صفقة «يونيكريديت» – «كوميرتس بنك» تشرّع الحدود المصرفية في أوروبا

ألمانيا مصدومة من طريقة الاستحواذ... وإيطاليا مؤيدة شرط بقاء المقر الرئيسي فيها

بطاقات ائتمان تابعة لـ«يونيكريديت» أمام شعار «كوميرتس بنك» (رويترز)
بطاقات ائتمان تابعة لـ«يونيكريديت» أمام شعار «كوميرتس بنك» (رويترز)
TT

صفقة «يونيكريديت» – «كوميرتس بنك» تشرّع الحدود المصرفية في أوروبا

بطاقات ائتمان تابعة لـ«يونيكريديت» أمام شعار «كوميرتس بنك» (رويترز)
بطاقات ائتمان تابعة لـ«يونيكريديت» أمام شعار «كوميرتس بنك» (رويترز)

منذ أيام، أعلن «يونيكريديت»، ثاني أكبر مصرف في إيطاليا، استحواذه على حصة نسبتها 9 في المائة في مصرف «كوميرتس بنك» الألماني ويسعى إلى الحصول على إذن من البنك المركزي الأوروبي لزيادة هذه الحصة إلى 29.9 في المائة، بينما قالت مصادر إن المصرف سيكون منفتحاً على الاستحواذ الكامل.

هذا التحرك أثار تساؤلات حول ما إذا كان الاندماج عبر الحدود الذي طال انتظاره يمكن أن يحفز المزيد من عمليات الاستحواذ أو أن يهز القطاع المصرفي الأوروبي. في وقت عبّرت برلين عن غضبها من الطريقة التي استحوذ بها البنك الإيطالي على حصته وسط تنامي المعارضة داخل الحكومة الألمانية بشأن المخاطر المحتملة على الاقتصاد الكلي التي قد يشكلها الاندماج على الاقتصاد الألماني.

إذ كانت بعض الشخصيات البارزة في الحكومة الألمانية «متشككة للغاية» بشأن مثل هذا الاستحواذ، وفق ما قال شخص مطلع على المناقشات الداخلية لصحيفة «فايننشال تايمز»، ويرجع ذلك جزئياً إلى ما اعتبرته برلين «الطريقة الخفية» التي جمعت بها «يونيكريديت» الحصة.

وقال شخص آخر على دراية مباشرة بالمسألة إن هجوم «يونيكريديت» على «كوميرتس بنك» كان يُنظر إليه في برلين على أنه «عمل غير ودي». وأضاف الشخص أنه من «غير المنطقي» أن يجادل الرئيس التنفيذي لـ«يونيكريديت» أندريا أورسيل بأن الحكومة الألمانية رحبت بعرضه.

الرئيس التنفيذي لـ«يونيكريديت» أندريا أورسيل أثناء مغادرته الجمعية السنوية للاتحاد النمساوي في روما (رويترز)

وقد تحدث كلاهما شرط عدم الكشف عن هويتهما لأن حكومة المستشار أولاف شولتس لم تبلور بعد موقفاً رسمياً بشأن الاندماج المحتمل.

وقالت متحدثة باسم وزارة المالية الألمانية إن الحكومة «تحلل الموقف»، ورفضت التعليق أكثر.

فيما قالت وكالة المالية الألمانية إن ألمانيا لن تبيع أي أسهم أخرى في «كوميرتس بنك» في الوقت الحالي وإن استراتيجية البنك «تتجه نحو الاستقلال»، وذلك في أوضح إشارة حتى الآن إلى أن الحكومة لا تفضل حالياً الاستحواذ على ثاني أكبر بنك في البلاد.

أصبح «يونيكريديت» ثاني أكبر مساهم في «كوميرتس بنك» الأسبوع الماضي بعد الكشف عن حصة 9 في المائة في المقرض، والذي اشترى نصفها في كتلة واحدة من الحكومة الألمانية.

