البنك الدولي للأسواق الناشئة: النمو الأسرع ضروري لسداد الديون

يُعد تباطؤ النمو حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسواق الناشئة إذ لم يشهد نحو ثلثها أي انتعاش منذ جائحة «كوفيد - 19» (رويترز)
يُعد تباطؤ النمو حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسواق الناشئة إذ لم يشهد نحو ثلثها أي انتعاش منذ جائحة «كوفيد - 19» (رويترز)
TT

البنك الدولي للأسواق الناشئة: النمو الأسرع ضروري لسداد الديون

يُعد تباطؤ النمو حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسواق الناشئة إذ لم يشهد نحو ثلثها أي انتعاش منذ جائحة «كوفيد - 19» (رويترز)
يُعد تباطؤ النمو حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسواق الناشئة إذ لم يشهد نحو ثلثها أي انتعاش منذ جائحة «كوفيد - 19» (رويترز)

حذّر البنك الدولي من أن ارتفاع تكاليف الاقتراض «غيّر بشكل كبير» حاجة الدول النامية إلى تعزيز النمو الاقتصادي المتباطئ.

ويأتي هذا التحذير بينما سجل بيع السندات الدولية من حكومات الأسواق الناشئة رقماً قياسياً بلغ 47 مليار دولار في يناير (كانون الثاني)، بقيادة أسواق ناشئة أقل خطورة، وفق «رويترز».

ومع ذلك، بدأ بعض المصدرين الأكثر خطورة في استغلال الأسواق بمعدلات أعلى. على سبيل المثال، دفعت كينيا مؤخراً أكثر من 10 في المائة على سند دولي جديد، وهي العتبة التي يعد الخبراء فوقها الاقتراض غير مستدام مالياً.

وقال نائب كبير الاقتصاديين في البنك الدولي، أيخان كوس، لـ«رويترز» في مقابلة أجريت معه في لندن الثلاثاء: «عندما يتعلق الأمر بالاقتراض، تتغير القصة بشكل كبير. أنت بحاجة إلى النمو بشكل أسرع بكثير». وأضاف «إذا كان لدي قرض عقاري بفائدة 10 في المائة، فسأكون قلقاً».

وأشار كوس إلى أن النمو الأسرع، خاصةً معدل نمو حقيقي أعلى من التكلفة الحقيقية للاقتراض، قد يكون بعيد المنال.

وحذّر البنك الدولي في تقرير توقعات الاقتصاد العالمي، الذي نُشر في يناير، من أن الاقتصاد العالمي يتجه نحو أضعف أداء خلال خمس سنوات في 30 عاماً خلال الفترة 2020 - 2024، حتى لو تم تجنب الركود. ومن المتوقع أن يتباطأ النمو العالمي للعام الثالث على التوالي إلى 2.4 في المائة، قبل أن يرتفع إلى 2.7 في المائة في عام 2025.

وأظهر التقرير أن هذه المعدلات لا تزال أقل بكثير من متوسط 3.1 في المائة في العقد الأول من القرن الحادي والعشرين.

ويعد تباطؤ النمو حاداً بشكل خاص بالنسبة للأسواق الناشئة، إذ لم يشهد نحو ثلثها أي انتعاش منذ جائحة «كوفيد - 19»، ودخلها الفردي أقل من مستويات عام 2019. وقال كوس إن هذا الأمر يضع كثيراً من أهداف الإنفاق على التعليم والصحة والمناخ موضع تساؤل.

وأضاف «أعتقد أنه سيكون من الصعب تحقيق هذه الأهداف، إن لم يكن مستحيلاً، بالنظر إلى نوع النمو الذي شهدناه».

ويُشكل تصعيد الصراع في الشرق الأوسط مخاطر سلبية أخرى، تضاف إلى المخاوف بشأن السياسة النقدية الصارمة، وتراجع التجارة العالمية.

وقال كوس: «كانت التجارة محركاً رئيسياً لتقليل الفقر، وبالطبع بالنسبة لاقتصادات الأسواق الناشئة، فهي مصدر رئيسي للدخل».

إعادة هيكلة الديون

وأضاف كوس أنه إذا ظل النمو منخفضاً، فقد تضطر بعض الأسواق الناشئة إلى إعادة هيكلة الديون، وذلك من خلال إعادة جدولة استحقاقات الديون أو الموافقة على تخفيضات مع الدائنين.

وقال: «عاجلاً أم آجلاً، ستحتاج إلى إعادة هيكلة الديون وتحتاج إلى إطار عمل. لم يحدث ذلك بالطريقة التي كان يأمل بها المجتمع الدولي».

وأطلقت دول مجموعة العشرين «الإطار المشترك» في عام 2020، عندما قلب الوباء أوضاع الدول المالية رأساً على عقب. وهدف البرنامج إلى تسريع وتبسيط عملية إعادة الدول المثقلة بالديون إلى مسار التعافي.

