الأزمة لم تنتهِ بعد: مخاوف من تأثير موجة بيع الين على الدولار والمصارف

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
TT

الأزمة لم تنتهِ بعد: مخاوف من تأثير موجة بيع الين على الدولار والمصارف

متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)
متداول يعمل في بورصة نيويورك (أ.ف.ب)

قال مديرو الصناديق الاستثمارية إن موجة البيع الضخمة التي شهدتها الأسواق العالمية هذا الأسبوع والتي أشعلتها تصفية صفقات مموَّلة بالين لم تنتهِ بعد وقد تمتد في نهاية المطاف إلى أسواق الائتمان وتضر ببعض المصارف وربما تضر بالدولار الأميركي.

وبحلول يوم الخميس هدأت التقلبات في السوق لكنَّ أسواق الأسهم واجهت صعوبات في تحديد الاتجاه، وحاول المستثمرون تخمين عدد الصفقات المموَّلة بالين التي لا تزال تنتظر التصفية، وفق «رويترز».

كانت حالة الفوضى التي شهدتها الأسواق منذ الجمعة الماضي -والتي دفعت مؤشر «نيكي» الياباني إلى منطقة الهبوط وتسببت في انهيار مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» القياسي في الولايات المتحدة بنسبة 6 في المائة في 5 أيام تداول- ناجمة عن رفع أسعار الفائدة من جانب بنك اليابان الأسبوع الماضي، الأمر الذي أدى إلى تدمير مليارات الدولارات من الصفقات الممولة بالين، حيث ارتفعت قيمة العملة اليابانية بنسبة 10 في المائة في غضون شهر.

وقال رئيس قسم الأبحاث الآسيوية في بنك «إيه إن زد»، كون جو: «أعتقد أننا شهدنا مرحلة الذعر من التصفية القسرية وما إلى ذلك، ولكن في المستقبل أنا متأكد من أنه لا يزال هناك مستثمرون يتطلعون الآن إلى الحد من التعرض للمخاطر على الأقل».

والمشكلة هي أنَّ لا أحد يعرف ما ستجري تصفيته، وما حجم المخاطر.

ووجدت مئات المليارات من الين طريقها إلى صفقات «تجارة الفائدة Carry Trade» على مدى أكثر من عقد عندما كانت أسعار الفائدة اليابانية عند الصفر. وبالإضافة إلى ذلك، هناك صفقات «تجارة الفائدة» ممولة بالفرنك السويسري الرخيص واليوان الصيني.

وقد تكون صفقات بقيمة أكبر بكثير معرَّضة للخطر، بافتراض أن صناديق التحوط والمستثمرين ذوي الرافعة المالية ضاعفت رهاناتهم بالقروض الرخيصة.

تحت الضغط

وقالت كبيرة الاستراتيجيين العالميين لشركة «إل بي إل فاينانشيال»، كوينسي كروسبي: «المشكلة هي إذا انفجر أي شيء ولم يتمكن من سداد القروض».

وأضافت: «أحد الأشياء التي نراقبها هو ما إذا كان أيٌّ من المصارف يتعرض لضغوط في الوقت الحالي، لأنه كان يقرض أكثر من اللازم، إما لصناديق التحوط وإما للمستثمرين الأفراد. إنها مدفونة تحت المعادلة الكبرى لكيفية نظرتنا إلى (تجارة الفائدة)».

وتتنوع التقديرات الخاصة بحجم «تجارة الفائدة بالين»، المحرك الرئيسي للانهيار الحالي في الأسواق. ويَستخدم بعض المحللين إجمالي الاستثمارات الأجنبية اليابانية، الذي يقارب 4 تريليونان دولار، معياراً تقريبياً لحجم هذه التجارة.

ويحدد المحللون في «تي إس لومبارد» إجمالي الاقتراض الخارجي من اليابان منذ نهاية عام 2022، والاستثمار الياباني في الأوراق المالية الأجنبية خلال تلك الفترة. وقالوا في مذكرة: «قد يحتاج المستثمرون إلى إيجاد ما يصل إلى 1.1 تريليون دولار لسداد اقتراض تجارة الين».

