الصين تدعو أميركا لتعزيز الحوار... وألمانيا تظهر انفتاحاً

برلين ترحب بدعم بكين لإطار إعادة هيكلة ديون مجموعة العشرين

نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفنغ (يمين) ووزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في مؤتمر صحافي في مدينة فرنكفورت يوم الأحد (د.ب.أ)
نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفنغ (يمين) ووزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في مؤتمر صحافي في مدينة فرنكفورت يوم الأحد (د.ب.أ)
TT

الصين تدعو أميركا لتعزيز الحوار... وألمانيا تظهر انفتاحاً

نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفنغ (يمين) ووزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في مؤتمر صحافي في مدينة فرنكفورت يوم الأحد (د.ب.أ)
نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي ليفنغ (يمين) ووزير المالية الألماني كريستيان ليندنر في مؤتمر صحافي في مدينة فرنكفورت يوم الأحد (د.ب.أ)

قالت وزارة الخارجية الصينية يوم الاثنين إن الصين تأمل في أن تقوم الولايات المتحدة «بالمزيد من الأمور» التي تساعد على تعزيز الحوار الصيني - الأميركي، وذلك بعد أيام من غضب بكين بعد اتهامات واشنطن بالتلاعب بالمعلومات.

وازدادت الاتصالات بين المسؤولين من الجانبين في الأشهر الأخيرة، ما أدى إلى بعض التحسن في العلاقات المتوترة سنوات بسبب قضايا مثل تايوان وأصول «كوفيد - 19» واتهامات التجسس الصيني.

وقالت الوزارة في بيان: «نأمل أن تلتقي معنا الولايات المتحدة في منتصف الطريق، وأن تفعل المزيد من الأشياء التي تساعد الحوار الصيني الأميركي». وأضافت أن الصين تنظر دائماً إلى العلاقات الثنائية على أساس الاحترام المتبادل والتعايش السلمي والتعاون المربح للجانبين.

وجاء البيان رداً على طلب من «رويترز» للتعليق على رسالة أرسلها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأسبوع الماضي متمنياً «السلام والسعادة والرخاء» للشعب الصيني قبل عطلة العيد الوطني يوم الأحد.

وعلى الرغم من ترحيب بلينكن بتعاون الصين في معالجة التحديات المشتركة المتعلقة بالمناخ والصحة العامة ومكافحة المخدرات والأمن الغذائي واستقرار الاقتصاد الكلي العالمي، فإنه لم يشر إلى أي تعاون في مجال التكنولوجيا.

وفرضت إدارة بايدن قيوداً على صادرات الرقائق إلى الصين، قائلة إنها تهدف إلى حرمان بكين من الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة التي يمكن أن تعزز التقدم العسكري أو انتهاكات الحقوق. وردت الصين باتهامات بالإكراه الاقتصادي.

واتهم تقرير لوزارة الخارجية الأميركية نشر يوم الخميس بكين بإنفاق مليارات الدولارات سنوياً في جهود التلاعب بالمعلومات، ما دفع وزارة الخارجية الصينية إلى وصف الولايات المتحدة بأنها «إمبراطورية الأكاذيب» الحقيقية، لكن بيان الوزارة الصادر يوم الاثنين لم يشر إلى تقرير وزارة الخارجية السابق.

وعلى الرغم من المشاحنات العرضية، فقد ازدادت التوقعات بأن الجولات الأخيرة من المحادثات رفيعة المستوى يمكن أن تساعد في تمهيد الطريق لاجتماع بين الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الصيني شي جينبينغ في وقت لاحق من هذا العام.

وفي المقابل، يبدو أن ألمانيا أكثر انفتاحاً على تعزيز علاقتها مع بكين، إذ رحبت برلين بإبداء الصين دعمها لإطار إعادة هيكلة ديون مجموعة العشرين للدول الأكثر فقراً في بيان مشترك بعد حوارهما المالي في فرنكفورت في مطلع الأسبوع.

وقال وزير المالية الألماني كريستيان ليندنر يوم الأحد، بعد اجتماعه مع نائب رئيس مجلس الدولة الصيني هي لي فنغ: «نرحب بحقيقة أن الجانب الصيني ملتزم أيضاً بذلك في بياننا المشترك، لأنه لا يمكن تصور الحلول دون الصين بوصفها لاعباً مهماً في السياسة العالمية».

