«الاستثمارات العامة» يتجه لتطوير الزراعة المستدامة في المدينة المنورة

خبراء لـ«الشرق الأوسط»: المشروع يساهم في تسويق تمور العجوة عالمياً

تعد تمور العجوة من أفضل المنتجات الزراعية السعودية (الشرق الأوسط)
تعد تمور العجوة من أفضل المنتجات الزراعية السعودية (الشرق الأوسط)
TT

«الاستثمارات العامة» يتجه لتطوير الزراعة المستدامة في المدينة المنورة

تعد تمور العجوة من أفضل المنتجات الزراعية السعودية (الشرق الأوسط)
تعد تمور العجوة من أفضل المنتجات الزراعية السعودية (الشرق الأوسط)

في وقت قرر صندوق الاستثمارات العامة السعودي تأسيس شركة «تراث المدينة» بهدف تحسين الجودة ورفع القدرة الإنتاجية لتمور العجوة وتطوير الزراعة المستدامة في المدينة المنورة (غرب المملكة)، أكد خبراء لـ«الشرق الأوسط» أن من شأن هذا المشروع أن يعزز تسويق هذا المنتج المحلي دولياً بهدف الوصول إلى الأسواق العالمية.

وكانت المملكة قد حققت زيادة في صادرات التمور ومشتقاتها خلال العام الماضي، بكمية تجاوزت 321 ألف طن، وبقيمة بلغت 1.28 مليار ريال (341 مليون دولار)، وبزيادة قدرها 5.4 في المائة عن العام 2021.

وتنتج السعودية أكثر من 300 صنف من التمور، أشهرها «السكري، الخلاص، العجوة، الصقعي، الصفري»، بحوالي 1.6 مليون طن سنوياً، ما أسهم في تحقيق المرتبة الأولى في تصدير التمور على مستوى العالم خلال 2021.

وقال رئيس اللجنة الوطنية للزراعة في اتحاد الغرف السعودية، الدكتور إبراهيم التركي لـ«الشرق الأوسط»، إن إنشاء الشركة ينطلق من نقاط قوة في المملكة والمدينة المنورة على وجه الخصوص، كون منتج تمور العجوة له إقبال من حوالي ملياري مسلم.

وأوضح أن الصندوق سيقوم بتطوير زراعة هذا النوع من التمور مستفيداً من خبراته الدولية في إيصال المنتج إلى الأسواق العالمية.

وأضاف رئيس اللجنة الوطنية للزراعة أن الشركة ستعمل على بناء نموذج عمل يجعل اللاعبين في هذا النشاط شركاء نحو تحقيق المستهدفات.

ولفت إلى أن الاهتمام بالعجوة سينتج عنه تلقائياً تطوير الأنواع الأخرى من التمور، وتطوير القطاع الزراعي في المملكة، الذي يسجل في الأعوام الأخيرة نمواً متصاعداً ليحقق الناتج المحلي الزراعي أعلى مساهمة في تاريخه خلال العام الماضي بقيمة 100 مليار ريال (26.6 مليار دولار).

ورأى رئيس اللجنة الوطنية للزراعة في اتحاد الغرف السعودية أهمية تكثيف جهود الشركة الجديدة في المرحلة الحالية لتنتهج مسار «نموذج العمل» لتحقيق مساهمة وطنية تتجاوز العوائد الاستثمارية المستهدفة.

وتابع: «من أهم مكونات نموذج العمل بناء الشراكات، خصوصاً مع المزارعين ومراكز الأبحاث المحلية والدولية وشركاء الصندوق العالميين».

زراعة النخيل

من جهته، أفاد الخبير الاقتصادي، أحمد الجبير لـ«الشرق الأوسط»، أن زيادة إنتاج تمور العجوة تسهم في تعزيز جودة المنتجات المحلية وتصديرها خارجياً، مؤكداً أن الشركة الجديدة ستتوسع في زراعة النخيل المنتجة للعجوة إلى جانب تحسين جودة المنتج.

ولفت الجبير إلى أن المدينة المنورة تمتلك مناطق شاسعة لإنتاج مزيد من تمور العجوة، وبالتالي ستجد شركة «تراث المدينة» بيئة خصبة لتطوير المشروع وتلبية الطلب المتزايد محلياً ودولياً.

وأعلن صندوق الاستثمارات العامة عن تأسيس شركة «تراث المدينة»، التي تهدف إلى القيام بدور رئيسي في تحسين جودة الإنتاج ورفع القدرة الإنتاجية لتمور العجوة بمنطقة المدينة المنورة.

وتسهم الشركة في تطوير قطاع الأغذية والزراعة بالمملكة، وزيادة حجم المحتوى المحلي لقطاع التمور ورفع إسهامه في الناتج المحلي، وتنويع مصادر الدخل تماشياً مع «رؤية 2030». وتُصنف العجوة من بين أجود أنواع التمور حول العالم، لما تتميز به من فوائد غذائية وصحية عالية، وتعد مصدراً غنياً بكثير من العناصر الغذائية مثل الألياف والبروتين.

وترتبط تمور العجوة رمزياً ودينياً وتراثياً بالعالم الإسلامي، وخاصة زوار المدينة المنورة.

