الذكاء الاصطناعي... ثورة تقنية تُولد 16 تريليون دولار للاقتصاد العالمي بحلول 2030

قرار تاريخي للأمم المتحدة وقانون ملزم من الاتحاد الأوروبي... والسعودية تدخل نادي المستثمرين الكبار

يُبشر الذكاء الاصطناعي بثورة اقتصادية هائلة إذ يمكن أن يضيف تريليونات الدولارات إلى القيمة الاقتصادية العالمية (رويترز)
يُبشر الذكاء الاصطناعي بثورة اقتصادية هائلة إذ يمكن أن يضيف تريليونات الدولارات إلى القيمة الاقتصادية العالمية (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي... ثورة تقنية تُولد 16 تريليون دولار للاقتصاد العالمي بحلول 2030

يُبشر الذكاء الاصطناعي بثورة اقتصادية هائلة إذ يمكن أن يضيف تريليونات الدولارات إلى القيمة الاقتصادية العالمية (رويترز)
يُبشر الذكاء الاصطناعي بثورة اقتصادية هائلة إذ يمكن أن يضيف تريليونات الدولارات إلى القيمة الاقتصادية العالمية (رويترز)

يعد الذكاء الاصطناعي (AI) موضوع الساعة في عالم التكنولوجيا دون أي منازع، وله ما يبرره. فخلال السنوات القليلة الماضية شهد العالم ثورة حقيقية في هذا المجال، حيث تحولت العديد من الخيالات العلمية إلى واقع ملموس. فقد ساعدت تقنيات التعلم العميق على إحداث تقدم هائل في مجالات مثل التعرف على الصور، ومعالجة اللغة الطبيعية، والذكاء الاصطناعي التوليدي. وأصبحت الروبوتات أكثر ذكاءً، وقدرة على التكيف، مما أدى إلى استخدامها بشكل متزايد في مختلف النواحي، مثل التصنيع، والرعاية الصحية، والخدمات اللوجيستية. كما ظهرت تقنيات جديدة مثل «تشات جي بي تي» التي تسمح للذكاء الاصطناعي بإنشاء محتوى إبداعي.

تأثير الذكاء الاصطناعي على الاقتصاد

يُعد الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في تحويل الاقتصاد العالمي. ويُنظر إليه كعامل إنتاج جديد قادر على إحداث نقلة نوعية في مسارات النمو الاقتصادي، وتغييرات جذرية في طريقة العمل عبر مختلف القطاعات عبر أتمتة المهام المتكررة، مما يحرر العمال للتركيز على وظائف أكثر إبداعاً، واستراتيجية، وتحليل البيانات بشكل أسرع، وأكثر دقة، ومساعدة الشركات على تطوير منتجات وخدمات جديدة تلبي احتياجات العملاء بشكل أفضل.

وخلال الأعوام المقبلة، يُبشر الذكاء الاصطناعي بثورة اقتصادية هائلة، حيث يمكنه أن يضيف تريليونات الدولارات إلى القيمة الاقتصادية العالمية من خلال تعزيز الإنتاجية في مختلف القطاعات. وبحسب توقعات المنتدى الاقتصادي العالمي، يُتوقع أن يُضيف استخدامه ما يقرب من 16 تريليون دولار إلى الاقتصاد العالمي بحلول عام 2030، مما يجعله أحد أهم العوامل المؤثرة على مستقبل الاقتصاد. ومن المتوقع أن تستفيد كل من الصين والولايات المتحدة الأميركية بشكل كبير من هذه الطفرة التكنولوجية، حيث يُقدر أن تمثلا ما يقرب من 70 في المائة من التأثير العالمي للذكاء الاصطناعي.

وتشير الدراسات إلى أن الخدمات المصرفية والتكنولوجيا العالية والعلوم الحيوية ستكون من بين أكثر القطاعات استفادة من هذه التكنولوجيا. ففي قطاع الخدمات المصرفية، على سبيل المثال، يُمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي أن يقدم قيمة إضافية تتراوح بين 200 و340 مليار دولار سنوياً، وفي قطاع البيع بالتجزئة والسلع الاستهلاكية المعلبة، يُمكن أن يصل التأثير إلى ما بين 400 و660 مليار دولار سنوياً.

