ارتفاع الدولار يعمّق خسائر العملات الآسيوية وأسواق الأسهم الناشئة تحت الضغط
دولارات أميركية وعملات عالمية في صندوق تبرعات بمطار بيرسون الدولي في تورنتو (رويترز)
سنغافورة:«الشرق الأوسط»
TT
سنغافورة:«الشرق الأوسط»
TT
ارتفاع الدولار يعمّق خسائر العملات الآسيوية وأسواق الأسهم الناشئة تحت الضغط
دولارات أميركية وعملات عالمية في صندوق تبرعات بمطار بيرسون الدولي في تورنتو (رويترز)
استمرت العملات الآسيوية في التراجع، يوم الخميس، مع صعود الدولار إلى أعلى مستوى له في عام، مدفوعاً بالزخم الناتج عن فوز دونالد ترمب في الانتخابات الرئاسية، بينما تراجعت أسواق الأسهم في الأسواق الناشئة وسط آفاق اقتصادية غير مؤكدة.
وسجلت عملات مثل الرينغت الماليزي والبات التايلاندي والروبية الإندونيسية أدنى مستوياتها في 3 أشهر على الأقل، مع انخفاض الرينغت للمرة الرابعة على التوالي، وفق «رويترز».
كما انخفض مؤشر الأسهم الفلبيني بنسبة 2.3 في المائة، ليسجل تراجعاً للجلسة السابعة على التوالي، بينما فقدت الأسهم في جاكرتا أكثر من 1 في المائة. وتراجعت أيضاً المؤشرات القياسية في ماليزيا وتايلاند، في وقت تشهد فيه أسواق المنطقة تقلبات شديدة.
وتعرضت الأصول الآسيوية لضغوط قوية بعد فوز ترمب في الانتخابات الأميركية الأسبوع الماضي؛ حيث يُنظر إلى سياساته على أنها قد تسهم في زيادة التضخم، ما يعزز احتمالات أن تكون دورة خفض أسعار الفائدة في الولايات المتحدة أقل حدة. كما ظهرت مخاوف متزايدة بشأن احتمالية زيادة الرسوم الجمركية على الصادرات الصينية والآسيوية إلى الولايات المتحدة، وهو ما شكل تهديداً رئيسياً لأسواق العملات.
وقال رئيس استراتيجيات الفوركس في بنك «ماي بنك»، ساكتياندي سوبات: «بشكل عام، نعتقد أن الرسوم الجمركية ستؤثر سلباً على التجارة، ما يشكل رياحاً معاكسة للعملات الإقليمية». وأضاف أن شهية المخاطرة قد أصبحت أكثر حذراً، وبالتالي فإن أسواق الأسهم الإقليمية تظهر تبايناً، ولم تتبع بشكل كامل الزخم الإيجابي في أسواق الأسهم الأميركية.
وتسارعت وتيرة تدفقات الأموال الخارجة من ماليزيا وتايلاند؛ حيث تعتبر اقتصاداتها المعتمدة على التجارة أكثر عرضة للمخاطر المرتبطة بالرسوم الجمركية. وقد فقدت عملات هذه الدول نحو 4 في المائة منذ الإعلان عن نتيجة الانتخابات الأميركية.
في المقابل، أكد محللو بنك «دي بي إس» أن «إندونيسيا والهند، باعتبارهما اقتصادين مدفوعين بالطلب المحلي، أكثر مرونة في مواجهة تهديدات الرسوم الجمركية مقارنة بأقرانهما في آسيا».
وفي إندونيسيا، صرح مسؤول في البنك المركزي بأن السلطات ستراقب الوضع من كثب وتتخذ التدابير اللازمة لضمان استقرار الروبية، بما في ذلك التدخل في السوق، مشيراً إلى أن العملة الإندونيسية لا تزال تتفوق على معظم العملات الإقليمية.
وفي الوقت نفسه، دافع وزير المالية الإندونيسي عن خطط زيادة ضريبة القيمة المضافة في يناير (كانون الثاني)، على الرغم من الانتقادات التي تفيد بأنها قد تؤثر سلباً على المستهلكين، مؤكداً أن هذه الخطوة تهدف إلى الحفاظ على صحة الموازنة العامة وتعزيز الإيرادات.
من جانبه، قال محللو «ماي بنك»: «على المدى القريب، من المحتمل أن تظل الأسواق متوترة في انتظار مزيد من الإعلانات بشأن سياسات ترمب، وكذلك التشكيلة الوزارية التي سيعلن عنها قريباً». وأضافوا أن الدعم المرجح للروبية سيكون عند مستوى 15.882 مقابل الدولار.
كما أشار استطلاع أجرته «رويترز» إلى أن المستثمرين قد رفعوا رهاناتهم القصيرة على العملات الآسيوية، في ظل المخاوف المتزايدة من تأثيرات السياسات الاقتصادية العالمية على الاقتصادات الإقليمية.
