سريلانكا تنتظر موافقة صندوق النقد الدولي على مراجعة برنامجها الإنقاذي

صفقة الديون مع الدائنين ستساعدها في الحصول على 334 مليون دولار

الرئيس الأول لبعثة صندوق النقد الدولي في سريلانكا بيتر بروير في كولومبو في 27 سبتمبر (وكالة حماية البيئة)
الرئيس الأول لبعثة صندوق النقد الدولي في سريلانكا بيتر بروير في كولومبو في 27 سبتمبر (وكالة حماية البيئة)
TT

سريلانكا تنتظر موافقة صندوق النقد الدولي على مراجعة برنامجها الإنقاذي

الرئيس الأول لبعثة صندوق النقد الدولي في سريلانكا بيتر بروير في كولومبو في 27 سبتمبر (وكالة حماية البيئة)
الرئيس الأول لبعثة صندوق النقد الدولي في سريلانكا بيتر بروير في كولومبو في 27 سبتمبر (وكالة حماية البيئة)

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الخميس، أن اتفاق سريلانكا مع الدول الدائنة على إعادة هيكلة ديونها يمهد الطريق أمام الصندوق للنظر في الموافقة على المراجعة الأولى لبرنامج الإنقاذ الشهر المقبل.

ويأتي الاتفاق المبدئي الذي تم التوصل إليه، يوم الأربعاء، بعد نحو شهر من اتفاق سريلانكا مع بنك التصدير والاستيراد الصيني الذي يغطي نحو 4.2 مليار دولار من الديون المستحقة، في حين أن تصفية مراجعة صندوق النقد الدولي يمكن أن تؤدي إلى الحصول على شريحة ثانية تبلغ نحو 334 مليون دولار من الأموال؛ حيث سيتم صرفها بمجرد موافقة المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي على المراجعة، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.

وقال رئيس بعثة صندوق النقد الدولي إلى سريلانكا بيتر بروير، في بيان: «هذه التفاهمات تمهد الطريق أمام المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي للنظر في استكمال المراجعة الأولى. إننا نتطلع إلى قيام المجلس التنفيذي بإجراء هذه المراجعة بحلول منتصف ديسمبر (كانون الأول) ومواصلة تعاوننا المثمر مع سريلانكا».

وكانت وزارة المالية قد كشفت عن أن الاتفاق مع لجنة الدائنين يغطي نحو 5.9 مليار دولار من الدين العام المستحق، ويتكون من مزيج من تمديد فترات الاستحقاق طويلة الأجل وخفض أسعار الفائدة. وأشارت إلى أنها ستسعى إلى إبرام اتفاقيات مع حاملي السندات الذين يملكون الجزء الأكبر من سنداتها السيادية الدولية البالغة 12.5 مليار دولار.

ولم يحظَ اقتراح إعادة هيكلة الديون الذي قدمه الدائنون من القطاع الخاص في أكتوبر (تشرين الأول) برد إيجابي من وزارة المالية، التي قالت إن لديها «تحفظات جدية» بشأن السندات المرتبطة بالاقتصاد الكلي المقترحة.

وتشير بيانات وزارة المالية إلى أن الدين الخارجي بلغ 36.6 مليار دولار في نهاية يونيو (حزيران). وبمجرد الانتهاء من إعادة هيكلة الديون، تأمل سريلانكا في خفض إجمالي ديونها بمقدار 16.9 مليار دولار. ومنذ تأمين خطة الإنقاذ التي قدمها صندوق النقد الدولي بقيمة 2.9 مليار دولار في مارس (آذار)، تمكنت سريلانكا من تحقيق استقرار اقتصادها جزئياً، وخفض التضخم الجامح وإعادة بناء احتياطيات العملة.

ووفقاً للبنك المركزي، بعد حصول سريلانكا على أموال صندوق النقد الدولي، يمكنها الحصول على تمويل إضافي من بنك التنمية الآسيوي والبنك الدولي، ليصل المجموع إلى نحو 900 مليون دولار.

وأظهرت بيانات «تريدويب» أن سندات سريلانكا الدولارية المستحقة في يوليو (تموز) 2026 ارتفعت 0.28 سنت إلى 51.53 سنت بحلول الساعة 05:00 (بتوقيت غرينتش). وكان ارتفاع يوم الأربعاء بمقدار 1.19 سنت هو أكبر مكسب في يوم واحد منذ أكثر من شهر. ومع ذلك، كان رد فعل سوق الأسهم على بيان صندوق النقد الدولي ضعيفاً؛ حيث ارتفع المؤشر القياسي بنسبة 0.67 في المائة عند افتتاح التداول.

