دافوس: الصدمات الجيوسياسية تهدد تعافي النمو العالمي

رئيس الأرجنتين خافيير ميلي أثناء إلقائه كلمته في إحدى جلسات منتدى دافوس (أ.ف.ب)
رئيس الأرجنتين خافيير ميلي أثناء إلقائه كلمته في إحدى جلسات منتدى دافوس (أ.ف.ب)
TT

دافوس: الصدمات الجيوسياسية تهدد تعافي النمو العالمي

رئيس الأرجنتين خافيير ميلي أثناء إلقائه كلمته في إحدى جلسات منتدى دافوس (أ.ف.ب)
رئيس الأرجنتين خافيير ميلي أثناء إلقائه كلمته في إحدى جلسات منتدى دافوس (أ.ف.ب)

بعد أن طغت الأزمات الجيوسياسية المتصاعدة في الشرق الأوسط وأوروبا على الأيام الأولى من أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي، سعى المشاركون في جلسات دافوس، اليوم الأربعاء، إلى بحث سبل الدفع بالنمو الاقتصادي، وسط تباطؤ في الاقتصاد الصيني وتخييم شبح الركود على بعض كبرى الاقتصادات.

وبدا أن خطاب رئيس الوزراء الصيني لي تشيانغ، الثلاثاء، لم ينجح في إزاحة مخاوف ممثلي مجتمع المال والأعمال المنتشرين في أروقة «دافوس»؛ إذ هيمن الحديث حول تداعيات تهديد ممرات التجارة العالمية في البحر الأحمر، واستمرار تعثر سلاسل الإمداد العالمية، على أعمال المنتدى.

إلى جانب لي، استضاف المنتدى الاقتصادي العالمي ضيفاً من طراز مختلف هذا العام، يلوّح بانقلاب تام على المؤسسات المالية في بلاده قد يشمل إلغاء البنك المركزي. واحتشد مشاركون في المنتدى، الأربعاء، لمتابعة خطاب الرئيس الأرجنتيني الجديد خافيير ميلي، الذي شن هجوماً واسعاً على «الاشتراكية»، ودعا قادة الأعمال والسياسيين في دافوس إلى رفضها، وبدلاً من ذلك تبني «رأسمالية المشاريع الحرة» لوضع حد للفقر العالمي.

وقال ميلي، في خطاب خاص في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس بسويسرا: «اليوم، أنا هنا لأخبركم بأن العالم الغربي في خطر».

وأضاف: «إنه في خطر لأن أولئك الذين يفترض أن يدافعوا عن قيم الغرب يتم اختيارهم من خلال رؤية للعالم تؤدي بلا هوادة إلى الاشتراكية، وبالتالي إلى الفقر».

تباطؤ النمو العالمي

شهدت المؤشرات في اقتصادات العالم الكبرى تحسّناً نسبياً خلال الأشهر الماضية، بعد نجاح السياسات النقدية المتشددة في السيطرة على الارتفاع السريع في نسب التضخم، دون السقوط في فخ الركود. إلا أن غالبية هذه الاقتصادات ما زالت تعاني من استمرار أزمة غلاء المعيشة عقب جائحة «كوفيد - 19» وحرب أوكرانيا، فيما تهدد التحديات الجيوسياسية الجديدة المتمثلة خاصة في حرب غزة، والتصعيد الذي رافقها في البحر الأحمر، المكتسبات التي تم تحقيقها بشكل مباشر، فضلاً عن تأخير التعافي البطيء للاقتصادات النامية.

وسلّط بورغه برنده، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، الضوء على هذه المخاوف في جلسات دافوس. وقال في حوار سابق مع «الشرق الأوسط» إن «الاقتصاد العالمي هشّ، ومن المتوقع أن يتباطأ النمو إلى 2.9 في المائة هذا العام». واعتبر أن «الأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الصراعات العنيفة بلغت أعلى مستوياتها منذ الحرب العالمية الثانية»، مشدداً على أن «الطريقة الوحيدة التي يمكننا من خلالها حل هذه القضايا هي أن يجتمع القادة معاً، حتى لو لم يتفقوا على كل شيء».

محاولات طمأنة؟

قالت المديرة العامة لمنظمة التجارة العالمية، نغوزي أوكونجو - إيويالا، إنها «أقل تفاؤلاً» حيال وضع التجارة في العالم هذا العام، بسبب التوتر في البحر الأحمر. وعدّت في تصريحات صحافية أن تراجع النمو الاقتصادي العالمي، و«تصاعد التوتر الجيوسياسي والاضطرابات الجديدة التي نشهدها في البحر الأحمر وفي قناة السويس وقناة بنما»، تجعلنا «أقل تفاؤلاً».

