البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أشار إلى تراجع التضخم لـ4.3 % وتحسن استقرار الأسعار

منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)
منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)
TT

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)
منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

أفاد تقرير البنك الدولي لخريف 2024، بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات»، بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول من عام 2024 مقارنة بالفترة ذاتها من العام السابق، رغم تراجع إنتاج المحروقات. وقد جاء هذا النمو مدفوعاً بشكل رئيس بمرونة القطاع الزراعي. كما شهدت البلاد تحسناً ملحوظاً في استقرار الأسعار، حيث تراجع معدل التضخم إلى 4.3 في المائة خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024، مما يعكس استقرار أسعار المواد الغذائية الطازجة، وانخفاض تكاليف الاستيراد، واستقرار سعر الصرف بعد أن توقف بنك الجزائر عن سياسة خفض قيمة العملة التي استمرت لأربعة أعوام في منتصف عام 2022.

واستمرت السياسة النقدية في التيسير، حيث ظل سعر الفائدة الرئيس دون تغيير منذ مايو (أيار) 2020. وفي الوقت نفسه، تسارعت وتيرة نمو الكتلة النقدية والائتمان الموجه للقطاع الخاص خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2024. وقد أسهم هذا التحول في السياسة النقدية في دعم النشاط الاقتصادي، رغم انخفاض صادرات النفط.

وبحسب التقرير، فقد أدى انخفاض صادرات المحروقات، وارتفاع الواردات، وزيادة الإنفاق العام إلى تقليص فائض الحساب الجاري وزيادة عجز الموازنة. وبعد أن تقلص الفائض في الحساب الجاري بشكل ملحوظ إلى 2.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، وصل إلى التوازن في النصف الأول من عام 2024، حيث انخفضت أسعار الصادرات وحجمها، بينما ظل حجم الواردات مرتفعاً مدعوماً بالاستثمار. وفي الوقت نفسه، ارتفع احتياطي الصرف بشكل طفيف ليصل إلى نحو 16.2 شهر من واردات السلع والخدمات بنهاية سبتمبر (أيلول) 2024.

وبالإضافة إلى انخفاض إيرادات المحروقات، ساهمت الزيادة في النفقات الجارية والاستثمار العام، بما في ذلك الزيادة الأخيرة في أجور القطاع العام التي شملت ثلاث زيادات متتالية، في زيادة عجز الموازنة، الذي بلغ 5.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023. وقد تم تمويل هذا العجز بشكل رئيس من خلال المدخرات النفطية، بينما ارتفع الدين العام بشكل طفيف، ومن المتوقع أن يصل إلى 49.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2024.

وتوقع البنك الدولي أن يتباطأ نمو الناتج المحلي الإجمالي إلى 3.1 في المائة في عام 2024. ومع ذلك، من المتوقع أن يؤدي الانتعاش في إنتاج المحروقات وزيادة عائدات الصادرات إلى تحفيز نمو الاقتصاد في عام 2025. إلا أن النمو الأسرع في الواردات قد يخلق عجزاً في الحساب الجاري ويؤثر سلباً على احتياطيات الصرف. وفي هذا السياق، من شأن اعتماد سياسة إنفاق حكومي رشيدة في عام 2025 أن يساعد في تقليص العجز في الموازنة والحد من زيادة الدين العام.

وأكد البنك الدولي على ضرورة اتباع نهج شامل ضروري لتحقيق النمو المستدام وتنويع الصادرات الجزائرية خارج قطاع المحروقات. وأشار إلى أن المحروقات تمثل أكثر من 90 في المائة من صادرات الجزائر في 2023، رغم أن صادرات المنتجات غير النفطية قد تضاعفت ثلاث مرات منذ 2017، لتصل إلى 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي (5.1 مليار دولار). وتمثل الأسمدة والأسمنت أكثر من 80 في المائة من هذه الصادرات، التي تظل محدودة في تنوعها ومتركزة في عدد قليل من الأسواق. ومع ذلك، تمتلك الجزائر إمكانيات كبيرة لتنويع صادراتها، خاصة بفضل قربها من أوروبا، ما يعزز هدفها في تصدير 30 مليار دولار من المنتجات غير النفطية بحلول 2030.