ولكن العملية واجهت تأخيرات، حيث ظلت زامبيا متخلفة عن سداد ديونها لأكثر من ثلاث سنوات.

وقال كوس: «إذا ظل النمو ضعيفاً وظلت ظروف التمويل صعبة، فلن تشهد مخرجاً سهلاً لهذه المشكلة. ولكن إذا ارتفع النمو بشكل سحري، فسيكون ذلك بمثابة دواء».


مقالات ذات صلة

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

المشرق العربي كشف تقرير للبنك الدولي أن تكلفة الأضرار التي لحقت بالمساكن في لبنان جراء الحرب تقدر بنحو 2.8 مليار دولار (أ.ف.ب)

ما حجم الخسائر البشرية والمادية جراء الحرب الإسرائيلية على لبنان؟

قد يتوقف قريباً إطلاق النار بين إسرائيل وجماعة «حزب الله» اللبنانية بموجب اتفاق يستهدف إنهاء أكثر من عام من قتال أشعلته حرب غزة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد متسوقون في أحد الشوارع التجارية بالعاصمة الكورية الجنوبية سيول (رويترز)

كوريا الجنوبية تتعهد بزيادة 45 % في مساهمتها بصندوق تابع للبنك الدولي

قالت وزارة المالية الكورية الجنوبية إن الرئيس يون سوك يول تعهد بزيادة مساهمة بلاده في صندوق المؤسسة الدولية للتنمية التابع للبنك الدولي بمقدار 45 في المائة.

«الشرق الأوسط» (سيول)
الاقتصاد منظر عام لمدينة وهران الجزائرية (رويترز)

البنك الدولي: الجزائر تحقق نمواً 3.9 % في النصف الأول رغم انخفاض إنتاج المحروقات

أفاد تقرير البنك الدولي بعنوان «تقرير رصد الوضع الاقتصادي للجزائر: إطار عمل شامل لدعم الصادرات» بأن اقتصاد الجزائر سجل نمواً بنسبة 3.9 في المائة في النصف الأول.

«الشرق الأوسط» (الجزائر)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن خلال مشاركته في قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو (أ.ب)

بايدن يتعهد بأربعة مليارات دولار لصندوق يساعد أفقر البلدان

يسجل المبلغ رقما قياسيا ويتجاوز كثيرا نحو 3.5 مليار دولار تعهدت بها واشنطن في الجولة السابقة من تعزيز موارد الصندوق في ديسمبر كانون الأول 2021.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لشارع الحبيب بورقيبة في وسط تونس (رويترز)

البنك الدولي يتوقع نمو الاقتصاد التونسي 1.2 % في 2024

توقّع البنك الدولي أن ينمو الاقتصاد التونسي بنسبة 1.2 في المائة في 2024، وهو أقل من توقعاته السابقة.

«الشرق الأوسط» (تونس)

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

TT

محمد بن سلمان: ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد السعودية

ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)
ولي العهد يوقِّع على الميزانية العامة للعام المالي 2025 (واس)

قال الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد السعودي رئيس مجلس الوزراء، إن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجد فرصاً غير مسبوقة، من خلال المحافظة على مستويات مستدامة من الدَّيْن العام واحتياطيات حكومية معتبرة، إضافةً إلى سياسة إنفاق مرنة تمكّنها من مواجهة التحديات والتقلبات في الاقتصاد العالمي.

وشدد ولي العهد، عقب إقرار مجلس الوزراء ميزانية العام المالي لعام 2025، على أن الإصلاحات المالية التي نفّذتها المملكة انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية؛ نتيجة تبني الحكومة سياسات مالية تسهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي.

وأشار محمد بن سلمان إلى أن ميزانية العام المالي 2025 تؤكد استهداف حكومة المملكة الاستمرار في عملية تنفيذ الإصلاحات التنظيمية والهيكلية وتطوير السياسات الهادفة إلى الارتقاء بمستوى المعيشة وتمكين القطاع الخاص وبيئة الأعمال، والعمل على إعداد خطة سنوية للاقتراض وفق استراتيجية الدّيْن متوسطة المدى التي تهدف إلى الحفاظ على استدامة الدّيْن وتنويع مصادر التمويل بين محلية وخارجية والوصول إلى أسواق الدين العالمية.

ونوه بالدور المحوري للمملكة في دعم الاستقرار الاقتصادي والمالي إقليمياً وعالمياً، انطلاقاً من متانة اقتصادها القادر على تجاوز التحديات.

