أفريقيا تحصل على وعود بتحويلها «قوة عظمى» بالطاقة المتجددة

أول الاستثمارات بقيمة 4.5 مليار دولار من الإمارات

المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة المناخ الأفريقية في العاصمة الكينية نيروبي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة المناخ الأفريقية في العاصمة الكينية نيروبي (أ.ف.ب)
TT

أفريقيا تحصل على وعود بتحويلها «قوة عظمى» بالطاقة المتجددة

المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة المناخ الأفريقية في العاصمة الكينية نيروبي (أ.ف.ب)
المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري خلال مؤتمر صحافي على هامش قمة المناخ الأفريقية في العاصمة الكينية نيروبي (أ.ف.ب)

في اليوم الثاني من قمتها المناخية الأولى، حصدت القارة الأفريقية وعوداً براقة بدعمها وتحويلها إلى «قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة»، فيما أتى أول الاستثمارات بقيمة 4.5 مليار دولار من الإمارات التي تستضيف قمة المناخ «كوب28» في نهاية العام الجاري.

وخلال كلمته (الثلاثاء) في قمة المناخ الأفريقية التي تستضيفها العاصمة الكينية نيروبي، قال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش: «قد تكون الطاقات المتجددة المعجزة الأفريقية... يجب أن نعمل معاً حتى تصبح أفريقيا قوة عظمى في مجال الطاقة المتجددة»، داعياً قادة مجموعة العشرين الذين سيجتمعون نهاية هذا الأسبوع في الهند إلى «تحمّل مسؤولياتهم» في مكافحة تغير المناخ.

ويشارك قادة دول وحكومات ومسؤولون في القطاع إلى جانب آلاف الحاضرين في قمة نيروبي فيما تسعى أفريقيا إلى تعزيز قدراتها في مجال الطاقة النظيفة.

وسيكون التحول إلى الطاقة النظيفة في الدول النامية أمراً بالغ الأهمية من أجل الحفاظ على هدف اتفاق باريس المتمثل في حصر الاحترار بـ«أقل بكثير» من درجتين مئويتين مقارنةً بعصر ما قبل الثورة الصناعية، و1.5 درجة مئوية إذا أمكن. ورغم غناها بالموارد الطبيعية، فإن 3 في المائة فقط من استثمارات الطاقة في العالم تتم في القارة الأفريقية.

وأسهمت البلدان الأفريقية بشكل ضئيل نسبياً في أزمة المناخ، ولكنها تعاني بشكل غير متناسب من عواقب الظاهرة. وتشهد منطقة القرن الأفريقي أسوأ موجة جفاف منذ 40 عاماً، ويتضور الملايين جوعاً في منطقة الساحل، التي تمتد من السنغال غرباً إلى جيبوتي بشرق القارة السمراء. كما أصبحت الظواهر الجوية المتطرفة، مثل الأعاصير والفيضانات، أكثر حدوثاً.

وفي هذا الشأن، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، أمام القمة (الثلاثاء)، إنه يجب الإنصات لصوت أفريقيا في محادثات مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي «كوب28» الذي تستضيفه دبي في وقت لاحق العام الجاري.

وتعهدت فون دير لاين بأن يدعم الاتحاد الأوروبي أفريقيا في «كوب28»، حتى «يتم أخذ أولويات أفريقيا في الاعتبار على النحو الواجب، بوصفها القارة الأكثر تضرراً من تغير المناخ».

وتصدرت جهود تعزيز قطاع الطاقة المتجددة وسبل زيادة التمويل لجهود حماية المناخ والتكيف مع تداعياته جدول أعمال قمة نيروبي. ووصفت فون دير لاين الشراكة بين أفريقيا والاتحاد الأوروبي في مجال العمل المناخي بأنها ستكون «مربحة للطرفين». وقالت إن أفريقيا يمكن أن تساعد في «تنظيف نظام الطاقة العالمي» من خلال توفير المواد الخام الحيوية، والسكان الشباب.

وشددت رئيسة المفوضية الأوروبية على أهمية حشد التمويل الخاص للاقتصاد الأفريقي للاستثمار في التحول نحو الطاقة النظيفة.