هذه الخطوة، بحسب «فايننشال تايمز»، فاجأت كبار المسؤولين في برلين الذين لم يتوقعوا وجود مزايدين استراتيجيين في مزاد يستهدف المستثمرين الماليين، وفشلوا في تقدير حتى وقت متأخر من العملية أن «يونيكريديت» قد جمع بالفعل حصة 4.5 في المائة.

ويشير رد الفعل السلبي داخل الحكومة إلى أن نهج «يونيكريديت» ربما كانت له نتائج عكسية، مما أدى إلى خفض احتمالات أورسيل لتنفيذ عملية استحواذ كاملة.

المقر الرئيسي لـ«كوميرتس بنك» (رويترز)

وقال «يونيكريديت»: «لقد أجرت الحكومة (الألمانية) عملية مزاد شفافة تماماً لبيع حصتها... والتي تمت دعوتنا للمشاركة فيها».

وصرح أورسيل لصحيفة «هاندلسبلات» الألمانية في وقت سابق من هذا الأسبوع «ما كنا لنتحرك لو لم نكن موضع ترحيب».

وأعرب فريق «كوميرتس بنك» المكلف بالتعامل مع أورسيل عن قلقه أيضاً من أن «يونيكريديت» قد «يتعرض بشكل مفرط لإيطاليا»، وفقاً لما ذكره أربعة أشخاص مطلعون على المناقشات الداخلية. فإذا اشترى «يونيكريديت» «كوميرتس بنك»، قد تجد برلين نفسها في موقف يضطرها إلى إنقاذ المقرض الذي يتخذ من إيطاليا مقراً له في حالة حدوث أزمة مالية، وفقاً لأشخاص رئيسيين شاركوا في المناقشات في برلين وفرانكفورت للصحيفة البريطانية.

ويعتبر «كوميرتس بنك» أحد أهم المقرضين لصناعة التصدير الألمانية والشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تشكل العمود الفقري لاقتصاد البلاد. ويرأس المقرض الألماني رئيس البنك المركزي الألماني السابق ينس فايدمان، الذي حذر في وظيفته السابقة مراراً من ارتفاع مستويات الديون السيادية في دول منطقة اليورو.

ونسبة الدين العام في إيطاليا هي ثاني أعلى نسبة في منطقة اليورو، وأكثر من ضعف نسبة ألمانيا. وتصنف وكالة «موديز» الديون السيادية الألمانية عند «إيه إيه إيه»، وهو أعلى تصنيف ممكن، في حين تصنف الديون السيادية الإيطالية عند «بي إيه إيه3»، وهو ما يزيد درجة واحدة فقط عن الديون غير المرغوب فيها.

ويشعر المسؤولون في برلين بالقلق أيضاً من أن الاندماج، الذي تخشى النقابات العمالية أن يؤدي إلى فقدان الآلاف من الوظائف في «كوميرتس بنك» وفرع «يونيكريديت» الألماني في ميونيخ «هايبو فيرينس بنك»، قد يصبح قضية في حملة الانتخابات العام المقبل، على حساب ائتلاف شولتس غير الشعبي.

ومع ذلك، فإن الحكومة الألمانية، التي لم تتوصل بعد إلى موقف موحد بشأن اهتمام «يونيكريديت» بـ«كوميرتس بنك»، تدرك أنها بحاجة إلى توخي الحذر لأن ألمانيا كانت داعمة للتكامل الأوروبي واتحاد أسواق رأس المال، حسبما قال الأشخاص.

وتعهد اتحاد قطاع الخدمات القوي في ألمانيا بمحاربة أي صفقة بين المصرفين «بكل قوة»، في حين أعرب سياسيون معارضون من حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» من يمين الوسط وحزب «بي إس دبليو» الشعبوي اليساري عن مخاوفهم أيضاً. وقال ألكسندر لورز، وهو سياسي من حزب «الاتحاد الديمقراطي المسيحي» ووزير مالية ولاية هيسن الألمانية، لصحيفة «فايننشال تايمز» إن الولاية تتوقع من الحكومة الفيدرالية تعزيز مكانة فرانكفورت كمركز مالي. وقال: «نحن نركز على مصالح أهم مركز مالي في ألمانيا».

