«بي إم آي» ترفع توقعاتها لعجز ميزان المعاملات الجارية في مصر إلى 5.3%

أعلنت أن قناة السويس لن تتعافى قبل النصف الثاني من 2024

عمال مصريون أمام المقر الجديد لمجلس النواب المصري في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة مصر (رويترز)
عمال مصريون أمام المقر الجديد لمجلس النواب المصري في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة مصر (رويترز)
TT

«بي إم آي» ترفع توقعاتها لعجز ميزان المعاملات الجارية في مصر إلى 5.3%

عمال مصريون أمام المقر الجديد لمجلس النواب المصري في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة مصر (رويترز)
عمال مصريون أمام المقر الجديد لمجلس النواب المصري في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة مصر (رويترز)

رفعت شركة «بي إم آي» للأبحاث التابعة لـ«فيتش سولويشنز» توقعاتها لعجز ميزان المعاملات الجارية في مصر إلى 5.3 في المائة في السنة المالية 2023 - 2024 من 2.9 في المائة في السابق، لكنها توقعت أن يتراجع العجز إلى 4.1 في المائة في السنة المالية المقبلة.

واستندت «بي إم آي» في المراجعة التصاعدية إلى بيانات أظهرت اتساعاً كبيراً للعجز في الربع الثاني من السنة المالية الجارية، بسبب انخفاض صادرات النفط والغاز، وزيادة أكبر في نمو الواردات، وفق «وكالة أنباء العالم العربي».

وفي الوقت نفسه، قالت «بي إم آي» إن الاضطرابات التي طال أمدها في البحر الأحمر دفعتها إلى خفض توقعاتها للفائض التجاري في الخدمات في مصر، حيث استندت في توقعاتها السابقة إلى افتراض أن الاضطرابات ستنحسر بحلول يوليو (تموز) 2024.

كما قالت إنها أجرت مراجعة لتوقعاتها للسنة المالية 2024 – 2025؛ إذ كانت تتوقع في السابق عجزاً في ميزان المعاملات الجارية عند 2.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وبررت التعديل بتقديراتها باتساع أكبر قليلاً للعجز في الميزان التجاري السلعي، وفائض أقل في فائض الميزان التجاري للخدمات، على الرغم من أن تحويلات العاملين في الخارج ستزداد قوة.

الملاحة والسياحة

من ناحية أخرى، قالت «بي إم آي» إن الاضطراب المستمر بحركة الملاحة في البحر الأحمر يعني أن حركة العبور في قناة السويس لن تبدأ في التعافي حتى النصف الثاني من السنة المالية 2024 - 2025 على أقرب تقدير. وأضافت أن مصر ستواصل خسارة نحو 40 في المائة من إيرادات قناة السويس أي نحو 300 مليون دولار شهرياً، وهو ما دفعها إلى خفض توقعاتها لفائض الميزان التجاري الخدماتي.

وفي الوقت نفسه، تزيد الحرب في غزة من المخاطر الأمنية، خاصة في ظل العمليات الإسرائيلية في رفح على الحدود المصرية، والتي ستقيد أي ارتفاع في قطاع السياحة، لذلك لا تزال الشركة تتوقع ارتفاع إيرادات السياحة بنسبة 6 في المائة فقط في السنة المالية 2024 - 2025.

وعلى الجانب الإيجابي، قالت «بي إم آي» إنها رفعت توقعاتها لتدفقات التحويلات من العاملين في الخارج في السنتين الماليتين 2023 - 2024 و2024 - 2025. وأضافت أن التدفقات من الخارج زادت بشكل طفيف في الربع الثاني من العام المالي الحالي.

وقالت الشركة: «بالنظر إلى تضييق الفجوة بين سعر الصرف في السوقين الرسمية والموازية، نعتقد أن تدفقات التحويلات الرسمية إلى البلاد زادت بشكل أكبر بدءاً من مارس (آذار) 2024 فصاعداً».

وأضافت أن نحو 10 مليارات دولار من تحويلات العاملين في الخارج جرى إعادة توجيهها خارج القنوات الرسمية منذ نشوء السوق الموازية، وتوقعت أن تعود هذه التدفقات تدريجياً إلى السوق الرسمية، خاصة أن النشاط الاقتصادي في الأسواق الرئيسية التي تأتي منها التدفقات ما زال قوياً.

احتياجات التمويل

وذكرت شركة الأبحاث أنه على الرغم من أنها تتوقع حالياً أن تحتاج مصر إلى تمويل خارجي أكبر، فإنها تعتقد في الوقت نفسه أن تدفقات النقد الأجنبي ستسمح للسلطات بتلبية تلك الاحتياجات بشكل مريح.

وقالت إنه إلى جانب عجز ميزان المعاملات الجارية البالغ 13.1 مليار دولار، فإن مصر لديها مستحقات دين بقيمة خمسة مليارات دولار في العام المالي 2024 - 2025. وتابعت أن ذلك يأتي بالإضافة إلى المبالغ المطلوبة لتصفية ما تبقى من الواردات المتراكمة، والتي تشير التقديرات إلى أنها تبلغ 3 مليارات دولار، والمتأخرات المستحقة لشركات النفط العالمية البالغة نحو 4.5 مليار دولار.

وقالت «بي إم آي» إنه على الرغم من كل هذا، فقد حصلت مصر على نحو 60 مليار دولار من التدفقات الأجنبية، بما في ذلك 24 مليار دولار من صفقة «رأس الحكمة» مع الإمارات، وثمانية مليارات دولار من صندوق النقد الدولي، والذي تلقت منه 820 مليون دولار، وسيُصرف المزيد مع كل مراجعة ناجحة لبرنامجها مع الصندوق. وأضافت أنه يبدو أن المستثمرين الأجانب يشاركونهم هذه الرؤية، كما يتضح من انخفاض عقود مقايضة العجز الائتماني في مصر لمدة خمس سنوات.

