التضخم الأميركي يصل إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات

مع استعداد الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة

أشخاص يتسوّقون في متجر بقالة في 14 أغسطس 2024 في روزميد بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوّقون في متجر بقالة في 14 أغسطس 2024 في روزميد بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
TT

التضخم الأميركي يصل إلى أدنى مستوى له في 3 سنوات

أشخاص يتسوّقون في متجر بقالة في 14 أغسطس 2024 في روزميد بكاليفورنيا (أ.ف.ب)
أشخاص يتسوّقون في متجر بقالة في 14 أغسطس 2024 في روزميد بكاليفورنيا (أ.ف.ب)

تراجعت حدة ارتفاع التضخم في الولايات المتحدة بعد الوباء بشكل أكبر الشهر الماضي، حيث وصلت الزيادات في الأسعار على أساس سنوي إلى أدنى مستوى لها في 3 سنوات، ما يمهّد الطريق أمام بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة الأسبوع المقبل.

فقد أظهر تقرير، يوم الأربعاء، من وزارة العمل أن أسعار المستهلك ارتفعت بنسبة 2.5 في المائة في أغسطس (آب)، مقارنةً بالعام السابق، وكان هذا هو الانخفاض السنوي الخامس على التوالي، وأصغر زيادة من هذا القبيل منذ فبراير (شباط) 2021.

وعلى أساس شهري، من يوليو (تموز) إلى أغسطس، ارتفعت الأسعار بنسبة 0.2 في المائة فقط.

وباستثناء تكاليف الغذاء والطاقة المتقلّبة، ارتفعت ما يسمى بالأسعار الأساسية بنسبة 3.2 في المائة في أغسطس من 12 شهراً سابقة، كما هو الحال في يوليو، أما على أساس شهري فقد ارتفعت الأسعار الأساسية بنسبة 0.3 في المائة الشهر الماضي، وهو ارتفاع من زيادة يوليو بنسبة 0.2 في المائة، يراقب خبراء الاقتصاد عن كثب الأسعار الأساسية، والتي توفر عادةً قراءة أفضل لاتجاهات التضخم المستقبلية.

على مدى أشهر، قدّم تباطؤ التضخم راحةً تدريجية للمستهلكين في أميركا، الذين تأثروا بارتفاع الأسعار الذي اندلع قبل 3 سنوات، وخصوصاً بالنسبة للمواد الغذائية والغاز والإيجار، وغيرها من الضروريات، وبلغ التضخم ذروته في منتصف عام 2022 عند 9.1 في المائة، وهو أعلى معدل في 4 عقود.

كان أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض التضخم الإجمالي في الشهر الماضي هو الانخفاض الثالث في أسعار الغاز في الأشهر الأربعة الماضية، حيث انخفضت أسعار الغاز المتوسطة بنسبة 0.6 في المائة من يوليو إلى أغسطس، وانخفضت بنسبة 10.6 في المائة عن العام الماضي، وانخفضت السيارات المستعملة بنسبة 1 في المائة الشهر الماضي، وبالقياس على العام السابق، انخفضت أسعار السيارات المستعملة بنسبة 10.4 في المائة.

وأشار مسؤولو بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى ثقتهم المتزايدة في أن التضخم يتراجع إلى هدفهم، البالغ 2 في المائة، وأنهم يحوّلون تركيزهم الآن إلى دعم سوق العمل، الذي يتباطأ بشكل مطّرد، ونتيجةً لذلك يستعد صناع السياسات لبدء خفض سعر الفائدة القياسي من أعلى مستوى له في 23 عاماً، على أمل تعزيز النمو والتوظيف، ومن المتوقع على نطاق واسع خفض متواضع بمقدار ربع نقطة مئوية الأسبوع المقبل، وبمرور الوقت، من المفترض أن تؤدي سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة إلى تقليل تكلفة الاقتراض في جميع أنحاء الاقتصاد، بما في ذلك الرهن العقاري وقروض السيارات وبطاقات الائتمان.

وقد تؤثر أرقام التضخم الأخيرة على السباق الرئاسي في أسابيعه الأخيرة. وألقى الرئيس السابق دونالد ترمب باللوم على نائبة الرئيس كامالا هاريس، بسبب ارتفاع التضخم الذي اندلع في أوائل عام 2021 مع توقف سلاسل التوريد العالمية، ما تسبب في نقص حاد في الأجزاء والعمالة. من جهتها اقترحت هاريس إعانات لمشتري المنازل والبنائين، في محاولة لتخفيف تكاليف الإسكان، ودعم حظر فيدرالي على رفع أسعار البقالة، فيما قال ترمب إنه سيعزز إنتاج الطاقة لمحاولة الحد من التضخم الإجمالي.

وبعد نشر البيانات، ارتفع الدولار الأميركي، ما عزّز التوقعات بأن يقوم بنك الاحتياطي الفيدرالي على الأرجح بخفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في وقت لاحق من هذا الشهر، وارتفع مؤشر الدولار 0.1 في المائة إلى 101.79 مع انخفاض اليورو، مقابل الدولار الأميركي إلى 1.1005 دولار.