من جانبه، أعرب المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري، الثلاثاء، عن أمله في أن «تتقارب واشنطن وبكين» خلال المفاوضات المقبلة لمكافحة احترار المناخ، وذلك خلال مؤتمر صحافي عقده على هامش القمة الأفريقية الأولى للمناخ في نيروبي.

وقال: «آمل أن تتمكن الصين والولايات المتحدة، أكبر اقتصادين في العالم، وأكبر مصدّرين للانبعاثات في العالم، من التقارب»، مذكّراً بأن احترار المناخ ليس موضوعاً «ثنائياً» بل إنه «تهديد عالمي للكوكب».

ومقابل الوعود الأممية والأوروبية، تعهدت الإمارات باستثمار 4.5 مليار دولار في الطاقة النظيفة في أفريقيا. والثلاثاء، أعلنت الإمارات التي ستستضيف مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ «كوب28» في دبي نهاية العام، أول التزام مالي للقمة.

وقال وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة الإماراتي سلطان الجابر، الرئيس المعيّن لقمة «كوب28» المقبلة في الإمارات: «سنخصص 4.5 مليار دولار لبدء مجموعة من مشاريع الطاقة النظيفة في هذه القارة المهمة جداً».

ولفت إلى أن من شأن هذا الاستثمار «إطلاق العنان لقدرة أفريقيا على تحقيق رخاء مستدام». وتابع الجابر الذي يرأس أيضاً شركة «مصدر» للطاقة المتجددة الحكومية وشركة النفط الوطنية الإماراتية «أدنوك»، أن تحالفاً يضم شركة «مصدر» للطاقة سيساعد في إنتاج 15 غيغاوات من الطاقة النظيفة بحلول عام 2030، وبلغت قدرة توليد الطاقة المتجددة في القارة 56 غيغاوات في عام 2022، وفق الوكالة الدولية للطاقة المتجددة.

وأكد الجابر أن العالم يخسر في السباق نحو تحقيق أهدافه المتعلقة بتغير المناخ. وجاء هذا التقييم قبل ثلاثة أيام من نشر الأمم المتحدة أول «تقييم عالمي» لجهود الدول المبذولة لمعالجة هذه الظاهرة. وقال الجابر: «إننا لا نحقق النتائج التي نحتاج إليها في الوقت الذي نحتاج إليها فيه».

ودعا الجابر بدوره إلى «عملية تدخل دقيقة في البنية المالية العالمية المبنية لعصر مختلف»، وحض المؤسسات الدولية على تخفيف عبء الديون التي تثقل كاهل الكثير من البلدان.

ويقول المسؤولون الأفارقة إن الاستثمارات موضع ترحيب، لكنّ تلبية احتياجات القارة التمويلية ستتطلب تحولاً في هيكل التمويل المناخي العالمي. ودعا أكينوومي أديسينا، رئيس البنك الأفريقي للتنمية، إلى أخذ الثروة الطبيعية للقارة في الاعتبار عند حساب إنتاجها الاقتصادي، خصوصاً غاباتها التي تُنحّي الكربون.

وقال أديسينا في خطاب ألقاه: «لذلك تجب إعادة تقييم الناتج المحلي الإجمالي لأفريقيا على أساس عزل الكربون والتنوع البيولوجي، اللذين يوفران منافع عامة عالمياً». وتابع: «إذا تم ذلك، فإن نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي المعدل في الكثير من البلدان الأفريقية ستنخفض وسيكون لديها مجال أكبر لاقتراض المزيد من التمويل لدعم تنميتها».


مقالات ذات صلة

«أكوا باور» تبرم صفقة مع شركة صينية لتطوير مشروع طاقة متجددة في آسيا الوسطى

الاقتصاد صورة جماعية لممثلي الشركات والمسؤولين في حفل التوقيع (الشرق الأوسط)

«أكوا باور» تبرم صفقة مع شركة صينية لتطوير مشروع طاقة متجددة في آسيا الوسطى

أعلنت شركة أكوا باور، السعودية عن إتمام صفقة بيع 35 في المائة من حصتها في الشركتين التابعتين لها بالكامل؛ وهما شركة «أكوا باور باش وند بروجيكت هولدنغ ليمتد»،…

«الشرق الأوسط» (طشقند)
الاقتصاد جانب من اتفاقات صندوق الاستثمارات العامة لتوطين صناعة الطاقة المتجددة (الشرق الأوسط)

