البنك الدولي يخفض مجدداً توقعاته للشرق الأوسط نتيجة الصراع

تحدث عن انتعاش اقتصادي طفيف في المنطقة بقيادة دول مجلس التعاون الخليجي

عمال الإنقاذ يعملون في موقع تضرر جراء غارة إسرائيلية في قانا جنوب لبنان (رويترز)
عمال الإنقاذ يعملون في موقع تضرر جراء غارة إسرائيلية في قانا جنوب لبنان (رويترز)
TT

البنك الدولي يخفض مجدداً توقعاته للشرق الأوسط نتيجة الصراع

عمال الإنقاذ يعملون في موقع تضرر جراء غارة إسرائيلية في قانا جنوب لبنان (رويترز)
عمال الإنقاذ يعملون في موقع تضرر جراء غارة إسرائيلية في قانا جنوب لبنان (رويترز)

خفض البنك الدولي توقعاته لنمو منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى 2.2 في المائة هذا العام من 2.4 في المائة في توقعاته السابقة في يونيو (حزيران) نظراً لحالة عدم اليقين وضبابية المشهد بسبب الصراع الدائر.

وقال البنك الدولي في أحدث إصداراته نصف السنوية حول المستجدات الاقتصادية للمنطقة، تحت عنوان «النمو في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، إن النمو المتوقع تحقيقه تقوده دول مجلس التعاون الخليجي والتي يتوقع أن تسجل 1.9 في المائة نمواً في العام 2024 ارتفاعاً من توقعات البنك السابقة البالغة 1 في المائة.

وكان النمو المحقق في العام 2023 قد بلغ 1.8 في المائة.

ويتوقع التقرير أن ينخفض ​​فائض الحساب الجاري في دول مجلس التعاون الخليجي من 8.1 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023 إلى 6.6 في المائة في عام 2024. ورغم أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي حافظت باستمرار على فوائض الحساب الجاري في كلا العامين، فمن المتوقع أن تشهد معظمها انخفاضاً في عام 2024.

كما يتوقع التقرير نمو الاقتصاد السعودي بواقع 1.6 في المائة في 2024 و4.9 في المائة في 2025، و2 في المائة و2.7 في المائة على التوالي بالنسبة للاقتصاد القطري، و3.3 في المائة و4.1 في المائة بالنسبة إلى الإمارات، و3.5 في المائة و3.3 في المائة بالنسبة إلى البحرين، وانكماشاً في الكويت بواقع 1 في المائة في 2024 ونمواً بواقع 2.5 في المائة في 2025. أما سلطنة عمان، فيتوقع أن تسجل نمواً بواقع 0.7 في المائة في 2024، و2.7 في المائة في 2025.

يتوقع البنك الدولي أن تسجل الكويت انكماشاً بواقع 1 في المائة في 2024 (رويترز)

ومن المتوقع أن تضيق الفوائض المالية بين دول مجلس التعاون الخليجي، لتصل إلى 0.2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2024، انخفاضاً من 0.5 في المائة في عام 2023، و6.3 في المائة في عام 2022

ويُتوقع أن ينخفض النمو في البلدان المستوردة للنفط من 3.2 في المائة في عام 2023 إلى 2.1 في المائة في عام 2024، كما سيتراجع في البلدان المصدرة للنفط خارج مجلس التعاون الخليجي من 3.2 في المائة إلى 2.7 في المائة.

*تأثير الصراع المستمر

وبحسب البنك الدولي، فقد أدى الصراع المستمر في الشرق الأوسط إلى خسائر بشرية واقتصادية فادحة، حيث بات الاقتصاد الفلسطيني على حافة الانهيار. ويشهد القطاع الفلسطيني أكبر انكماش اقتصادي على الإطلاق، إذ انكمش اقتصاد قطاع غزة بنسبة 86 في المائة في النصف الأول من عام 2024، بينما تواجه الضفة الغربية أزمة مالية عامة غير مسبوقة تؤثر على القطاع الخاص أيضاً.

فلسطينيون يجلسون في موقع غارة جوية إسرائيلية أصابت خياماً للنازحين في ساحة مستشفى شهداء الأقصى في دير البلح وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أما في لبنان، الذي يعاني من تبعات هذا الصراع، فلا تزال الآفاق الاقتصادية مشوبة بدرجة كبيرة من عدم اليقين، حيث سيتحدد شكلها وفقاً لمسار الصراع. وفي الوقت نفسه، تأثرت البلدان المجاورة مثل الأردن ومصر بتراجع عائدات السياحة وإيرادات المالية العامة.

