«المركزي اليمني» يتخذ تدابير لوقف انهيار العملة وغسل الأموال

بإسناد من الدفعة الثانية من المنحة السعودية المليارية

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)
TT

«المركزي اليمني» يتخذ تدابير لوقف انهيار العملة وغسل الأموال

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني شدد على استقلالية البنك المركزي (سبأ)

اتخذت إدارة المصرف المركزي اليمني في العاصمة المؤقتة، عدن، جملةً من الإجراءات؛ لمواجهة انهيار سعر العملة الوطنية (الريال اليمني)، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وضبط عمل القطاع المصرفي، مدفوعة بالدفعة الثانية للمنحة السعودية للحكومة اليمنية، البالغة 250 مليون دولار، من إجمالي 1.2 مليار.

وعلى الرغم من أن إدارة المصرف اعتمدت على طرح مزادات شبه أسبوعية لبيع العملة؛ لتغطية حاجات السوق من الدولار، وحافظت على ثبات سعر الصرف خلال الأعوام السابقة، فإن توقف تصدير النفط جراء هجمات الحوثيين على موانئ التصدير منذ ما يزيد على عام، أوقف مصادر العملة الصعبة، وتسبب في تهاوي سعر الريال اليمني إلى 1622 ريالاً لكل دولار، وهو سعر يقارب ما كان عليه قبل تعيين الإدارة الحالية للمصرف المركزي، حين بلغ 1700 ريال لكل دولار.

دعم رئاسي لاستقلالية البنك المركزي اليمني في إدارة السياسة النقدية والسيطرة على التضخم (إعلام حكومي)

وبحسب مصادر مصرفية تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فإن الدفعة الثانية من الدعم السعودي، تعزّز قدرات المصرف المركزي على إدارة سوق العملات، والحد من تدهور سعر صرف العملة الوطنية من خلال المزادات التي توقفت خلال الأشهر الماضية؛ بسبب انقطاع مصادر العملة الصعبة نتيجة توقف تصدير النفط.

وذكرت المصادر أن إعلان المصرف المركزي فتح مزاد لبيع مبلغ 60 مليون دولار خلال هذا الأسبوع، هو إحدى الأدوات الفاعلة لوقف تدهور سعر الريال اليمني.

ومنذ تعيين رئيس الوزراء الجديد أحمد عوض بن مبارك على رأس الحكومة، الأسبوع الماضي، استمر سعر العملة المحلية في التذبذب صعوداً وهبوطاً، حيث تشهد أسواق الصرف في مناطق سيطرة الحكومة حالةً من عدم الاستقرار في ظل عدم انتظام صرف رواتب الموظفين خلال الشهرين الأخيرين. إذ سجلت محالّ بيع العملات (مساء الاثنين) 1622 ريالاً لكل دولار، من 1643 لكل دولار قبل أيام وفق ما أفاد به لـ«الشرق الأوسط» متعاملون في سوق بيع العملات.

ضبط القطاع المصرفي

بالتزامن مع ذلك، وفي إطار السعي لضبط القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال، حصل المصرف المركزي اليمني على تأييد محكمة الأموال العامة في عدن لمطالبه من بعض المصارف التجارية بتمكينه من الوصول إلى بيانات العمليات المصرفية كافة، وتزويد وحدة مكافحة غسل الأموال بالبيانات اللازمة كافة للتحقق من سلامة المعاملات المصرفية، وأدانت اثنين من البنوك التجارية بمخالفة القانون.

عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

وبحسب المصادر الرسمية، أصدرت محكمة الأموال العامة الابتدائية بالعاصمة اليمنية المؤقتة، عدن، حكماً أدانت فيه بنك اليمن الدولي بالتهم المنسوبة إليه، وذلك لعدم التزامه بتطبيق مواد قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعدم موافاة وحدة جمع المعلومات المالية في البنك المركزي بالبيانات المطلوبة، وعدم وجود وحدة الامتثال لمراقبة تطبيق قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

وفي الحق العام، عاقبت المحكمة المصرف المدان بغرامة مالية وقدرها 10 ملايين ريال يمني (الدولار يساوي نحو 1600 ريال)، تُدفع للخزانة العامة للدولة، وألزمته بالقيام بالواجبات القانونية المنصوص عليها في قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وموافاة وحدة جمع المعلومات بالبنك المركزي بكل المعلومات المطلوبة المحددة في قائمة الطلبات المسلمة له خلال شهر من النطق بالحكم.