وقبيل حرب غزة، توقّعت منظمة التجارة أن تسجّل التجارة العالمية نمواً بنسبة 3.3 في المائة هذا العام، مقارنة بـ0.8 في المائة في 2023. إلا نغوزي أوكونجو - إيويالا أكدت عمل المنظمة على مراجعة التوقعات. وقالت إنها تتوقع أداء أضعف بسبب «العديد من المخاطر التي تدفعنا لخفض التوقعات».

أوروبياً، حذّرت مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا، في تصريحات إعلامية على هامش أعمال «دافوس»، من تأثير اضطرابات البحر الأحمر على الاقتصاد العالمي «إذا ما تصاعد الوضع».

رغم ذلك، سعت غورغييفا إلى تهدئة المخاوف المرتبطة بهذه الأزمة. وقالت لشبكة «سي إن إن» إن هجمات الحوثيين الحالية على حركة الشحن «ليست ذات أهمية بالدرجة الكافية للتأثير على الاقتصاد العالمي، لكن المخاطر مرتفعة من انتشار مزيد من العنف وإطالة أمد الصراع، ومن ثم تزايد عدم اليقين».

بدورها، سعت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إلى إضفاء بعض التفاؤل على المشهد الاقتصادي في دول الاتحاد الأوروبي، ملمّحة إلى تخفيض محتمل لمعدلات الفائدة بدءاً من الصيف.

الاستثمارات الخضراء

أعلن المنتدى الاقتصادي في دافوس عن تكتل جديد يسعى للدفع بالاستثمارات الخضراء في الدول النامية. وانضمّ أكثر من 20 وزيراً ومديراً تنفيذياً إلى هذا التحالف الجديد لجمع ما يتراوح بين 2.2 و2.8 تريليون دولار أميركي تدعم انتقال الدول النامية إلى الطاقة النظيفة.

وفي إعلان المبادرة، قال المنتدى إن «شبكة تعبئة الاستثمار في الطاقة النظيفة من أجل الجنوب العالمي» تسعى للاستجابة إلى الاحتياجات الاستثمارية للدول النامية وتقديم حلول قابلة للتنفيذ لزيادة تدفقات رأس المال في مجال الطاقة الخضراء على مستوى العالم.

ستوفر الشبكة، التي تشمل مسؤولين من مصر والمغرب والهند ونيجيريا وجنوب أفريقيا، منصّة تعاونية لأعضائها بهدف تسريع اجتذاب رؤوس الأموال المهتمة بالطاقة النظيفة. كما ستدعم سياسات مبتكرة ونماذج أعمال جديدة وأدوات إزالة المخاطر وآليات التمويل، وتبادل أفضل الممارسات لجذب التدفقات المستدامة لرأس مال الطاقة النظيفة.


مقالات ذات صلة

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

الخليج وزير الخارجية يستقبل مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي (الشرق الأوسط)

وزير الخارجية السعودي يبحث تعزيز التعاون مع رئيس «دافوس»

 استقبل الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي، في مقر الوزارة بالرياض، الاثنين، مؤسس ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» كلاوس شواب.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد 
جانب من انطلاق فعاليات المنتدى العالمي الاقتصادي في الرياض أمس (واس)

مشاركة دولية واسعة في «دافوس الرياض»

انطلقت في العاصمة السعودية الرياض، أمس (الأحد)، أعمال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي، برعاية الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، وبمشاركة دولية واسعة.

هلا صغبيني ( الرياض) مساعد الزياني ( الرياض )
الخليج ولي العهد السعودي مستقبلاً أمير الكويت اليوم في الرياض (واس)

محمد بن سلمان يستعرض التطورات وتعزيز العلاقات مع مشعل الأحمد والسوداني

التقى ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان مع أمير الكويت ورئيس الوزراء العراقي كل على حدة وذلك على هامش أعمال المنتدى الاقتصادي المنعقد في الرياض.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاركون في حلقة نقاش جانبية خلال الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض في 28 أبريل 2024 (أ.ف.ب)

حزمة مشاريع عراقية جاهزة للتنفيذ تعرض خلال المنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض

قال مصدر حكومي مطّلع إن العراق سيقدم خلال المنتدى الاقتصادي العالمي المنعقد في الرياض حزمة من المشاريع الجاهزة للتنفيذ أمام كبريات الشركات المشاركة في المنتدى.

