«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)
سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)
TT
20

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)
سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي، يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي، وتتجه الأنظار نحو معدلات التضخم.

وتوقع محللون أن يتجه البنك المركزي المصري إلى تثبيت سعر الفائدة، في اجتماع الخميس، في ظل ارتفاع معدلات التضخم، وآخر تطورات الاقتصاد الكلي.

وسجل معدل التضخم خلال شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ارتفاعاً للشهر الثالث على التوالي، ليصل إلى 26.5 في المائة مقابل 26.4 في المائة، وسط توقعات باستمرار صعوده نتيجة ارتفاع فاتورة الوقود والكهرباء.

يأتي هذا بعد أن سجل معدل التضخم في مصر تراجعاً على مدار 5 أشهر خلال العام الحالي قبل أن يعود ويرتفع في أغسطس (آب) الماضي.

وأقرت مصر زيادة أسعار الوقود منتصف الشهر الماضي، للبنزين بنسبة 11 - 13 في المائة، والسولار بنسبة 17 في المائة في منتصف أكتوبر، وهي المرة الثالثة خلال 2024.

ويدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير ونظره على معدل التضخم «المرتفع» من ناحية، وبدء الفيدرالي الأميركي دورة التيسير النقدي من ناحية أخرى، غير أن الحفاظ على الاحتياطي النقدي، وتدفق الأموال الساخنة من أذون وسندات الخزانة، تعويضاً لتراجع التدفقات من قناة السويس، سيكون كل ذلك في الحسبان.

وأرجعت هبة منير محللة الاقتصاد الكلي بشركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار، التوقعات بتثبيت الفائدة، إلى استمرار الضغوط التضخمية، «حيث من المتوقع أن يشهد شهر نوفمبر (تشرين الثاني) التأثير الكامل لزيادة أسعار الطاقة».

ورغم ذلك أشارت إلى أن مصر شهدت استقراراً في موقفها المالي الخارجي، بل وتحسن في بعض المؤشرات، مشيرة في مذكرة بحثية إلى «ارتفاع صافي احتياطي النقد الأجنبي بنحو 205 ملايين دولار على أساس شهري في أكتوبر ليصل إلى 46.94 مليار دولار من 46.737 مليار دولار في سبتمبر (أيلول)، وارتفاع مركز صافي أصول القطاع المصرفي المصري من العملة الأجنبية بنسبة 6.0 في المائة على أساس شهري إلى 10.3 مليار دولار في سبتمبر، مقارنة بمركز صافي التزامات للقطاع المصرفي من العملة الأجنبية يبلغ 26.8 مليار دولار في الشهر نفسه من العام السابق».

كما أشارت إلى انخفاض مؤشر قيمة مبادلة مخاطر الائتمان في مصر لمدة عام واحد إلى 349 نقطة أساس حالياً، من 857 نقطة أساس في الأول من يناير (كانون الثاني).

وعلى صعيد النشاط الاقتصادي، ارتفع مؤشر مديري المشتريات في مصر بشكل طفيف إلى 49.0 في أكتوبر، بعد أن سجل 48.8 في سبتمبر، ليظل دون مستوى الـ50، مما يشير إلى استمرار حالة عدم نمو القطاع غير النفطي في مصر. ومع ذلك، أظهرت المكونات الفرعية لحساب المؤشر، مؤشرات مختلطة، حيث كان مكونا الإنتاج والطلبات الجديدة فقط السبب في بقاء قيمة المؤشر دون مستوى الـ50.0.

وترى هبة، أن «حجم التدفقات المستفيدة من فروق الأسعار في مصر لا تزال جذابة، نظراً لعدم وجود توقعات بتراجع كبير في قيمة الجنيه المصري حتى نهاية العام وفي عام 2025، وتقديراتنا لسعر الفائدة الحقيقي الإيجابي بنسبة 2.9 في المائة على متوسط العائد على أذون الخزانة المصرية لأجل الـ12 شهراً الأخير البالغ 26.241 في المائة، (بعد خصم معدل ضريبة بنسبة 15 في المائة للمستثمرين الأوروبيين والأميركيين واستناداً إلى توقعاتنا لمتوسط معدل التضخم لمدة 12 شهراً عند 19.4 في المائة)، لذلك، ونظراً للضغوط التضخمية ومتطلبات سداد الديون الخارجية المتوقعة لمصر في نوفمبر بقيمة نحو 4 مليارات دولار... وسدادها لمبلغ مليار دولار من مستحقاتها لشركات النفط الأجنبية في نوفمبر، نتوقع أن يترك البنك المركزي المصري أسعار الفائدة دون تغيير في اجتماعه المقبل المقرر في 21 نوفمبر».

