أمين «أوبك»: إنتاج المعادن المهمة مستقبلاً لن يعتمد على الطاقة المتجددة فقط

السيارة الكهربائية تحتوي على 200 كيلوغرام من المعادن... والتقليدية 34

شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)
شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)
TT

أمين «أوبك»: إنتاج المعادن المهمة مستقبلاً لن يعتمد على الطاقة المتجددة فقط

شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)
شاحنات تنقل المعادن بعد استخراجها من الجبال (غيتي)

قال الأمين العام لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، إن «الذين يتحدّثون عن أن إنتاج المعادن المهمة سيعتمد في المستقبل على مصادر الطاقة المتجددة فقط؛ لا يقدّمون صورة كاملة».

وأكد الغيص، في مقال جديد نُشر على الموقع الرسمي للمنظمة، الاثنين، توجهات «أوبك» بخصوص تعدّد مسارات الطاقة المستقبلية للدول والشعوب في جميع أنحاء العالم، «وعلينا جميعاً أن نكون واقعيين بشأن كيفية تحقيق ذلك».

وعلى الرغم من تأكيد الغيص أن مسارات الطاقة المستدامة أمر حيوي للسكان في جميع أنحاء العالم، فإنه نبّه إلى أهمية الأخذ في الاعتبار «التأثيرات الواقعية المترتبة على السيناريوهات والسياسات الرامية إلى تعزيز مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية... هناك كثير من العناصر التي تدخل في هذا، والعنصر المركزي هو الدور الذي تلعبه المعادن النادرة والمهمة».

وأشار هنا إلى توقعات لوكالة الطاقة الدولية عن مضاعفة الطلب على المعادن المهمة أربع مرات بحلول عام 2040، وذلك في سيناريو «صفر الانبعاثات بحلول عام 2050»، وهي وتيرة نمو لم يسبق لها مثيل في التاريخ، وفق ما أوضح الغيص.

وما دامت هذه المعادن، مثل: النحاس والكوبالت والسيليكون والنيكل والليثيوم والغرافيت والأتربة النادرة، تدعم تطوير مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية، فإن الدول الأعضاء في منظمة «أوبك» تستثمر بكثافة في مصادر الطاقة المتجددة، في جميع مراحل سلاسل التوريد الخاصة بها، وتشارك في تطوير المركبات الكهربائية. حسبما أكد الغيص، الذي أوضح أنه «لا ينبغي أن ينتقص الغرض من تسليط الضوء على (مصادر إنتاج المعادن النادرة والمهمة في المستقبل) بأي حال من الأحوال، من الأهمية التي توليها (أوبك) إلى دور مصادر الطاقة المتجددة والكهرباء في مستقبل الطاقة لدينا».

وطرح الغيص عدة تساؤلات عن شكل التوسعات في الطلب على المعادن المهمة مستقبلاً، وهي: «هل هذا النوع من التوسع ممكن حقاً؟ وما الآثار المترتبة؟ وما مدى استدامة ذلك؟ وما مدى أهمية النفط والغاز في التوسع بالمعادن المهمة، وكذلك مصادر الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية والشبكات؟».

وبالنظر إلى سيناريو وكالة الطاقة الدولية «صفر الانبعاثات بحلول عام 2050»، فإنه بحلول عام 2040، سيرتفع الطلب على النحاس بنسبة 50 في المائة، ويتضاعف الطلب على المعادن النادرة تقريباً، ويتضاعف الطلب على الكوبالت أكثر من الضعف، ويقترب الطلب على النيكل من ثلاثة أضعاف... وسينمو الطلب على الغرافيت أربع مرات تقريباً، وسيشهد الليثيوم توسعاً بمقدار تسعة أضعاف تقريباً بحلول عام 2040؛ ما يؤكد دوره الحاسم في صناعة البطاريات.