وذكرت المصادر أن الحكم جاء استناداً إلى الأدلة والقرائن التي قدمتها نيابة مكافحة الفساد، وذلك في إطار الجهود الرامية للحد من انتشار جرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

المحكمة ذاتها أدانت البنك التجاري اليمني بتهمة عدم الالتزام بتطبيق مواد قانون غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وعاقبته على ذلك بغرامة مليوني ريال يمني تُدفع للخزانة العامة، وإلزام إدارته بموافاة وحدة جمع المعلومات المالية بالبنك المركزي اليمني فوراً بالبيانات والمعلومات المطلوبة منه كافة، وخوّلت المحكمة البنك المركزي اليمني في حال تخلف البنك التجاري، عن ذلك خلال شهر من تاريخ النطق بالحكم، بإلغاء الترخيص الممنوح للبنك، ومنعه من مزاولة نشاطه.

رفع رأس المال

إلى ذلك، أقرّ المصرف المركزي اليمني في عدن، ضمن تدابيره الجديدة، رفع رأس أموال مصارف التمويل الأصغر الحاصلة على تراخيص عمل من 5 مليارات ريال إلى 15 مليار ريال. ودعا هذه المصارف إلى استيفاء مبلغ الحد الأدنى لرؤوس الأموال المدفوعة خلال عامين ابتداءً من العام الحالي، على أن يستوفي كل بنك نسبة 50 في المائة من الزيادة المطلوبة خلال عام واحد، على أن تنتهي مدة الاستيفاء في 31 ديسمبر (كانون الأول) من العام المقبل.

إجراءات مهمة لإدارة البنك المركزي اليمني لضبط القطاع المصرفي ومكافحة غسل الأموال (إعلام حكومي)

ووفق ما أعلنه المصرف المركزي اليمني، فإن مصارف التمويل الأصغر العاملة في مناطق سيطرة الحكومة المعترف بها دولياً ستكون ملزمة باستيفاء 50 في المائة من الزيادة المطلوبة على رأس المال المدفوع، قبل حصولها على الترخيص النهائي للعمل، إذ منح المصرف المركزي أخيراً تراخيص لأكثر من 8 بنوك للتمويل الأصغر.

وكان الحوثيون أمروا فروع المصارف التجارية كافة في مناطق سيطرة الحكومة بالتوقف عن إعطاء المصرف المركزي أي بيانات عن العمليات المصرفية، وهددوا بإغلاق المكاتب المركزية للمصارف بحكم وجودها في صنعاء، ولهذا اضطرت غالبية المصارف إلى تشكيل إدارات إقليمية لتلك الفروع في مدينة عدن، والتزمت غالبيتها بتعليمات المصرف المركزي.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
TT

وزير الصناعة السعودي: هيئة المساحة ستلعب دوراً محورياً في السنوات الـ25 المقبلة في التعدين

الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)
الأمير سعود ووزير الصناعة خلال حفل الهيئة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

تلعب هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية دوراً حيوياً في الكشف عن مخزونات الأرض من الفلزات، التي تشمل الذهب والزنك والنحاس، وستلعب دوراً مضاعفاً، كما يقول وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف. ويضيف أن هيئة المساحة الجيولوجية سيكون لها دور محوري خلال الـ25 عاماً المقبلة في تمكين قطاع التعدين، مشدداً على أن هناك عزماً على استمرار مشروعات المسح الجيولوجي والاستكشاف وتوفير البيانات للمستثمرين، خصوصاً أن الهيئة أطلقت جملةً من المبادرات تهدف إلى تحويل قطاع التعدين ليصبح الركيزة الثالثة للاقتصاد الوطني.

كلام الخريف جاء خلال حفل هيئة المساحة الجيولوجية السعودية بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسها، والذي انطلق تحت رعاية مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل، وافتتحه الأمير سعود بن مشعل بن عبد العزيز نائب أمير المنطقة، بحضور عدد من المسؤولين والشخصيات الاعتبارية.

الأمير سعود بن مشعل نائب أمير مكة المكرمة خلال تكريم الشخصيات المشاركة ويبدو وزير الصناعة ورئيس هيئة المساحة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وفي ظل هذه النتائج والأرقام ونتائج المسح، سجَّلت السعودية تدفقاً كبيراً للاستثمار في قطاع التعدين، وهو ما أكده لـ«الشرق الأوسط» الوزير الخريف، قائلاً: «يوجد الآن كمٌّ كبيرٌ من طلبات الاستثمار في قطاع التعدين، وهناك عمل مع الجهات الحكومية الأخرى؛ لضمان التنسيق لتخصيص المواقع للمستثمرين»، موضحاً أنه في كل يوم يجري التوقيع لمواقع جديدة سواء لمستثمرين حاليين فيما يتعلق بالتوسع، أو مستثمرين جدد.

