البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

قال إنها تُعرض الاقتصادات وسبل العيش والحياة للخطر

TT

البنك الدولي: الجفاف الحاد ارتفع بنسبة 233% خلال 50 عاماً

حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس)
حذّر البنك الدولي من أن موجات الجفاف قد تطول نحو نصف سكان العالم في عام 2050 (واس)

ارتفع الجفاف الحاد بنسبة 233 في المائة خلال 50 عاماً، وفق ما كشف البنك الدولي خلال مشاركة له في مؤتمر "كوب 16". فالجفاف، رغم كونه حدثاً تدريجياً، إنما له تأثيرات بشرية واقتصادية بعيدة المدى، تتجاوز تأثيرات الكوارث الطبيعية السريعة، مثل الفيضانات والزلازل، كما نبّه المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه بمجموعة البنك الدولي ساروج كومار جاه خلال إطلاق البنك، على هامش اجتماعات مؤتمر «كوب 16» في الرياض، تقريراً لتقييم مخاطر الجفاف وتعزيز المرونة المائية، والهادف إلى دعم الحكومات في مواجهة تحديات الجفاف بشكل أكثر فاعلية.

وأوضح كومار جاه أن الجفاف لا يقتصر على تأثيره المباشر على الموارد المائية، بل يسبب أيضاً نقصاً في رأس المال البشري، ويؤدي إلى تداعيات اقتصادية واجتماعية طويلة الأمد.

وأكد أن البنك الدولي يعكف على تطوير استراتيجية مائية شاملة تتكون من ثلاثة محاور رئيسة: «المياه من أجل الناس»، و«المياه من أجل الغذاء»، و«المياه من أجل كوكب الأرض»، وهي استراتيجية تهدف إلى تحسين إدارة المياه في قطاعات الشرب، والزراعة، وحماية البيئة.

كما أشار إلى أهمية إنشاء أنظمة مراقبة وطنية فعالة للجفاف، حيث تسهم هذه الأنظمة في جمع البيانات المتعلقة بالمياه، والتربة، والمحاصيل بشكل مستمر، ما يسهم في اتخاذ قرارات مستنيرة للتعامل مع هذه الأزمة.

المدير العالمي لقطاع الممارسات العالمية للمياه في البنك الدولي ساروج كومار جاه خلال إطلاقه تقرير تقييم مخاطر الجفاف (الشرق الأوسط)

وأضاف أن كثيراً من البلدان النامية تفتقر إلى أنظمة مراقبة وطنية شاملة، وهو ما يعيق قدرتها على الاستجابة بفاعلية، وتطرق إلى أهمية تقييم المخاطر، وبناء المرونة في مواجهة الجفاف، مستشهداً بنظام إدارة المخاطر في اليابان بوصفه قدوة في كيفية تقليل الأضرار الناتجة عن الكوارث الطبيعية.

وأكد أن مجموعة البنك الدولي ملتزمة بتقديم الدعم الفني والمالي للحكومات من أجل تعزيز قدراتها على مواجهة التحديات المائية، مشيراً إلى أن الاستجابة للجفاف تتطلب تنسيقاً وطنياً شاملاً وتحركاً استباقياً يعتمد على تحليل البيانات، وبناء القدرات على المستويات المحلية والإقليمية والوطنية.

استباق الجفاف

من جهته، قال المؤلف الرئيسي للتقرير وكبير مديري إدارة الموارد المائية في البنك الدولي نيثان إنغل لـ«الشرق الأوسط» إن التقرير يهدف إلى استباق الجفاف قبل حدوثه، مشيراً إلى أن الإحصاءات المتعلقة بالجفاف «هائلة»، منبهاً إلى أن الجفاف يؤثر بشكل أكبر على معدلات نمو الناتج المحلي الإجمالي في البلدان النامية مقارنةً بتلك المتقدمة، مما يشكل تحدياً كبيراً.

وأضاف أن الجفاف في بعض المناطق زاد بنسبة تصل إلى 230 في المائة في السنوات الخمسين الماضية، وأن تأثير تغير المناخ يعزز من تفاقم هذه الظاهرة. وتوقَّع أن يكون للجفاف بحلول عام 2050، تأثير كبير على نصف سكان العالم. ولهذا السبب، شدد على ضرورة استباق الجفاف من خلال استراتيجيات فعّالة لمواجهته، وهو ما لم يتم تنفيذه بشكل كافٍ حتى الآن.

وقال: «رغم وجود كثير من خطط الجفاف الوطنية ودعم اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر لها، فإنه لم تتم ترجمة هذه الخطط إلى استثمارات حقيقية على أرض الواقع بشكل منهجي ومنظم».

