«الفاو»: تفاقم الجوع في 16 منطقة ساخنة بسبب الصراعات وظاهرة النينا

انعدام الأمن الغذائي يضرب الشرق الأوسط... والصراع يهدد السودان

أطفال فلسطينيون يتلقون طعاماً مطبوخاً بواسطة مطبخ خيري وسط نقص الغذاء في رفح (رويترز)
أطفال فلسطينيون يتلقون طعاماً مطبوخاً بواسطة مطبخ خيري وسط نقص الغذاء في رفح (رويترز)
TT

«الفاو»: تفاقم الجوع في 16 منطقة ساخنة بسبب الصراعات وظاهرة النينا

أطفال فلسطينيون يتلقون طعاماً مطبوخاً بواسطة مطبخ خيري وسط نقص الغذاء في رفح (رويترز)
أطفال فلسطينيون يتلقون طعاماً مطبوخاً بواسطة مطبخ خيري وسط نقص الغذاء في رفح (رويترز)

حذَّرت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو) وبرنامج الأغذية العالمي من أن انعدام الأمن الغذائي الحاد من المتوقع أن يتفاقم في 16 نقطة جوع ساخنة، وذلك في تقرير «الإنذار المبكر بشأن بؤر الجوع الساخنة وانعدام الأمن الغذائي».

ويشمل التقرير، الذي يغطي الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 إلى مايو (أيار) 2025، 22 بلداً ومنطقة تعاني من مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد. ويشير إلى أن انتشار النزاعات، لا سيما في منطقة الشرق الأوسط، إلى جانب الضغوط المناخية والاقتصادية، يدفع الملايين إلى حافة الجوع. كما يسلط الضوء على تداعيات الأزمة في غزة، بما في ذلك احتمال امتداد النزاع إلى لبنان.

وتتناول «الفاو» أيضاً التأثيرات السلبية لظاهرة النينيا المناخية، التي قد تؤدي إلى تفاقم الجفاف وموجات الحر في المناطق الضعيفة، مع زيادة خطر الفيضانات في مناطق أخرى، مما ينعكس سلباً على النظم الغذائية الهشة. ويُبرز التقرير كيف تؤثر آثار الصراع عبر الحدود، مما يؤدي إلى حركة السكان وتأثيرات اقتصادية إقليمية وعالمية.

على سبيل المثال، بعد عام من التصعيد، لا تزال العمليات العسكرية في قطاع غزة ترفع الاحتياجات إلى مستويات غير مسبوقة وتزيد من خطر المجاعة، مع تصاعد العنف والتحديات الاقتصادية في الضفة الغربية. من المتوقع أن يتضاعف عدد السكان في حالة كارثة (المرحلة 5 من التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي) بحلول نوفمبر، حيث سيواجه 876 ألف شخص (41 في المائة من السكان المعنيين) انعدام الأمن الغذائي الطارئ (المرحلة 4)، و345 ألف شخص (16 في المائة) يعانون من انعدام الأمن الغذائي الكارثي.

لبنان

وفي لبنان، من المتوقع أن يؤدي استمرار الصراع إلى زيادة عدد المحتاجين للمساعدة الإنسانية، مما يفاقم انعدام الأمن الغذائي. التداعيات ستكون ملحوظة بشكل خاص في سوريا، حيث يزيد العنف وتدفقات اللاجئين من تفاقم الوضع الاقتصادي، ويحدان من الوصول إلى الغذاء. وفي اليمن، يستمر الصراع في تأزيم الوضع المالي المتدهور ويحد من المساعدات الغذائية.

نازحون يستريحون في مأواهم المؤقت في ساحة الشهداء وسط العاصمة بيروت (رويترز)

السودان

كما يُتوقع أن يتوسع الصراع في السودان، مما يؤدي إلى مزيد من النزوح الجماعي وزيادة خطر المجاعة. وتزامناً مع تفاقم الأزمة الاقتصادية والقيود على الوصول الإنساني، قد تسهم هذه الأوضاع في تفاقم الأزمة الإنسانية الإقليمية وزيادة الحركات عبر الحدود إلى تشاد وجنوب السودان ومصر وإثيوبيا.