من جهتها، تدعم الحكومة الإيطالية الاستحواذ على «كوميرتس بنك» ــ شرط أن يظل المقر الرئيسي لبنك أوروبي موسع في إيطاليا، وفقاً لأشخاص مطلعين على تفكير روما لـ«رويترز».


مقالات ذات صلة

«وول ستريت» تستعد لتداول الأسهم على مدار الساعة… والبنوك حذرة

الاقتصاد لافتة «وول ستريت» تظهر خارج بورصة نيويورك (رويترز)

«وول ستريت» تستعد لتداول الأسهم على مدار الساعة… والبنوك حذرة

يقترب التداول المستمر على مدار الساعة في أسواق الأسهم الأميركية من أن يصبح واقعاً، لكن هذه الخطوة لا تحظى بإجماع المتحمسين في «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد مخطط مؤشر الأسهم الألماني «داكس» في بورصة فرنكفورت (رويترز)

الأسهم الأوروبية ترتفع بدعم انتعاش أسهم البنوك والطاقة

ارتفعت الأسهم الأوروبية بشكل طفيف، يوم الاثنين، مدفوعةً بانتعاش أسهم البنوك وشركات الطاقة، مع عودة المستثمرين إلى الأصول عالية المخاطر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد عَلم الاتحاد الأوروبي ومخطط للأسهم وعبارة «الذكاء الاصطناعي» في هذه الصورة التوضيحية (رويترز)

الذكاء الاصطناعي يفتح شهية المستثمرين على أسهم البنوك الأوروبية

بعد عام 2025 الاستثنائي، يتوقع المستثمرون أن تُواصل أسهم البنوك الأوروبية مسارها الصاعد خلال عام 2026، مدعومة بأرباح قوية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

«المركزي الأوروبي» يختبر جاهزية 110 بنوك لمواجهة الصدمات الجيوسياسية

أعلن البنك المركزي الأوروبي، يوم الجمعة، أنه سيطلب من 110 من أكبر بنوك منطقة اليورو تقييم كيفية تأثير الصدمات الجيوسياسية الكبرى على أعمالها.

«الشرق الأوسط» (فرانكفورت)
الاقتصاد شعار بنك «يو بي إس» السويسري في زيوريخ (رويترز)

أسهم بنك «يو بي إس» ترتفع إلى أعلى مستوى لها منذ 17 عاماً

ارتفعت أسهم بنك «يو بي إس» إلى أعلى مستوياتها منذ عام 2008، بعد أن طرح المشرعون السويسريون تسوية بشأن قواعد رأس المال الجديدة.

«الشرق الأوسط» (زيوريخ )

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر إلى أضعف وتيرة منذ يونيو

جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)
جسر «إد كوتش كوينزبورو» في مدينة نيويورك (رويترز)

أظهرت بيانات مسح، نُشرت يوم الثلاثاء، تباطؤ نمو النشاط التجاري الأميركي في ديسمبر (كانون الأول) إلى أضعف وتيرة له منذ يونيو (حزيران)، مع انخفاض الطلبات الجديدة لكل من المصنّعين ومقدمي الخدمات، ليختتم بذلك عاماً من التقلبات وعدم اليقين الذي شهده الاقتصاد الأميركي.

وأفادت مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال» بأن مؤشر مديري المشتريات المركب الأولي انخفض إلى 53 نقطة هذا الشهر، مقارنةً بقراءته النهائية البالغة 54.2 نقطة في نوفمبر (تشرين الثاني). وتشير القراءات التي تتجاوز 50 نقطة إلى توسُّع النشاط الاقتصادي، وفق «رويترز».

