هل تراجع إدارة ترمب دور الولايات المتحدة في تمويل «وكالة الطاقة الدولية»؟

شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)
شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)
TT

هل تراجع إدارة ترمب دور الولايات المتحدة في تمويل «وكالة الطاقة الدولية»؟

شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)
شعار «وكالة الطاقة الدولية»... (رويترز)

يضع الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب والجمهوريون في الكونغرس «وكالة الطاقة الدولية» في مرمى نيرانهم، حيث يخططون لمراجعة دور الولايات المتحدة من كثب وتمويلها المنظمة؛ بسبب الخلافات مع نزعتها الخضراء المتصورة، وفق ما ذكره لـ«ستاندرد آند بورزس غلوبال كوموديتيز إنسايتس» 3 مصادر مطلعين على المداولات.

وقال مصدر وثيق الصلة بفريق ترمب إن «(وكالة الطاقة الدولية) بالتأكيد على شاشة الرادار الخاصة بهم»، بينما قال مصدر ثان إن الإدارة المقبلة تشعر بأن الوكالة «تحتاج إلى كبح جماحها». وقال المصدر الثاني: «إنهم يريدون رؤية التغيير. هناك شعور في إدارته (ترمب) ولدى الأشخاص الذين سيلعبون أدواراً بارزة في مجال الطاقة بالإدارة، بأن (وكالة الطاقة الدولية) تجاوزت تفويضها».

وتحدثت المصادر شرط عدم الكشف عن هويتها بسبب مناقشة مسائل سياسية لا تزال قيد التطوير.

وأنشأت الدول الصناعية «وكالة الطاقة الدولية»، التي تتخذ من باريس مقراً لها، بعد صدمات النفط في سبعينات القرن العشرين؛ لضمان أمن الطاقة، بما في ذلك تنسيق إدارة مخزونات النفط الطارئة لدى الأعضاء. وقد تعرضت الوكالة، التي يمكن لتوقعاتها تحريك الأسواق والتأثير على صناع السياسات، لانتقادات منذ أن أصدرت تقريرها «خريطة الطريق إلى الصفر الصافي» في عام 2021، وخلصت إلى أن خفض انبعاثات الكربون العالمية الصافية إلى الصفر بحلول عام 2050 لن يتطلب تطوير مشروعات جديدة للنفط والغاز.

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب في مناسبة سابقة بين أنصاره (أ.ف.ب)

من جانبها، قالت «وكالة الطاقة الدولية» إنها أدارت فترة ولاية ترمب الرئاسية الأولى، وإنها ستتطلع إلى التعاون مع فريقه المقبل. وقالت المتحدثة باسم «الوكالة»، ميرفي إرديل، في رسالة بالبريد الإلكتروني إلى «ستاندرد آند بورزس غلوبال كوموديتيز إنسايتس»: «لقد عملت (وكالة الطاقة الدولية) لسنوات طويلة بشكل بناء مع جميع حكومات الدول الأعضاء البالغ عددها 31؛ بما في ذلك خلال الإدارة الأولى للرئيس ترمب بين عامي 2017 و2021. نتطلع إلى مواصلة هذا مع الإدارة الجديدة للرئيس ترمب».

تمويل «وكالة الطاقة الدولية»

تقول مصادر مقربة من فريق ترمب إن الإدارة المقبلة قد تتطلع إلى خفض التمويل الأميركي لـ«وكالة الطاقة الدولية» أو تعيين مبعوث إلى «الوكالة» يسعى إلى تغيير منهجيتها في التنبؤ واتجاهها الفلسفي نحو الوقود الأحفوري. واستشهدوا باعتماد إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، الحالية على توقعات «وكالة الطاقة الدولية» للطلب الأقصى في الدفاع عن قرارها إيقاف تراخيص تصدير الغاز الطبيعي المسال الأميركية الجديدة. وقال أحد المصادر: «أعتقد أن جميع الخيارات ستكون على الطاولة من أجل محاولة إحداث تأثير حقيقي على ما تفعله (وكالة الطاقة الدولية)».