قد يكون لانهيار الحكومة الألمانية جانب إيجابي للاقتصاد المتعثر في منطقة اليورو، حيث من المحتمل أن تؤدي زيادة الإنفاق الحكومي إلى دعم عملتها وأسواق الأسهم.
من المتوقع أن يجد المستثمرون في الأسواق المالية الهندية ملاذاً آمناً نسبياً من تأثيرات سياسات دونالد ترمب الاقتصادية، بما في ذلك أي سياسات تجارية حمائية.
الصين «تتسلح» لحرب تجارية محتملة مع ترمبhttps://aawsat.com/%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF/5081603-%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%D9%86-%D8%AA%D8%AA%D8%B3%D9%84%D8%AD-%D9%84%D8%AD%D8%B1%D8%A8-%D8%AA%D8%AC%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%A9-%D9%85%D8%AD%D8%AA%D9%85%D9%84%D8%A9-%D9%85%D8%B9-%D8%AA%D8%B1%D9%85%D8%A8
الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب يحضران حفل الترحيب في «قاعة الشعب الكبرى» في بكين يوم 9 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)
بكين:«الشرق الأوسط»
TT
بكين:«الشرق الأوسط»
TT
الصين «تتسلح» لحرب تجارية محتملة مع ترمب
الزعيم الصيني شي جينبينغ والرئيس الأميركي آنذاك دونالد ترمب يحضران حفل الترحيب في «قاعة الشعب الكبرى» في بكين يوم 9 نوفمبر 2017 (أ.ف.ب)
أعدت الصين تدابير مضادة قوية للرد على الشركات الأميركية إذا زاد الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترمب، من اشتعال حرب تجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، وفقاً لما قاله مستشارو بكين ومحللو المخاطر الدولية لصحيفة «فاينانشيال تايمز».
وقد فوجئت حكومة الزعيم الصيني، شي جينبينغ، بفوز ترمب في الانتخابات عام 2016 وفرض تعريفات جمركية أعلى وضوابط أكثر صرامة على الاستثمارات وعقوبات على الشركات الصينية. ولكن في حين أن التوقعات الاقتصادية الهشة للصين جعلتها منذ ذلك الحين أكثر عرضة للضغوط الأميركية، فقد أدخلت بكين قوانين جديدة شاملة على مدى السنوات الثماني الماضية تسمح لها بإدراج الشركات الأجنبية في القائمة السوداء وفرض عقوباتها الخاصة وقطع الوصول الأميركي إلى سلاسل التوريد الحيوية، وفق الصحيفة البريطانية.
وقال وانغ دونغ، المدير التنفيذي لـ«معهد التعاون والتفاهم العالمي» بجامعة بكين: «هذه عملية ذات اتجاهين... ستحاول الصين بالطبع التعامل مع الرئيس ترمب بأي طريقة، ومحاولة التفاوض. ولكن إذا لم يحقَّق أي شيء من خلال المباحثات، كما حدث في عام 2018، واضطررنا إلى القتال، فسوف ندافع بحزم عن حقوق الصين ومصالحها».
وحافظ الرئيس الأميركي جو بايدن على معظم إجراءات سلفه ضد الصين، لكن ترمب أشار بالفعل إلى موقف أكثر صرامة من خلال تعيين «الصقور تجاه الصين» في مناصب مهمة.
«قانون العقوبات المناهض للأجانب»
وتمتلك الصين الآن تحت تصرفها «قانون العقوبات المناهض للأجانب» الذي يسمح لها بمواجهة التدابير التي اتخذتها دول أخرى، و«قائمة كيانات غير موثوقة» للشركات الأجنبية التي ترى أنها قوّضت مصالحها الوطنية. ويعني «قانون مراقبة الصادرات» الموسع أن بكين يمكنها أيضاً تقوية هيمنتها العالمية على توريد العشرات من الموارد مثل المعادن النادرة والليثيوم التي تعدّ حيوية للتكنولوجيات الحديثة. وقال آندرو جيلهولم، رئيس «تحليل الصين» في شركة الاستشارات «كونترول ريسك»، إن كثيرين قلّلوا من تقدير الضرر الذي يمكن أن تلحقه بكين بالمصالح الأميركية.
وأشار جيلهولم إلى «طلقات تحذيرية» أطلقت في الأشهر الأخيرة. وشملت العقوبات المفروضة على «سكاي ديو»؛ كبرى الشركات الأميركية لتصنيع الطائرات من دون طيار وفي التوريد إلى الجيش الأوكراني، والتي تحظر على المجموعات الصينية تزويد الشركة بمكونات أساسية. كما هددت بكين بإدراج شركة «بي إتش دي»، التي تشمل علاماتها التجارية «كالفن كلاين» و«تومي هيلفيغر»، في «قائمة غير موثوقة»، وهي الخطوة التي قد تقطع وصول شركة الملابس إلى السوق الصينية الضخمة.