كذلك يُشكل الذكاء الاصطناعي التوليدي قوة تحويلية قوية ستؤثر بشكل كبير على سوق العمل العالمية. ويمكن أن يمثل ثورةً حقيقيةً في مجال العمل، حيث يمكنه أن يُساهم بشكل كبير في زيادة إنتاجية العمالة عبر مختلف القطاعات الاقتصادية. ووفقاً للدراسات، من المتوقع أن يُتيح نمو إنتاجية العمالة بنسبة تتراوح بين 0.1 إلى 0.6 في المائة سنوياً حتى عام 2040.

وفي تحليل أجراه صندوق النقد الدولي حول التأثير المحتمل للذكاء الاصطناعي على سوق العمل العالمية، تبين أن نحو 40 في المائة من العمالة العالمية تتعرض للذكاء الاصطناعي. تاريخياً، كانت الأتمتة وتكنولوجيا المعلومات تميل إلى التأثير على المهام الروتينية، ولكن أحد الأشياء التي تميز الذكاء الاصطناعي هو قدرته على التأثير على الوظائف ذات المهارات العالية. ونتيجة لذلك، تواجه الاقتصادات المتقدمة مخاطر أكبر بسبب الذكاء الاصطناعي -ولكنها تواجه أيضاً فرصاً أكبر للاستفادة من فوائده- مقارنة بالاقتصادات الناشئة، والنامية.

ويُتوقع أن يُحدث الذكاء الاصطناعي تحولاً جذرياً في المشهد الوظيفي في الاقتصادات المتقدمة، حيث يمكن أن يتأثر نحو 60 في المائة من الوظائف بهذه التكنولوجيا الجديدة. وفي حين قد يعزز دمج الذكاء الاصطناعي بعض الوظائف الإنتاجية، مما يُساهم في تحسين كفاءة الأداء، وزيادة القيمة المُضافة، قد يُؤدي ذلك إلى أتمتة المهام الروتينية التي يقوم بها البشر حالياً.

قرار تاريخي من الأمم المتحدة

في 21 مارس (آذار)، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً تاريخياً بشأن تعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعي «الآمنة، والمضمونة، والموثوقة» والتي ستفيد أيضاً في تحقيق التنمية المستدامة للجميع.

وبإجماع دولي، اتخذت الجمعية العامة للأمم المتحدة خطوة تاريخية نحو تنظيم الذكاء الاصطناعي من خلال اعتماد مشروع قرار تقوده الولايات المتحدة. وركز القرار على أهمية احترام حقوق الإنسان، وتعزيزها في جميع مراحل تطوير واستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويُعد هذا القرار علامة فارقة في الجهود العالمية لضمان استخدام هذه التكنولوجيا بشكل مسؤول، وأخلاقي. وقد حظي بدعم واسع من قبل أكثر من 120 دولة، مما يعكس الإرادة العالمية لمعالجة المخاطر والتحديات التي قد يطرحها الذكاء الاصطناعي.

كما أقرت الجمعية العامة بإمكانات أنظمة الذكاء الاصطناعي في تسريع وتمكين التقدم نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة السبعة عشر. وهذه هي المرة الأولى التي تعتمد فيها الجمعية قراراً بشأن تنظيم هذا المجال الناشئ، وقد صرّح مستشار الأمن القومي الأميركي في وقت سابق من هذا الشهر بأن اعتماد القرار سيمثل «خطوة تاريخية إلى الأمام» من أجل الاستخدام الآمن للذكاء الاصطناعي.

ودعت الجمعية جميع الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة إلى الامتناع أو وقف استخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي التي يستحيل تشغيلها وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان، أو التي تشكل مخاطر غير مبررة على التمتع بحقوق الإنسان. وشددت على أن نفس الحقوق التي يتمتع بها الأفراد خارج الإنترنت يجب أيضاً حمايتها عبر الإنترنت، بما في ذلك طوال دورة حياة أنظمة الذكاء الاصطناعي.

