مصر: محاولات مصرفية لجذب الدولار بفائدة 7%

هل تكون بداية لتعويم جديد وإحياء التعاون مع صندوق النقد؟

عملاء في أحد فروع البنك الأهلي المصري بوسط القاهرة (رويترز)
عملاء في أحد فروع البنك الأهلي المصري بوسط القاهرة (رويترز)
TT

مصر: محاولات مصرفية لجذب الدولار بفائدة 7%

عملاء في أحد فروع البنك الأهلي المصري بوسط القاهرة (رويترز)
عملاء في أحد فروع البنك الأهلي المصري بوسط القاهرة (رويترز)

أعلن «البنك الأهلي» و«بنك مصر»، أكبر مصرفين حكوميين في البلاد، طرح شهادات استثمارية بالدولار الأميركي بفائدة تصل إلى 7 في المائة؛ في محاولة جريئة من القطاع المصرفي لإعادة الدولار إلى النظام المصرفي.

يزيد هذا العائد بنسبة 2 في المائة على أسعار الفائدة الأميركية، والتي توقف الاحتياطي الفيدرالي الأميركي في آخر اجتماعاته عن الرفع عند 5 – 5.25 في المائة.

وتحدث بيان من «البنك الأهلي» المصري، عن إصدار شهادتي ادخار جديدتين بالدولار الأميركي لمدة ثلاث سنوات، وقال: إن ذلك جاء «تلبية لرغبات العملاء في توجيه مدخراتهم من العملات الأجنبية للاستفادة من الفرص الاستثمارية بمصر، من خلال ادخارها في وعاء ادخاري بعائد مميز... إضافة إلى منح قروض شخصية بالجنيه المصري للمصريين العاملين بالخارج بضمان مرتباتهم».

كما يمنح المصرف عائداً سنوياً 9 في المائة، يصرف مقدماً بالمعادل بالجنيه المصري عن إجمالي مدة الشهادة بواقع 27 في المائة من قيمتها، ولا يجوز الاقتراض بضمانها، وتسترد في تاريخ الاستحقاق بالدولار الأميركي.

تعاني مصر شحاً في الدولار، وخفضاً متكرراً لقيمة العملة منذ مارس (آذار) 2022، بفعل تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي سبقتها تداعيات جائحة كورونا.

وتسعى مصر إلى تكوين غطاء نقدي دولاري، يمكنها من مواجهة التحديات الدولية المتعاقبة، والتي كان آخرها «استيراد التضخم»، بنسب بلغت في بعض الفصول المالية 40 في المائة، وفق وزيرة التخطيط هالة السعيد في تصريحات سابقة.

جاء الإعلان عن الشهادات الاستثمارية الدولارية، بالتزامن مع موسم عطلات المصريين في الخارج، والذين تراجعت تحويلاتهم خلال النصف الأول من العام الحالي بنسبة 23 في المائة، لتبلغ 12 مليار دولار مقابل 15.6 مليار دولار خلال الفترة نفسها من عام 2021-2022.

كما تزامن الإعلان عن الشهادات المصرفية الدولارية قبيل يوم واحد من تصريحات مهمة لرئيس «الاحتياطي الفيدرالي» (البنك المركزي الأميركي) جيروم باول يحدد خلالها مصير الفائدة على الدولار خلال سبتمبر (أيلول) المقبل، وسط توقعات برفع أخير بمقدار ربع نقطة ثم يتوقف عن التشديد النقدي. وتراجع مؤشر الدولار، الثلاثاء، من أعلى مستوى له في أسبوعين تقريباً.

يرى الخبير المصرفي كريم يحيي أن نسبة العائد على الشهادات الاستثمارية «كبير ومغرٍ»، وقد يجذب حصيلة دولارية «قد تصل إلى 3 إلى 4 مليارات دولار خلال الفترة القليلة المقبلة».

