تفاؤل بمعدلات التوظيف الأميركية وإمكان السيطرة على التضخم

جدل حول اتجاه الفيدرالي لرفع الفائدة مرتين قبل نهاية العام

في أحد متاجر الأميركية واشنطن... بينما يظهر التضخم تراجعاً متواصلاً خلال الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)
في أحد متاجر الأميركية واشنطن... بينما يظهر التضخم تراجعاً متواصلاً خلال الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)
TT

تفاؤل بمعدلات التوظيف الأميركية وإمكان السيطرة على التضخم

في أحد متاجر الأميركية واشنطن... بينما يظهر التضخم تراجعاً متواصلاً خلال الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)
في أحد متاجر الأميركية واشنطن... بينما يظهر التضخم تراجعاً متواصلاً خلال الأشهر الأخيرة (أ.ف.ب)

أشار عدد من الاقتصاديين إلى مؤشرات صحية تتعلق بمعدلات التوظيف، وانخفاض معدلات البطالة، مما يمثل تصويتاً على الثقة في أداء النصف الأول من العام الجاري للاقتصاد الأميركي. وهو أيضاً يعني صمود سوق العمل الأميركي رغم الوتيرة المتسارعة لمجلس الاحتياطي الفيدرالي في رفع أسعار الفائدة خلال العام ونصف العام الماضيين.

وكانت وزارة العمل الأميركية قد أصدرت يوم الجمعة الماضي تقريرها حول الوظائف الأميركية الذي أظهر زيادة معتدلة في حصيلة التوظيف من قبل أرباب العمل الأميركيين خلال شهر يوليو (تموز). ورصد التقرير 200 ألف وظيفة في يوليو، وهو أقل عدد منذ ديسمبر (كانون الأول) 2020، لكنه لا يزال مكسباً قوياً وفق الخبراء. ففي يونيو (حزيران)، أضاف أرباب العمل 209 آلاف وظيفة وانخفض معدل البطالة إلى 3.6 في المائة، متراجعاً من 3.7 في المائة في شهر مايو (أيار) الماضي، وهو معدل أعلى بقليل من أدنى مستوى له منذ نصف قرن.

ويشير الخبراء إلى زيادة التفاؤل في الأسواق الأميركية بشأن قدرة بنك الاحتياطي الفيدرالي على خفض التضخم دون التسبب في ركود. وهو ما عبر عنه نيل كاشكاري ممثل بنك الاحتياطي الفيدرالي في منيابوليس، الذي أشار في مقابلة تلفزيونية يوم الأحد على شبكة «سي بي إس» الأميركية إلى أنه رغم تأثير معدلات التضخم المرتفعة على سوق العمل، فإن التقرير أظهر مرونة الاقتصاد والقدرة على خفض معدلات البطالة. وعند سؤاله عن رفع أسعار الفائدة في المستقبل، وما إذا كان بنك الاحتياطي الفيدرالي قادراً على خفض التضخم إلى النسبة المستهدفة وهي 2 في المائة، قال كاشكاري: «يمكننا العودة إلى مستويات الاقتصاد التي كانت لدينا قبل تفشي وباء كوفيد 19، حيث كانت لدينا بطالة منخفضة للغاية وتضخم منخفض، ومكاسب رواتب حقيقية؛ متواضعة لكنها إيجابية. وهذا يمكن تحقيقه لكننا بحاجة للمضي قدماً لإنهاء هذه المهمة».

وتثير هذه التصريحات التساؤلات حول ما إذا كان مسؤولو الاحتياطي الفيدرالي سيلجأون إلى رفع أسعار الفائدة مرة أخرى في سبتمبر (أيلول) المقبل أم لا. وقد أبقى الاحتياطي الفيدرالي سعر الفائدة القياسي في نطاق يتراوح بين 5 في المائة و5.25 في المائة في شهر يونيو الماضي، وهو أول توقف بعد 10 زيادات متتالية لسعر الفائدة منذ مارس (آذار) 2022. وأشار محللون إلى أن المرونة الاقتصادية التي أظهرها تقرير الوظائف يمكن أن تجعل رفع الفائدة مرجحاً جداً، وقد تعني زيادتين أخريين حتى نهاية العام الجاري.