وقال جيلهولم: «هذه هي قمة جبل الجليد»، مضيفاً: «أظل أقول لعملائنا: تعتقدون أنكم قد وضعتم في الحسبان المخاطر الجيوسياسية والحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، لكنكم لم تفعلوا ذلك؛ لأن الصين لم تردّ بجدية بعد».
الجميع مستعدون
كما تتسابق الصين لجعل سلاسل توريد التكنولوجيا والموارد أكثر مقاومة للاضطرابات الناجمة عن العقوبات الأميركية مع توسيع التجارة مع الدول الأقل انسجاماً مع واشنطن.
ومن وجهة نظر بكين، فإنه في حين كانت العلاقات بالولايات المتحدة أكثر «استقراراً» مع نهاية رئاسة بايدن، فقد استمرت سياسات الإدارة المنتهية ولايتها إلى حد كبير على المنوال نفسه كما كانت في ولاية ترمب الأولى.
وقال وانغ تشونغ، خبير السياسة الخارجية في «جامعة تشجيانغ للدراسات الدولية»: «كان الجميع يتوقعون الأسوأ بالفعل، لذلك لن تكون هناك أي مفاجآت. الجميع مستعدون».
ولكن الصين لا تستطيع أن تتجاهل بسهولة تهديد ترمب خلال حملته الانتخابية بفرض تعريفات جمركية شاملة تزيد على 60 في المائة على جميع الواردات الصينية، نظراً إلى تباطؤ النمو الاقتصادي، وضعف الثقة بين المستهلكين والشركات، وارتفاع معدلات البطالة بين الشباب إلى مستويات تاريخية.
وقال جونغ جيونغ، الأستاذ في «جامعة بكين للأعمال والاقتصاد الدولي»: «في حال المفاوضات، يتوقع أن تكون الصين منفتحة على مزيد من الاستثمار المباشر في التصنيع الأميركي، أو نقل مزيد من التصنيع إلى البلدان التي وجدتها واشنطن مقبولة».
وتكافح الصين لتعزيز الاقتصاد وسط شكوك حول قدرتها على تحقيق هدف النمو الرسمي لهذا العام بنحو 5 في المائة، وهو أحد أدنى أهدافها منذ عقود.
أسهم في جعبة الصين
وقال مسؤول تجاري أميركي سابق، طلب عدم ذكر اسمه بسبب تورطه في نزاعات نشطة بين الولايات المتحدة والصين، إن بكين كانت دقيقة في استخدام «الأسهم» في جعبتها، وحذرة من مزيد من تآكل معنويات الاستثمار الدولي الضعيفة. وقال المسؤول السابق: «هذا القيد لا يزال قائماً، والتوتر الداخلي في الصين لا يزال قائماً، ولكن إذا كانت هناك رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة أو نية متشددة حقيقية من جانب إدارة ترمب، فإن هذا قد يتغير».
وقال جو مازور، محلل التجارة بين الولايات المتحدة والصين بشركة «تريفيوم» الاستشارية في بكين، إن «النهج الحمائي» الأوسع نطاقاً لترمب قد يعمل لمصلحة الصين.
وتعهد الرئيس المنتخب بفرض رسوم جمركية لا تقل عن 10 في المائة على جميع الواردات إلى الولايات المتحدة.
وقال مازور: «إذا بدأت الاقتصادات الكبرى الأخرى في النظر إلى الولايات المتحدة بوصفها شريكاً تجارياً غير موثوق به، فقد تسعى إلى تنمية علاقات تجارية أعمق بالصين بحثاً عن أسواق تصدير أكثر ملاءمة». ومع ذلك، فإن آخرين يعتقدون أن التدابير المضادة المخطط لها من جانب بكين من شأنها أن تخاطر بإيذاء الشركات الصينية واقتصادها فقط في الأمد البعيد.
وقال جيمس زيمرمان، الشريك في شركة المحاماة «لوب آند لوب» في بكين، إن الحكومة الصينية قد تكون «غير مستعدة تماماً» لولاية ثانية لترمب، بما في ذلك «كل الفوضى والافتقار إلى الدبلوماسية التي ستأتي معها».
وأضاف زيمرمان أن السبب الرئيسي وراء عودة التوترات التجارية إلى الظهور هو فشل بكين في الوفاء بالالتزامات المتفق عليها في اتفاق عام 2020 مع إدارة ترمب الأولى، الذي دعا إلى شراء كميات كبيرة من واردات السلع الصينية من الولايات المتحدة. وقال إن الإجراء «الذكي» من جانب بكين سيكون فعل كل ما في وسعها لمنع فرض مزيد من التعريفات الجمركية، لافتاً إلى أن «احتمالات اندلاع حرب تجارية موسعة خلال الولاية الثانية للرئيس الأميركي المنتخب مرتفعة».