«السيادي» السعودي يُبرم اتفاقات لتصنيع توربينات الرياح والألواح الشمسية محلياً

أعلن صندوق الاستثمارات العامة، الثلاثاء، توقيع 3 اتفاقيات جديدة لتوطين تصنيع وتجميع توربينات الرياح والألواح الشمسية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
العالم انقطاع الكهرباء عن هيوستن بتكساس 11 يوليو 2024 (أ.ف.ب)

إنفوغراف: الملايين حول العالم معرضون لخطر انقطاع التيار الكهربائي

يشهد عدد من الدول في جميع أنحاء المعمورة مشكلات في إمدادات الكهرباء بسبب شح توليد الطاقة المرافق لارتفاع درجات الحرارة الناجم عن تغير المناخ.

كوثر وكيل (لندن)
الاقتصاد وزير الاقتصاد السعودي فيصل الإبراهيم خلال المنتدى السياسي رفيع المستوى 2024 (الشرق الأوسط)

وزير الاقتصاد: السعودية تستثمر أكثر من 180 مليار دولار لتنمية الاقتصاد الأخضر

قال وزير الاقتصاد السعودي فيصل الإبراهيم إن السعودية تلعب دوراً محورياً في تحقيق الأهداف العالمية المتعلقة بالمناخ، بأكثر من 80 مبادرة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد صورة لأحد المشروعات التابعة لشركة «صن جرو باور سبلاي» الصينية (موقع الشركة)

شركة صينية تبرم اتفاقاً لإنشاء مشروع تخزين الطاقة في السعودية

وقّعت شركة «صن جرو باور سبلاي» الصينية لصناعة العواكس الكهرضوئية اتفاقاً مع شركة «الجهاز القابضة» السعودية؛ لإقامة مشروع لتخزين الطاقة بقدرة تصل إلى 7.8 غيغاواط

«الشرق الأوسط» (الرياض )

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
TT

الحكومة الأميركية تدافع أمام القضاء عن إلزام مالكي «تيك توك» ببيعه

شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)
شعار «تيك توك» (أ.ف.ب)

في فصل جديد من المواجهة بين شبكة التواصل الاجتماعي الصينية «تيك توك» والحكومة الأميركية، قدمت وزارة العدل الأميركية الجمعة حججها إلى المحكمة الفيدرالية التي ستقرر ما إذا كان القانون الهادف إلى البيع القسري للتطبيق يتماشى مع الدستور أم لا.

واعتمد الكونغرس الأميركي في أبريل (نيسان)، قانوناً يجبر «بايتدانس»؛ الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك»، على بيعه لمستثمرين غير صينيين خلال 9 أشهر، وإلا تواجه خطر حظرها في الولايات المتحدة.

ويرى التطبيق أن هذا القانون ينتهك حرية التعبير التي يكفلها الدستور الأميركي في التعديل الأول منه.

لكن الحكومة الأميركية تؤكد أن القانون يهدف إلى الاستجابة لمخاوف تتعلق بالأمن القومي، وليس إلى الحد من حرية التعبير، عادّة أن ليس بإمكان «بايتدانس» الاستفادة في هذه الحالة من الحماية التي ينص عليها التعديل الأول من الدستور.

ووفقاً للحجج التي قدمتها وزارة العدل الأميركية، تتعلق المخاوف بأن «بايتدانس» ملزمة على الاستجابة لطلبات السلطات الصينية في الوصول إلى بيانات المستخدمين الأميركيين، كما يمكن للتطبيق أيضاً فرض رقابة على محتوى معين على منصته أو تسليط الضوء على آخر.

وكتبت وزارة العدل في ملف حججها، أنه «نظراً لانتشار (تيك توك) الواسع في الولايات المتحدة، فإن قدرة الصين على استخدام ميزات (تيك توك) لتحقيق هدفها الأساسي المتمثل في الإضرار بالمصالح الأميركية يخلق تهديداً عميقاً وواسع النطاق للأمن القومي».

وذكر الملف أيضاً أن «تيك توك» يمنح بكين «الوسائل لتقويض الأمن القومي الأميركي» من خلال جمع كميات كبيرة من البيانات الحساسة من المستخدمين الأميركيين واستخدام خوارزمية خاصة للتحكم في مقاطع الفيديو التي يشاهدها المستخدمون.