فيما واصلت العقود الآجلة لمؤشرات الأسهم الأميركية خسائرها بعد البيانات، وفي الساعة 8:33 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة، انخفضت مؤشرات «ستاندرد آند بورز» 500 23.75 نقطة، أو 0.43 في المائة، وانخفضت مؤشرات «ناسداك» 100 79.25 نقطة، أو 0.42 في المائة، وانخفضت مؤشرات «داو جونز» 259 نقطة، أو 0.63 في المائة.


مقالات ذات صلة

البطالة في كندا تهبط إلى 6.9 % مع إضافة 83 ألف وظيفة

الاقتصاد لافتة «مطلوب موظفون» معلّقة في نافذة أحد المحلات في ويست في تورونتو - أونتاريو (رويترز)

البطالة في كندا تهبط إلى 6.9 % مع إضافة 83 ألف وظيفة

أظهرت بيانات يوم الجمعة مفاجأة، بانخفاض معدل البطالة في كندا إلى 6.9 في المائة خلال يونيو (حزيران)، مدفوعاً بزيادة التوظيف في قطاعات تجارة الجملة والتجزئة.

«الشرق الأوسط» (أوتاوا )
الاقتصاد امرأة تتسوق في إحدى الأسواق المحلية في مدينة نيس (رويترز)

التضخم الفرنسي يتجاوز التوقعات في يونيو

تجاوزت أسعار المستهلك في فرنسا التقديرات الأولية لشهر يونيو (حزيران)، مؤكدة اتجاهاً أوسع في منطقة اليورو نحو ارتفاع تدريجي في معدلات التضخم.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد مقر مبنى البنك المركزي الأوروبي في فرانكفورت (رويترز)

شنابل من «المركزي الأوروبي»: عقبات خفض الفائدة كبيرة رغم مرونة الاقتصاد

قالت إيزابيل شنابل، عضو مجلس إدارة البنك المركزي الأوروبي، في مقابلة نُشرت يوم الجمعة، إن العوائق أمام خفض أسعار الفائدة لا تزال «كبيرة جداً».

«الشرق الأوسط» (ميلانو - فرانكفورت)
الاقتصاد عمال تشغيل ماكينات أثناء أداء مهامهم في مصنع شركة «فاشن إنتر» المحدودة في لندن (رويترز)

أسعار المنتجين في بريطانيا ترتفع بأكثر من المتوقع بعد تصحيح البيانات

كشفت أرقام جديدة صادرة عن مكتب الإحصاء الوطني البريطاني عن ارتفاع معدلات التضخم في أسعار المنتجين الصناعيين بصورة أكبر من التقديرات السابقة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

محضر «الفيدرالي» يكشف عن دعم محدود لخفض الفائدة في يوليو

كشف محضر اجتماع مجلس الاحتياطي الفيدرالي، المنعقد يومي 17 و18 يونيو، عن أن عدداً محدوداً فقط من صانعي السياسات أبدوا تأييدهم لخفض أسعار الفائدة في يوليو.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد

ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)
ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)
TT

ترمب يصعّد حربه التجارية ضد أوروبا.. ويطالبها بعدم الرد

ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)
ترمب يتحدث للصحافيين (رويترز)

أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أن بلاده ستفرض رسوماً جمركية على دول الاتحاد الأوروبي، بنسبة 30 في المائة في الأول من أغسطس (آب) المقبل، في ضربة قوية لأبرز شريك تجاري للولايات المتحدة.

وكتب ترمب، السبت، على منصته للتواصل الاجتماعي «تروث سوشيال»: «العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي يشكل تهديداً كبيراً لاقتصادنا ولأمننا القومي»، مشدداً على أنه إذا قرر الاتحاد الأوروبي رفع الرسوم الجمركية على البضائع الأميركية والرد بالمثل «سنزيد الجمارك بنفس القدر إلى نسبة 30 في المائة المفروضة حالياً».

وأضاف ترمب أن «الاتحاد الأوروبي لا يجب أن يفرض أي رسوم جمركية على البضائع الأميركية».

كما هدّد ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على المكسيك، في إطار حربه التجارية.

وقال ترمب، في رسالتين منفصلتين، إن الرسوم ستدخل حيّز التنفيذ في الأول من أغسطس، مشيراً إلى دور المكسيك في تدفق مخدرات إلى الولايات المتحدة، واختلال الميزان التجاري مع الاتحاد الأوروبي.

وردت على الفور رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، قائلة إن الاتحاد الأوروبي مستعد لاتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية مصالحه إذا مضت الولايات المتحدة في فرض رسوم جمركية بنسبة 30 في المائة على السلع الأوروبية اعتباراً من أول أغسطس.

وأضافت فون دير لاين، التي ترأس الذراع التنفيذية للتكتل، في بيان، أن الاتحاد الأوروبي لا يزال مستعداً «لمواصلة العمل من أجل إبرام اتفاق بحلول أول أغسطس».

وتابعت: «قليل من الاقتصادات في العالم تضاهي مستوى انفتاح الاتحاد الأوروبي والتزامه بالممارسات التجارية العادلة».