ولتحقيق هذا يتطلب بناء عدد كبير من المناجم الجديدة. وبالعودة إلى عام 2022، ترى وكالة الطاقة الدولية أنه بحلول عام 2030، سيحتاج العالم إلى بناء 50 منجماً جديداً لليثيوم، و60 منجماً جديداً للنيكل، و17 منجماً للكوبالت.

وهنا يقول الغيص: «ينبغي أن يُؤخذ في الاعتبار أن مشاريع إنتاج سلسلة التوريد المهمة، على مدار التاريخ، في مثل هذه الأنواع من السلع، كانت تأخذ فترات زمنية طويلة للتطوير، من الاكتشاف إلى الإنتاج الأولي».

وهنا طرح الغيص تساؤلاً آخر: هل معدل النمو هذا واقعي؟ وماذا قد يكون التأثير إذا كان النمو ضعيفاً؟ وعلى القدر نفسه من الأهمية، ماذا لو توقف صناع السياسات أيضاً عن الاستثمار في مشاريع النفط والغاز الجديدة؟

وأشار الأمين العام لـ«أوبك» إلى أن السيارات الكهربائية والألواح الشمسية، التي تُستخدم لإنتاج الطاقة الشمسية، وتوربينات الرياح؛ جميعها متعطشة للمعادن النادرة والمهمة، وهو ما يحتاج إلى استثمارات ضخمة.

وأوضح: «تحتوي السيارة الكهربائية على نحو 200 كيلوغرام من المعادن، وعلى النقيض من ذلك، تستخدم السيارة التقليدية نحو 34... ويتطلّب إنتاج واحد ميغاواط من الكهرباء من توربينات الرياح البحرية نحو 15 طناً من المعادن، و7 أطنان للطاقة الشمسية لإنتاج واحد ميغاواط... أما بالنسبة إلى الغاز الطبيعي فيحتاج إلى ما يزيد قليلاً على طن واحد».

ويُعد تعدين المعادن النادرة نشاطاً كثيف الاستهلاك للطاقة، وهو نشاط يقوم حالياً على الهيدروكربونات، «ولا يمكن أن تعمل بطريقة أخرى».

وعن استهلاك الطاقة، قال الغيص، إنه يمكن أن تشهد أنشطة التعدين زيادة بأكثر من خمسة أضعاف بحلول منتصف القرن، ومن المتوقع أن يأتي أحد أكبر مصادر الطلب الجديد على المعادن، خصوصاً النحاس، من الحاجة إلى إنشاء بنية تحتية جديدة لشبكات الكهرباء، مثل خطوط الكهرباء والمحولات.

وأمام هذه المعطيات، طرح الغيص هذا التساؤل: «هل من الواقعي الاعتقاد أن مصادر الطاقة المتجددة يمكن أن تلبي التوسع المتوقع في قطاع الكهرباء وحدها، لا سيما بالنظر إلى أن العالم استثمر أكثر من 9.5 تريليون دولار في التحول الطاقي، على مدى العقدين الماضيين، ومع ذلك لا تزال طاقة الرياح والطاقة الشمسية توفران أقل من 4 في المائة فقط من الطاقة حول العالم، في الوقت الذي يصل فيه انتشار السيارات الكهربائية حول العالم بما نسبته 2 إلى 3 في المائة».

وتشير مؤسسة «بلومبرغ» لأبحاث الطاقة الجديدة، في تقريرها الأخير عن توقعات الطاقة الجديدة، إلى أن سيناريو «صافي الانبعاثات» سوف يتكلّف 250 تريليون دولار بحلول عام 2050.


مقالات ذات صلة

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

شمال افريقيا خوري خلال لقائها فرحات بن قدارة (حساب خوري على «إكس»)

الأمم المتحدة تدعو قادة ليبيا لإدارة عائدات النفط «لصالح الشعب»

يتطلع الليبيون إلى مرحلة ما بعد حل أزمة «المركزي»، في وقت تسعى البعثة الأممية لجهة إدارة الموارد النفطية من قبل المصرف، وتسخير الموارد النفطية لتحقيق التنمية.