وعدّ يحيي في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، توقيت طرح الشهادات الدولارية «مناسباً جداً»، بالنظر إلى موسم عطلات المصريين في الخارج، وتراجع الدولار في السوق السوداء مع هبوط أسعار الذهب؛ «الأمر الذي يدفع حائزي الدولار للحصول على عائد عالٍ وآمن ومناسب، مقارنة بالأوعية الادخارية الأخرى».

يبلغ سعر الدولار في البنوك 30.94 جنيهاً، بينما يزيد سعره نحو 20 في المائة في السوق السوداء، نزولاً من مستوى 40 جنيهاً للدولار.

وكان رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أعلن مؤخراً، أن مصر حققت عقوداً لبيع حصص بالأصول المملوكة للدولة بقيمة 1.9 مليار دولار، في إطار برنامج لتعزيز مشاركة القطاع الخاص وجمع العملة الصعبة، وهو ما يقلّ قليلاً عن المستهدف البالغ ملياري دولار حتى 30 يونيو (حزيران) الماضي.

يرى يحيي، أنه «في حال نجحت البنوك في جذب 60 في المائة إلى 70 في المائة من الدولارات خارج البنوك، المقدرة بـ4 مليارات دولار تقريباً، من خلال الشهادات الدولارية، بالإضافة إلى حصيلة برنامج التخارج من أصول الدولة المعلن عنها مؤخراً (1.9 مليار دولار بالإضافة إلى مليار دولار لاحقاً)، وقتها ستكون الطريق مفتوحة لتعويم جديد... وهو ما قد يحيي التعاون مع صندوق النقد الدولي من جديد».


مقالات ذات صلة

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق البنايات تتداخل مع الرموز والأفكار والتاريخ في معرض «وسط البلد» (الشرق الأوسط)

«وسط البلد»... معرض يُحاكي زحمة القاهرة وأحوال أهلها

تظل منطقة وسط البلد في القاهرة المكان الأكثر زخماً بتفاصيلها العمرانية ونماذجها البشرية، ما يظهر في أعمال فنانين تشبَّعوا بروح المكان، وأفاضوا في إعادة صياغته.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مقر كلية السياحة والفنادق بجامعة حلوان (إدارة الكلية)

منشآت على «نيل القاهرة» مهدَّدة بالإزالة بعد إلغاء حق الانتفاع

اتّسعت دائرة المنشآت الموجودة على «نيل القاهرة» المهدَّدة بالإزالة بعد أيام من إعلان بعض الفنانين عن مخطّط لإزالة «المسرح العائم» بجزيرة الروضة.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تابوت «إيدي» بأسيوط (وزارة السياحة والآثار المصرية)

مصر: اكتشاف حجرة دفن ابنة حاكم أسيوط خلال عصر سنوسرت الأول

اكتشفت البعثة الأثرية المصرية - الألمانية المشتركة بين جامعتَي سوهاج وبرلين، حجرة الدفن الخاصة بسيدة تدعى «إيدي» التي كانت الابنة الوحيدة لحاكم إقليم أسيوط.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا الخبز أحد أهم السلع المدعومة في مصر (وزارة التموين)

«الحوار الوطني» المصري يناقش إعادة هيكلة الدعم الحكومي

يعتزم «الحوار الوطني» المصري، خلال الأيام المقبلة، مناقشة قضية الدعم الحكومي المقدم للمواطنين، في ضوء قرار الحكومة بإعادة هيكلته.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
TT

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)
أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023 بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة العربية، في حين ارتفعت القيمة الحقيقية للناتج المحلي الإجمالي الإقليمي بنحو 791 مليار دولار.

وأوضح تقرير لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا)، بعنوان: «آفاق الدين والمالية العامة للمنطقة العربية»، أن تكلفة الاقتراض من السوق ظلّت أعلى من 5 في المائة، بالنسبة إلى الديون بالعملات المحلية والأجنبية في البلدان متوسطة الدخل، في حين ظلّ النمو الاقتصادي دون 3 في المائة.

