الدولار يحافظ على مكاسبه مع تقليص رهانات خفض الفائدة الأميركية

تركيز السوق يتحول إلى سياسة ترمب التجارية مع اقتراب تنصيبه

أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
TT
20

الدولار يحافظ على مكاسبه مع تقليص رهانات خفض الفائدة الأميركية

أوراق الدولار الأميركي (رويترز)
أوراق الدولار الأميركي (رويترز)

استقر الدولار قرب أعلى مستوى في أكثر من عامين يوم الثلاثاء، مع تقليص المتعاملين رهاناتهم على خفض أسعار الفائدة الأميركية في 2025 بعد بيانات اقتصادية قوية، في حين أبقت مخاوف المستثمرين بشأن الصحة المالية لبريطانيا الجنيه الإسترليني في دائرة الضوء.

ومع عودة الرئيس المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض الأسبوع المقبل، تركزت الأنظار على سياساته التي يتوقع المحللون أن تعزز النمو، لكنها قد تضيف إلى ضغوط الأسعار. وقد أسهم تهديد فرض الرسوم الجمركية إلى جانب النهج المدروس الذي أعلنه بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة هذا العام في رفع عائدات الخزانة والدولار، مما وضع اليورو والجنيه الإسترليني والين واليوان تحت الضغط، وفق «رويترز».

ومع ذلك، عاد تركيز السوق يوم الثلاثاء إلى إمكانية رفع الرسوم الجمركية الأميركية تدريجياً، بعد تقرير إعلامي يشير إلى أن الولايات المتحدة قد تتبع نهجاً مدروساً.

وقال بول ماكيل، رئيس أبحاث النقد الأجنبي العالمية في بنك «إتش إس بي سي»: «ستكون جلسة ترشيح سكوت بيسنت لمنصب وزير الخزانة الأميركي يوم الخميس مثيرة للاهتمام، خاصة إذا أدلى بأي تعليقات حول الدولار والعملات الأخرى، والتعريفات الجمركية المحتملة، و(بنك الاحتياطي الفيدرالي الظلي)، والتوقعات المالية الأميركية وما إلى ذلك».

ومن المتوقع أن يبقي بيسنت على العجز الأميركي مفتوحاً وأن يستخدم الرسوم الجمركية أداة تفاوضية لتخفيف التأثير التضخمي المتوقع للسياسة الاقتصادية الأميركية.

وارتفع اليورو بنسبة 0.2 في المائة ليصل إلى 1.0263 دولار، بعد أن لامس 1.0177 دولار يوم الاثنين، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022. وانخفضت العملة الموحدة بأكثر من 6 في المائة في عام 2024 مع قلق المستثمرين بشأن تهديدات التعريفات الجمركية والتباعد في السياسة النقدية بين «بنك الاحتياطي الفيدرالي» و«المركزي الأوروبي».

وقال جورج سارافيلوس، رئيس استراتيجية النقد الأجنبي العالمية في «دويتشه بنك»: «نتوقع أن يتراوح سعر اليورو/ الدولار هذا العام بين 0.95 و1.05، ونحن ما زلنا متشائمين». وأضاف: «تحدد السوق فجوة نهائية بين (بنك الاحتياطي الفيدرالي) و(البنك المركزي الأوروبي) تبلغ 200 نقطة أساس مقارنة بتوقعاتنا البالغة 300 نقطة أساس، بالنظر إلى النمو المتباين والنتائج المالية».

وكان مؤشر الدولار، الذي يقيس العملة الأميركية مقابل ست عملات أخرى، أعلى بنسبة 0.05 في المائة ليصل إلى 109.44، بالقرب من أعلى مستوى له في 26 شهراً عند 110.17 الذي بلغه يوم الاثنين.

وبعد صدور تقرير الوظائف الضخم يوم الجمعة، الذي عزز الدعم لموقف «البنك المركزي الأميركي» الحذر بشأن المزيد من تخفيف السياسة النقدية هذا العام، وسيراقب المستثمرون من كثب قراءات التضخم في الولايات المتحدة، مع صدور أسعار المنتجين في وقت لاحق من يوم الثلاثاء وأسعار المستهلك يوم الأربعاء.

ويتوقع المتداولون 30 نقطة أساس من التيسير هذا العام، وهو أقل من 50 نقطة أساس توقعها بنك الاحتياطي الفيدرالي في ديسمبر (كانون الأول)، عندما هز السوق بنهجه المدروس لخفض أسعار الفائدة بسبب مخاوف التضخم.

وبلغت عوائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات أعلى مستوى لها في 14 شهراً عند 4.805 في المائة يوم الاثنين في تداولات متقلبة قبل أن تتراجع. واستقرت عند 4.755 في المائة يوم الثلاثاء.