جمال جوهر (القاهرة )
الاقتصاد شعلة في أحد الحقول النفطية الإيرانية على شاطئ الخليج العربي (رويترز)

توترات الشرق الأوسط تشعل أسواق النفط

واصلت أسعار النفط الارتفاع، الجمعة، وكانت تمضي نحو تسجيل مكاسب أسبوعية قوية بنحو 10 في المائة

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد الرئيس الأميركي جو بايدن يغادر البيت الأبيض (إ.ب.أ)

تصريحات بايدن حول ضربة إسرائيلية محتملة ضد إيران تدفع أسعار النفط إلى الارتفاع

ارتفعت أسعار النفط، الخميس، بعد تصريحات الرئيس الأميركي جو بايدن للصحافيين بأنه لا يتوقع حصول ضربة إسرائيلية ضد إيران.

هبة القدسي (واشنطن)
الاقتصاد شعلة غاز على منصة لإنتاج النفط بجوار العلم الإيراني (رويترز)

التصعيد الإيراني – الإسرائيلي يثير المخاوف في أسواق النفط العالمية

أثار التصعيدُ في الشرق الأوسط ارتفاعات بأسواق النفط، إثر شن طهران ضربة على إسرائيل، يوم الثلاثاء، أعقبها تهديد من تل أبيب باستهداف منشآت نفطية إيرانية.

هلا صغبيني (الرياض)
الاقتصاد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك في فيينا (رويترز)

نوفاك: «أوبك بلس» ستواصل دورها الرئيسي في استقرار سوق النفط

أكد نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك إن مجموعة «أوبك بلس» من كبار منتجي النفط ستواصل لعب دور حاسم في استقرار سوق النفط العالمية.

«الشرق الأوسط» (موسكو)

رئيس الوزراء الياباني يطلب رسمياً إعداد حزمة تحفيز

ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)
ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)
TT

رئيس الوزراء الياباني يطلب رسمياً إعداد حزمة تحفيز

ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)
ماسح أحذية يتعامل مع أحد الزبائن أمام محطة طوكيو المركزية بالعاصمة اليابانية (أ.ف.ب)

أصدر رئيس الوزراء الياباني الجديد شيغيرو إيشيبا تعليمات رسمية لوزرائه يوم الجمعة بإعداد حزمة اقتصادية جديدة لتخفيف الضربة التي تتعرض لها الأسر نتيجة ارتفاع تكاليف المعيشة، حيث تجعل الحكومة الجديدة من الخروج من الانكماش أولوية قصوى.

تأتي هذه الخطوة في الوقت الذي يؤكد فيه إيشيبا، الذي كان يُنظر إليه في السابق باعتباره مؤيداً للتقشف المالي، أن تركيزه ينصب على جعل الاقتصاد يتخلص تماماً من الانكماش الذي أثقل كاهله على مدى العقود الثلاثة الماضية.

وقال إيشيبا في خطاب سياسي أمام البرلمان: «سنحتاج إلى دعم الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع التكاليف الآن، حتى يتم تأسيس دورة نمو إيجابية مع زيادة الأجور بما يتجاوز التضخم ويدفع الإنفاق الرأسمالي».

وفي وقت سابق من يوم الخميس، أبلغ إيشيبا مجلس وزرائه أنه سيتم إعداد موازنة تكميلية لتمويل الحزمة بعد انتخابات مجلس النواب المقررة في 27 أكتوبر (تشرين الأول). وقال في خطاب السياسة إن الحزمة الجديدة ستشمل مدفوعات للأسر ذات الدخل المنخفض وإعانات للحكومات المحلية.