فارون من العنف في غرب دارفور (رويترز)

وفي عامي 2024 و2025، بلغ عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد في مناطق الجوع الساخنة كالتالي: في نيجيريا (31.8 مليون شخص)، السودان (21.1 مليون شخص)، اليمن (19 مليون شخص)، إثيوبيا (15.8 مليون شخص)، ميانمار (13.3 مليون شخص)، سوريا (12.9 مليون شخص)، جنوب السودان (7.1 مليون شخص)، زيمبابوي (6 ملايين شخص)، زامبيا (5.8 مليون شخص)، ملاوي (5.7 مليون شخص)، هايتي (5.5 مليون شخص)، الصومال (4.4 مليون شخص)، تشاد (3.8 مليون شخص)، النيجر (3.4 مليون شخص)، موزمبيق (3.3 مليون شخص)، بوركينا فاسو (2.7 مليون شخص)، فلسطين (قطاع غزة) (1.9 مليون شخص)، كينيا (1.7 مليون شخص)، مالي (1.4 مليون شخص)، لبنان (1.3 مليون شخص)، ناميبيا (1.3 مليون شخص)، ليسوتو (0.4 مليون شخص).

إلام خلص التقرير؟

وفيما يلي نتائج التقرير الرئيسية:

- استمرار الظروف الكارثية: تهدد مستويات انعدام الأمن الغذائي الحاد مئات الآلاف في مناطق مثل فلسطين والسودان وجنوب السودان وهايتي ومالي، حيث يواجه السكان خطر المجاعة (المرحلة 5). في السودان، تمثل المجاعة قلقاً بالغاً في «معسكر زمزم» بشمال دارفور. كما يعاني النازحون في هايتي وجنوب السودان من ظروف كارثية. هناك حاجة ملحة لتدخلات إنسانية عاجلة لمنع تفاقم المجاعة والوفيات.

- التأثيرات المتوقعة لظاهرة النينيا: من المتوقع أن تحدث ظاهرة النينيا بين نوفمبر 2024 ومارس (آذار) 2025، مما سيتسبب في اضطرابات في أنماط هطول الأمطار ويؤثر سلباً على الإنتاجية الزراعية في عدة مناطق. رغم أن بعض المناطق قد تستفيد، فإن النينيا تزيد من خطر الفيضانات في نيجيريا وجنوب السودان، بينما من المرجح أن تؤدي إلى جفاف في إثيوبيا وكينيا والصومال. لذا، يُعدُّ الرصد الدقيق للتغيرات المناخية أمراً حيوياً لتخفيف آثارها السلبية على الإنتاج الغذائي وسبل العيش.

- بلدان جديدة في بؤر الجوع الساخنة: أضيفت كينيا وليسوتو وناميبيا والنيجر إلى قائمة بؤر الجوع الساخنة، نتيجة الظروف المناخية المتطرفة والنزاعات وانعدام الاستقرار الاقتصادي. هذه العوامل، إلى جانب انخفاض التمويل للمساعدات الغذائية، تؤدي إلى مستويات مقلقة من انعدام الأمن الغذائي. لذا، هناك حاجة ملحة لتدخل فوري لمنع تفاقم الوضع في هذه المناطق الضعيفة.

وتعليقاً على التقرير، أشار المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة، شو دونغيو، إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة، قائلاً: «نحتاج إلى استقرار طويل الأمد وأمن غذائي، فالسلام هو شرط أساسي لتحقيق ذلك».


مقالات ذات صلة

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
يوميات الشرق النظام الغذائي النباتي يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة النباتية (جامعة كولومبيا)

التحول للنظام النباتي يوفر 650 دولاراً للفرد سنوياً

أظهرت دراسة أميركية أن اتباع نظام غذائي نباتي منخفض الدهون يمكن أن يخفض تكاليف الطعام للفرد بنسبة 19%، أي ما يعادل 1.80 دولار يومياً أو نحو 650 دولاراً سنويا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي نزوح سكان شمال غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

المنسق الأممي للسلام: الوضع في غزة «كارثي» مع بداية الشتاء ونزوح سكان الشمال

قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند اليوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة «كارثي» مع بداية فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أفريقيا أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أفاد تقرير بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (أبوجا )

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
TT

أميركا توسّع لائحتها السوداء ضد الشركات الصينية

حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)
حاويات وسفن شحن في ميناء تشينغداو بمقاطعة شاندونغ الصينية (رويترز)

أعلنت الولايات المتحدة، أنها وسّعت مجدداً لائحتها السوداء التي تحظر استيراد منتجات من منطقة شينجيانغ الصينية، أو التي يُشتبه في أنها صُنعت بأيدي أويغور يعملون قسراً.