وقال استراتيجيو «آي إن جي» إن الجمع بين قوة الدولار وارتفاع عوائد سندات الخزانة يضغط على التدفقات المالية إلى بقية العالم ويبدأ في التسبب في مشكلات. وأشاروا في مذكرة إلى أنه «باستخدام حقبة التعريفات الجمركية في 2018 - 2019 كنموذج، نتوقع أن يظل الدولار قوياً طوال العام»، مضيفين أن ساحة المعركة الأكثر أهمية في سوق الصرف الأجنبي الآن هي الدولار/ اليوان، حيث لا يزال «بنك الشعب» الصيني قادراً على الصمود حتى مع تكثيف ضغوط الانخفاض.

وكشف «بنك الشعب» الصيني عن سلسلة من التدابير في الأيام الأخيرة لدعم عملته الضعيفة. وتم تداول اليوان عند 7.3469 مقابل الدولار، دون تغيير تقريباً مقارنة بإغلاق يوم الاثنين.

وكان الجنيه الإسترليني في مرمى نيران تجار العملات، مدفوعاً بمخاوف المستثمرين بشأن الاستدامة المالية لبريطانيا. وسجل آخر سعر له 1.2211 دولار في التعاملات المبكرة، بعد أن سجل 1.21 دولار يوم الاثنين، وهو أدنى مستوى له منذ نوفمبر 2023. واستقر الين عند 157.49 مقابل الدولار، ليبتعد قليلاً عن أدنى مستوى له في ستة أشهر تقريباً الذي لامسه الأسبوع الماضي، مع استعداد المتداولين لاجتماع السياسة النقدية لـ«بنك اليابان» الأسبوع المقبل حيث تقدر الأسواق احتمالات رفع أسعار الفائدة بنسبة 57 في المائة.

وقال نائب محافظ بنك اليابان ريوزو هيمينو إن «البنك المركزي» سيناقش ما إذا كان سيرفع أسعار الفائدة الأسبوع المقبل مع تزايد احتمالات تحقيق مكاسب مستدامة في الأجور ووضوح آفاق السياسة الأميركية في خطاب تنصيب ترمب.


مقالات ذات صلة

«المركزي التركي» يرفع الفائدة إلى 46 % مدفوعاً بأزمة اعتقال إمام أوغلو

الاقتصاد مؤيدون لإمام أوغلو واصلوا الاحتجاجات على اعتقاله في إسطنبول ليل الأربعاء - الخميس (د.ب.أ)

«المركزي التركي» يرفع الفائدة إلى 46 % مدفوعاً بأزمة اعتقال إمام أوغلو

تخلى البنك المركزي التركي عن دورة تيسير نقدي استمرت 3 أشهر وعاد إلى تشديد سياسته، رافعاً سعر الفائدة إلى 46 في المائة بسبب أزمة اعتقال أكرم إمام أوغلو

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

ارتفاع تحويلات المصريين بالخارج 83 % خلال يناير

أعلن البنك المركزي المصري، أن تحويلات المصريين العاملين في الخارج، استمرت في تحقيق قفزات متتالية للشهر الحادي عشر على التوالي خلال شهر يناير الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد أوراق نقدية من الدولار الأميركي (رويترز)

الدولار الأميركي يكافح للحفاظ على مكاسبه

واجه الدولار الأميركي صعوبات في الحفاظ على انتعاشه الطفيف يوم الأربعاء، وسط صعود ملحوظ في كل من الفرنك السويسري واليورو والين الياباني.

«الشرق الأوسط» (سنغافورة)
الاقتصاد مبنى الكابيتول الأميركي في واشنطن (رويترز)

«سكوب» الأوروبية: تصنيف أميركا مهدد إذا تضررت الثقة بالدولار بسبب حرب تجارية

حذّرت وكالة «سكوب» الأوروبية للتصنيف الائتماني من احتمال خفض تصنيف الولايات المتحدة، في حال أدت حرب تجارية طويلة الأمد إلى تقويض الثقة العالمية بالدولار.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد ديفيد سولومون الرئيس التنفيذي لبنك «غولدمان ساكس» يتحدث خلال مؤتمر «رويترز نيكست» في نيويورك - ديسمبر 2024 (رويترز)

الرئيس التنفيذي لـ«غولدمان ساكس»: ضبابية الحرب التجارية ترفع احتمالات الركود في 2025

ازدادت احتمالات الركود الاقتصادي، وفقاً للرئيس التنفيذي لبنك «غولدمان ساكس» ديفيد سولومون، الذي حذّر من دخول الربع الثاني من عام 2025 في ظل بيئة تشغيلية مختلفة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك )

الصين تتوقف عن شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة

ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)
ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)
TT
20

الصين تتوقف عن شراء الغاز المسال من الولايات المتحدة

ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)
ناقلة غاز طبيعي مسال تغادر الرصيف بعد تفريغها في محطة الاستلام التابعة لشركة بتروتشاينا في داليان بمقاطعة لياونينغ الصين (رويترز)

توقفت واردات الصين من الغاز الطبيعي المسال الأميركي تماماً لأكثر من 10 أسابيع، وفقاً لبيانات الشحن التي تُظهر كيف امتدت الحرب التجارية الصينية الأميركية إلى التعاون في مجال الطاقة، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

منذ وصول ناقلة غاز طبيعي مسال حمولتها 69 ألف طن من كوربوس كريستي في تكساس إلى مقاطعة فوجيان الجنوبية في 6 فبراير (شباط)، لم تكن هناك أي شحنات أخرى بين البلدين.