هذا وتواجه الدولة الواقعة في المحيط الهندي أسوأ أزمة مالية منذ عقود، وتحاول منذ العام الماضي إبرام صفقات إعادة هيكلة مع الدائنين بعد انخفاض قياسي في احتياطيات النقد الأجنبي أدى إلى التخلف عن سداد الديون الخارجية في مايو (أيار) 2022.

تجدر الإشارة إلى أن سريلانكا وصندوق النقد الدولي توصلا إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن المراجعة الأولى لترتيبات تسهيلات الصندوق الممدد لمدة 4 سنوات في أكتوبر، بعد تأخير دام شهراً. وتترأس اليابان، إلى جانب فرنسا والهند، اللجنة المؤلفة من 15 دولة. لكن الصين، أكبر دائن ثنائي لسريلانكا، لم تنضم بصفة عضو رسمي.


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
TT

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)
بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن الرئيس المنتخب دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه الاقتصادي بنجاح، دون الانجرار إلى حرب تجارية شاملة أو تفاقم العجز الفيدرالي.

وحقق مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» زيادة تفوق 24 في المائة في عام 2024، مما جعله في الصدارة بين مؤشرات الأسهم في أوروبا وآسيا والأسواق الناشئة. وبمعدل 22 ضعفاً للأرباح المستقبلية المتوقعة، فإن علاوته مقارنة بمؤشر «إم إس سي آي» للأسواق من أكثر من 40 دولة، تعد الأعلى منذ أكثر من عقدين، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وعلى الرغم من أن الأسهم الأميركية قد تفوقت على نظيراتها العالمية لأكثر من عقد من الزمان، فإن الفجوة في التقييم قد اتسعت هذا العام بفضل النمو الاقتصادي المتين والأرباح القوية للشركات، لا سيما في قطاع التكنولوجيا، حيث ساعدت التطورات المثيرة في مجال الذكاء الاصطناعي على تعزيز أسهم شركات رائدة مثل «إنفيديا».

ويعتقد بعض المشاركين في السوق أن أجندة ترمب الاقتصادية، التي تشمل تخفيض الضرائب، وتخفيف القيود التنظيمية، وحتى فرض الرسوم الجمركية، قد تعزز من تفوق الولايات المتحدة، متفوقة على المخاوف المتعلقة بتأثيراتها المزعزعة المحتملة على الأسواق وزيادة التضخم.

وقال رئيس استراتيجية الأسهم الأميركية في بنك «باركليز»، فينو كريشنا: «نظراً للتوجهات المؤيدة للنمو في هذه الإدارة الجديدة، أعتقد أنه سيكون من الصعب مواجهة الأسهم الأميركية، على الأقل في عام 2025». وكانت هناك مؤشرات على تزايد تفضيل المستثمرين للأسهم الأميركية مباشرة بعد الانتخابات التي جرت في 5 نوفمبر (تشرين الثاني)، عندما استقبلت صناديق الأسهم الأميركية أكثر من 80 مليار دولار في الأسبوع الذي تلا الانتخابات، في حين شهدت صناديق الأسهم الأوروبية والأسواق الناشئة تدفقات خارجة، وفقاً لبنك «دويتشه».

ويعد «مورغان ستانلي»، و«يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية، ومعهد الاستثمار «ويلز فارغو» من بين المؤسسات التي توصي بزيادة الوزن للأسهم الأميركية في المحافظ الاستثمارية أو تتوقع تفوقها في العام المقبل.

محرك الأرباح

أحد المحركات الرئيسية لقوة الأسهم الأميركية هو ميزة أرباح الشركات الأميركية، حيث من المتوقع أن ترتفع أرباح شركات «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 9.9 في المائة هذا العام وبنسبة 14.2 في المائة في 2025، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي». وفي المقابل، من المتوقع أن ترتفع أرباح الشركات في مؤشر «ستوكس 600» الأوروبي بنسبة 1.8 في المائة هذا العام وبنسبة 8.1 في المائة في 2025.

وقال كبير الاستراتيجيين الاستثماريين في «ستيت ستريت غلوبال أدفايزر»، مايكل أرون: «الولايات المتحدة تظل المنطقة الجغرافية التي تحقق أعلى نمو في الأرباح وأكبر قدر من الربحية على مستوى العالم».