وتهدف شركة تراث المدينة إلى تسويق منتجات العجوة محلياً ودولياً، إضافة إلى الإسهام في توزيع أصناف التمور الأخرى، بما يلبي الطلب المتزايد عالمياً.

تعد تمور العجوة من أفضل المنتجات الزراعية السعودية (الشرق الأوسط)

الخبرات العالمية

وستسهم الشركة في تطوير الزراعة المستدامة في منطقة المدينة عبر الاستعانة بالخبرات العلمية، وتبني أفضل التقنيات الزراعية الحديثة. وقال رئيس قطاع المنتجات الاستهلاكية والتجزئة في الإدارة العامة للاستثمارات بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة، ماجد العساف، إن المملكة من أهم دول العالم في إنتاج وتصدير التمور حيث تتميز منتجاتها بقيمة عالية.

وزاد أن التمور تحظى بإقبال كبير لدى المستهلكين، ما يجعلها من أبرز القطاعات الزراعية التي تسهم في تحقيق مستهدفات «رؤية 2030».

ويأتي تأسيس شركة «تراث المدينة» التزاماً من صندوق الاستثمارات العامة في دعم الزراعة والأغذية، أحد القطاعات الواعدة في المملكة، الذي من شأنه دعم تنويع مصادر دخل الاقتصاد الوطني. ويمتلك صندوق الاستثمارات العامة كثيراً من الاستثمارات الاستراتيجية في قطاع الأغذية والزراعة، للمساهمة في تنويع الاقتصاد ونمو الناتج المحلي الإجمالي.

ومن ضمن المنشآت التابعة للصندوق في هذا القطاع؛ «الشركة السعودية للقهوة»، و«شركة تطوير منتجات الحلال»، بالإضافة إلى الشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني «سالك».


مقالات ذات صلة

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

الاقتصاد جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، إنه يتوقع مخرجات مهمة من مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر الذي ينعقد في السعودية.

لمياء نبيل (القاهرة)
يوميات الشرق النظام الغذائي النباتي يعتمد بشكل أساسي على الأطعمة النباتية (جامعة كولومبيا)

التحول للنظام النباتي يوفر 650 دولاراً للفرد سنوياً

أظهرت دراسة أميركية أن اتباع نظام غذائي نباتي منخفض الدهون يمكن أن يخفض تكاليف الطعام للفرد بنسبة 19%، أي ما يعادل 1.80 دولار يومياً أو نحو 650 دولاراً سنويا.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي نزوح سكان شمال غزة في ظل تصاعد العمليات العسكرية الإسرائيلية (أ.ف.ب)

المنسق الأممي للسلام: الوضع في غزة «كارثي» مع بداية الشتاء ونزوح سكان الشمال

قال منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند اليوم الاثنين إن الوضع في قطاع غزة «كارثي» مع بداية فصل الشتاء.

«الشرق الأوسط» (غزة)
أفريقيا لاجئون من جنوب السودان يجتمعون مع أمتعتهم بعد عبورهم إلى أوغندا عند نقطة حدود في منطقة لامو شمال أوغندا في 4 أبريل 2017 (رويترز)

7.7 مليون شخص بجنوب السودان معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل

أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، أن نحو 7.7 مليون شخص في جنوب السودان، معرضون لسوء تغذية حاد العام المقبل.

«الشرق الأوسط» (الخرطوم)
أفريقيا أدى العنف والتصحر إلى منافسات عنيفة أحياناً بين المجتمعات الزراعية والرعاة الرُحّل في نيجيريا (أ.ف.ب)

أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل

أفاد تقرير بأن أكثر من 33 مليون نيجيري سيعانون من الجوع العام المقبل، وهو رقم يزداد مع ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتفاقم آثار الحرب والتغير المناخي.

«الشرق الأوسط» (أبوجا )

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
TT

«فاو»: نطمح إلى مخرجات مهمة من «كوب 16» بالسعودية

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)
جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

قال الدكتور عبد الحكيم الواعر، المدير العام المساعد لمنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، إن المنظمة ستُشارك بقوة خلال فعاليات مؤتمر الأطراف «كوب 16» لمواجهة التصحر، الذي ينعقد في السعودية مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) المقبل، مؤكداً لـ«الشرق الأوسط» أنه يتوقع خروج المؤتمر -وهو الأول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الأوسط- بمخرجات مهمة.

تعليقات الواعر جاءت على هامش لقاء «مائدة مستديرة»، أعده المكتب الإقليمي لـ«فاو» في مقره بالعاصمة المصرية، القاهرة، بحضور ممثلين محدودين لوسائل إعلام مختارة، وذلك لشرح شكل مشاركة المنظمة في المؤتمر المقبل، وتأكيد أهمية ما يُعرف باسم «ثالوث ريو» (Rio trio)، وهي الاتفاقية التي تربط مؤتمرات الأطراف الثلاثة لحماية الأرض التابعة للأمم المتحدة في مجالات تغيُّر المناخ، وحماية التنوع البيئي، ومكافحة التصحر.