وأضاف: «على مدى العشرين عاماً الماضية، تباطأ الاستثمار والإنتاجية مما أثر سلباً على التنافسية التصديرية. لتحفيز الصادرات، يجب تحسين بيئة الأعمال وزيادة الإنتاجية، خاصة في القطاع العام. كما أن السياسات المتوازنة في سعر الصرف والتجارة، وجذب الاستثمارات الأجنبية، سيساعدان في تنويع الصادرات. بالإضافة إلى ذلك، سيكون تطوير سلاسل القيمة وتيسير التجارة عبر الحدود أمراً ضرورياً. ومع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، يجب على الجزائر تبني إنتاج صديق للبيئة وتنويع صادراتها نحو صناعات أقل تلوثاً لضمان استدامتها».

وتعليقاً على التقرير، قال الخبير الاقتصادي للبنك الدولي المكلّف بالجزائر، سيريل ديبون: «لا تزال أسعار المحروقات وتأثيرها على الإيرادات والإنفاق العام والواردات، الخطر الرئيس على الآفاق الاقتصادية الكلية. تؤكد المخاطر الإضافية الناتجة عن تغير المناخ على أهمية دمج المخاطر المناخية في الاستراتيجية الوطنية للتنمية».

وأضاف أن «إمكانات نمو الصادرات خارج عن المحروقات في الجزائر كبيرة. وسيكون تنويع المنتجات والأسواق التصديرية مع زيادة القيمة المضافة أمراً حاسماً لتحقيق هدف الحكومة المتمثل في 29 مليار دولار من الصادرات خارج عن المحروقات بحلول عام 2030. ولتحقيق هذا الهدف، يجب إعطاء الأولوية لوضع إطار شامل للسياسات الاقتصادية يركز على تعزيز إنتاجية الشركات، وتحسين تنافسية الصادرات، وتعزيز الاندماج في سلاسل القيمة العالمية».

وتابع قائلاً: «يشهد العالم تحولاً نحو تبني أساليب إنتاج أكثر استدامة، ما سيؤثر بشكل كبير على المنتجات ذات الانبعاثات الكربونية العالية. وتكتسب هذه التحولات أهمية خاصة في ضوء فرض أوروبا، الشريك التجاري الرئيس للجزائر، ضرائب كربون جديدة على وارداتها. هذه الإجراءات قد تكون لها تأثيرات كبيرة على صادرات الجزائر، حيث تمثل المنتجات عالية الكثافة الكربونية الجزء الأكبر من صادراتها غير النفطية إلى أوروبا».

من جانبه، قال الممثل المقيم للبنك الدولي في الجزائر، كمال براهم: «مع منتجات كثيفة الكربون مثل الأسمدة والأسمنت التي تشكل الجزء الأكبر من صادرات الجزائر خارج المحروقات، فإن الانتقال إلى طرق إنتاج أكثر صداقة للبيئة وتنفيذ تسعير صريح للكربون أمران أساسيان لضمان استدامة الصادرات على المدى الطويل».


مقالات ذات صلة

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)
العالم العربي جانب من لقاء وزير التخطيط اليمني مع مسؤولي البنك الدولي على هامش زيارته لواشنطن (سبأ)

اليمن يقدم رؤية شاملة للبنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات التنموية

قدمت الحكومة اليمنية إلى البنك الدولي رؤية شاملة لإعادة هيكلة المشروعات، في مسعى لزيادة المخصصات المالية للبلاد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الاقتصاد يعرض الناس البضائع للمشاة في ساحة تايمز سكوير بنيويورك (رويترز)

مؤشر التضخم المفضل لـ«الفيدرالي» ينخفض قرب مستويات ما قبل الجائحة

أعلنت الحكومة الأميركية، يوم الخميس، أن مؤشر التضخم، الذي يراقبه «الاحتياطي الفيدرالي» من كثب، قد انخفض إلى مستويات قريبة مما كانت عليه قبل الجائحة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