احتياطي النقد الأجنبي

ذكر التقرير أن احتياطيات مصر من النقد الأجنبي زادت من 35.3 مليار دولار في فبراير (شباط) إلى 41.6 مليار دولار في أبريل (نيسان) عقب صرف الشريحة الأولى البالغة 10 مليارات دولار من «رأس الحكمة»، وأضافت أن أرقام مايو (أيار) ستسجل زيادة أكبر، مما سيؤدي إلى ارتفاع مستوى الاحتياطي إلى ما يتجاوز 50 مليار دولار.

وأعلنت مصر، منتصف الشهر الجاري، تسلمها من الإمارات 14 مليار دولار، قيمة الدفعة الثانية من صفقة رأس الحكمة الاستثمارية. كما بدأت إجراءات التنازل عن وديعة بقيمة 6 مليارات دولار في المصرف المركزي، لتحويلها إلى ما يعادلها بالجنيه المصري.

وبحسب «بي إم آي»، فإن عودة استثمارات المحافظ وتحويلات العاملين في الخارج إلى السوق الرسمية خفض بشكل كبير المركز السلبي لصافي الأصول الأجنبية للمصارف. وأشارت إلى أنه بالنظر إلى أن صفقة رأس الحكمة تنطوي على تخفيض التزامات النقد الأجنبي للمركزي المصري بقيمة ستة مليارات دولار، فإنها تتوقع أن تظهر أرقام شهر مايو عودة صافي أصول القطاع المالي بالكامل لتسجيل قراءة إيجابية.

وتعتقد شركة الأبحاث أن المركز الخارجي لمصر سوف يتحسن من خلال المزيد من الصفقات الاستثمارية المشابهة لرأس الحكمة، سواء من خلال الاستثمارات الجديدة أو تحويل الالتزامات الأجنبية إلى رؤوس أموال وأصول. وأضافت أن السعودية التي لديها ودائع بقيمة 5.3 مليار دولار في المركزي المصري، والكويت التي لديها ودائع بقيمة 4 مليارات دولار، هما المرشحان الرئيسيان لإبرام مثل هذه الصفقات. ورأت أن البيئة المحلية ستصبح أكثر ملاءمة لصفقات الخصخصة، خاصة فيما يتعلق بسعر الصرف والتقييم.

مخاطر

وبشأن المخاطر المحيطة بتوقعاتها، قالت «بي إم آي» إن الخطر الرئيسي الذي يهدد توقعاتها ينبع من الحرب في غزة والعمليات الإسرائيلية في رفح. وأضافت أن تدفق أعداد كبيرة من اللاجئين إلى مصر أو المشاكل على الجانب المصري من الحدود من شأنه أن يعيق تعافي البلاد.

كما تعتقد أن ذلك سيثير ذعر مستثمري المحافظ، الذين عادة ما يكونون مستثمرين على المدى القصير، مما قد يؤدي إلى انخفاض احتياطيات النقد الأجنبي والضغط على سعر الصرف. وأضافت أنه في هذه الحالة سيتأثر قطاع السياحة أيضاً، مما سيؤثر سلباً على إيراداته.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

العالم العربي صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

الحوثيون يتبنّون أول هجوم مميت باتجاه إسرائيل منذ نوفمبر 2023

تبنّت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أول هجوم مميت ضد إسرائيل بطائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب وأدت إلى مقتل شخص وإصابة أربعة آخرين.

علي ربيع (عدن)
خاص تراجع التضخم إلى 2.4 في المائة مع انخفاض الزيادات بتكلفة البقالة والزيادات الإجمالية بالأسعار لأكبر اقتصادين ألمانيا وفرنسا (رويترز) play-circle 00:49

خاص كيف أنهكت حربان اقتصاد العالم وغذاءه؟

أضافت الحرب الروسية الأوكرانية مزيداً من الأعباء على الاقتصاد العالمي المنهك منذ وباء كورونا، فيما أثرت حرب غزة سلباً على ميزانيات الدول والتجارة العالمية.

مالك القعقور (لندن)
الاقتصاد سفن حاويات تعبر قناة السويس المصرية (رويترز)

أزمة البحر الأحمر تفقد قناة السويس ربع إيراداتها

انخفضت الإيرادات السنوية لقناة السويس بواقع الربع تقريباً في العام المالي المنتهي في يونيو (حزيران) مع تحول بعض شركات الشحن إلى مسارات ملاحية بديلة.

«الشرق الأوسط» (عواصم)
العالم العربي لقطة مأخوذة من مقطع فيديو نشره المركز الإعلامي للحوثيين في 16 يوليو تُظهر تصاعد ألسنة اللهب والدخان من انفجار بسفينة ناقلة النفط «خيوس ليون» بعد هجوم بالبحر الأحمر باليمن (إ.ب.أ)

بعد هجوم للحوثيين على سفينة... رصد بقعة نفطية بطول 220 كلم في البحر الأحمر

أعلن «مرصد الصراع والبيئة» الأربعاء أنه تم رصد بقعة نفطية في البحر الأحمر تمتد على 220 كلم قبالة السواحل اليمنية.

«الشرق الأوسط» (دبي)
العالم ناقلة حاويات أثناء مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - إ.ب.أ)

«ميرسك»: اتساع نطاق اضطرابات شحن الحاويات عبر البحر الأحمر

مجموعة ميرسك الدنماركية للشحن تقول إن نطاق الاضطرابات التي تشهدها حركة الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر اتسع بما يتخطى مسارات التجارة

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.