وقدمت الولايات المتحدة، التي تعدّ أكبر منتج ومستهلك للنفط في العالم، 5.8 مليون دولار إلى «الميزانية العادية» لـ«وكالة الطاقة الدولية» في عام 2024، وهو المبلغ نفسه الذي قدمته في العام السابق، كما ساهمت أيضاً بمبالغ طوعية إضافية قدرها 1.1 مليون دولار سنوياً على مدى العقد الماضي. وبلغ التمويل 14 في المائة من الميزانية السنوية لـ«وكالة الطاقة الدولية» في تلك الفترة، وفقاً لرسالة بعث بها المدير التنفيذي لـ«الوكالة»، فاتح بيرول، في أبريل (نيسان) الماضي، إلى المشرعين الجمهوريين في الكونغرس الأميركي الذين انتقدوا بشدة أنشطة «الوكالة».

وحدات الرفع أمام منصة حفر بحقل نفط في ميدلاند بتكساس (رويترز)

وقد تعهد ترمب بزيادة الإنتاج الأميركي من الطاقة بشكل أكبر، وأعلن في 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي عن اختيار كريس رايت، الرئيس التنفيذي لـ«شركة خدمات النفط»، لقيادة وزارة الطاقة الأميركية. ووصف رايت أهداف صافي الطاقة الصفرية بأنها «شريرة»، وكتب أن تحليل «وكالة الطاقة الدولية» يستند إلى «مزيج من الجهل التام، و(بعضها) شرير».

كريس رايت الرئيس التنفيذي لشركة «ليبرتي إنرجي»... (وسائل إعلام أميركية)

وقال متحدث باسم السناتور الأميركي، جون باراسو، كبير الجمهوريين في لجنة الطاقة بمجلس الشيوخ وحليف ترمب، إن النائب عن ولاية وايومينغ سيكشف عن خططه لـ«وكالة الطاقة الدولية» في «الأسابيع المقبلة».

سيطرة الجمهوريين

وكان باراسو، إلى جانب رئيسة لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب، كاثي ماكموريس رودجرز، وهي جمهورية من ميشيغان، كتبا إلى «وكالة الطاقة الدولية»، متهمين إياها بأنها «مشجعة على التحول في مجال الطاقة» و«تقوض أمن الطاقة» بتوقعاتها لذروة الطلب التي لا تشجع الاستثمار في الوقود الأحفوري. كما طلبت الرسالة أيضاً معلومات عن كيفية استخدام «وكالة الطاقة الدولية» التمويل الأميركي.

وكان الجمهوريون هم حزب الأقلية في مجلس الشيوخ الأميركي عندما أُرسلت الرسالة، ولكن انتخابات نوفمبر الحالي قلبت السيطرة على المجلس، مما جعل باراسو يتجه بخطى ثابتة ليكون زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ (المسؤول عن حشد الحزب حول أجندة تشريعية مشتركة) عندما ينعقد الكونغرس الجديد في يناير (كانون الثاني) المقبل.

ويسيطر الجمهوريون أيضاً على مجلس النواب، ومع تولي ترمب مهام منصبه في البيت الأبيض، سيكون المدافعون عن الوقود الأحفوري في مقعد القيادة في السياسة الأميركية.

ودافع بيرول في رده على باراسو وماكموريس رودجرز، في أبريل الماضي، عن عمل «وكالة الطاقة الدولية» بوصفه «نتاج جهد تحليلي مستقل ومفصل، مستنيراً بأحدث البيانات عن الأسواق والسياسات وتكاليف التكنولوجيا».

وقال أيضاً إن أمن الطاقة «لا يزال في صميم عملنا»، لكنه أضاف أن مهمة «الوكالة» قد توسعت. وقال: «تشمل مهمتنا الآن قضايا أمن الطاقة الجديدة والناشئة، بما فيها عملنا الرائد في مجال تهديدات أمن الطاقة التي تلوح في الأفق والمرتبطة بالمعادن المهمة وسلاسل إمدادات الطاقة النظيفة».


مقالات ذات صلة

الأوروبيون يرفضون «النووي» الإيراني والحل العسكري الإسرائيلي

أوروبا الاتحاد الأوروبي يبحث عن موقف موحد تجاه الصراع الإسرائيلي - الإيراني (رويترز)

الأوروبيون يرفضون «النووي» الإيراني والحل العسكري الإسرائيلي

تُجمع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على عدم السماح لإيران بامتلاك السلاح النووي، لكن معظمها يرفض الحل العسكري، ويميل بقوة إلى الوسائل الدبلوماسية.