وأضافت وزارة العدل الأميركية «يمكن التحكم بهذه الخوارزمية يدوياً». وتابعت: «موقعها في الصين من شأنه أن يسمح للحكومة الصينية بالتحكم سراً في الخوارزمية - وبالتالي تشكيل المحتوى الذي يتلقاه المستخدمون الأميركيون سراً».

علم الولايات المتحدة وأعلاه شعار التطبيق الصيني «تيك توك» (رويترز)

وردت الشركة المالكة لتطبيق «تيك توك» السبت بالقول إن «الدستور إلى جانبنا».

وعدّت الشركة أن «حظر تيك توك من شأنه إسكات أصوات 170 مليون أميركي، في انتهاك للتعديل الأول للدستور»، في إشارة إلى مستخدميه بالولايات المتحدة.

وأضاف التطبيق: «كما قلنا في السابق، لم تقدم الحكومة أبداً دليلاً على تأكيداتها»، بما في ذلك أثناء اعتماد القانون.

ولكن أوضح مسؤول أميركي أن أجهزة الاستخبارات الأميركية تشعر بالقلق بشأن إمكانية قيام بكين «باستخدام تطبيقات الهاتف الجوال سلاحاً».

وشدّد المسؤول على أن «الهدف من القانون هو ضمان أنه يمكن للصغار والمسنين على حد سواء، وكل (الفئات العمرية) بينهم، استخدام التطبيق بكل أمان، مع الثقة في أن بياناتهم ليست في متناول الحكومة الصينية أو أن ما يشاهدونه لم تقرره الحكومة الصينية».

ورأى مسؤول في وزارة العدل الأميركية أن «من الواضح أن الحكومة الصينية تسعى منذ سنوات إلى وضع يدها على كميات كبيرة من البيانات الأميركية بأي طرق ممكنة، بينها هجمات سيبرانية أو شراء بيانات عبر الإنترنت، وتدرِّب نماذج من الذكاء الاصطناعي لاستخدام هذه البيانات».

ويرى «تيك توك» أن طلب بيع التطبيق «مستحيل ببساطة»، خصوصاً خلال فترة زمنية محدد.

وجاء في الشكوى المقدمة من «تيك توك» و«بايتدانس»، أنه «لأول مرة في التاريخ، اعتمد الكونغرس تشريعاً يستهدف منصة واحدة لفرض حظره على مستوى البلاد ومنع كل أميركي من المشاركة في مجتمع عالمي واحد يضم أكثر من مليار شخص».

وأكدت «بايتدانس» أنها لا تنوي بيع «تيك توك»، معتمدة المسار القضائي وصولاً إلى المحكمة العليا الأميركية، باعتباره الرد الوحيد لمنع الحظر في 19 يناير (كانون الثاني) 2025.

وظل «تيك توك» لسنوات في مرمى السلطات الأميركية لوضع حد لاستخدامه في البلاد.

وفي عام 2020، نجح «تيك توك» في تعليق قرار بحظره أصدرته إدارة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب من خلال طلب استئناف. وعلّق قاضٍ القرار مؤقتاً، عادّاً أن الأسباب المقدمة للحظر مبالغ فيها، وأن حرية التعبير مهددة.

لكن يهدف القانون الأميركي الجديد إلى التغلب على الصعوبات التي تمت مواجهتها سابقاً.

ويرى خبراء أن المحكمة العليا قد تأخذ في الحسبان حججاً تشير إلى إمكانية تهديد التطبيق للأمن القومي يقدمها مسؤولون في الولايات المتحدة.

ولكن من الصعب حالياً تصور إمكانية استحواذ طرف آخر على «تيك توك»، حتى لو كانت «بايتدانس» منفتحة على إمكانية بيعه، إذ لم يتقدم أحد بالفعل لشرائه.

وليس من السهل توفر طرف لديه أموال كافية للاستحواذ على تطبيق يضم 170 مليون مستخدم في الولايات المتحدة، وأكثر من مليار مستخدم في كل أنحاء العالم، في حين أن الشركات الرقمية العملاقة هي بلا شك الوحيدة التي تمتلك الإمكانات اللازمة للاستحواذ على التطبيق.