ويعتقد استراتيجي الاقتصاد الكلي في «يو بي إس» اليابان، جيمس مالكولم، أن قيمة التجارة تبلغ نحو 500 مليار دولار، وأن أقل من نصفها تم تصفيته حتى الآن؛ ويضع نيكولاوس بانيغيرتزوغلو ومحللون آخرون في «جيه بي مورغان» تجارة الين عند 4 تريليونات دولار.

وقالوا: «بينما تأرجحت مراكز الين من منطقة ذروة البيع إلى منطقة ذروة الشراء، فإن تجارة الين الأوسع نطاقاً... شهدت على الأرجح تصفيته بشكل أكثر محدودية».

كما لاحظ رئيس قسم تغطية صناديق التحوط العالمية في «غولدمان ساكس»، توني باسكوارييلو، أن بيانات السمسرة الرئيسية للبنك «بشكل غريب» لا تُظهر الكثير من البيع. وقال «غولدمان» في مذكرة: «هل تم تطهير مجتمع التداول بالكامل من المخاطر؟ بالطبع لا».

راقب السندات

قد تكشف السندات، خصوصاً تلك المرتبطة بأعلى مستويات المخاطرة، عن بعض الإجابات حول التطورات المستقبلية للأسواق، حيث لم تشهد هذه السندات نفس مستوى البيع العدواني الذي شهدته الأسهم.

وانخفضت عوائد سندات الخزانة الأميركية قصيرة الأجل منذ الجمعة الماضية، وذلك بشكل أساسي بسبب بيانات الوظائف الأميركية الكئيبة التي عززت توقعات تخفيضات أسعار الفائدة السريعة من «الاحتياطي الفيدرالي» ودفعت بيع بعض الأسهم في حالة الذعر.

واتسعت فروق السندات الأميركية غير المرغوب فيها عن عائدات سندات الخزانة الخالية من المخاطر، ولكن بشكل طفيف فقط، وانخفضت فروق مؤشرات السندات ذات الدرجة الاستثمارية.

وقال مدير المحفظة في فريق الدخل الثابت في «إيست سبرينغ إنفستمنتس»، رونغ رين جو: «أجد صعوبة في موازنة السندات الائتمانية (التي تظل) إلى حد كبير دون تغيير مقابل أسواق المخاطر الأخرى. بافتراض استمرار معاناة الأسهم، أعتقد أنه سيكون هناك بعض التعديل في مجال الائتمان».

وقال كبير خبراء الاقتصاد في آسيا في بنك «يو بي بي»، كارلوس كازانوفا: «من الممكن أيضاً أن يعيد المستثمرون اليابانيون استثماراتهم الضخمة في سندات الخزانة وغيرها من السندات الخارجية إلى الوطن».

وفي حين قد يكون ذلك إعادة غير مستعجلة، إلا أنه تدفق كبير بما يكفي لإثارة الذعر في أسواق السندات العالمية.

وتستدعي تجارة الدولار الطويلة المزدحمة متابعة مستمرة ومراقبة دقيقة.

وقال الرئيس المشارك للاستثمار في «ألفا إنجين غلوبال إنفستمنت سوليوشنز»، هاريش نيلاكاندان: «إذا شرع (الاحتياطي الفيدرالي) في حملة تخفيف عدوانية، فسوف يضعف الدولار كثيراً. وسيتم الضغط على الناس».

وأضاف: «الأشخاص الذين لديهم مراكز في العملة، سواء كانت مراكز مضاربة صريحة أو كانوا يستخدمون هذه الاستراتيجية لتمويل عملياتهم، سوف يضطرون إلى الخروج من هذه الصفقات. لذا فإن هذا هو الخطر الذي أراه».


مقالات ذات صلة

تباين أداء السوق السعودية وسط تذبذب الأسهم العالمية ونتائج الشركات

الاقتصاد أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض

تباين أداء السوق السعودية وسط تذبذب الأسهم العالمية ونتائج الشركات

تذبذب أداء مؤشر السوق السعودية خلال الأسبوع متأثراً بتقلبات الأسهم العالمية وفترة إعلان نتائج الشركات المحلية للربع الثاني والتي ستنتهي يوم الأحد المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مبنى بنك الاحتياطي الفيدرالي في واشنطن (رويترز)