شوقي الريّس (فيينا)
شؤون إقليمية صورة بالأقمار الاصطناعية تُظهر منشأة «نطنز» النووية بعد تعرضها للقصف الإسرائيلي يوم الجمعة الماضي (رويترز) play-circle 00:44

​«الوكالة الذرية» تؤكد إصابة مباشرة في منشأة نطنز

قالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن الضربات الإسرائيلية كانت لها «تأثيرات مباشرة» على قاعات أجهزة الطرد المركزي تحت الأرض في منشأة «نطنز» النووية الإيرانية.

«الشرق الأوسط» (لندن - فيينا)
العالم صورة توضيحية ملتقطة في 16 يونيو 2025 تظهر العلمين الإيراني والإسرائيلي خلف رمز الذرة وعبارة «البرنامج النووي» (رويترز) play-circle

ما معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية؟

هدف هذه المعاهدة هو وقف انتشار القدرة على صنع الأسلحة النووية وضمان حق جميع الدول الموقعة في تطوير الطاقة النووية لأغراض سلمية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية شعار الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمقر الوكالة في فيينا 3 يونيو 2024 (رويترز)

الدول الغربية تطرح قراراً ضد إيران أمام الوكالة الذرية الدولية

تقدمت ألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، بمشروع قرار ضد إيران أمام مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
المشرق العربي رافاييل غروسي (أ.ب)

غروسي: سوريا توافق على دخول المفتشين المواقع النووية السابقة المشتبه فيها

قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافاييل غروسي، اليوم، إن سوريا وافقت على إتاحة دخول فوري للمفتشين إلى المواقع النووية السابقة المشتبه فيها.

«الشرق الأوسط» (دمشق)

نائب رئيس الوزراء الروسي يبحث مع أمين عام «أوبك» وضع سوق النفط العالمية

الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)
الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)
TT

نائب رئيس الوزراء الروسي يبحث مع أمين عام «أوبك» وضع سوق النفط العالمية

الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)
الاجتماع بين نائب رئيس الوزراء الروسي وأمين عام «أوبك» (منصة إكس)

ذكرت الحكومة الروسية، في بيان لها، يوم الأربعاء، أن نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك ناقش الوضع في سوق النفط العالمية مع الأمين العام لمنظمة «أوبك» هيثم الغيص.

وقالت الحكومة إن «الطرفين ناقشا الوضع في سوق النفط العالمية، خصوصاً فيما يتعلق بتصعيد الصراع في الشرق الأوسط، والتعاون بين روسيا و(أوبك) على المستوى الثنائي وفي إطار اتفاقية (أوبك بلس)».

فيما ذكرت أمانة «أوبك»، في بيان، أن الاجتماع العاشر رفيع المستوى لحوار الطاقة انعقد بين «أوبك» وروسيا، على هامش منتدى سانت بطرسبرغ الاقتصادي الدولي، المنعقد في الفترة من 18 إلى 21 يونيو (حزيران) 2025.

وقالت «أوبك» إن الغيص على أهمية الشراكة بين الاتحاد الروسي و«أوبك» على جميع المستويات، وأشاد بالدور القيادي الذي تلعبه روسيا في إطار «إعلان التعاون» بصفتها رئيساً مشاركاً لاجتماعات «أوبك» الوزارية وغير الوزارية، واجتماعات اللجنة الوزارية المشتركة لمراقبة الإنتاج.

في افتتاح الاجتماع، قال نوفاك: «تُقدّر روسيا تقديراً عالياً فاعلية التعاون ضمن (أوبك بلس). وبفضل اتصالات العمل المنتظمة والقائمة على الثقة، بما في ذلك مع أمانة (أوبك)، يُمكننا مقارنة المواقف مُسبقاً، ووضع مناهج مُتفق عليها، واتخاذ قرارات في اجتماعاتنا الوزارية تُراعي مصالح كل عضو في (أوبك بلس)».

وتناولت المناقشات تطورات أسواق النفط والطاقة العالمية، بالإضافة إلى قضايا متنوعة تتعلق بقطاعي النفط والطاقة، مثل أمن الطاقة، ومخاطر نقص الاستثمار، وأهمية استقرار السوق في دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي. كما ناقش الاجتماع التوقعات قصيرة ومتوسطة وطويلة الأجل لأسواق الطاقة.

واتُفق على عقد الاجتماع رفيع المستوى القادم لحوار الطاقة بين «أوبك» وروسيا خلال عام 2026 في فيينا.