كذلك حثت جميع الدول والقطاع الخاص والمجتمع المدني والمراكز البحثية والإعلامية على تطوير ودعم المناهج والأطر التنظيمية والحوكمة المتعلقة بالاستخدام الآمن والمأمون والموثوق للذكاء الاصطناعي. واعترفت أيضاً بـ«المستويات المختلفة» للتطور التكنولوجي بين الدول، وداخل كل دولة على حدة. كما أقرت بوجود تحديات جوهرية تواجه الدول النامية في مساعيها لمواكبة سرعة الابتكار المتسارعة. وحثت الجمعية الدول الأعضاء وأصحاب المصلحة على التعاون مع الدول النامية، ودعمها حتى تتمكن من الاستفادة من الوصول الشامل، والمنصف، وردم الفجوة الرقمية، وزيادة الثقافة الرقمية.

واعتبرت سفيرة الولايات المتحدة والممثلة الدائمة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، أن القرار صُمم لتعزيز العمل الذي تقوم به الأمم المتحدة، بما في ذلك الاتحاد الدولي للاتصالات، ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونيسكو)، ومجلس حقوق الإنسان. كما دعت إلى الالتزام بردم الفجوة الرقمية داخل الدول، وبينها، واستخدام هذه التكنولوجيا للنهوض بالأولويات المشتركة حول التنمية المستدامة.

في 21 مارس اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً تاريخياً بشأن تعزيز أنظمة الذكاء الاصطناعي «الآمنة والمضمونة والموثوقة» (رويترز)

أول قانون ملزم للذكاء الاصطناعي

وفي 13 مارس، وافق البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة على قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي (AI Act)، ليصبح بذلك أول قانون ملزم للذكاء الاصطناعي على الإطلاق.

وحظي القانون الجديد بتأييد ساحق، حيث صوت لصالحه 523 صوتاً مقابل 46 صوتاً معارضاً. وبفضل حظره لتطبيقات معينة من الذكاء الاصطناعي، وفرضه لبروتوكولات السلامة على تطبيقات أخرى تُعد عالية المخاطر، يشكل هذا القانون إطاراً شاملاً للتعامل مع المشكلات الجديدة والمتطورة بسرعة التي يطرحها الذكاء الاصطناعي.

ويقسم قانون الذكاء الاصطناعي إلى أربع فئات: «مخاطر ضئيلة» و«مخاطر محدودة» و«مخاطر عالية» و«مخاطر غير مقبولة».

مخاطر ضئيلة أو معدومة: تضمّ هذه الفئة أنظمة مثل فلاتر البريد الإلكتروني العشوائي، وألعاب الفيديو التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي. لا تفرض قيود على استخدام هذه الأنظمة بموجب قانون الذكاء الاصطناعي.

مخاطر محدودة: تتطلب الأنظمة ذات المخاطر المحدودة -مثل برامج المحادثة الآلية (تشات بوتز)- الامتثال لمتطلبات الشفافية، مثل إعلام المستخدمين بأنهم يتفاعلون مع نظام ذكاء اصطناعي. كما ستُلزم هذه اللوائح الشركات، سواء كانت أوروبية أم لا، باحترام قانون حقوق النشر، ونشر ملخصات لبيانات التدريب التي تعتمد عليها أنظمة الذكاء الاصطناعي لديها.

مخاطر عالية: تتطلب الأنظمة عالية المخاطر -مثل تلك المستخدمة في الرعاية الصحية، أو التعليم- وثائق فنية، وإشرافاً بشرياً، وتقييمات للامتثال، وغير ذلك الكثير. وسيكون للمواطنين الحق في الحصول على توضيحات حول القرارات التي تتخذها هذه الأنظمة بناءً عليها.

مخاطر غير مقبولة: ستُحظر الأنظمة التي تُشكل مخاطر غير مقبولة، مثل أنظمة التعرف على الهوية البيومترية، مع وجود بعض الاستثناءات المتعلقة بتطبيق القانون. ويُعد إيقاف الإرهابيين أحد الاستخدامات المُسموح بها لهذه الأنظمة، ولكن حتى في هذه الحالة، يلزم الحصول على إذن مسبق.