وتمت إعادة توجيه ناقلة ثانية إلى بنغلاديش بعد فشلها في الوصول قبل أن تفرض الصين تعريفة جمركية بنسبة 15 في المائة على الغاز الطبيعي المسال الأميركي في 10 فبراير. وقد ارتفعت التعريفة منذ ذلك الحين إلى 49 في المائة، مما يجعل الغاز الأميركي غير اقتصادي للمشترين الصينيين في المستقبل المنظور.

يُعد تجميد الغاز الطبيعي المسال الأميركي تكراراً لحظر على الواردات استمر لأكثر من عام خلال الولاية الأولى للرئيس دونالد ترمب. لكن تأثير هذه المواجهة قد تكون له تداعيات بعيدة المدى، إذ يُعزز علاقة الصين مع روسيا في مجال الطاقة، ويثير تساؤلات حول التوسع الهائل في محطات الغاز الطبيعي المسال التي تُقدر قيمتها بمليارات الدولارات، الجاري تنفيذها في الولايات المتحدة والمكسيك، وفق الصحيفة البريطانية.

وصرحت آن صوفي كوربو، أخصائية الغاز في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا: «ستكون هناك عواقب بعيدة المدى. لا أعتقد أن مستوردي الغاز الطبيعي المسال الصينيين سيتعاقدون على أي واردات جديدة من الغاز الطبيعي المسال الأميركي».

منذ حرب روسيا على أوكرانيا، استوردت الصين حصةً منخفضةً نسبياً من الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، حيث فضّل المشترون الصينيون إعادة بيع الغاز إلى أوروبا لتحقيق ربح. في العام الماضي، لم يأتِ سوى 6 في المائة من الغاز الطبيعي المسال الصيني من الولايات المتحدة، بانخفاضٍ عن ذروته البالغة 11 في المائة في عام 2021.

ومع ذلك، وقّعت شركات صينية، بما في ذلك «بتروتشاينا» و«سينوبك»، 13 عقداً طويل الأجل لشراء الغاز الطبيعي المسال من محطات أميركية، بعضها يمتد حتى عام 2049، وفقاً لبيانات شركة «كبلر».

كانت هذه الصفقات طويلة الأجل ضروريةً لإطلاق مشروعات ضخمة للغاز الطبيعي المسال في الولايات المتحدة، على الرغم من أن كوربو قال إن المطورين حاولوا مؤخراً إعادة التفاوض على الشروط لمراعاة ارتفاع التضخم وتكاليف التعريفات الجمركية الأميركية.

وقالت جيليان بوكارا، المحللة في شركة «كبلر»، إنها لا ترى أي سببٍ لاستئناف التجارة بين البلدين على المدى القصير. في المرة الأخيرة التي حدث فيها هذا، كان هناك توقف تام حتى منحت السلطات الصينية إعفاءات للشركات، ولكن ذلك كان في وقت ازدهار الطلب على الغاز. أضافت: «الآن نتطلع إلى انخفاض النمو الاقتصادي، ونعتقد أن الصينيين قادرون على تحمل فقدان هذه الشحنات لفترة طويلة».

وصرح سفير الصين لدى روسيا في وقت سابق من هذا الأسبوع أن الصين ستزيد على الأرجح وارداتها من الغاز الطبيعي المسال الروسي بدلاً من ذلك. وقال تشانغ هانهوي: «أعلم على وجه اليقين أن هناك الكثير من المشترين. يطلب العديد من المشترين من السفارة المساعدة في إقامة اتصالات مع الموردين الروس، وأعتقد أنه سيكون هناك بالتأكيد المزيد (من الواردات)».

برزت روسيا كثالث أكبر مورد للغاز الطبيعي المسال إلى الصين، بعد أستراليا وقطر؛ كما يتفاوض البلدان على خط أنابيب غاز جديد، يُعرف باسم «قوة سيبيريا 2». وصرح ريتشارد برونز، من شركة «إنرجي أسبكتس» للاستشارات في مجال الطاقة: «مع ارتفاع الرسوم الجمركية إلى مستوى يُمثل حظراً فعلياً، سنشهد إعادة تنظيم لتدفقات التجارة». وأضاف: «نتوقع أيضاً انخفاض الطلب الآسيوي بمقدار 5-10 ملايين طن ككل. ومن شأن ذلك أن يُخفض أسعار الغاز قليلاً في أوروبا».