أزعور لـ«الشرق الأوسط»: نمرُّ بحالة من عدم اليقين تعدُّ من الأصعب اقتصادياً

حضَّ دول المنطقة على الاستمرار في المحافظة على مستويات منخفضة من التضخم

TT

أزعور لـ«الشرق الأوسط»: نمرُّ بحالة من عدم اليقين تعدُّ من الأصعب اقتصادياً

أزعور خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)
أزعور خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

أعلن مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، الدكتور جهاد أزعور، أن التطورات الجيوسياسية تضغط على اقتصادات دول المنطقة، حيث إنها تمر بحالة من عدم اليقين تعدُّ من الأصعب اقتصادياً، منوهاً في المقابل بأن معظمها تمكّن من معالجة التضخم، وهو ما يعزز الاستقرار ويخفف من الأعباء الاجتماعية.

وحضَّ دول المنطقة على الاستمرار في اعتماد السياسات التي انتهجتها خلال السنوات الماضية، والتي أسهمت في المحافظة على مستويات منخفضة من التضخم.

كان صندوق النقد الدولي أصدر، على هامش اجتماعات الربيع التي نظمها مع مجموعة البنك الدولي في واشنطن، تقريراً حول آخر مستجدات الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، توقع فيه حدوث انتعاش متفاوت بين اقتصادات منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وآسيا الوسطى في ظل ارتفاع حالة عدم اليقين، التي دفعت الصندوق إلى خفض توقعاته لنمو المنطقة إلى 2.7 في المائة، أي بنسبة 0.7 في المائة عن توقعاته في يناير (كانون الثاني).

وأوضح أزعور في حديث إلى «الشرق الأوسط» بعد يوم على إعلان الصندوق الافتتاح الرسمي لمكتبه الإقليمي في الرياض، أن العالم يمر بمرحلة تحولات كبرى، ففي الوقت الذي يشهد تحسناً في مسألة معدلات التضخم التي سجلت تراجعات لافتة هذا العام ما انعكس على استقرار أسعار الفوائد، نشهد تحولات بين التكتلات الاقتصادية الكبرى، حيث تطرح العديد من التساؤلات حول قدرة الاقتصاد الصيني على النهوض، وتوقعات حول قدرة الاقتصاد الأوروبي على استعادة عافيته.

لكنه أردف قائلاً: «في الإجمال، الوضع الاقتصادي في هذا العام كان أفضل مما كان متوقعاً، في ظل القدرة على معالجة مشكلة التضخم من غير المس بمستويات النهوض أو الانتعاش الاقتصادي».

ولكن كيف انعكس ذلك على المنطقة؟ يجيب: «هناك عامل داخلي لمنطقتنا، وهي الأوضاع الجيوسياسية التي عقدّت الأمور... وتبقي مسألة الفوائد المرتفعة، الدول التي تستفيد من الأسواق المالية العالمية في حاجة إلى مداخيل إضافية، لأن مستوى أو عبء الدين بات أكبر».

أزعور خلال حديثه إلى «الشرق الأوسط» (تصوير: تركي العقيلي)

وأضاف: «في الحقيقة نحن في حالة من عدم اليقين التي تعدُّ من الأصعب اقتصادياً... مما لا شك فيه أن ما لديه تكلفته الكبيرة على الاقتصاد الفلسطيني، وعلى الاقتصادات المجاورة كلبنان والأردن ومصر والعراق. وهناك تأثير على القطاع التجاري مع التراجع الكبير بمستويات النقل البحري مع ارتفاع التكلفة مع تحويل جميع النقل إلى معابر أخرى. إنما على صعيد قطاع النفط، كان التأثير محدوداً، حيث إن التذبذبات في أسواق النفط لم تستمر فترة طويلة ولا تزال السوق قادرة على الاستجابة إلى الطلب».

وبالنسبة إلى دول الخليج، فإن تحسن الطلب العالمي يعزز القدرة على الاستمرار في توسيع حجم الاستثمار والاقتصاد. كما أن الإجراءات التي تمت بتنويع الاقتصاد ساهمت بإبقاء مستويات نمو القطاع غير النفطي مرتفعة، مع تحذير أزعور في الوقت نفسه من «العنصر الإقليمي الضاغط جداً، وتأثير الأوضاع الجيوسياسية والحرب في غزة على جميع اقتصادات المنطقة».

التضخم

ينوه أزعور، من جهة أخرى، بأن هناك عنصراً إيجابياً يُفترض الإشارة إليه، وهو أن معظم دول المنطقة تمكنت من معالجة التضخم، باستثناء دول مثل مصر والسودان. وقال: «أكثرية دول المنطقة رجعت إلى المستويات التاريخية للتضخم، أي أقل من 8 في المائة. ومن المتوقع أن تستمر مستويات التضخم بالتراجع في 2024 و2025، وهذا عنصر اقتصادي مهم جداً يعزز الاستقرار، ويخفف الأعباء الاجتماعية».

باستثناء مصر والسودان، يتوقع صندوق النقد الدولي أن يبلغ متوسط التضخم 8.8 في المائة في عام 2024، و7.8 في المائة في العام المقبل.