ولم يقدم أي منهما المزيد من التفاصيل حول قواعد خطط إعادة الهيكلة. وقال مصدر لـ«رويترز» في أبريل (نيسان) الماضي، إنه من المتوقع أن تتخلى الصين عن مطالبتها بنوك التنمية متعددة الأطراف بتقاسم الخسائر مع الدائنين الآخرين في إعادة هيكلة الديون السيادية للدول الفقيرة.

وقالت بعض الدول، مثل ألمانيا، إنه نظراً لأن الصين أكبر دائن للبلاد المثقلة بالديون في أفريقيا وآسيا بفارق كبير جداً عن بقية البلدان، فإنه يتعين على بكين تقديم تنازلات لتسريع إعادة هيكلة الديون.

وخلال محادثات الأحد، أظهرت ألمانيا والصين أيضاً عزمهما توسيع فرص الوصول إلى الأسواق بين البلدين. واقترح ليندنر زيادة وتيرة الحوارات المالية بين الصين وألمانيا، بحيث تكون هذه الاجتماعات سنوية بدلاً من مرة كل عامين، إذ يريد كلا البلدين تحقيق تقدم أسرع.

وقال ليندنر: «في السياسة، تعد سنتان فترة طويلة، ولكن في المسائل المالية، تعد سنتان دهراً». وأضاف أن الاجتماع عقد في فرنكفورت، حيث ترغب ألمانيا في تعزيز هذه المدينة بوصفها مركزاً أوروبياً للخدمات المالية.

وأوضح الوزير الألماني أن الجانبين يرغبان في خلق بيئة سوق عادلة وخالية من التمييز وتعزيز سلاسل التوريد العالمية، واصفاً المحادثات مع الجانب الصيني بأنها «بناءة للغاية ومنفتحة للغاية»، لافتاً إلى أن الجانبين عازمان على توسيع نطاق إمكانات الدخول إلى الأسواق «وفتحها بمفهوم تسوية الملاعب للجميع»، وهو مصطلح يعبر عن تكافؤ الفرص التنافسية. وأردف ليندنر أن هذا «سيخلق فرصاً لتجارة مسؤولة واستثمارات على الجانبين».

واستطرد ليندنر أنه اتُفق خلال الحوار المالي أيضاً على إعداد بيان مشترك شامل يمكن التفاهم فيه على مواقف مشتركة، مشيراً إلى أن الجانبين سيعلنان فيه «التزامهما على نحو واضح باقتصاد عالمي مفتوح وبالتعددية» في إطار الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية ومجموعة العشرين».


مقالات ذات صلة

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

الاقتصاد رئيس جمعية «إدارة المرافق» المهندس عائض القحطاني (تصوير: تركي العقيلي) play-circle 01:26

​المشاريع العملاقة تعزز نمو إدارة المرافق في السعودية

تمثل المشاريع السعودية العملاقة فرصة ثمينة لزيادة حصة استثمارات إدارة المرافق المتوقعة بإجمالي مبالغ تتجاوز 60 مليار دولار خلال 2030

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد أحد ملتقيات التوظيف المباشر في القطاع الخاص بالسعودية (واس)

رفع الدعم المالي للتوظيف في البلديات والإسكان بالسعودية إلى 50 %

رفعت وزارة البلديات والإسكان السعودية نسبة الدعم المالي في منتج دعم التوظيف، وذلك من ضمن الجهود الهادفة للتوطين وزيادة نسبة السعوديين في القطاعين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي صندوق النقد الدولي بدأ منذ هذا العام بحجب التوقعات والبيانات المالية الخاصة بلبنان (رويترز)

لبنان مهدد بالانتقال إلى القائمة «الرمادية» لغسل الأموال في الخريف

عزّزت ظاهرة حجب البيانات المالية الخاصة بلبنان من قبل المؤسسات المالية العالمية ووكالات التصنيف الائتماني الدولية منسوب الريبة من سياسة عدم الاكتراث الحكومية.

علي زين الدين (بيروت)
شمال افريقيا عزيز أخنوش رئيس الحكومة المغربية (الشرق الأوسط)

قرضان للمغرب لـ«تحسين الحوكمة الاقتصادية»

قال البنك الأفريقي للتنمية، الجمعة، إنه قدّم للمغرب قرضين بقيمة 120 مليون يورو (130 مليون دولار) لكل منهما؛ بهدف تمويل منطقة صناعية.