وأوضح أن الحكومة ملتزمة مواصلة دعم النمو الاقتصادي من خلال الإنفاق التحولي مع الحفاظ على الاستدامة المالية على المديين المتوسط والطويل، وتواصل الحكومة تعزيز دور القطاع الخاص وتمكينه ليصبح المحرك الرئيسي للنمو الاقتصادي من خلال توفير البيئة الاستثمارية المحفّزة، ودعم المنشآت الصغيرة والمتوسطة لتكوين قطاع عمل قوي وواعد يعزز قدرات الكوادر البشرية في المشاريع المختلفة، ويُمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز نموها الاقتصادي بما يحقق للاقتصاد استدامةً مالية، واستمرارية المشاريع ذات العائدَين الاقتصادي والاجتماعي، بالإضافة إلى مواصلة العمل على تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات المتعلقة بتطوير البنية التحتية، ورفع جودة الخدمات الأساسية المقدَّمة للمواطنين والمقيمين والزائرين.

وقال ولي العهد: «إن الاقتصاد السعودي جزء لا يتجزأ من الاقتصاد العالمي، ويتأثر بالتطورات العالمية كأي اقتصاد آخر؛ وهذا ما يدعونا إلى مواصلة العمل على مواجهة أي تحديات أو متغيرات عالمية عبر التخطيط المالي طويل المدى للاستمرار على وتيرتنا المتصاعدة نحو تحقيق وتنفيذ البرامج والمبادرات، مع الالتزام بكفاءة الإنفاق، والتنفيذ المتقن والشفاف لجميع البنود الواردة في الميزانية، وإتمام البرامج والمشاريع المخطط لها في برامج (رؤية السعودية 2030) والاستراتيجيات الوطنية والقطاعية».

وقال إن المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل "رؤية 2030"؛ إذ يقدر أن تسجل المملكة ثاني أسرع معدل نمو في الناتج المحلي الإجمالي بين الاقتصادات الكبرى خلال العام القادم عند 4.6 في المائة، مدفوعة باستمرار ارتفاع مساهمة الأنشطة غير النفطية والتي بلغت مستوى قياسياً جديداً لها خلال العام 2024 عند 52 في المائة، وانخفض معدل بطالة السعوديين إلى مستوى قياسي بلغ 7.1 في المائة حتى الربع الثاني وهو الأدنى تاريخياً، مقترباً من مستهدف 2030 عند 7 في المائة.

كما ارتفع معدل مشاركة المرأة السعودية في سوق العمل ليصل إلى 35.4 في المائة حتى الربع الثاني متجاوزاً مستهدف الرؤية البالغ 30 في المائة، وبلغ صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي 21.2 مليار ريال (5.6 مليار دولار) خلال النصف الأول من العام الجاري، ويعكس ذلك اهتمام حكومة خادم الحرمين الشريفين بجميع فئات المجتمع.

ولفت ولي العهد إلى الدور المحوري لصندوق الاستثمارات العامة وصندوق التنمية الوطني والصناديق التنموية التابعة له في دعم الاستقرار الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، كما يمثل الصندوقان قوة فاعلة لتنويع الاقتصاد والاستثمار في المملكة بما يحقق مستهدفات رؤية المملكة 2030.

وأضاف: «إن المملكة تسير على نهجٍ واضح، وهدف حكومتها -بقيادة وتوجيهات خادم الحرمين الشريفين- في المقام الأول هو خدمة المواطنين والمقيمين، والمحافظة على مكتسباتنا التنموية، والاستمرار في أعمالنا الإنسانية في الداخل والخارج، التزاماً بتعاليم ديننا الحنيف، ومواصلة العمل بكل الموارد والطاقات لتحقيق أهدافنا، مستعينين بالله -عز وجل- ومتوكلين عليه، وواثقين بطاقات وقدرات أبناء وبنات هذه البلاد الذين تسابقوا على الابتكار والإنتاج والإسهام في تحقيق رؤيتنا للوصول إلى مجتمع حيوي واقتصاد مزدهر ووطن طموح».

كان مجلس الوزراء السعودي برئاسة ولي العهد قد أقرَّ ميزانية العام المالي 2025، التي تتوقع إيرادات بقيمة 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجزاً بقيمة 101 مليار ريال (26.9 مليار دولار) الذي يمثل انخفاضاً نسبته 14.4 في المائة عن العجز المتوقع لهذا العام.

وذكرت وكالة الأنباء السعودية أن ولي العهد وجّه الوزراء والمسؤولين، كلاً فيما يخصه، بالالتزام بتنفيذ ما تضمنته الميزانية من برامج واستراتيجيات ومشاريع تنموية واجتماعية ضمن رحلة «رؤية 2030».

وتتوافق الأرقام مع البيان التمهيدي لميزانية العام المقبل الذي كان وزارة المالية قد أصدرته في سبتمبر (أيلول) الماضي.