وأشار الوزير إلى أن «النتائج التي نحصل عليها من المسح الجيولوجي والبيانات والمنصة، جعلت السعودية من أهم الدول التي يُنظر لها من شركات الاستثمار في قطاع التعدين للتوسع؛ لضمان مستقبلها في إمدادات التعدين»، مؤكداً: «إننا نعمل على التدقيق في المعلومات التي تصلنا، ونأخذ عينات إضافية، ونركز على مناطق محددة توجد فيها ثروات أكثر، وهذا يرفع مستوى مصداقية السعودية من حيث البيانات».

ونُفذت مشروعات عملاقة للمسح الجيولوجي غطت أكثر من 85 في المائة من أراضي المملكة ما بين أعمال مسح جيوفيزيائي وجيوكيميائي باستخدام تقنيات حديثة. كما أن هناك البرنامج العام للمسح الجيولوجي، ومبادرة بناء قاعدة المعلومات الوطنية لعلوم الأرض، وفقاً للخريف، الذي قال إن المبادرات أسهمت في ارتفاع قيمة الموارد المعدنية غير المستغلة من 4.9 تريليون ريال في عام 2016، إلى 9.4 تريليون ريال مع بداية العام الحالي، 2024.

وزير الصناعة خلال إلقاء كلمته في حفل الهيئة الاثنين (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وخلال الحفل، دشّن نائب أمير منطقة مكة، شعار هيئة المساحة الجيولوجية السعودية الجديد، الذي يعكس الهوية الجيولوجية للهيئة، ويفصح عن جهودها المستمرة في مسح مناطق المملكة وتعزيز الوعي الثقافي والبيئي، كما كرّم أعضاء اللجنة المؤسسة للهيئة، ورعاة الحفل.

وقال الخريف، إن هيئة المساحة الجيولوجية أنجزت أكثر من 500 مشروع متخصص في مجالات علوم الأرض، تتضمّن الخرائط الجيولوجية بمقاييس الرسم المختلفة، والاستكشاف المعدني، والمسح الجيوفيزيائي والجيوكيميائي والبحري، وأعمال مراقبة ورصد المخاطر الجيولوجية، والحد من آثارها، والدراسات والأبحاث التعدينية، كما اهتمت الهيئة منذ نشأتها بتنمية مواردها البشري؛ إيماناً منها بأنهم أساس نجاحها، فبفضل جهودهم وتفانيهم، إلى جانب خبراتهم العلمية والعملية، حققت الهيئة إنجازات نوعية حظيت بإشادة الجميع.

شهد حفل هيئة المساحة تكريماً من نائب أمير مكة المكرمة للرواد في الهيئة وعدد من الشخصيات (إمارة منطقة مكة المكرمة)

وأكد الوزير، في كلمته التي ألقاها بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيس الهيئة، أن المملكة شهدت جهوداً وطنية حثيثة في مجال البحث والتنقيب عن الثروات المعدنية، وقد تكللت باكتشافات مهمة خلال الرُبع قرن الماضي، كان لها أثر كبير على مختلف الأصعدة، موضحاً أنه على صعيد قطاع التعدين، أسهمت هذه الاكتشافات في دعم الاستثمار وتطوير قطاع الثروة المعدنية، لا سيما مع اكتشاف عدد من المعادن الأساسية مثل الفوسفات والبوتاسيوم والذهب والفضة، بالإضافة إلى ركائز معدنية للمعادن الاستراتيجية، التي تكمن أهميتها في نمو القطاع وظهور شركات وطنية كبيرة مثل شركة «معادن».

وأضاف: «لم تقتصر إنجازات الهيئة على الاكتشافات المعدنية فحسب، بل امتدت لتشمل مجال المخاطر الجيولوجية، حيث أسهمت في توسيع شبكة الرصد الزلزالي لتعزيز قدرة المملكة في مراقبة النشاط الزلزالي، وإنشاء قاعدة بيانات (رواسي)، التي تضم آلاف التقارير والدراسات المتخصصة في المخاطر الجيولوجية، كما تشرفت الهيئة بالإشراف على استمرارية وديمومة مياه زمزم المباركة، وتعقيمها، والمحافظة على استدامتها، وأولت اهتماماً كبيراً بدرء مخاطر السيول، وإجراء كثير من الدراسات لتحديد المناطق المُعرَّضة للخطر، ودعم صنع القرار الحكومي بشأن إقامة المشروعات التنموية العملاقة».