«الشرق الأوسط» (الرباط)
الاقتصاد جانب من اجتماع وزير الطاقة والموارد الطبيعية التركي ألب أرسلان بيرقدار مع رئيس شركة «روساتوم» الروسية المنفذة لمشروع محطة الطاقة النووية «أككويوو» في جنوب تركيا بإسطنبول الأسبوع الماضي (من حساب الوزير التركي على «إكس»)

«المركزي» التركي: لا خفض للفائدة قبل تراجع الاتجاه الأساسي للتضخم

استبعد مصرف تركيا المركزي البدء في دورة لخفض سعر الفائدة البالغ حالياً 50 في المائة قبل حدوث انخفاض كبير ودائم في الاتجاه الأساسي للتضخم الشهري

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
TT

هل تنجح خطة ترمب لخفض قيمة الدولار؟

ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)
ترمب يُلوِّح بيده بعد أن تحدث خلال تجمع انتخابي في مركز «هيرب بروكس» الوطني للهوكي في سانت كلاود بولاية مينيسوتا (أ.ف.ب)

يرى المستثمرون أن خطة دونالد ترمب لخفض قيمة الدولار إذا فاز في الانتخابات الأميركية «من غير المرجح للغاية» أن تنجح حيث سيجري تقويضها من خلال سياسات مثل التعريفات الجمركية وتخفيضات الضرائب.

في الأسابيع الأخيرة، تحدث الرئيس السابق وزميله في الترشح، جيه دي فانس، عن فوائد إضعاف العملة لتعزيز التصنيع في البلاد وخفض العجز التجاري.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذرون من أن خطط خفض قيمة الدولار ستكون مكلِّفة وقصيرة الأجل، في حين أن السياسات الشعبوية مثل الرسوم الجمركية على السلع الخارجية من شأنها أن تعاكس تأثيرها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز».

أوراق نقدية بالدولار الأميركي (د.ب.أ)

وقال مدير صندوق في «إدموند دي روتشيلد» مايكل نيزارد: «هناك تناقض كبير في السوق اليوم - كان ترمب صريحاً بشأن خفض قيمة الدولار ولكن سياساته يجب أن تدعم العملة، على الأقل في الأمد القريب».

كان ترمب قد قال في مقابلة مع «بلومبرغ» الأسبوع الماضي، إن الولايات المتحدة لديها «مشكلة عملة كبيرة» فرضت «عبئاً هائلاً» على الشركات المصنعة التي تبيع السلع في الخارج.

وتتركز رؤية فانس لأميركا، التي وضعها في خطابه في المؤتمر الوطني الجمهوري الأسبوع الماضي، أيضاً على ضعف الدولار -إعادة بناء التصنيع الأميركي على البر والتراجع عن بعض العولمة في العقود الماضية.

وتأتي دعوات ترمب لإضعاف العملة في الوقت الذي ارتفع فيه الدولار، على الرغم من الانخفاض الأخير، بنسبة 15 في المائة مقابل سلة من العملات منذ تولى الرئيس جو بايدن، منصبه في يناير (كانون الثاني) 2021، والعجز التجاري الأميركي أكبر بمقدار الثلث مقارنةً بعام 2019 وبلغ 773 مليار دولار العام الماضي. ويرجع ذلك أيضاً إلى قوة الاقتصاد الأميركي ووصول أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها في 23 عاماً.

وقال رئيس استراتيجية العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «يو بي إس» شهاب غالينوس، إنه لا توجد طريق واضحة للرئيس لاتخاذها لخفض قيمة العملة. وقال: «المشكلة الأساسية هي أنه لا يوجد شعور بأن الدولار الأميركي مُبالَغ في قيمته».

إن العقبة الكبيرة التي يواجهها ترمب وفانس في محاولتهما لإضعاف العملة هي أن سياساتهما الأخرى قد تدعم الدولار، وفق «فاينانشيال تايمز». وقال ترمب إنه يريد فرض تعريفة جمركية بنسبة 60 في المائة على الواردات الصينية ورسوم بنسبة 10 في المائة على الواردات من بقية العالم إذا عاد إلى البيت الأبيض.