في 13 مارس وافق البرلمان الأوروبي بأغلبية ساحقة على قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي ليصبح بذلك أول قانون ملزم (رويترز)

صندوق سعودي بقيمة 40 مليار دولار

ومؤخراً، تم الكشف عن خطط المملكة العربية السعودية لتأسيس صندوق استثماري ضخم بقيمة 40 مليار دولار لدعم وتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» نقلاً عن ثلاثة مصادر مطلعة على الخطط، فإنّ مسؤولين من «صندوق الاستثمارات العامة السعودي» قد أجروا خلال الأسابيع الماضية مناقشات حول شراكة محتملة مع شركة «أندريسن هورويتز» الأميركية لرأس المال المخاطر، بالإضافة إلى جهات تمويلية أخرى.

وأفادت الصحيفة أن مسؤولي «صندوق الاستثمارات العامة السعودي» عقدوا مباحثات مع شركة «أندريسين هورويتز» لبحث دورها في صندوق الذكاء الاصطناعي للمملكة، بينما تبادلوا وجهات النظر حول آلية عمل هذا الصندوق. وأضافت المصادر أن شركات رأس المال المخاطر الأخرى قد تشارك في الصندوق المقرر إطلاقه في النصف الثاني من عام 2024، وأوضحت أن الخطط لا تزال قيد التطوير.

وأشار ممثلو المملكة إلى اهتمامهم بدعم مجموعة واسعة من الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، من مصنعي الرقائق، إلى مراكز البيانات الضخمة. وفي الشهر الماضي، قدم محافظ «صندوق الاستثمارات العامة السعودي»، ياسر الرميان، المملكة كمركز محتمل لنشاط الذكاء الاصطناعي خارج الولايات المتحدة، مستشهداً بموارد الطاقة الهائلة، وقدرة المملكة على التمويل. وأكد الرميان على وجود «إرادة سياسية» قوية لتنفيذ مشاريع الذكاء الاصطناعي، مشيراً إلى توفر أموال وفيرة لدعم تطوير هذه التكنولوجيا.

وسيُخصص الصندوق الجديد، الذي تبلغ قيمته المستهدفة 40 مليار دولار، لدعم الشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا، متجاوزاً بذلك المبالغ المعتادة التي تجمعها شركات رأس المال الاستثماري الأميركية. وسيصبح ثاني أكبر مستثمر بالعالم في الشركات الناشئة بعد شركة «سوفت بنك غروب» اليابانية، والتي كانت لسنوات طويلة أكبر مستثمر في هذا المجال. وسيتم تأسيس الصندوق التكنولوجي السعودي الجديد بمساعدة المصارف الأميركية الكبرى في «وول ستريت»، ليُصبح أحد أحدث الوافدين إلى مجال الاستثمار في الشركات الناشئة، والذي سيتمتع بسيولة كبيرة.

وتهدف هذه الخطوة إلى تعزيز مكانة المملكة كمركز عالمي للذكاء الاصطناعي، وجذب أفضل المواهب، والشركات الناشئة في هذا المجال، فضلاً عن دعم جهودها لتنويع اقتصادها بعيداً عن النفط. كما تُعد جزءاً من رؤية السعودية 2030 التي تهدف إلى تحويل المملكة إلى مركز إقليمي وعالمي رائد في مختلف المجالات، بما في ذلك تقنيات الذكاء الاصطناعي.

تنافس صيني-أميركي

من المتوقع أن يُعزز الذكاء الاصطناعي النمو الاقتصادي في الولايات المتحدة، والاقتصادات المتقدمة الأخرى بشكل أكبر من الصين، والاقتصادات الناشئة، مما سيُفاقم التنافس العالمي بين واشنطن وبكين. هذا ما توصلت إليه دراسة أجرتها شركة «كابيتال إيكونوميكس»، حيث صنّفت الدول حسب إمكاناتها للاستفادة من الذكاء الاصطناعي. واحتلت الولايات المتحدة المرتبة الأولى، تليها سنغافورة، والمملكة المتحدة، وسويسرا.

ورغم كونها قوة اقتصادية عالمية، فإن الصين تحتل مرتبة وسطية تقريباً في مجموعة من 33 دولة تم تقييمها من حيث إمكاناتها للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي. ويعود ذلك إلى تباينٍ واضح بين نقاط قوة ونقاط ضعف الصين في هذا المجال.