وأردفت قائلة: «سنتخذ جميع الإجراءات اللازمة لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك اعتماد تدابير مضادة متناسبة إذا لزم الأمر».

يأتي ذلك فيما تعتزم المفوضية الأوروبية التراجع عن خططها لفرض ضريبة على الشركات الرقمية، فيما يشكل انتصاراً للرئيس الأميركي وشركات التكنولوجيا الأميركية العملاقة مثل «أبل» و«ميتا»، وفق وثيقة نشرتها مجلة «بوليتيكو».

وقال كبار المفاوضين التجاريين للاتحاد الأوروبي، والولايات المتحدة، الأربعاء الماضي، إن المحادثات التجارية بين الجانبين تسير في الاتجاه الصحيح.

ودخلت الرسوم الجديدة على واردات الصلب والألمنيوم حيز التنفيذ، الأربعاء، وهو نفس اليوم الذي تريد فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب من الشركاء التجاريين تقديم أفضل العروض؛ لتجنب دخول رسوم استيراد عقابية أخرى حيز التنفيذ.

وسيُمثل قرار التراجع عن فرض ضريبة رقمية تحولاً جذرياً للاتحاد الأوروبي، الذي طرح في مايو (أيار) الماضي فكرة فرض ضرائب على شركات التكنولوجيا العملاقة كوسيلة لسداد ديونه، وقد ذُكرت هذه الفكرة في وثيقة حول الميزانية ناقشها مفوضو الاتحاد الأوروبي الـ27.

وقد يكون هذا التراجع خطوة استراتيجية من الاتحاد الأوروبي، الذي يسعى جاهداً للحصول على شروط تجارية تفضيلية مع الولايات المتحدة.

كان ترمب قد فرض ضريبة استيراد بنسبة 20 في المائة على جميع المنتجات المصنّعة في الاتحاد الأوروبي في أوائل أبريل (نيسان)، وذلك جزءاً من سلسلة من الرسوم الجمركية استهدفت الدول التي تعاني الولايات المتحدة عجزاً تجارياً معها. لكن بعد ساعات من دخول الرسوم النوعية حيز التنفيذ، جمَّدها حتى 9 يوليو (تموز)، مكتفياً بمعدل قياسي قدره 10 في المائة؛ لتهدئة الأسواق المالية وإتاحة الوقت للمفاوضات.

ومع ذلك، عبّر ترمب عن استيائه من موقف الاتحاد الأوروبي في المحادثات التجارية، وقال إنه سيرفع معدل الرسوم على الصادرات الأوروبية إلى 50 في المائة؛ ما قد يجعل أسعار كل شيء - من الجبن الفرنسي والسلع الجلدية الإيطالية إلى الإلكترونيات الألمانية والأدوية الإسبانية - أغلى بكثير في الولايات المتحدة.

وقالت المفوضية الأوروبية، التي تتولى شؤون التجارة في التكتل المؤلَّف من 27 دولة، إن قادتها يأملون في التوصل إلى اتفاق مع إدارة ترمب. وفي حال تعثّرت المفاوضات، قالت المفوضية إنها مستعدة للرد بفرض رسوم جمركية على مئات المنتجات الأميركية، من لحوم البقر وقطع غيار السيارات إلى الطائرات من طراز «بوينغ».

من جانبه، قال وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، الأحد، إن «الاتحاد الأوروبي كان بطيئاً جداً في الجلوس إلى طاولة المفاوضات»، لكنه أضاف أن المحادثات الآن تشهد «تقدماً جيداً جداً».

التجارة الأميركية الأوروبية

وصفت المفوضية الأوروبية العلاقة التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بأنها «أهم علاقة تجارية في العالم». وبلغت قيمة التجارة في السلع والخدمات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة 1.7 تريليون يورو (تريليونا دولار) في عام 2024، أي ما يعادل في المتوسط 4.6 مليار يورو يومياً، وفقاً لبيانات وكالة الإحصاء الأوروبية (يوروستات).

وكانت أكبر صادرات أميركية إلى أوروبا، النفط الخام، ثم الأدوية، والطائرات، والسيارات، والمعدات الطبية والتشخيصية. أمّا أكبر صادرات أوروبا إلى الولايات المتحدة فشملت الأدوية، والسيارات، والطائرات، والمواد الكيميائية، والأدوات الطبية.

ولطالما اشتكى ترمب من فائض الاتحاد الأوروبي في الميزان التجاري السلعي، الذي بلغ 198 مليار يورو؛ ما يعني أن الأميركيين يشترون سلعاً أوروبية أكثر من الأوروبيين الذين يشترون سلعاً أميركية.

غير أن الشركات الأميركية تعوّض بعض هذا العجز من خلال تحقيق فائض في تجارة الخدمات، مثل الحوسبة السحابية، وحجوزات السفر، والخدمات القانونية والمالية.

وأسهم هذا الفائض في الخدمات في تقليص العجز التجاري الأميركي مع الاتحاد الأوروبي إلى 50 مليار يورو (59 مليار دولار)، أي ما يقل عن 3 في المائة من إجمالي التجارة الثنائية.