وأظهرت البيانات أدنى ارتفاع في الأعمال الجديدة الواردة خلال 20 شهراً، كما انخفضت الطلبات الجديدة على السلع لأول مرة منذ عام. وتراجع مؤشر «ستاندرد آند بورز» الذي يتتبع نشاط الخدمات، والذي يمثل ثلثي الناتج الاقتصادي الأميركي، إلى 52.9 نقطة في ديسمبر، وهو أدنى مستوى له خلال 6 أشهر، مقارنةً بـ54.1 نقطة في نوفمبر. كما انخفض مؤشر التصنيع إلى 51.8 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ يوليو (تموز)، مقارنةً بـ52.2 نقطة في نوفمبر. وكانت كلتا القراءتين أضعف من توقعات الاقتصاديين الذين استطلعت «رويترز» آراءهم.

وقال كريس ويليامسون، كبير الاقتصاديين في مؤسسة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، في بيان: «تشير بيانات مؤشر مديري المشتريات الأولية لشهر ديسمبر إلى أن طفرة النمو الاقتصادي الأخيرة بدأت تفقد زخمها. ومع التراجع الحاد في نمو المبيعات الجديدة، خصوصاً قبيل موسم الأعياد، قد يزداد تباطؤ النشاط الاقتصادي مع دخولنا عام 2026».

وشهد الاقتصاد الأميركي تقلبات حادة خلال عام 2025، إذ أعقبت عودة الرئيس دونالد ترمب إلى البيت الأبيض تغييرات جذرية في السياسات، بما في ذلك تشديد إجراءات الهجرة التي أثرت سلباً على القوى العاملة، وموجات من الرسوم الجمركية الجديدة التي أحدثت اضطراباً في التجارة الدولية ورفعت أسعار السلع. كما زاد الإغلاق الحكومي الفيدرالي المطول في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر من حالة عدم اليقين، وأدى إلى توقف تدفق البيانات الاقتصادية الرئيسية.

وانكمش الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة في الرُّبع الأول؛ نتيجة تدفق الواردات لتجنب الرسوم الجمركية، ثم انتعش في الرُّبع الثاني بعد انحسار هذه الرسوم. ومن المتوقع أن يُظهر تقرير الناتج المحلي الإجمالي للرُّبع الثالث، الذي سيصدر قبيل عيد الميلاد، استمرار نمو الاقتصاد بمعدل سنوي يزيد على 3 في المائة حتى بدء الإغلاق. ولن تُنشر بيانات الرُّبع الرابع إلا مطلع العام المقبل.

وأضاف ويليامسون: «على الرغم من أن بيانات المسح تشير إلى نمو سنوي في الناتج المحلي الإجمالي بنحو 2.5 في المائة خلال الرُّبع الرابع، فإن النمو قد تباطأ الآن لمدة شهرين».

ولن يُسهم تقرير «ستاندرد آند بورز» سوى في تقديم صورة جزئية لصناع السياسة في «الاحتياطي الفيدرالي»، الذين خفَّضوا أسعار الفائدة 3 مرات في النصف الثاني من عام 2025؛ بسبب مخاوف تتعلق بمخاطر نمو التوظيف، لكنهم لم يمتلكوا بيانات كافية عن سوق العمل لدعم قراراتهم بسبب الإغلاق.

وأوضحت «ستاندرد آند بورز» أن نمو الوظائف، وفقاً لبياناتها، «ظل مقيداً بشكل عام؛ بسبب المخاوف المتعلقة بالتكاليف، وضعف الطلب، وعدم اليقين بشأن التوقعات الاقتصادية»، مشيرةً إلى استمرار بعض الشركات في الإبلاغ عن نقص في العمالة.

كما ارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز» لأسعار المدخلات إلى أعلى مستوى له منذ نحو 3 سنوات، مدفوعاً بارتفاع حاد في التكاليف التي أبلغت عنها شركات الخدمات، مما منح مسؤولي «الاحتياطي الفيدرالي» المتخوفين من التضخم سبباً إضافياً للتردد في الموافقة على مزيد من تخفيضات أسعار الفائدة.


هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
TT

هاسيت يؤكد أهمية استقلالية «الفيدرالي» رغم قربه من ترمب

مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)
مدير المجلس الاقتصادي الوطني كيفن هاسيت يُجري مقابلة تلفزيونية في البيت الأبيض 10 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب)

قال كيفن هاسيت، المستشار الاقتصادي للبيت الأبيض وأحد أبرز المرشحين لرئاسة «الاحتياطي الفيدرالي» في نظر الرئيس دونالد ترمب، إن استقلالية البنك المركزي أمر بالغ الأهمية، في ظل المخاوف من احتمال تقاربه الشديد مع الرئيس.

وصرح هاسيت في مقابلة مع قناة «سي إن بي سي»: «استقلالية الاحتياطي الفيدرالي بالغة الأهمية». وأضاف أن هناك مجالاً واسعاً لخفض أسعار الفائدة في الاقتصاد الأميركي، وهو هدف يسعى ترمب لتحقيقه منذ عودته إلى منصبه. وقد شن الرئيس الجمهوري هجوماً مستمراً على رئيس الاحتياطي الفيدرالي الحالي، جيروم باول، الذي تنتهي ولايته في مايو (أيار)، لعدم خفضه أسعار الفائدة بالقدر الكافي.

كان ترمب قد رشّح هاسيت، مدير المجلس الاقتصادي الوطني في البيت الأبيض، وكيفن وارش، محافظ الاحتياطي الفيدرالي السابق، بوصفهما أبرز المرشحين لخلافة باول.

وفي مقابلات أُجريت يوم الثلاثاء، تجاهل هاسيت أسئلة حول المخاوف من أن يكون مقرباً جداً من ترمب بحيث لا يستطيع وضع مسار مستقل للبنك المركزي.

وقال هاسيت للصحافيين خارج البيت الأبيض: «إن فكرة أن القرب من الرئيس والخدمة الجيدة له تُقصي أي شخص عن أي وظيفة أمر لا معنى له على الإطلاق».


«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
TT

«وول ستريت» تتأرجح بعد بيانات اقتصادية متباينة

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ب)

شهدت سوق الأسهم الأميركية تذبذباً يوم الثلاثاء، عقب صدور بيانات متباينة حول قوة الاقتصاد، التي لم تُبدد حالة عدم اليقين بشأن اتجاه أسعار الفائدة.

وافتتح مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» منخفضاً بنسبة 0.1 في المائة، ولا يزال أدنى بقليل من أعلى مستوى له على الإطلاق والذي سجله الأسبوع الماضي. بينما انخفض مؤشر «داو جونز» الصناعي بمقدار 4 نقاط، أي أقل من 0.1 في المائة، عند الساعة 9:35 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وانخفض مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.2 في المائة، وفق «وكالة أسوشييتد برس».

وحافظت عوائد سندات الخزانة على استقرارها النسبي بعد تذبذب أولي، إثر تقرير أشار إلى أن معدل البطالة في الولايات المتحدة بلغ أسوأ مستوى له الشهر الماضي منذ عام 2021، رغم إضافة أصحاب العمل لعدد أكبر من الوظائف مقارنة بتوقعات الاقتصاديين. وفي الوقت نفسه، أظهر تقرير منفصل نمو مؤشر أساسي لقوة إيرادات تجار التجزئة الأميركيين في أكتوبر (تشرين الأول) بوتيرة أسرع من المتوقع.

وأدت هذه البيانات المتباينة في البداية إلى انخفاض عوائد سندات الخزانة، وكان رد فعل المستثمرين الفوري يشير إلى أن هذه البيانات قد تدفع الاحتياطي الفيدرالي إلى عدّ تباطؤ سوق العمل تهديداً أكبر للاقتصاد من التضخم المرتفع، ما قد يدعم فكرة خفض أسعار الفائدة بشكل أكبر في 2026. غير أن العوائد استعادت لاحقاً جزءاً من انخفاضها وتذبذبت صعوداً وهبوطاً.