وقال لوري لوغان ممثل بنك الاحتياطي الفيدرالي في دالاس يوم الخميس: «ما زلت قلقاً ما إذا كان التضخم ستتم السيطرة عليه في الوقت المناسب، لأن التوقعات المستمرة لمعدلات التضخم فوق الهدف المستهدف، وسوق العمل الأقوى من المتوقع، تتطلب سياسة نقدية أكثر تقييداً».

خلال الأشهر الخمسة الأولى من عام 2023، بلغ متوسط نمو الوظائف 312 ألف وظيفة شهرياً. في حين أن هذا يعد تراجعاً عن متوسط المكاسب الشهرية الصافية البالغة 399 ألف وظيفة و605 آلاف وظيفة التي شوهدت في عامي 2022 و2021 على التوالي، فإن نمو الوظائف هذا العام لا يزال مرتفعاً عن أوقات ما قبل تفشي وباء كوفيد 19.

ويتزامن هذا التقرير مع بيانات اقتصادية أخرى تشير إلى وجود نوع من التوازن الأفضل في سوق العمل بعد تسارع متفائل لمعدلات النمو الاقتصادي في الربع الثاني من عام 2023. ويقول الخبراء إنه رغم استمرار مخاطر الركود، فإن الاقتصاد الأميركي أثبت مرونة مقارنة بالأوضاع في أوروبا والصين. ومن بين البيانات الاقتصادية الأميركية، استطلاعات رأي لمديري المشتريات من معهد إدارة التوريد في الشركات المصنعة ومقدمي الخدمات، واستطلاع لبنك الاحتياطي الفيدرالي لكبار مسؤولي القروض لقياس تداعيات الائتمان من رفع أسعار الفائدة من قبل البنك.

وقال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول، بعد أن رفع البنك المركزي الأميركي أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة الأسبوع الماضي، إن الاقتصاديين في الاحتياطي الفيدرالي لم يعودوا يتوقعون حدوث ركود في عام 2023. في حين قالت كريستين لاغارد، رئيسة البنك المركزي الأوروبي، إن توقعات أوروبا «تدهورت».

وفي تقرير لوكالة بلومبرغ أوضح الخبراء أن معدلات التضخم انعكاس لبعض التصدعات في الاقتصاد الأميركي الناجمة عن اضطراب في سلاسل التوريد، ولذا فإن الطلب على السحب هو الذي يقود الموجة الحالية من التضخم.


مقالات ذات صلة

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

بايدن: الاقتصاد الأميركي «الأقوى في العالم» بعد أرقام النمو الكبيرة

أشاد الرئيس جو بايدن، الخميس، بأرقام النمو القوية، وأوضح أنها تؤكد أن الولايات المتحدة لديها «الاقتصاد الأقوى في العالم».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد موظفو «أمازون» يحملون الطرود على عربات قبل وضعها في الشاحنات للتوزيع خلال الحدث السنوي للشركة (أ.ب)

الاقتصاد الأميركي يفوق المتوقع وينمو بـ2.8 % في الربع الثاني

نما الاقتصاد الأميركي بوتيرة أسرع من المتوقع في الربع الثاني، لكن التضخم تراجع، مما ترك توقعات خفض أسعار الفائدة في سبتمبر سليمة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد مقر بورصة نيويورك التي تترقب بيانات مهمة هذا الأسبوع (أ.ب)

المستثمرون يترقبون بيانات الناتج المحلي والتضخم الأميركية هذا الأسبوع

تتجه أنظار المستثمرين هذا الأسبوع إلى بيانات الناتج المحلي الإجمالي في الولايات المتحدة للربع الثاني وأرقام تضخم نفقات الاستهلاك الشخصي عن كثب.

«الشرق الأوسط» (عواصم: «الشرق الأوسط»)
الاقتصاد إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

إنفوغراف: سهم «ترمب ميديا» يشهد نشاطاً في الأداء عقب محاولة الاغتيال 

ارتفع سهم شركة «ترمب ميديا آند تكنولوجي غروب» بأكثر من 50 في المائة خلال معاملات ما قبل افتتاح بورصة «ناسداك» لجلسة يوم الاثنين.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد مشاة يسيرون في شارع وول ستريت أمام بورصة نيويورك الأميركية (رويترز)