وشدد على أهمية منهجية تقييم مخاطر الجفاف والقدرة على الصمود التي تسعى لتوفير آلية للحكومات والمستفيدين للالتقاء والتخطيط بشكل استباقي، من خلال تحديد الاستثمارات الضرورية في القطاعات المتأثرة بالجفاف، مثل الزراعة، والطاقة، والمياه، والسياحة.

وأشار إلى ضرورة توجيه الاستثمارات ليس فقط نحو البنية التحتية الصلبة، بل أيضاً في السياسات والبيئة التمكينية التي تساعد على جذب التمويل من القطاع الخاص. كما شدد على أهمية الاستثمار في آليات التأمين وخطط تمويل المخاطر، مؤكداً أن هذه العناصر تشكل جزءاً أساسياً من الحلول التي يجب أن تنفَّذ على أرض الواقع.

وفي تقريره، قال البنك الدولي: «لا يمكننا منع الجفاف، ولكن يمكننا الاستعداد له... فالاستعداد يمنحنا مزيداً من الخيارات في أوقات الأزمات».


مقالات ذات صلة

ترمب يعلن أنه قد يلغي الوكالة الفيدرالية لإدارة الكوارث

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب وقرينته ميلانيا في آشفيل (أ.ب)

ترمب يعلن أنه قد يلغي الوكالة الفيدرالية لإدارة الكوارث

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أنه سيعمد «ربما إلى إلغاء» الوكالة الفيدرالية لإدارة الأعاصير والحرائق والكوارث الأخرى.

«الشرق الأوسط» (آشفيل)
الولايات المتحدة​ مايكل بلومبرغ المبعوث الخاص للأمم المتحدة بشأن الطموح والحلول المناخية (رويترز)

بلومبرغ يتعهد بتمويل وكالة المناخ التابعة للأمم المتحدة بعد «انسحاب ترمب»

أعلن الملياردير وإمبراطور الإعلام الأميركي مايكل بلومبرغ، أن مؤسسته الخيرية ستقدم تمويلا للمساعدة في تغطية مساهمة أميركا في وكالة المناخ التابعة للأمم المتحدة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الولايات المتحدة​ كيت ألكساندريا أنشأت صفحة على موقع «جو فند مي» لجمع التبرعات بعد احتراق شقتها في ألتادينا بكاليفورنيا (رويترز)

سكان لوس أنجليس يبحثون عن مأوى بعد حرائق مدمرة

وجد الآلاف من سكان مدينة لوس أنجليس الأميركية أنفسهم وسط منافسة شرسة للعثور على مكان يعيشون فيه بأسعار معقولة، وذلك بعد أن فقدوا منازلهم.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
تكنولوجيا تعتمد النوافذ الذكية على جسيمات نانوية دقيقة تتلاعب بالضوء والحرارة من خلال عمليات التبعثر والامتصاص (أدوبي)

نوافذ ذكية تنظّم نقل الضوء والحرارة

تُعدل جسيمات نانوية دقيقة من شفافية وخصائص النوافذ الحرارية في الوقت الفعلي.

نسيم رمضان (لندن)
بيئة سيارات متضررة جراء الأمطار الغزيرة التي تسببت في حدوث فيضانات على مشارف فالنسيا إسبانيا 31 أكتوبر 2024 (رويترز)

فيضانات منطقة المتوسط... تغير المناخ بات هنا

زادت ظاهرة التغيّر المناخي نسبة حدوث فيضانات في منطقة البحر المتوسط، حيث تلعب الجغرافيا والنمو السكاني دوراً في مفاقمة الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

مصر تجتذب السائحين الإسبان لزيارة مقاصدها المتنوعة

الجناح المصري في معرض مدريد الدولي للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في معرض مدريد الدولي للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
TT

مصر تجتذب السائحين الإسبان لزيارة مقاصدها المتنوعة

الجناح المصري في معرض مدريد الدولي للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)
الجناح المصري في معرض مدريد الدولي للسياحة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

تسعى مصر لاجتذاب المزيد من السائحين الإسبان ومن دول أميركا اللاتينية، خلال الموسم السياحي المقبل، بعد بحث بروتوكولات تعاون في مجالات السياحة والسفر وحوافز الطيران بين مسؤولين مصريين ونظرائهم الإسبان، فضلاً عن اتفاقات مع أشهر الشركات العالمية في مجال تنظيم الرحلات السياحة الوافدة إلى مصر.

واستعرض وزير السياحة والآثار المصري، شريف فتحي، سبل تعزيز التعاون بين مصر وإسبانيا في مجال السياحة والآثار، وبحث آليات دفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة لمصر من السوق الإسباني باعتباره من الأسواق السياحية المهمة المصدرة للسياحة إلى مصر، خصوصاً في ظل شغف واهتمام السائحين الإسبان بالمقصد السياحي المصري، وذلك خلال لقائه وزير السياحة والصناعة الإسباني، جوردي هيرو، خلال المعرض السياحي الدولي (FITUR2025) المقام في مدريد حتى 26 يناير (كانون الثاني) الحالي.