توقعات بإبقاء الصين على أسعار الفائدة ترقباً لـ«نيات ترمب»

صينيون يلعبون لعبة «بادمنتون» في إحدى الحدائق بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)
صينيون يلعبون لعبة «بادمنتون» في إحدى الحدائق بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)
TT

توقعات بإبقاء الصين على أسعار الفائدة ترقباً لـ«نيات ترمب»

صينيون يلعبون لعبة «بادمنتون» في إحدى الحدائق بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)
صينيون يلعبون لعبة «بادمنتون» في إحدى الحدائق بالعاصمة بكين (إ.ب.أ)

أظهر استطلاع للرأي أجرته «رويترز» أنه من المتوقع على نطاق واسع أن تترك الصين أسعار الفائدة المرجعية للإقراض دون تغيير يوم الأربعاء، حيث تعمل تخفيضات أسعار الفائدة قبل شهر على تقليص ربحية البنوك، ويتعرض اليوان لضغوط جديدة مع عودة دونالد ترمب إلى البيت الأبيض.

وأعلنت بكين عن سلسلة من خطوات التحفيز منذ أواخر سبتمبر (أيلول) الماضي، تتراوح بين التيسير النقدي والتدابير المالية ودعم سوق العقارات، في محاولة لانتشال الاقتصاد من حالة الانكماش، وإعادته إلى هدف النمو الذي حددته الحكومة.

وفي أكتوبر (تشرين الأول)، خفض المقرضون الصينيون أسعار الفائدة المرجعية للإقراض بهامش أكبر من المتوقع لإحياء النشاط الاقتصادي. ولكن مع إعادة انتخاب ترمب، يقول بعض المحللين إن صناع السياسات في بكين ربما يفضلون الآن الإبقاء على استعداداتهم، والامتناع عن اتخاذ مزيد من الخطوات القوية حتى يتولى منصبه في يناير (كانون الثاني)، ويكشف عن مزيد من الأدلة على نياته السياسية.

ويتم حساب سعر الفائدة الأساسي للقروض، الذي يتم فرضه عادة على أفضل عملاء البنوك، كل شهر بعد أن يقدم 20 بنكاً تجارياً معيناً أسعاراً مقترحة إلى بنك الشعب الصيني. وفي استطلاع أجرته «رويترز» لـ28 من مراقبي السوق هذا الأسبوع، توقع جميع المستجيبين أن يظل سعر الفائدة الأساسي للقروض لمدة عام وخمس سنوات ثابتاً.

وقال متداول في أحد البنوك الصينية: «تم تخفيض سعر الفائدة الأساسي للقروض بشكل حاد في أكتوبر، لذلك من غير المرجح أن يكون هناك خفض آخر هذا الشهر... قد ننتظر أولاً ونرى تأثير السياسة في الأمد القريب».

وفي جزء من عرضه لتعزيز التصنيع الأميركي خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، قال ترمب إنه سيفرض تعريفات جمركية بنسبة 60 في المائة أو أكثر على السلع من الصين. يُنظر إلى التعريفات المقترحة، فضلاً عن سياسات أخرى، مثل التخفيضات الضريبية، على أنها تضخمية، ومن المرجح أن تبقى أسعار الفائدة الأميركية مرتفعة نسبياً في ضربة لعملات الشركاء التجاريين.

وخسر اليوان الصيني بالفعل نحو 1.8 في المائة مقابل الدولار منذ الانتخابات الأميركية في 5 نوفمبر (تشرين الثاني).