وتُعد سياسة مجلس الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة محركاً رئيسياً لوول ستريت، إذ يمكن أن يؤدي خفضها إلى دعم الاقتصاد وأسعار الاستثمارات، رغم أنه قد يفاقم التضخم. ومن المقرر صدور تقرير يوم الخميس يوضح مدى سوء التضخم في الشهر الماضي، ويتوقع الاقتصاديون أن يُظهر استمرار ارتفاع أسعار المستهلكين بوتيرة أسرع مما يُرغب.

وفي سوق السندات، استقر عائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات عند 4.18 في المائة، وهو مستواه نفسه في نهاية تعاملات يوم الاثنين، بينما انخفض عائد السندات لأجل عامين، الذي يعكس توقعات الاحتياطي الفيدرالي بشكل أدق، إلى 3.50 في المائة من 3.51 في المائة.

ولم يترك الإغلاق الحكومي الفيدرالي الأخير تأثيراً كبيراً على البيانات، ما قلل من أثر تقارير يوم الثلاثاء. وذكر كاي هايغ، الرئيس المشارك العالمي لحلول الدخل الثابت والسيولة في «غولدمان ساكس» لإدارة الأصول، أن «تقرير بيانات التوظيف لشهر ديسمبر (كانون الأول)، الذي سيصدر أوائل يناير (كانون الثاني) قبل الاجتماع القادم، سيكون على الأرجح مؤشراً أكثر دلالة للاحتياطي الفيدرالي عند تحديد مسار السياسة النقدية على المدى القريب».

وساهمت التقلبات المستمرة للأسهم، المتأثرة بحماس المستثمرين تجاه تقنيات الذكاء الاصطناعي، في كبح جماح السوق عموماً.

وارتفع سهم «أوراكل» بنسبة 1.1 في المائة وسهم «برودكوم» بنسبة 1.6 في المائة، بعد أن كان كلاهما قد سجّل خسائر حادة الأسبوع الماضي، على الرغم من إعلان أرباح أعلى من توقعات المحللين للربع الأخير. في المقابل، انخفض سهم «كورويف»، الذي يؤجر الوصول إلى أحدث رقائق الذكاء الاصطناعي، بنسبة 2.4 في المائة، وتراجع سهم «إنفيديا» بنسبة 0.2 في المائة. ولا تزال التساؤلات قائمة حول ما إذا كان الإنفاق الكبير على تقنيات الذكاء الاصطناعي سيحقق الأرباح والإنتاجية المرجوة.

على صعيد آخر، ارتفع سهم «كرافت هاينز» بنسبة 1.2 في المائة بعد إعلان تعيين ستيف كاهيلان، الرئيس التنفيذي السابق لشركة «كيلانوفا» المالكة لعلامة «كيلوغز»، رئيساً تنفيذياً ابتداء من 1 يناير. وبعد انقسام الشركة إلى شركتين في النصف الثاني من عام 2026، سيتولى كاهيلان قيادة الشركة التي ستحتفظ بعلامات «هاينز» و«فيلادلفيا» و«كرافت ماك آند تشيز».

في المقابل، انخفض سهم «فايزر» بنسبة 1.6 في المائة بعد إعلان توقعات إيرادات تتراوح بين 59.5 و62.5 مليار دولار للعام المقبل، وهو ما يُقارب توقعات المحللين.

على الصعيد العالمي، تراجعت المؤشرات في معظم أنحاء أوروبا وآسيا. حيث انخفض مؤشر «نيكي 22» الياباني بنسبة 1.6 في المائة بعد بيانات أولية أظهرت انكماشاً طفيفاً في قطاع التصنيع، وسط توقعات واسعة بأن يرفع بنك اليابان أسعار الفائدة لاحقاً هذا الأسبوع. كما انخفض مؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بنسبة 2.2 في المائة، وتراجعت المؤشرات في هونغ كونغ بنسبة 1.5 في المائة وشنغهاي بنسبة 1.1 في المائة.