ويتوقع بنك «مورغان ستانلي»، تثبيت أسعار الفائدة ولمدة أطول وسط ارتفاع معدلات التضخم، ويرى في تقريره عن الاقتصاد المصري، استمرار التضخم مرتفعاً في الأمد القريب بسبب تأثيرات زيادات أسعار الطاقة، ووتيرة أسرع لانخفاض قيمة العملة منذ نهاية أكتوبر.

وأشار البنك الأميركي إلى حالة عدم اليقين بالنسبة للاقتصاد العالمي والتطورات الجيوسياسية في المنطقة، وهو ما يدعم موقف حذر من جانب البنك المركزي المصري.

وتوقع «مورغان ستانلي»، بدء خفض أسعار الفائدة في مصر بشكل تدريجي خلال العام المقبل مع تراجع معدل التضخم.

وقال إن خفض أسعار الفائدة سيكون بشكل تدريجي لتهبط إلى 17.25 في المائة بحلول نهاية العام المقبل من 27.25 في المائة حالياً، كما توقع انخفاض التضخم إلى نحو 14 - 15 في المائة على أساس سنوي في الربع الأول من العام المقبل.

كانت لجنة السياسات النقدية بالبنك المركزي المصري قد أبقت على أسعار الفائدة للإيداع والإقراض لليلة واحدة دون تغيير عند 27.25 في المائة، و28.25 في المائة على التوالي في اجتماعها يوم 17 أكتوبر، بعد أن كانت قد رفعت سعر الفائدة 600 نقطة أساس في مارس (آذار) الماضي.


مقالات ذات صلة

معركة السلطة بين ترمب وباول... النقد يواجه السياسة

الاقتصاد دونالد ترمب مع جيروم باول في البيت الأبيض (أرشيفية - رويترز)

معركة السلطة بين ترمب وباول... النقد يواجه السياسة

كثّف الرئيس الأميركي دونالد ترمب هجماته على رئيس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، في الوقت الذي ينظر فيه القضاء الأعلى في قضية قد تسهّل للرئيس إقالته من منصبه.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الاقتصاد جيروم باول رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي يتحدث خلال حدث نظمه «نادي الاقتصاد» بشيكاغو في أبريل 2025 (أ.ب)

فيليروي من «المركزي الأوروبي»: باول «نموذج يُحتذى به» في استقلالية السياسة النقدية

وصف فرنسوا فيليروي، صانع السياسات في البنك المركزي الأوروبي، رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، جيروم باول، بأنه «نموذج يُحتذى به» في إدارة البنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (باريس)
نموذج ثلاثي الأبعاد لترمب والعلم الأميركي وكلمة «رسوم» في صورة توضيحية (رويترز)

الرسوم تحت حكم ترمب... تضخم مستورد يهدد إنفاق المستهلك الأميركي

منذ أن بدأ ترمب في فرض الرسوم الجمركية التصاعدية، أصبحت سياسته التجارية محوراً رئيسياً للنقاش الاقتصادي العالمي بسبب تأثيراتها المباشرة على الاستهلاك.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي بواشنطن (رويترز)

رئيس «فيدرالي نيويورك»: لا حاجة وشيكة لتعديل السياسة النقدية

قال جون ويليامز، رئيس «الاحتياطي الفيدرالي» بنيويورك، يوم الخميس، إنه لا يرى حاجة وشيكة لتغيير السياسة النقدية للبنك المركزي.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مؤيدون لإمام أوغلو واصلوا الاحتجاجات على اعتقاله في إسطنبول ليل الأربعاء - الخميس (د.ب.أ)

«المركزي التركي» يرفع الفائدة إلى 46 % مدفوعاً بأزمة اعتقال إمام أوغلو

تخلى البنك المركزي التركي عن دورة تيسير نقدي استمرت 3 أشهر وعاد إلى تشديد سياسته، رافعاً سعر الفائدة إلى 46 في المائة بسبب أزمة اعتقال أكرم إمام أوغلو

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

الصين توقف واردات الغاز المسال من أميركا

مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)
مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)
TT
20

الصين توقف واردات الغاز المسال من أميركا

مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)
مجسم لناقلة غاز طبيعي مسال وخلفها العلم الأميركي (رويترز)

في خطوة مفاجئة قد تحمل تداعيات اقتصادية وجيوسياسية واسعة، أعلنت شركات الطاقة الصينية وقف استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة، في ظل تصاعد التوترات التجارية والسياسية بين البلدين، وتزايد اعتماد الصين على مصادر بديلة للطاقة.

ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية، يوم الجمعة، فقد توقفت الصين عن استيراد الغاز الطبيعي المسال من الولايات المتحدة لأكثر من عشرة أسابيع، مما يعكس تصاعد التوترات التجارية بين البلدين وتأثيرها على قطاع الطاقة.

ووفقاً لتقارير إعلامية فقد أوقفت عدة شركات صينية رئيسية، من بينها «سينوبك» و«بتروتشاينا»، مشترياتها من الغاز الأميركي خلال الأشهر الأخيرة، دون إبداء أسباب رسمية، بينما تشير التحليلات إلى أن القرار يأتي نتيجة مزيج من الضغوط التجارية، والاعتبارات الاستراتيجية، والتقلبات في الأسعار العالمية.

وتشير بيانات الشحن إلى أن الصين، التي تُعد من أكبر مستوردي الغاز الطبيعي المسال في العالم، لم تتلقَّ أي شحنات من الولايات المتحدة خلال هذه الفترة، وهو ما يُعد أطول توقف منذ يونيو (حزيران) 2023. ويُعزى هذا التوقف إلى فرض بكين رسوماً جمركية بنسبة 15 في المائة على واردات الغاز الأميركي، رداً على الرسوم التي فرضتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الصادرات الصينية.

ويبرز التوقف كيف أن الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة قد امتدت إلى قطاع الطاقة، مما يدفع الصين إلى البحث عن مصادر بديلة لتلبية احتياجاتها من الغاز الطبيعي المسال. في المقابل، يُتوقع أن يؤثر هذا التراجع في الطلب الصيني سلباً على صادرات الغاز الأميركية، التي كانت تعتمد على السوق الآسيوية لتعويض التباطؤ في الطلب الأوروبي.

وتعد الصين ثاني أكبر مستورد للغاز الطبيعي المسال في العالم بعد الاتحاد الأوروبي، وقد شكّلت خلال السنوات الأخيرة سوقاً رئيسية للمنتجين الأميركيين الذين استفادوا من الطفرة في الإنتاج بفضل تقنيات التكسير الهيدروليكي. وشكل الغاز الأميركي نحو 11 في المائة من إجمالي واردات الصين من الغاز المسال خلال عام 2023، إلا أن هذه الحصة تراجعت بشكل حاد في الربع الأول من 2025، لتقترب من الصفر، بحسب بيانات تتبع الشحنات العالمية.

ويرى محللون أن القرار يعكس تحولاً في الاستراتيجية الصينية لتقليص اعتمادها على الولايات المتحدة في سلاسل التوريد الحيوية، لا سيما في ظل النزاعات التجارية المتكررة، واستمرار القيود المفروضة على التكنولوجيا الصينية من جانب واشنطن. وتُفضّل بكين تنويع مصادر وارداتها من الغاز، مع زيادة الاعتماد على روسيا ودول آسيا الوسطى، بالإضافة إلى موردين من الشرق الأوسط مثل قطر والإمارات.

ومن المتوقع أن يؤثر هذا التراجع في الطلب الصيني سلباً على صادرات الغاز الأميركية، التي كانت تعتمد على السوق الآسيوية لتعويض التباطؤ في الطلب الأوروبي بعد أزمة أوكرانيا. وقد تشهد الأسعار العالمية بعض التقلبات نتيجة لإعادة توجيه الشحنات إلى أسواق أخرى، في وقت تشهد فيه آسيا طلباً مرتفعاً على الطاقة استعداداً لفصل الصيف.

ويأتي هذا التطور في وقت تشهد فيه العلاقات الصينية - الأميركية مزيداً من التوتر، خصوصاً مع تصاعد المواجهة حول قضايا التجارة والتكنولوجيا وتايوان، مما يُلقي بظلاله على التعاون الاقتصادي في عدة مجالات.

ويُرجّح أن تتحرك الصين خلال المرحلة المقبلة لتوقيع اتفاقات طويلة الأجل مع دول حليفة لضمان أمنها الطاقي، بينما قد تبحث واشنطن عن أسواق بديلة لتعويض خسارة ثاني أكبر مشترٍ للغاز الأميركي.