ويلقي هذا الصراع بظلاله الثقيلة على مسارات التنمية في البلدان المتأثرة. وتشير التقديرات الواردة في التقرير إلى أنه لو لم يكن هناك صراع، لكان من الممكن أن يرتفع متوسط نصيب الفرد من الدخل في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 45 في المائة في المتوسط بعد سبع سنوات من نشوبه. وتعادل هذه الخسارة متوسط التقدم الذي أحرزته المنطقة على مدى الأعوام الخمسة والثلاثين الماضية.

وفي هذا السياق، قال نائب رئيس البنك الدولي لشؤون منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، أوسمان ديون: «السلام والاستقرار هما أساس التنمية المستدامة، ومجموعة البنك الدولي ملتزمة بمواصلة العمل في المناطق المتضررة من الصراع في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وبناء مستقبل يليق بجميع شعوب المنطقة».

* فرص تسريع النمو الشامل

وتناول التقرير أيضاً الفرص الرئيسية التي يمكن أن تساهم في تسريع النمو الشامل لجميع البلدان من خلال تسريع وتيرة الإصلاحات. وتشمل هذه الفرص إعادة التوازن في دور القطاعين العام والخاص، وتحسين توزيع المواهب في سوق العمل، وسد الفجوة بين الجنسين في معدلات التشغيل، بالإضافة إلى تشجيع الابتكار.

وعلى الرغم من المكاسب الكبيرة التي حققتها المنطقة في مستويات التعليم على مدار الخمسين عاماً الماضية، فإن معدل مشاركة المرأة في القوى العاملة لا يتجاوز 19 في المائة، مما يجعلها الأدنى على مستوى العالم. ومن شأن سد فجوات التشغيل بين الجنسين أن يؤدي إلى زيادة ملحوظة تصل إلى 50 في المائة في متوسط نصيب الفرد من الدخل في بلدان المنطقة. كما يؤكد التقرير على ضرورة شمول المرأة كشرط أساسي لازدهار الاقتصادات.

* أهمية التحول في دور الدولة

وفي سياق متصل، قالت رئيسة الخبراء الاقتصاديين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في البنك الدولي، روبرتا غاتي: «يمكن أن يؤدي إحداث تحول في دور الدولة إلى تحقيق زيادات كبيرة في الإنتاجية. فعلى سبيل المثال، تمتلك المنطقة أكبر نسبة من الموظفين في القطاع العام على مستوى العالم، وخاصة من النساء. ومن المؤسف أن كبر حجم القطاع العام في المنطقة لا يتماشى بالضرورة مع تحسين جودة سلع وخدمات النفع العام. كما أن جذب المواهب نحو القطاع الخاص يمكن أن يسهم في تحسين تخصيص الموارد، فضلاً عن تحقيق زيادات إجمالية في الإنتاجية تصل إلى 45 في المائة».

ويمكن أن تساهم الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية والمعارف العالمية في تعزيز النمو الاقتصادي في المنطقة. كما أن زيادة التجارة الدولية والاستفادة من الموقع الجغرافي الاستراتيجي للمنطقة تساعدان في تسهيل جلب التكنولوجيا والأفكار وتحقيق الابتكار. بالإضافة إلى ذلك، يُعتبر تحسين جودة البيانات وشفافيتها أداة رئيسية أخرى لتسهيل نشر الأفكار، رغم أن مستوى الشفافية لا يزال أقل من المعايير العالمية.


مقالات ذات صلة

«المركزي الإندونيسي» يُثبّت الفائدة وسط غموض عالمي متزايد

الاقتصاد امرأة تسير خلف شعار المصرف المركزي الإندونيسي في جاكرتا (رويترز)

«المركزي الإندونيسي» يُثبّت الفائدة وسط غموض عالمي متزايد

قرر المصرف المركزي الإندونيسي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، كما كان متوقعاً، موضحاً أن هذا القرار يتماشى مع هدفه في الحفاظ على معدلات التضخم.