بنوك أميركية تحذر من تراجع تعاملات المستهلكين ذوي الدخل المنخفض

حذرت البنوك الأميركية الكبرى من أن العملاء من ذوي الدخل المنخفض تظهر عليهم علامات الضغط المالي، التي تتجلى خصوصاً في تراجع الطلب على القروض.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
TT

قطاع التعدين السعودي يوفر فرصاً استثمارية للشركات البرازيلية

وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)
وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف خلال لقائه الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل (واس)

بحث وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي بندر الخريف مع الرئيس التنفيذي لشركة «فالي» التعدينية إدواردو بارتولوميو في البرازيل، السبت، الفرص الاستثمارية الواعدة التي يوفرها قطاع التعدين السعودي أمام الشركات البرازيلية، والخطط التوسعية للمستثمرين البرازيليين في المملكة.

وكانت السعودية قد استحوذت، مؤخراً، على حصة 10 في المائة في شركة «فالي» للمعادن الأساسية، من خلال شركة «منارة للمعادن»، وهي مشروع مشترك بين «صندوق الاستثمارات العامة» وشركة «معادن».

كما بحث اللقاء أهمية استخدام التقنيات الحديثة في المشاريع التعدينية، بما يؤدي إلى كفاءة الإنتاج ويعزز الاستدامة البيئية، وصولاً إلى الحياد الكربوني في العقود المقبلة.

وقال الرئيس التنفيذي لشركة «فالي»، خلال الاجتماع، إنه جرى تقديم دعم كبير للشركة عند استثمارها في المملكة، حيث تم تسهيل ممارستها للأعمال، خصوصاً عند إنشائها مشروع تكوير الحديد بمنطقة رأس الخير (شرق المملكة).

وتمتلك البرازيل ثروة تعدينية هائلة، وخبرة واسعة في التنقيب عن المعادن واستغلالها، ما يجعلها شريكاً مهماً للمملكة في قطاع التعدين، خصوصاً أن البلدين تربطهما علاقات ثنائية راسخة تمتد لأكثر من 50 عاماً، ترتكز في الجانب الاقتصادي على تعاونٍ مهمٍ في قطاعي الطاقة والمعادن.

وتعمل المملكة على تطوير قطاع التعدين، واستكشاف واستغلال ثروات معدنية دفينة في أراضيها، تقارب قيمتها 9.4 تريليون ريال؛ وذلك لتعظيم استفادة الاقتصاد الوطني من التعدين، وليكون ركيزة ثالثة في الصناعة، وترى السعودية أن تعزيز التعاون الدولي وبناء الشراكات، ضرورة ملحة لتطوير القطاع ومواجهة تحديات سلسلة توريد المعادن.

ولجذب المستثمرين لقطاع التعدين اتخذت المملكة إجراءات لتحسين البيئة الاستثمارية، منها تعديل نظام الاستثمار التعديني، وإطلاق ممكنات وحوافز في قطاع التعدين بما في ذلك التمويل المشترك بنسبة 75 في المائة للنفقات الرأسمالية، وإعفاء من الرسوم الضريبية لمدة 5 سنوات، وملكية أجنبية مباشرة بنسبة 100 في المائة. وفي أبريل (نيسان) 2024 أعلنت وزارة الصناعة والثروة المعدنية عن برنامج تمكين الاستكشاف، وخصصت 182 مليون دولار لتقليل مخاطر الاستثمارات في الاستكشاف.

ولمساعدة المستثمرين على اتخاذ قراراتهم الاستثمارية بوضوح والتزاماً بمعايير الشفافية في بيئة الاستثمار التعدينية؛ تتيح المملكة جميع البيانات الجيولوجية التي يتم تحديثها بشكل مستمر بناءً على نتائج برنامج المسح الجيولوجي العام، لتضاف للمعلومات الجيولوجية التي يمتد عمرها لأكثر من 80 عاماً، وتتاح جميع البيانات على منصة رقمية.

وأعلنت السعودية، مؤخراً، عن تأسيس البرنامج الوطني للمعادن، الذي سيكون أداة قوية وداعمة لتعزيز جودة وكفاءة سلاسل الإمداد من المعادن، وضمان استمرارية توريدها للصناعات المحلية والمشاريع الكبرى؛ حيث تستهدف المملكة استثمار 120 مليار ريال في صناعات المعادن الأساسية والاستراتيجية.