وقد اتُّهمت نحو 30 شركة صينية جديدة باستخدام مواد خام أو قطع صنِعَت أو جمِعَت بأيدي أويغور يعملون قسراً، أو بأنها استخدمت هي نفسها هذه العمالة لصنع منتجاتها.

وبهذه الإضافة، يرتفع إلى 107 عدد الشركات المحظورة الآن من التصدير إلى الولايات المتحدة، حسبما أعلنت وزارة الأمن الداخلي.

وقالت الممثلة التجارية الأميركية، كاثرين تاي، في بيان: «بإضافة هذه الكيانات، تواصل الإدارة (الأميركية) إظهار التزامها بضمان ألّا تدخل إلى الولايات المتحدة المنتجات المصنوعة بفعل العمل القسري للأويغور أو الأقليات العرقية أو الدينية الأخرى في شينجيانغ».

وفي بيان منفصل، قال أعضاء اللجنة البرلمانية المتخصصة في أنشطة «الحزب الشيوعي الصيني» إنهم «سعداء بهذه الخطوة الإضافية»، عادّين أن الشركات الأميركية «يجب أن تقطع علاقاتها تماماً مع الشركات المرتبطة بالحزب الشيوعي الصيني».

يحظر قانون المنع الذي أقرّه الكونغرس الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) 2021، كل واردات المنتجات من شينجيانغ ما لم تتمكّن الشركات في هذه المنطقة من إثبات أن إنتاجها لا ينطوي على عمل قسري.

ويبدو أن المنتجات الصينية ستجد سنوات صعبة من التصدير إلى الأسواق الأميركية، مع تهديدات الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب بفرض رسوم جمركية تزيد على 60 في المائة على السلع الصينية جميعها، وهو ما أثار قلق الشركات الصينية وعجَّل بنقل المصانع إلى جنوب شرقي آسيا وأماكن أخرى.

كانت وزارة التجارة الصينية، قد أعلنت يوم الخميس، سلسلة من التدابير السياسية التي تهدف إلى تعزيز التجارة الخارجية للبلاد، بما في ذلك تعزيز الدعم المالي للشركات وتوسيع صادرات المنتجات الزراعية.

وكانت التجارة أحد المجالات النادرة التي أضاءت الاقتصاد الصيني في الآونة الأخيرة، في وقت يعاني فيه الاقتصاد من ضعف الطلب المحلي وتباطؤ قطاع العقارات، مما أثقل كاهل النمو.

وقالت الوزارة، في بيان نشرته على الإنترنت، إن الصين ستشجع المؤسسات المالية على تقديم مزيد من المنتجات المالية؛ لمساعدة الشركات على تحسين إدارة مخاطر العملة، بالإضافة إلى تعزيز التنسيق بين السياسات الاقتصادية الكلية للحفاظ على استقرار اليوان «بشكل معقول».

وأضاف البيان أن الحكومة الصينية ستعمل على توسيع صادرات المنتجات الزراعية، ودعم استيراد المعدات الأساسية ومنتجات الطاقة.

ووفقاً للبيان، فإن الصين سوف «ترشد وتساعد الشركات على الاستجابة بشكل نشط للقيود التجارية غير المبررة التي تفرضها البلدان الأخرى، وتخلق بيئة خارجية مواتية لتعزيز الصادرات».

وأظهر استطلاع أجرته «رويترز»، يوم الخميس، أن الولايات المتحدة قد تفرض تعريفات جمركية تصل إلى 40 في المائة على وارداتها من الصين في بداية العام المقبل، مما قد يؤدي إلى تقليص نمو الاقتصاد الصيني بنسبة تصل إلى 1 نقطة مئوية.