وتتمتع الصين بقدرات ابتكارية قوية، واستثمارات ضخمة في مجال الذكاء الاصطناعي، مما يُعزز من قدرتها على التنافس على المستوى العالمي. ومع ذلك، فإن النهج التنظيمي الصارم في الصين قد يعوق انتشار تقنية الذكاء الاصطناعي، ويُبطئ من وتيرة التقدم. ومن المتوقع أن يُساعد الذكاء الاصطناعي اقتصاد الولايات المتحدة على الحفاظ على ريادته على الصين من حيث الناتج المحلي الإجمالي المقاس بسعر الصرف السوقي.

وستواجه الصين تحدياً في الالتفاف على قيود الولايات المتحدة على صادرات الرقائق الدقيقة المستخدمة في معالجة الذكاء الاصطناعي. وسيؤدي ذلك إلى تطور النظام البيئي للذكاء الاصطناعي في الصين بشكل مستقل عن نظيره في الغرب.

ويتوقع الباحثون أن يُؤدي التنافس بين الصين والولايات المتحدة على قيادة السوق في مجال الذكاء الاصطناعي إلى «آثار إيجابية جانبية» على دول أخرى. وتشير الدراسة إلى أنه إذا سعى الطرفان إلى اعتماد أدوات التعلم الآلي الخاصة بهما أولاً للاستفادة من تأثيرات الشبكة، فقد تكون النتيجة انتشاراً عالمياً أسرع للتكنولوجيا المتطورة.

وقال محللون في «غولدمان ساكس غروب» إن «الذكاء الاصطناعي التوليدي» يمكن أن يؤدي إلى قفزة كبيرة في إنتاجية الولايات المتحدة -بنحو 1.5 نقطة مئوية سنوياً على مدار عقد من الزمان- وتعزيز النمو العالمي بشكل كبير.

ثروة تُصنع على عرش التقنية

تجتاح العالم موجة عاتية من الثروة بفضل ثورة الذكاء الاصطناعي، وخير مثال على ذلك المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا»، جين سون هوانغ. ففي غضون خمس سنواتٍ فقط، قفزت ثروته من 4 إلى 83.1 مليار دولار، مدفوعة بالطلب الملح على منتجات شركته من رقائق الذكاء الاصطناعي.

وأظهرت دراسة حديثة صادرة عن معهد «ماكنزي» العالمي أن الذكاء الاصطناعي التوليدي لديه القدرة على توليد قيمة تعادل ما بين 2.6 و4.4 تريليون دولار في أرباح الشركات العالمية سنوياً.

فقد ساهم نشاط «مايكروسوفت» المفرط، والمصحوب بالكثير من الضجيج الاستثماري حول الذكاء الاصطناعي، في إعادة الشركة إلى صدارة أغلى شركة عامة في العالم بقيمة سوقية تبلغ 3.1 تريليون دولار، وهو ما يفوق إجمالي قيمة جميع الشركات المدرجة في مؤشر «فوتسي 100» البريطاني مجتمعة.

كما مهد انتقال «أوبن إيه آي» إلى هيكل هادف للربح والاستثمارات من شركاء مثل «مايكروسوفت» الطريق لنمو الإيرادات المحتمل، حيث من المتوقع أن تحقق إيرادات بقيمة مليار دولار في عام 2024. تشير هذه التوقعات إلى الثقة المحيطة بالقدرات التجارية للشركة، والتأثير الكبير الذي يُتوقع أن تحدثه في صناعة الذكاء الاصطناعي.

فرص هائلة وتحديات جوهرية

لا شك أن ثورة الذكاء الاصطناعي أحدثت تغييرات جذرية في مختلف جوانب حياتنا. فمن خلال تحسين الإنتاجية، وخلق فرص عمل جديدة، وتعزيز التنمية المستدامة يُقدم الذكاء الاصطناعي فرصاً هائلة للنهوض بالاقتصادات، والمجتمعات.

ومع ذلك، فإن هذه الثورة لا تخلو من التحديات. فمن المخاطر الأخلاقية، إلى الفجوة الرقمية، وفقدان الوظائف، لا بد من معالجة هذه التحديات بشكل مستدام من خلال التعاون الدولي، والاستثمار في التعليم والتدريب، ومعالجة الفجوة الرقمية، والمخاطر الأخلاقية لضمان أن تكون ثورة الذكاء الاصطناعي ثورة إيجابية للجميع تسهم في ازدهار الاقتصادات، وتحقيق الربحية المشروعة.