حمزة مصطفى (بغداد)
الاقتصاد وزير الاقتصاد والتخطيط السعودي ورئيس المنتدى الاقتصادي العالمي وعدد من المعنين بالتحضير للمنتدى (صفحة وزارة الاقتصاد والتخطيط على «إكس»)

تحضيرات اجتماع منتدى الاقتصاد العالمي في الرياض بين الإبراهيم وبرينده

ناقش وزير الاقتصاد والتخطيط فيصل الإبراهيم مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغي برينده، التحضيرات الجارية للاجتماع الخاص بالمنتدى الذي سيُعقد في المملكة في…

«الشرق الأوسط» (الرياض)

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
TT

ألمانيا تحذر ترمب من تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد

سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)
سفينة تابعة لشركة شحن صينية في محطة حاويات بميناء هامبورغ الألماني (رويترز)

أعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك، ومرشح حزب «الخضر» لمنصب المستشار، عن اعتقاده بأن ألمانيا والاتحاد الأوروبي على استعداد جيد للتعامل مع رئاسة دونالد ترمب الجديدة، لكنه حذر ترمب من أن الرسوم الجمركية سلاح ذو حدين، وسيضر الاقتصاد الكلي.

وقال هابيك، نائب المستشار الألماني، وفق «وكالة الأنباء الألمانية»: «أقول إنه يتعين علي وأريد أن أواصل العمل بشكل وثيق مع الولايات المتحدة. لكن إذا تصرفت الإدارة الأميركية الجديدة بطريقة قاسية، فسنرد بشكل جماعي وبثقة بوصفنا اتحاداً أوروبياً».

يذكر أن الاتحاد الأوروبي مسؤول عن السياسة التجارية للدول الأعضاء به والبالغ عددها 27 دولة.

وهدد الرئيس الأميركي المنتخب ترمب بفرض رسوم جمركية بنسبة 60 في المائة على جميع البضائع الصينية وما يتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على الواردات من دول أخرى، ومن بينها الاتحاد الأوروبي، والتي ستشمل السيارات الألمانية الصنع، وهي صناعة رئيسية.

وقال هابيك إنه سيتم التوضيح للولايات المتحدة، من خلال الحوار البناء مع الاتحاد الأوروبي، أن العلاقات التجارية الجيدة تعود بالنفع على الجانبين، إلا أن ألمانيا والاتحاد الأوروبي بحاجة إلى إظهار قوتهما.

وأضاف هابيك: «ردي على ترمب ليس بالخضوع، ولكن بالثقة بقوتنا. ألمانيا قوية وأوروبا قوية».

كانت دراسة أجرتها شركة «بي دبليو سي» لمراجعة الحسابات، قد أظهرت أن اختيار دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة، يُشكل تحدياً لصناعة الشحن الألمانية.

وكشفت الدراسة عن أن 78 في المائة من ممثلي الصناعة يتوقعون تداعيات سلبية من رئاسة ترمب، بينما يتوقع 4 في المائة فقط نتائج إيجابية. واشتمل الاستطلاع على ردود من 124 من صنّاع القرارات في قطاع الشحن.

وتمحورت المخاوف حول احتمالية زيادة الحواجز التجارية، وتراجع حجم النقل تحت قيادة ترمب.

كما ألقت الدراسة الضوء على الأزمة الجارية في البحر الأحمر، حيث تهاجم جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران السفن التجارية بطائرات مسيّرة وصواريخ.

وبدأت هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وتقول الجماعة إنها تستهدف السفن الإسرائيلية، والمرتبطة بإسرائيل، أو تلك المتوجهة إليها، وذلك نصرة للشعب الفلسطيني في غزة.

وتجنبت عدة شركات شحن قد شملها الاستطلاع، البحر الأحمر خلال فترة الاستطلاع الذي أجري من مايو (أيار) إلى يونيو (حزيران)، فيما لا تزال ثلاث شركات من أصل 72 شركة تبحر عبر المسار بشكل نموذجي، تعمل في المنطقة.

ووفقاً للدراسة، فإن 81 في المائة من الشركات لديها اعتقاد بأن الأسعار سوف تواجه ضغوطاً هبوطية في حال كانت مسارات النقل في البحر الأحمر تعمل بشكل سلس.