وتناولت المباحثات بين الوزيرين «شغف الشعب الإسباني واهتمامه الكبير بزيارة مصر والتعرف على معالمها ومقوماتها السياحية والأثرية بوصفها من المقاصد السياحية المفضلة لديه»، وفق بيان للوزارة، الجمعة.

كما ناقش الوزيران إمكانية توقيع مذكرة تفاهم بين البلدين لتعزيز مزيد من التعاون بينهما في مجال السياحة واستمرار التعاون بين البلدين في مجال العمل الأثري، حيث تعمل في مصر 12 بعثة آثارية إسبانية في مواقع متعددة.

وتعد السياحة الثقافية من أكثر العوامل جذباً للسائحين الوافدين إلى مصر، وتتضمن المناطق الأثرية في القاهرة والجيزة والأقصر وأسوان، التي تضم معالم كثيرة من الحضارة المصرية القديمة مثل الأهرامات ومنطقة سقارة ومعابد الأقصر ومعابد أبو سمبل وفيلة في أسوان.

وناقش وزير السياحة المصري، في لقاءات متعددة مع ممثلي كبرى الشركات المنظمة للرحلات السياحية في العالم ومن أكبر شركات الطيران، سبل دفع مزيد من الحركة السياحية الوافدة لمصر بصفة عامة ومن السوق الإسباني وأميركا اللاتينية بصفة خاصة، لا سيما في ظل زيادة الطلب على السفر إلى المقصد السياحي المصري.

وتم بحث سبل تشجيع زيادة حركة الطيران للمقاصد السياحية المختلفة من خلال الاستفادة من برنامج تحفيز الطيران الذي تقدمه الوزارة وتنفيذ حملات ترويجية مشتركة.

ويرى الخبير السياحي المصري، محمد كارم، أن «التعاون الكبير بين السوق الإسباني سيساهم بشكل كبير في زيادة الوفود السياحية الوافدة إلى مصر من إسبانيا»، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «تعزيز التعاون السياحي والأثري بين مصر وإسبانيا ظهر في لقاءات وزير السياحة المصري مع نظيره الإسباني وممثلي كبار الشركات السياحية، ويمكن أن ينعكس هذا الأمر على تحقيق خطة مصر للوصول إلى العدد المستهدف من السائحين الوافدين بحلول 2030».

الجناح المصري في مدريد (وزارة السياحة والآثار)

وكانت مصر قد أعلنت، مع نهاية العام الماضي، عن وصول عدد السائحين الوافدين إليها إلى 15.7 مليون سائح خلال 2024، وهو أعلى رقم تحققه مصر في تاريخها، رغم ما شهدته المنطقة من اضطرابات خلال هذا العام، وتطمح مصر لزيادة عدد السياحة الوافدة إليها إلى 30 مليون سائح.

وأكد الرئيس التنفيذي لشركة Explora Traveller & Air Cairo استهداف زيادة أعداد السائحين الوافدين إلى مصر من دول إسبانيا وأميركا اللاتينية لتصل إلى نسبة تتراوح ما بين 40 و50 ألف سائح.

وتتنوع المقاصد السياحية في مصر بين سياحة ثقافية وشاطئية وعلاجية وسياحة المؤتمرات، واقترح وزير السياحة على إحدى الوكالات التي أبدت رغبتها في زيارة مصر والترويج لها، وزيارة الساحل الشمالي، أن يزوروا واحة سيوة عند زيارتهم للساحل الشمالي، وأن يدرسوا إمكانية دمجها ضمن البرامج السياحية التي يخططون لتنظيمها للسائحين ليكون هناك منتج سياحي متكامل يجمع بين أكثر من مكان ونمط سياحي، وفق بيان للوزارة.

وعد المتخصص في الإرشاد السياحي، الدكتور محمود المحمدي، «السوق السياحي الإسباني من أهم الأسواق المصدرة للسياحة إلى مصر، خصوصاً في ظل شغف واهتمام السائحين الإسبان بالمقصد السياحي المصري».

وقال المحمدي لـ«الشرق الأوسط» إن «السائحين الإسبان يعشقون الأماكن الأثرية المصرية القديمة إلى جانب مظاهر العمارة الإسلامية، حيث يعتبر الإسبان أحد أهم عناصر العمارة الأندلسية التي تأثرت بها العمارة في إسبانيا وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من حضارتهم»، كما أشار إلى أن «السياحة الشاطئية والترفيهية بشواطئ مصر الشمالية والشرقية تعدّ أحد أهم مراكز السياحة الترفيهية في الشرق الأوسط».