وقال رومان زيروك، كبير محللي السوق في «إيبوري»، في مذكرة: «بصرف النظر عن التهديد بالتعريفات الجمركية، فإن إعادة تسعير أسعار الفائدة الأميركية بالزيادة مؤخراً تسبب بالتأكيد في بعض الصداع لبكين، حيث تحد من مساحة التيسير النقدي في الصين في وقت يحاول فيه الاقتصاد استعادة عافيته. ومن غير المرجح أن تكون التغييرات على مرفق الإقراض المتوسط ​​الأجل أو أسعار الفائدة على القروض طويلة الأجل مطروحة في الأيام المقبلة».

وفي سياق منفصل، قالت «الهيئة الوطنية للإصلاح والتنمية» في الصين، الثلاثاء، إنها تتوقع استمرار زخم التعافي الاقتصادي خلال الشهرين الحالي والمقبل، في ظل استمرار تأثير السياسات التحفيزية التي أطلقتها الحكومة الصينية.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي، رفعت الصين سقف ديون الحكومات المحلية بمقدار 6 تريليونات يوان (839 مليار دولار) لمساعدتها على إعادة تمويل ديونها، في أحدث دفعة لإنعاش النمو في ثاني أكبر اقتصاد بالعالم.

وقال شو هونغ ساي، نائب رئيس اللجنة المالية والاقتصادية بالمجلس الوطني، في مؤتمر صحافي، إن الخطة سوف تنفذ على مدار السنوات الثلاث المقبلة. ووفق تقديرات وزير المالية لان فوان، فقد بلغت الديون الخفية للحكومات المحلية 14.3 تريليون يوان (2 تريليون دولار) في نهاية 2023، وتشير الديون الخفية إلى الديون التي لم يتم الكشف عنها علانية.

وأوضح لان أنه سوف يتم تخصيص 2 تريليون يوان سنوياً، من 2024 إلى 2026؛ لمساعدة الحكومات المحلية على تسوية ديونها، وتوقع تراجع قيمة الديون الخفية إلى 2.3 تريليون يوان (320.9 مليار دولار) بحلول نهاية 2028.

وقال مسؤولون أيضاً إنه سوف يتم رفع سقف إصدار السندات الخاصة إلى 35.52 تريليون يوان (4.96 مليار دولار)، من 29.52 تريليون يوان (4.12 مليار دولار) للحكومات المحلية.

وفي الأسواق، تراجعت الأسهم الصينية إلى أدنى مستوياتها في أسبوعين يوم الثلاثاء، في حين استقرت أسهم هونغ كونغ مع انتظار المستثمرين لمزيد من التفاصيل بشأن التحفيز الاقتصادي من بكين، والسياسة التجارية من واشنطن.

وفي فترة الاستراحة في منتصف النهار، انخفض مؤشر «شنغهاي المركب» بنسبة 0.39 في المائة إلى 3311.01 نقطة، وانخفض مؤشر «سي إس آي 300» للأسهم القيادية بنسبة 0.42 في المائة. وسجل كلا المؤشرين أدنى مستوياتهما في أسبوعين في التعاملات الصباحية. وارتفع مؤشر «هانغ سنغ» القياسي في هونغ كونغ بنسبة 0.33 في المائة إلى 19640.74 نقطة.

وتضاءل حجم التداول منذ الأسبوع الماضي مع سعي المستثمرين إلى اتجاه جديد، إما من البيانات الاقتصادية الصينية، وإما الأخبار المتعلقة بتشكيل الإدارة الأميركية المقبلة، أو مزيد من الخطط في بكين لمساعدة الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقاد قطاع خدمات الاتصالات الخسائر في أسهم البر الرئيس، حيث هبطت أسهم «تشاينا يونيكوم» بنسبة 6.55 في المائة، وتراجعت «تشاينا تليكوم» بنسبة 4 في المائة بعد اقتراب الأسهم من أعلى مستوى لها في شهرين الأسبوع الماضي.

وانخفض قطاع العقارات أيضاً، غير متأثر بالإعفاءات الضريبية العقارية التي تم طرحها في شنغهاي. وقد خسر مؤشر «سي إس آي 300» العقاري 2 في المائة، بينما انخفض مؤشر «هانغ سنغ» العقاري بنسبة 0.6 في المائة.