ونبه أزعور لـ«أننا نمر اليوم بمرحلة ترقب عالمية في موضوع أسعار الفائدة، وعلى المنطقة أن تستمر في اعتماد السياسات التي انتهجتها خلال السنوات الماضية، والتي كان لها انعكاس إيجابي في المحافظة على مستويات منخفضة من التضخم، والعمل على إبقاء توقعات التضخم إيجابية، والعمل تدريجياً على مواكبة تحرك مستويات الفوائد عالمياً».

وقال: «ستكون هناك حاجة أولى هذا العام للمحافظة على ما تم اكتسابه من استقرار بمستويات التضخم قبل العمل على خفض مستويات الفوائد».

أزعور خلال مشاركته في مؤتمر عن السياسات الصناعية في الرياض (تصوير: تركي العقيلي)

دول الخليج

ويرى أزعور أن دول الخليج تمكنت خلال الأعوام الماضية من تنويع اقتصاداتها، بمعنى أنها بقيت على مستويات من النمو للقطاع غير النفطي بين 4 في المائة و5 في المائة كمعدل وسطي، و«هو معدل جيد إذا قارنّاه مع مستويات النمو العالمية».

لكنه أضاف: «مما لا شك فيه أيضاً هناك تحدي التحولات الاقتصادية العالمية، بمعنى أن هذا التحول الجيو-اقتصادي مع التشنجات له تأثير على كثير من الدول... وهذه الدول تعمل على أن تكون نقاط التقاء معابر اقتصادية، ولهذا السبب يجب التكيف مع هذا الأمر».

الاقتصاد السعودي

وعن أسباب رفع صندوق النقد الدولي توقعاته لاقتصاد السعودية في عام 2025، والعوامل التي استند إليها ليتوقع نمواً بنسبة 6 في المائة العام المقبل من 5.5 في المائة في توقعاته السابقة، شرح أزعور أن التوقعات مبنيةٌ على عنصرين؛ الأول القطاع النفطي المستمر في التحسن وتوقعات نموه في 2024 أفضل مما كانت عليه في 2023، ويتوقع أن يتحسن في 2025، والثاني معدلات نمو القطاع غير النفطي، التي هي في حدود الـ4 إلى 5 في المائة، وهو معدل جيد مقارنة مع اقتصادات المنطقة والاقتصاد العالمي.

أسعار النفط

عن أسباب التأثر المحدود لأسعار النفط بالتوترات الجيوسياسية الراهنة، أوضح أزعور أنه توجد عناصر عدة لذلك، أولها مستوى الاحتياطات الموجودة ما يساهم برفع القدرة على الإنتاج في حال كان هناك طلب غير مؤمن، وثانياً وجود تنويع في مصادر النقل.

وقال عن هذه النقطة: «صحيح أنه ما زال هناك جزء أساسي يمر بمضيق هرمز إنما أصبحت هناك أدوات أخرى... حرب روسيا وأوكرانيا طوّرت أو سرّعت عملية تطوير آليات جديدة للنقل إن كان للغاز أو للنفط مما ساهم بإعطاء قدرة أكبر على المرونة بالأسواق... أخيراً وليس آخراً، طريقة مقاربة الأوضاع الجيو-سياسية في السوق النفطية تغيرت بمعنى أصبحت هناك قدرة أكبر على التكيف مع التطورات... أصبح تأثير كل حدث أقل إنما يبقى هناك على المدى القصير ارتفاع أو ذبذبات بالأسعار، وهذا لا يمكن أن تستطيعي ضبطه».


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

«جي إف إتش» تستحوذ على أصول سكنية بـ300 مليون دولار في أميركا

مساكن الطلاب بالولايات المتحدة الأميركية التي استحوذت عليها الشركة البحرينية (الموقع الإلكتروني لشركة «جي إف إتش»)
مساكن الطلاب بالولايات المتحدة الأميركية التي استحوذت عليها الشركة البحرينية (الموقع الإلكتروني لشركة «جي إف إتش»)
TT

«جي إف إتش» تستحوذ على أصول سكنية بـ300 مليون دولار في أميركا

مساكن الطلاب بالولايات المتحدة الأميركية التي استحوذت عليها الشركة البحرينية (الموقع الإلكتروني لشركة «جي إف إتش»)
مساكن الطلاب بالولايات المتحدة الأميركية التي استحوذت عليها الشركة البحرينية (الموقع الإلكتروني لشركة «جي إف إتش»)

أعلنت مجموعة «جي إف إتش» المالية، اليوم الاثنين، أن ذراعها العالمية لإدارة الاصول شركة «جي إف إتش بارتنر ليميتد»، التي تتخذ من مركز دبي العالمي مقراً رئيسياً لعملياتها، استحوذت على أصول سكنية مخصصة للطلاب في الولايات المتحدة قيمتها 300 مليون دولار.

وقالت «جي إف إتش»، في بيان لبورصة الكويت، إن هذا الاستثمار من المتوقع أن ينعكس «بشكل إيجابي» على البيانات المالية للمجموعة ويزيد عوائدها.

يقع المقر الرئيسي لمجموعة «جي إف إتش» المالية في البحرين، وتنشط في منطقة دول مجلس التعاون الخليجي، وجرى إدراج أسهم المجموعة في أربع بورصات مالية بالمنطقة؛ وهي: بورصة البحرين، وبورصة الكويت، وسوق دبي المالي، وسوق أبوظبي للأوراق المالية.