ومن بين السياسات الاقتصادية الأخرى، تعهد إيشيبا أيضاً ببذل الجهود لزيادة الحد الأدنى للأجور إلى 1500 ين (10.24 دولار) في الساعة هذا العقد، مقابل 1055 يناً الآن. وقال إن الظروف الاقتصادية تحسنت وبدأت الأجور أخيراً في النمو بعد ثلاثة عقود «ضائعة» ركزت على خفض التكاليف، وتابع: «لكننا ما زلنا في منتصف الطريق لتحقيق اقتصاد حيث يمكن للناس أن يشعروا بالأمان للإنفاق».

وعلى الصعيد الدبلوماسي، تعهد إيشيبا بمواصلة بناء العلاقات مع الدول ذات التفكير المماثل، بما في ذلك التعاون الأمني ​​الأعمق مع كوريا الجنوبية. وقال أيضا إنه سيعمل مع الصين حيثما أمكن مع مواجهتها بشأن قضايا الخلاف.

وأظهر استطلاع للرأي أجرته وكالة «كيودو» للأنباء أن حكومة إيشيبا الجديدة حظيت بنسبة موافقة بلغت 50.7 في المائة بعد وقت قصير من تنصيبها هذا الأسبوع. وعندما شكل سلف إيشيبا، فوميو كيشيدا، حكومته قبل ثلاث سنوات، كانت نسبة الموافقة 55.7 في المائة، ولكنها انخفضت إلى 26.1 في المائة في أغسطس (آب)، وسط فضيحة أموال سرية حاصرت الحزب الديمقراطي الليبرالي الحاكم وأجبرت كيشيدا على التنحي.

وفي الأسواق، سجل المؤشر نيكي الياباني يوم الجمعة أكبر هبوط أسبوعي له في شهر بعد أن أدى موقف رئيس الوزراء المتغير فيما يبدو بشأن أسعار الفائدة إلى اضطراب الين وإثارة قلق المستثمرين، في حين تراجعت أسهم شركات الشحن بعد انتهاء إضراب العمال في الموانئ الأميركية.

وارتفع «نيكي» في جلسة الجمعة 0.2 في المائة عند 38635.62 نقطة، لكنه أنهى الأسبوع منخفضا ثلاثة في المائة. وصعد المؤشر توبكس الأوسع نطاقا 0.4 في المائة إلى 2694 نقطة، فيما انخفض 1.7 في المائة هذا الأسبوع.

وحصل إيشيبا، الذي ينتقد بنك اليابان لاتباعه سياسة خفض أسعار الفائدة بمعدل كبير، على دعم الحزب الديمقراطي الحر في تصويت على زعامة الحزب الأسبوع الماضي، ما أدى إلى صعود الين... لكن بدا هذا الأسبوع أنه أصبح أكثر ميلا للتيسير النقدي عندما قال إن اليابان ليست في ظروف مناسبة لرفع أسعار الفائدة مرة أخرى، ودعا يوم الجمعة إلى تنفيذ إجراءات تحفيزية لتخفيف ارتفاع تكاليف المعيشة.

وارتفع سهم شركة «فاست ريتيلنغ»، مالكة العلامة التجارية «يونيكلو»، 1.5 في المائة، مما أسهم في تحقيق الزيادة الطفيفة للمؤشر نيكي يوم الجمعة. وقفز سهم «سانيو شوكاي» 10.5 في المائة بعد أن أعلنت الشركة عن إعادة شراء للأسهم.

وارتفع قطاع النفط والفحم بدعم من صعود أسعار النفط بسبب مخاوف بشأن اتساع رقعة الصراع في الشرق الأوسط فيما زادت أيضا الأسهم المالية.

وتصدرت شركات الشحن الخسائر، إذ انخفضت بعد انتهاء إضراب لعمال الموانئ في الولايات المتحدة بشكل أسرع من المتوقع. وهبط سهم «كاواساكي كيسن» 9.7 في المائة، فيما تراجع سهم «نيبون يوشن» 9.4 في المائة، الذي سجل أعلى مستوى قياسي له يوم الخميس، في حين نزل سهم «ميتسوي أو إس كيه لاينز» 6.4 في المائة، في أثقل يوم تداول له في 18 شهرا.