«الشرق الأوسط» (جاكرتا )
الاقتصاد رمز «اليورو» أمام المقر السابق لـ«المصرف المركزي الأوروبي» في فرنكفورت بألمانيا (رويترز)

اقتصاد منطقة اليورو يظهر بعض علامات النمو

أظهر اقتصاد منطقة اليورو بعض علامات النمو يوم الثلاثاء، حيث برزت مجموعة من المؤشرات التي تُظهر نمواً فاتراً ولكنه إيجابي للمنطقة التي كانت على شفا الركود.

«الشرق الأوسط» (فرنكفورت (ألمانيا))
الاقتصاد يجلس الناس في مطعم بالهواء الطلق وسط الصراع المستمر بين «حماس» وإسرائيل في تل أبيب (رويترز)

تعديل نمو الناتج المحلي الإجمالي لإسرائيل بالانخفاض نتيجة حرب غزة

أظهرت بيانات يوم الثلاثاء أن اقتصاد إسرائيل نما بوتيرة أبطأ من المتوقع في الربع الثاني، في ظل تأثير الحرب المستمرة ضد حركة «حماس» في غزة على النمو.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الاقتصاد أشخاص يسيرون بالقرب من مبنى «بنك إنجلترا» في لندن (رويترز)

الأجور البريطانية تسجّل أبطأ نمو منذ عامين

نمت الأجور في بريطانيا بأبطأ وتيرة لها منذ أكثر من عامين خلال الأشهر الثلاثة حتى أغسطس (آب)، في حين انخفضت الوظائف الشاغرة مرة أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد يعبر الأشخاص الفارون من العنف في غرب دارفور الحدود إلى أدري بتشاد (رويترز)

البنك الدولي يخفض توقعات نمو أفريقيا جنوب الصحراء بسبب السودان

قال البنك الدولي، الاثنين، إنه خفض توقعاته لنمو الاقتصاد في منطقة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى هذا العام إلى 3 في المائة.

«الشرق الأوسط» (نيروبي )

«منارة المعادن» السعودية تجري مباحثات للاستثمار في قطاع التعدين الزامبي

منظر عام لمنجم كوبري بنما المملوك لشركة «فيرست كوانتوم مينيرالز» الكندية في دونوسو (رويترز)
منظر عام لمنجم كوبري بنما المملوك لشركة «فيرست كوانتوم مينيرالز» الكندية في دونوسو (رويترز)
TT

«منارة المعادن» السعودية تجري مباحثات للاستثمار في قطاع التعدين الزامبي

منظر عام لمنجم كوبري بنما المملوك لشركة «فيرست كوانتوم مينيرالز» الكندية في دونوسو (رويترز)
منظر عام لمنجم كوبري بنما المملوك لشركة «فيرست كوانتوم مينيرالز» الكندية في دونوسو (رويترز)

تجري شركة «منارة المعادن» التابعة لـ«صندوق الاستثمارات العامة» السعودي، محادثات متقدمة للاستحواذ على حصة أقلية تتراوح بين 15 و20 في المائة من أصول شركة «فيرست كوانتوم» للمعادن في زامبيا، وذلك وفقاً لمصادر مطلعة على الصفقة لوكالة «رويترز». وتوقّعت المصادر إمكانية إكمال عملية البيع بحلول نهاية عام 2024.

وتأسست شركة «منارة المعادن للاستثمار» في 2023 وهي مشروع جديد بين شركة التعدين العربية السعودية (معادن) وصندوق الاستثمارات العامة، وتهدف للاستثمار في أصول التعدين على مستوى العالم ودعم تطوير سلاسل التوريد العالمية المرنة.

وتستثمر «منارة المعادن» في الشركات لتسهيل إنتاج المعادن المستقبلية والشراء الآمن والمساعدة في ربط المناجم بالأسواق العالمية، وفقاً للصندوق.

أما شركة «فيرست كوانتوم» فهي أحد أكبر 10 منتجين للنحاس في العالم، وثاني كبرى الشركات العاملة في مجال التعدين في زامبيا، وتصدِّر ملايين الأطنان من النحاس إلى أنحاء العالم.

وتعمل السعودية لتطوير قطاع التعدين؛ ليصبح الركيزة الثالثة في الصناعة بعد النفط والبتروكيماويات، وليكون مصدراً مهماً من مصادر تنويع الدخل للاقتصاد الوطني، وفقاً لمستهدفات «رؤية 2030»، وذلك عبر شركة «معادن» التي تعد أحد أكبر منتجي الأسمدة الزراعية الفوسفاتية في العالم.