مبنى بورصة نيويورك (أ.ب)

ويقول الاستراتيجيون إن هذا يفرض عبئاً أكبر على العملات خارج الولايات المتحدة، حيث التجارة عبر الحدود أكبر نسبياً لحجم الاقتصاد.

وهذا يشير إلى أن التعريفات الجمركية المرتفعة من شأنها أن تُلحق مزيداً من الضرر بالاقتصادات غير الأميركية، وتحدّ من نموها وتُضعف عملاتها. في الأسبوع الماضي، أوضحت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد، أن التعريفات الجمركية من المرجح أن تدفع البنك المركزي الأوروبي نحو خفض أسعار الفائدة وإضعاف اليورو.

وقد تؤدي التعريفات الجمركية أيضاً إلى زيادة التكاليف المحلية، مما يدفع التضخم إلى الارتفاع ويُبقي أسعار الفائدة مرتفعة. وفي حين يصعب التنبؤ بالتأثير، قدّر رئيس أبحاث العملات الأجنبية لمجموعة العشرة في «ستاندرد تشارترد» ستيف إنغلاندر، أن اقتراح ترمب للتعريفات الجمركية قد يرفع الأسعار بنسبة 1.8 في المائة على مدى عامين، في غياب تأثيرات الجولة الثانية.

وقال رئيس النقد الأجنبي العالمي في «مورغان ستانلي» جيمس لورد: «ستؤدي التعريفات الجمركية، إذا كان كل شيء آخر متساوياً، إلى زيادة قوة الدولار، خصوصاً إذا أدى الانتقام من الشركاء التجاريين في شكل تعريفات جمركية إلى زيادة مخاطر النمو الإضافية للاقتصاد العالمي».

كما قال ترمب إنه سيمدد التخفيضات الضريبية التي من المقرر أن تنتهي العام المقبل، ولمّح إلى مزيد من التخفيضات الضريبية التي قد تضيف ضغوطاً إلى العجز المالي الهائل في الولايات المتحدة وتبطئ وتيرة دورة خفض أسعار الفائدة في بنك الاحتياطي الفيدرالي.

لكنَّ الاستراتيجيين يُحذّرون أيضاً من أن خيارات ترمب الأخرى لخفض قيمة الدولار محدودة بسبب الاضطرابات التي قد تشعر بها الأسواق العالمية.

لم تتم محاولة خفض قيمة الدولار منذ اتفاق بلازا في عام 1985، الذي حقق بعض النجاح ولكنه كان مدعوماً بانخفاض أسعار الفائدة الأميركية.

يمكن لترمب أن يضغط على بنك الاحتياطي الفيدرالي لخفض أسعار الفائدة، حتى لو لم يكن تآكل استقلال بنك الاحتياطي الفيدرالي سياسةً رسميةً لحملته... ومع ذلك، من المرجح أن يثير هذا قلق الأسواق.

وحسب رئيس أبحاث النقد الأجنبي في «دويتشه بنك» جورج سارافيلوس، فإن الدولار يجب أن ينخفض ​​بنسبة تصل إلى 40 في المائة لإغلاق العجز التجاري الأميركي.

وقال استراتيجي أسعار الفائدة العالمية في «كولومبيا ثريدنيدل» إدوارد الحسيني: «إن تكلفة الاضطراب هائلة للغاية... السوق هنا ستكون قوة موازنة قوية»، مضيفاً أن أي تدخل لإضعاف الدولار «غير مرجح للغاية».

كان أحد المقترحات لإضعاف العملة هو أن تستخدم الولايات المتحدة صندوق تثبيت سعر الصرف التابع لوزارة الخزانة. ومع ذلك، فإن الصندوق لديه نحو 200 مليار دولار من الأصول لشراء العملات الأجنبية، التي يخشى المحللون أن تنفد قريباً.

وقد يواجه ترمب وفانس مشكلات مع ناخبيهما. وقال غالينوس: «الطريقة الأكثر وضوحاً لحدوث هذا التخفيض في القيمة هي أن تفقد الولايات المتحدة استثنائيتها الاقتصادية. لكنَّ الدولار يظل عملة الاحتياطي العالمي وملاذاً في أوقات الاضطرابات الاقتصادية. ومن بين تعهدات الحزب الجمهوري لعام 2024 الحفاظ على الدولار الأميركي عملةً احتياطية عالمية».