«الفيدرالي» بين ضغط الأسواق وانتظار البيانات: هل يأتي خفض الفائدة قبل سبتمبر؟

أدى التباطؤ الحاد في السوق الأميركية، الذي أثار أياماً من الاضطرابات بأسواق الأسهم، إلى تأجيج التكهنات بأن «الفيدرالي» قد لا ينتظر حتى سبتمبر لخفض الفائدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون في قاعة بورصة نيويورك خلال التداول الصباحي (أ.ف.ب)

مخاوف الركود الأميركي تمحو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية

شهدت الأسواق العالمية انهياراً حاداً، حيث أدت مخاوف الركود الأميركي وتصفية حادة للمراكز إلى محو 6 تريليونات دولار من الأسهم العالمية في ثلاثة أسابيع.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مارة ينظرون إلى لوحة إلكترونية تعرض مؤشر «توبكس» ومتوسطات أسهم «نيكي» اليابانية (رويترز)

«نيكي» يغلق منخفضاً وسط مخاوف من تشديد السياسة النقدية

أضاف مؤشر «نيكي» إلى خسائره يوم الخميس، متأثراً بتراجع أسهم شركات الرقائق المحلية والآفاق المتشائمة بشأن السياسة النقدية في اليابان.

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد مستثمر يمر أمام شاشة تعرض معلومات سوق الأسهم السعودية «تداول» في الرياض (رويترز)

سوق الأسهم السعودية ترتفع 50 نقطة بقيادة الطاقة

ارتفع مؤشر الأسهم السعودية الرئيسية (تاسي)، في نهاية جلسة الأربعاء، بنسبة 0.43 في المائة، وبفارق 50.55 نقطة، إلى مستويات 11729.71 نقطة، متأثراً بقطاع الطاقة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

تباين أداء السوق السعودية وسط تذبذب الأسهم العالمية ونتائج الشركات

أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض
أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض
TT

تباين أداء السوق السعودية وسط تذبذب الأسهم العالمية ونتائج الشركات

أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض
أحد المستثمرين يتابع شاشة التداول في السوق المالية السعودية «تداول» بالعاصمة الرياض

تذبذب أداء مؤشر السوق السعودية، خلال الأسبوع؛ متأثراً بتقلبات الأسهم العالمية، وفترة إعلان نتائج الشركات المحلية للربع الثاني، والتي ستنتهي يوم الأحد المقبل.

وتراجع المؤشر، يوم الاثنين الماضي، إلى أدنى مستوياته منذ ديسمبر (كانون الأول) 2023، عند مستويات 11500 نقطة، قبل أن يعاود الصعود بـ175 نقطة في اليوم التالي.

وعاود مكاسبه، خلال جلسة يوم الأربعاء، وأغلق فوق مستوى 11700 نقطة. أما في الجلسة الأخيرة للأسبوع، فتراجع بنسبة 0.5 في المائة إلى 11667 نقطة، وبقيم تداول بلغت 6.7 مليار ريال (1.8 مليار دولار).

وأسهم في انخفاض المؤشر، خلال جلسة الخميس، سهم شركة «أكواباور» الذي تراجع بـ1.7 في المائة إلى 382 ريالاً.

وانخفض، كذلك، سهم «مياهنا»، المُدرَج حديثاً، بنسبة 4 في المائة، عقب إعلان الشركة هبوط أرباحها، خلال الربع الثاني من العام الحالي، بنسبة 53 في المائة.

وتصدّر سهم مستشفى «السعودي الألماني» تراجعات السوق بالنسبة القصوى عند 10 في المائة، ليصل إلى 62 ريالاً، وهو السعر الأدنى في 9 أشهر.

أما سهم مجموعة «فقيه» فتراجع، خلال جلسة اليوم، بنسبة 4 في المائة إلى 55.90، وهو أدنى من مستوى الطرح البالغ 57.5 ريال.

وتراجع، كذلك، سهم «مجموعة إم بي سي» بأقل من 1 في المائة إلى 38.4، على الرغم من إعلانها، صباح اليوم، أن أرباحها قفزت 66.5 في المائة.

في المقابل، صعد سهم «الراجحي» بنسبة 1.3 في المائة عند 85.8 ريال، بعد تراجعات، خلال الأسبوع، وصل فيها سعر السهم إلى 82 ريالاً.