مقالات ذات صلة

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

يوميات الشرق أداة «ميتا» هي برنامج للدردشة الآلية يعمل بتقنية الذكاء الاصطناعي (رويترز)

«الذكاء الاصطناعي» في مرمى انتقادات بعد «أخطاء دينية»

ارتكبت أداة الذكاء الاصطناعي «ميتا آي» (Meta AI) خطأً فادحاً بعد اختبارات في نصوص دينية.

محمد السيد علي (القاهرة)
الاقتصاد شعار «أبل» على متجرها  في «مارشي سان جيرمان» في باريس (رويترز)

«أبل» على أعتاب إنجاز تاريخي... قيمة سوقية بـ4 تريليونات دولار

تقترب شركة «أبل» من تحقيق تقييم تاريخي غير مسبوق بقيمة 4 تريليونات دولار في سوق الأسهم، مدعومةً بالتفاعل الإيجابي من المستثمرين.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)
خاص غسان سلامة (الشرق الأوسط) play-circle 04:47

خاص غسان سلامة لـ«الشرق الأوسط»: العالم إلى حروب أوسع

في حوار موسَّع تحدث غسان سلامة عن الفرص المنظورة لـ20 دولة قد تتحول إلى قوى نووية، ودور الذكاء الاصطناعي في حرب المسيرات ومستقبل سوريا مع ما هو قائم الآن.

ميشال أبونجم (باريس)
صحتك تقنيات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تسهم في تعزيز فهم صحة الدماغ (جامعة جورجتاون)

الذكاء الاصطناعي للكشف المبكر عن شيخوخة الدماغ

تمكن باحثون من معهد كارولينسكا في السويد من تطوير طريقة للكشف المبكر عن العوامل التي تسهم في تسارع شيخوخة الدماغ، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
تكنولوجيا لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

بسبب الاحتيال... إيطاليا تغرّم «تشات جي بي تي» 15 مليون يورو

أعلنت هيئة حماية البيانات الإيطالية أنها فرضت غرامة قدرها 15 مليون يورو على شركة «أوبن إيه آي» الأميركية بسبب الاحتيال.

«الشرق الأوسط» (روما)

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
TT

الصين تتراجع عن تعديلات بقانون الشركات بعد احتجاجات نادرة

مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)
مشاة في أحد الشوارع التجارية بمدينة يوهان وسط الصين (أ.ف.ب)

تدخلت أعلى هيئة تشريعية في الصين يوم الاثنين لتخفيف شروط قانون مثير للجدل يهدف إلى تعزيز الدائنين من خلال السماح لهم باستهداف المساهمين السابقين في الشركات، بعد موجة من الاحتجاجات النادرة في 11 مدينة.

وجاء تحرك لجنة الشؤون التشريعية في المؤتمر الوطني لنواب الشعب الصيني (البرلمان) بشأن تغيير حديث لقانون الشركات في أعقاب سلسلة من 17 احتجاجاً على حقوق المساهمين في الأسابيع الأخيرة.

وذكرت وسائل إعلام رسمية يوم الاثنين أن اللجنة قالت إنها «ستحث المحاكم المعنية على اتخاذ التدابير المناسبة» في الجهود الرامية إلى «تحسين» بيئة الأعمال. وقالت إن هذا البند المثير للجدل لا ينبغي أن ينطبق على المساهمين الذين باعوا أسهمهم قبل سريان القانون الجديد في يوليو (تموز) الماضي. وتأتي هذه الخطوة في الوقت الذي تسعى فيه بكين جاهدة إلى إدارة التردي الاقتصادي بعد انهيار صناعة العقارات، وتعزيز ثقة المستهلكين.

وركزت الاحتجاجات التي قال الخبراء إنها هددت بالتحول إلى مصدر قلق أوسع نطاقاً بشأن الاستقرار الاجتماعي في بكين، على من ينبغي أن يتحمل المسؤولية عندما لا تتمكن الشركات الخاصة التي كانت ذات يوم محركاً للطفرة في الصين، من سداد ديونها أو الإفلاس.

