتباع نهج حذر» في النظر في أي تغييرات أخرى على سعر الفائدة الرئيسي.

وذكر أن جميع صناع السياسات في بنك الاحتياطي الفيدرالي أيدوا إبقاء سعر الفائدة الرئيسي دون تغيير الشهر الماضي. يأتي الإجماع بعد علامات على خلاف متزايد في الأشهر الأخيرة بين المسؤولين الذين أيدوا المزيد من تخفيضات الأسعار وأولئك الأكثر قلقاً بشأن التضخم العنيد.

عرض أرقام سوق الأوراق المالية في بورصة نيويورك (رويترز)
عرض أرقام سوق الأوراق المالية في بورصة نيويورك (رويترز)

القضية الرئيسية، وخصوصاً في وول ستريت، هي المدة التي سيستمر فيها توقف بنك الاحتياطي الفيدرالي عن خفض أسعار الفائدة. ويتوقع مستثمرو «وول ستريت» ألا يخفض البنك المركزي أسعار الفائدة مرة أخرى حتى يوليو (تموز)، وفقاً لأسعار العقود الآجلة. كما لا يتوقعون خفضاً ثانياً حتى عام 2026.

وقال العديد من مسؤولي بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إنهم يريدون معرفة كيف تؤثر التعريفات الجمركية التي اقترحها ترمب وحملة الهجرة الصارمة على الاقتصاد. ويتوقع معظم خبراء الاقتصاد أن التعريفات الجمركية ستدفع التضخم إلى الارتفاع، على الرغم من أن البعض يزعم أيضاً أن وعود ترمب بخفض التنظيم قد تخفض أسعار المستهلك بمرور الوقت.

وقال محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي، كريستوفر والر، في خطاب ألقاه في أستراليا، يوم الاثنين، إنه لا يزال يتوقع انخفاض الأسعار هذا العام، لكنه يدعم التوقف المؤقت في الوقت الحالي.

ولفت والر إلى أنه إذا تبين أن ارتفاع التضخم الشهر الماضي كان مجرد خلل مؤقت، كما حدث في يناير 2024، فإن «خفض الأسعار سيكون مناسباً في وقت ما من هذا العام».

وقال أيضاً إنه لا يعتقد أن التعريفات الجمركية الجديدة سترفع التضخم بشكل كبير، وأضاف أن أي زيادة في الأسعار من المرجح أن تكون مؤقتة. ونتيجة لذلك، قال إن بنك الاحتياطي الفيدرالي لا ينبغي له بالضرورة أن يغير سياساته بسبب التعريفات الجمركية.

وقال في إشارة إلى إعلانات ترمب بشأن التعريفات الجمركية: «لم أغير وجهة نظري بناءً على ما تم تنفيذه حتى الآن».

ردة فعل الأسواق

وتذبذبت الأسهم الأميركية بين مكاسب وخسائر طفيفة بعد صدور محضر الاحتياطي الفيدرالي. وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» في طريقه إلى تسجيل أعلى إغلاق قياسي على التوالي للمرة الثانية، في حين كان مؤشر «ناسداك» ثابتاً بشكل أساسي. وتحرك مؤشر «داو جونز» الصناعي بشكل متواضع إلى الأسفل.