ويسهم الدور المهيمن للشركات التكنولوجية العملاقة في الاقتصاد الأميركي، وأوزانها الكبيرة في مؤشرات مثل «ستاندرد آند بورز 500»، في تعزيز هذا النمو. إذ تبلغ القيمة السوقية لأكبر خمس شركات أميركية («إنفيديا» و«أبل» و«مايكروسوفت» و«أمازون دوت كوم» وألفابت) أكثر من 14 تريليون دولار، مقارنة بحوالي 11 تريليون دولار لجميع شركات «ستوكس 600»، وفقاً لبيانات «إل إس إي جي».

وعلى نطاق أوسع، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد الأميركي بنسبة 2.8 في المائة في 2024 وبنسبة 2.2 في المائة في 2025، مقارنة بنسبة 0.8 في المائة هذا العام و1.2 في المائة في العام المقبل لمجموعة من حوالي 20 دولة تستخدم اليورو، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي.

وقد تساعد خطط ترمب لزيادة الرسوم الجمركية على الواردات الولايات المتحدة في تعزيز هذا التفوق، رغم المخاطر التي قد تترتب على ذلك، وفقاً لما قاله مايك مولاني، مدير أبحاث الأسواق العالمية في «بوسطن بارتنرز»، الذي يفضل الأسهم الأميركية. وقال مولاني: «إذا فرض ترمب رسوماً جمركية تتراوح بين 10 في المائة و20 في المائة على السلع الأوروبية، فإنهم سيتأثرون أكثر منا بشكل نسبي».

وقد دفع تحكم الجمهوريين في السلطة في واشنطن، ما يسهل على ترمب تنفيذ أجندته، اقتصاديي «دويتشه بنك» إلى رفع توقعاتهم لنمو الاقتصاد الأميركي في 2025 إلى 2.5 في المائة مقارنة بـ 2.2 في المائة.

وبينما من المتوقع أن تعزز تخفيضات الضرائب وإلغاء القيود التنظيمية النمو الاقتصادي، فإن الهوامش الضيقة نسبياً في الكونغرس الأميركي وحساسية الإدارة تجاه ردود الفعل السوقية قد تحدان من نطاق بعض السياسات «المتطرفة»، مثل الرسوم الجمركية، كما ذكر البنك في تقريره الأخير.

من جانبه، يتوقع «يو بي إس» لإدارة الثروات العالمية أن يصل مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 6600 في العام المقبل، مدفوعاً بالتطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، وانخفاض أسعار الفائدة، وتخفيضات الضرائب، وإلغاء القيود التنظيمية. وأغلق المؤشر عند 5948.71 يوم الخميس. مع ذلك، قد تؤدي حرب تجارية شاملة مع الصين ودول أخرى إلى التأثير سلباً على نمو الاقتصاد الأميركي وزيادة التضخم. وفي سيناريو يتم فيه فرض دول ردود فعل على الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة، قد ينخفض مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» إلى 5100، رغم أن الأسهم العالمية ستتراجع أيضاً، وفقاً لتوقعات «يو بي إس».

ويمكن أن تكون بعض القطاعات في السوق أكثر عرضة لتأثيرات سياسات ترمب، حيث أدت المخاوف بشأن خطط تقليص الفائض البيروقراطي إلى تراجع أسهم شركات المقاولات الحكومية الأسبوع الماضي، بينما تراجعت أسهم شركات الأدوية بعد اختيار ترمب للمشكك في اللقاحات روبرت ف. كينيدي جونيور لقيادة وزارة الصحة والخدمات الإنسانية.

كما قد تثير التخفيضات الضريبية الواسعة القلق بشأن زيادة الدين الأميركي. وقد أسهمت المخاوف المتعلقة بالعجز في تراجع بيع السندات الحكومية الأميركية مؤخراً، مما دفع عائد سندات الخزانة الأميركية لمدة 10 سنوات إلى أعلى مستوى له في خمسة أشهر الأسبوع الماضي.

وفي الوقت نفسه، قد تصبح الفجوة في التقييم بين الولايات المتحدة وبقية العالم واسعة لدرجة تجعل الأسهم الأميركية تبدو باهظة الثمن، أو قد تصبح الأسهم الدولية رخيصة للغاية بحيث لا يمكن تجاهلها. ومع ذلك، في الوقت الراهن، تظل الاتجاهات طويلة المدى لصالح الولايات المتحدة، مع ارتفاع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بأكثر من 180 في المائة مقارنة بارتفاع بنسبة 50 في المائة تقريباً لمؤشر «ستوكس» في أوروبا على مدار العقد الماضي. وقال رئيس استراتيجيات الأصول المتعددة في «روبيكو»، كولين غراهام: «الزخم شيء رائع. إذا كان لديك شيء يستمر في التفوق، فإن المستثمرين سيتبعون الأموال».