وقال كيفن سلاتن، رئيس منظمة مراقبة المعارضة الصينية، وهو مشروع لمجموعة حقوق الإنسان التي تتخذ من واشنطن مقراً لها وتتابع الاحتجاجات في الصين: «لديك هذه الحركة الاحتجاجية، والتي تدور في الأساس حول تضرر سبل عيش الناس بسبب سياسة الحكومة، وقد يكون هذا دافعاً لهم لاتخاذ إجراء محدد للغاية لمحاولة قمع السخط».

ودخلت عملية إصلاح شاملة لقانون الشركات في الصين حيز التنفيذ في يوليو، مما يسمح للشركات بمحاسبة المساهمين الأصليين عن المبالغ غير المدفوعة على الرغم من نقل أسهمهم بالفعل. ولكن في خطوة فاجأت الخبراء القانونيين، ذهبت المحكمة الشعبية العليا إلى أبعد من ذلك بإعلان المساهمين القدامى مسؤولين عن المبالغ غير المدفوعة بعد الإفلاس، حتى لو كانوا قد نقلوا بالفعل أسهمهم إلى مستثمرين جدد... وأثار هذا التنفيذ بأثر رجعي غضب المستثمرين الذين قلقوا بشأن المسؤوليات المحتملة بعد أن صرفوا أموالهم.

وفي منشور على الإنترنت تم حظره الآن، قارن أحد الأشخاص الموقف ببيع سيارة، ثم الاضطرار إلى دفع ثمن الأضرار عندما يقوم المالك الجديد بحادث.

وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على تطبيق «دوين» الصيني بين أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) وأوائل ديسمبر (كانون الأول)، احتجاجات خارج وداخل المحاكم العليا في 11 منطقة صينية. وتُظهر مقاطع الفيديو المنشورة على الإنترنت مزيجاً من المشاركين ممن هم أصغر سناً وأكبر سناً وهم يهتفون مطالبين بـ«رؤية الرئيس».

وسعى البعض إلى الحصول على تفسير للتغيير في القانون وأرادوا إلغاء عنصره الرجعي، مستشهدين ببند القانون الجديد بشأن مسألة مسؤولية المستثمر، بما في ذلك مسؤولية الشركات الفاشلة.

وفي تشنغدو، عاصمة مقاطعة سيتشوان الجنوبية الغربية، وثقت مقاطع فيديو ثلاثة احتجاجات، كان أحدها يحمل شعار «العدالة والإنصاف سينتصران بالتأكيد». وحذفت الرقابة معظم مقاطع الفيديو بسرعة، على الرغم من استمرار تداول بعضها.

وقدمت منظمة مراقبة المعارضة الصينية لـ«رويترز» أرشيفاً لمقاطع الفيديو. وتمكنت «رويترز» من تأكيد الموقع المحدد للعديد منها، لكنها لم تتمكن من تأكيد تواريخها، ولم تتمكن من الوصول إلى أي من الأفراد المعنيين. وأظهر إحصاء المنظمة أن الاحتجاجات الاقتصادية في أكتوبر (تشرين الأول) كانت الأعلى منذ عام 2022.

وحتى وقت قريب، كانت الصين تسهل إنشاء شركات ذات حقوق ملكية معلنة يمكن سدادها على مدار سنوات. وسمح ذلك للشركات بالتأسيس بسرعة وتأمين الأعمال والاقتراض، ومُنح المساهمون سنوات لدفع ثمن أسهمهم... لكن هذه الثغرة فتحت الطريق أيضاً للاحتيال.

وقال رين ييمين، الشريك المؤسس لمجموعة «كابيتال إكويتي ليغال غروب»: «كانت هناك حالات قام فيها المساهمون، من أجل تجنب التزامهم بالسداد، بنقل الأسهم إلى أقاربهم، أو إلى أشخاص كبار في السن، أولئك الذين ليس لديهم وسيلة للسداد، لتجنب تحمل التزاماتهم بالسداد».

كما أكد انهيار شركة التطوير العقاري «إيفرغراند» هذا العام بديون تزيد على 300 مليار دولار، ارتفاع المخاطر بالنسبة للدائنين. وفي أحد الأحكام الأولى بأثر رجعي التي أصدرتها محكمة في بكين في أغسطس (آب)، تم تحميل المساهمين الأصليين الذين باعوا حصتهم في شركة تسمى «رين» المسؤولية عن ملايين من اليوان طالب بها الدائنون.