وأظهر التقرير، الذي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، أن خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية متوسطة الدخل، استحوذت على أكثر من 15 في المائة من الإيرادات العامة في عام 2023، مقارنةً بنحو 7 في المائة خلال عام 2010، وبلغت رقماً قياسياً هو 40 مليار دولار في عام 2024.

ويقدّم التقرير نظرة شاملة على مختلف التدفقات المالية، بما فيها الديون والموارد المحلية والأدوات التمويلية المبتكرة الجديدة، وأشار هنا إلى أن البلدان منخفضة الدخل تجاوزت خدمة الدين لديها المليار دولار خلال عامي 2023-2024.

وعلّقت الأمينة التنفيذية لـ«الإسكوا»، رولا دشتي، على التقرير قائلة، إن الاختلافات في أسعار الفائدة على ديون السوق تشير إلى وجود مجال كبير للتوفير، مضيفة أنه «في عام 2023، كان بإمكان البلدان العربية متوسطة الدخل الاحتفاظ بأكثر من 1.8 مليار دولار من مدفوعات الفائدة على ديون السوق إذا طُبِّق متوسط سعر الفائدة لاقتصادات الأسواق الناشئة على مستوى العالم».

الإيرادات العامة

ويَرد في التقرير أن إجمالي الإيرادات العامة في المنطقة في المتوسط بلغ 32 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2023، مقارنة بنسبة 26.5 في المائة في المتوسط لاقتصادات الأسواق الناشئة، و35.5 في المائة للاقتصادات المتقدمة.

وأوضحت رولا دشتي، أنه إذا زادت البلدان العربية متوسطة الدخل حصة ضرائب الدخل الشخصي وضرائب الشركات إلى 6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، وهو المتوسط بالنسبة إلى البلدان متوسطة الدخل على مستوى العالم، يمكنها توليد 14 مليار دولار إضافية، وتوزيع الأعباء الضريبية بشكل أكثر إنصافاً.

بالإضافة إلى تحسين تحصيل الضرائب، أبرز التقرير أنه يمكن توفير أكثر من 120 مليار دولار سنوياً في الحيز المالي الإضافي في البلدان العربية من خلال: توفير 100 مليار دولار بواسطة زيادة كفاءة الإنفاق (بنسبة 3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي الإقليمي)، فضلاً عن توفير 4 مليارات دولار في مدفوعات الفائدة في ديون السوق (على أساس حدٍّ أدنى لسعر الفائدة مع معاملة الأقران بالتساوي في عام 2023)، وتوفير 2.5 مليار دولار في خدمة الديون الناتجة عن مقايضتها (بنسبة 25 في المائة من خدمة الدين الثنائي في عام 2024)، فضلاً عن توفير 122 مليون دولار في مدفوعات الفائدة عن طريق زيادة حصة الديون الميسرة من الدائنين الرسميين، وتحقيق 127 مليون دولار علاوة خضراء من أدوات التمويل المبتكرة.

برنامج عمل

يطرح التقرير برنامج عمل قابلًا للتنفيذ، يتضمّن استراتيجيات ثلاث؛ هي: تحسين حافظات الديون، وتعزيز كفاءة أُطُر الإيرادات والنفقات العامة، وزيادة استخدام آليات التمويل المبتكرة وأُطُر التمويل المستدام.

واقترح التقرير برنامج عمل مكوناً من 7 نقاط، تمثّلت في:

- تحسين حافظات الديون من خلال الإدارة الحصيفة لها.

- تعزيز القدرة المؤسسية على إدارة الديون.

- تحسين السيولة والتمويل الميسر من خلال إصلاح النظام المالي الدولي.

- تشجيع أدوات التمويل المبتكرة من أجل التنمية المستدامة.

- تحسين الكفاءة في تعبئة الموارد المحلية لتحقيق أقصى قدر من الإيرادات.

- تحسين كفاءة الإنفاق العام لزيادة فاعلية الإنفاق.

- معالجة نقاط الضعف المتعلقة بالديون في البلدان العربية المتأثرة بالصراعات والبلدان منخفضة الدخل.