وقالت فداء حداد، مسؤول برامج إعادة تأهيل الأراضي والتغيُّر المناخي في منظمة الفاو، إن اتفاقيات الأطراف الثلاثة غاية في الأهمية والتكامل، وإن المؤتمر المقبل في السعودية سيركز على الأراضي والمياه، وإعادة تأهيلهما والإدارة المستدامة لهما.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وأشارت فداء حداد إلى أن نحو 90 بالمائة من منطقة الشرق الأوسط تعاني الجفاف، إلا أنه على الرغم من ذلك، تمكَّنت المجتمعات المحلية والحكومات العربية في كثير منها في اتخاذ إجراءات لمواجهة الجفاف والتصحر.

وكشفت فداء حداد أن «فاو» نجحت للمرة الأولى في وضع موضوع النظم الغذائية على أجندة اجتماعات مؤتمر الأطراف لمواجهة التصحر، الذي يعقد في السعودية، لتتم مناقشة أهمية إعادة تأهيل الأراضي في تحسين السلاسل الغذائية وأنظمتها.

من جانبه، أوضح الواعر أن «فاو» لديها دور كبير في تحقيق الهدف الثاني الأممي من أهداف التنمية المستدامة، وهو القضاء على الجوع، ومن ثم فهي تشارك بقوة وفاعلية في مؤتمرات الأطراف لمواجهة تغيُّر المناخ والتصحر وحماية التنوع، التي تخدم ذات الهدف.

وأكد الواعر أن المنظمة تحاول إبراز دور الغذاء والزراعة وتحول النظم، بحيث تكون أكثر شمولاً وكفاءة واستدامة، من أجل تحقيق إنتاج وتغذية أفضل لحياة أفضل، مشيراً إلى نجاح المنظمة في إدخال هذه الرؤية إلى أجندة الاتفاقيات الثلاث التي تهدف لحماية الأرض، والإسهام مع عدد من الدول المستضيفة في بعض المبادرات.

جانب من الاستعدادات في العاصمة السعودية قبل استقبال مؤتمر «كوب 16» لمواجهة التصحر (صفحة «كوب 16» على منصة «إكس»)

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك تواصلاً كبيراً مع السعودية لدعم بعض المبادرات خلال استضافتها «كوب 16»، خصوصاً أن هذه الاستضافة تعد مهمة جدّاً من أجل دول المنطقة، كونها الأكثر معاناة فيما يتعلق بندرة المياه والجفاف والتصحر، إلى جانب مشكلات الغذاء والزراعة وغيرهما... ولذا فإن أمام هذه الدول فرصة لعرض الأزمة وأبعادها والبحث عن حلول لها، وإدراجها على لوائح المناقشات، ليس في الدورة الحالية فقط؛ ولكن بشكل دائم في مؤتمرات «كوب» التالية.

وأكد المدير العام المساعد لمنظمة الفاو، أن العالم حالياً أكثر انتباهاً واهتماماً بمشكلة التصحر، لكونها بدأت في غزو مناطق لم يسبق لها أن شهدتها في تاريخها أو تصورت أن تشهدها، على غرار جنوب أوروبا أو مناطق في أميركا اللاتينية مثلاً، وهذه الدول والمناطق بدأت تلاحظ زحف التصحر وانحسار الأراضي الزراعية أو الغابات بشكل مقلق، ومن ثم بدأت النظر إلى المنطقة العربية تحديداً لتعلُّم الدروس في كيفية النجاة من هذه الأزمة عبر قرون طويلة.

وأفاد الواعر بأن «فاو» ستشارك في «كوب 16» بجناحين، أحدهما في المنطقة الزرقاء والآخر في المنطقة الخضراء، وذلك حتى يتسنى للمنظمة التواصل مع الحكومات، وكذلك الأفراد من المجتمع المدني ورواد المؤتمر.

كما أوضح أن «فاو»، بالاتفاق مع السعودية والأمم المتحدة، ستقوم بقيادة التنسيق في يومي «الغذاء» و«الحوكمة» يومي 5 و6 ديسمبر، إضافة إلى مشاركتها القوية في كل الأيام المتخصصة الباقية خلال فعاليات «كوب 16» لمكافحة التصحر.

الدكتور عبد الحكيم الواعر المدير العام المساعد لمنظمة فاو يتوسط لقاء «مائدة مستديرة» مع خبراء وصحافيين في مقر المنظمة بالقاهرة (الشرق الأوسط)

وحول أبرز الموضوعات والمحاور التي جرى إدراجها للنقاش في أروقة «كوب 16» بالرياض، أوضح الواعر أن من بينها «الاستصلاح والإدارة المستدامة للأراضي» في منطقة الشرق الأدنى وشمال أفريقيا، والتي تعد مسألة مهمة وأساسية في محاولة استرجاع وإعادة تأهيل الأراضي المضارة نتيجة التصحر، خصوصاً من خلال المبادرات المتعلقة بزيادة رقعة الغابات والمناطق الشجرية، على غرار المبادرات السعودية الخضراء التي تشمل خطة طموحاً لمحاولة زراعة 50 مليار شجرة بالمنطقة العربية.