تقرير: المغرب يجذب استثمارات شركات صينية في مجال البطاريات الكهربائية

منجم فوسفات في المغرب (رويترز - أرشيفية)
منجم فوسفات في المغرب (رويترز - أرشيفية)
TT

تقرير: المغرب يجذب استثمارات شركات صينية في مجال البطاريات الكهربائية

منجم فوسفات في المغرب (رويترز - أرشيفية)
منجم فوسفات في المغرب (رويترز - أرشيفية)

في غضون 3 أشهر، أعلنت مجموعات صينية كبرى عدة، نيتها الاستثمار بمشروعات في المغرب لإنتاج البطاريات الكهربائية. إذا كان للمملكة كثير من الإمكانات في هذا المجال، يحذر الخبراء من مجرد إعلانات (من هذه الشركات) على حساب التطبيق الفعلي لهذه المشروعات، وفق تقرير نشرته اليوم (الثلاثاء) صحيفة «أفريقيا الشابة (Jeune Afrique)».

في أغسطس (آب) 2022، قال وزير الصناعة المغربي رياض مزور، لصحيفة «أفريقيا الشابة»، إن وزارته تجري مفاوضات مع «5 مشغلين في 3 قارات (أميركا وأوروبا وآسيا) لتركيب مصنع للبطاريات الكهربائية». بعد أقل من عام، بدأ عدد من المشروعات في التبلور. هذه هي الحال، على سبيل المثال، بالنسبة للمصنع العملاق الذي تخطط المجموعة الصينية الأوروبية «غوتيون هاي تاك (Gotion High-Tech)» لبنائه في المغرب مقابل 65 مليار درهم (6 مليارات يورو).

وبحسب الوكالة المغربية لتنمية الاستثمارات والصادرات (AMDIE)، التي وقّعت مذكرة تفاهم مع الشركة، فإن الاستثمار يهدف إلى «إقامة بيئة صناعية لإنتاج البطاريات من أجل السيارات الكهربائية وأنظمة تخزين الطاقة».

و«يمكن لشركة (غوتيون هاي تاك) أن تخدم السوق الأوروبية بسهولة أكبر (انطلاقاً من المغرب)»، يقول عالم الصينيات المغربي ناصر بوشيبة، رئيس ومؤسس جمعية التعاون الأفريقي الصيني من أجل التنمية (ACCAD).

خدمة السوق الأوروبية هي أيضاً هدف شركة «تينشي ماتيريالز تكنولوجي (Tinci Materials Technology)»، وهي شركة صينية متخصصة في تصنيع مواد بطاريات الليثيوم أيون. في 28 يونيو (حزيران)، أعلنت الشركة، التي يبلغ حجم مبيعاتها 3 مليارات دولار، استثماراً بقيمة 280 مليون دولار في المغرب، الذي «يتمتع بموارد غنية من الصخور الفوسفاتية، وموقع جغرافي جيد، وبيئة سياسية واقتصادية مستقرة، وسياسات تجارية خارجية مواتية»، بحسب وثيقة للشركة اطلعت عليها مجلة «أفريقيا الشابة».

المجموعتان الصينيتان الرئيسيتان ليستا الوحدتين اللتين تضعان أنظارهما على المملكة المغربية في مجال تصنيع البطاريات. في أبريل (نيسان)، جاء دور «إل جي إنرجي سولوشن (LG Energy Solution)» الكورية الجنوبية، أحد أكبر مصنعي البطاريات في العالم، للإعلان مع شركة «سيشوان يوهوا (Sichuan Yahua Industrial)» الصينية عن إنشاء مصنع لإنتاج هيدروكسيد الليثيوم، وهو مادة رئيسية أخرى في صناعة البطاريات الكهربائية.

ميزة الفوسفات

لفت التقرير إلى أنه في هذا السباق العالمي نحو صناعة يُنظر إليها على أنها للمستقبل، تمتلك المملكة المغربية مورداً رئيسياً: الفوسفات، الذي تمتلك منه أكثر من 70 في المائة من احتياطيات العالم. أقل تكلفة بشكل ملحوظ من بطاريات «NCM» المكونة من نيكل وكوبالت ومنغنيز أغلى ثمناً، تزداد شعبية بطاريات LFP (فوسفات حديد ليثيوم) بين الشركات المصنعة، مثل شركة «غوتيون هاي تاك».

في تقرير نُشر في أغسطس 2022، أشار «معهد الشرق الأوسط للدراسات»، ومركزه واشنطن، إلى أهمية هذا النوع من البطاريات: «بطاريات LFP (فوسفات حديد ليثيوم) القائمة على فوسفات أرخص وأكثر أماناً... وتستمر لفترة أطول من نظيراتها القائمة على الكوبالت. إن الاستخدام المتزايد لبطاريات LFP يعطي الأفضلية للمغرب لإنتاج بطاريات للسيارات الكهربائية».

يمتلك المغرب إمكانات لا يمكن إنكارها في مجال البطاريات الكهربائية، وشركاته تتمتع بسمعة طيبة في السوق. ومع ذلك، «يجب مراقبة الاستثمارات الصينية بعناية»، يحذر بوشيبة، «حيث سيتعين على هذه الشركات بالضرورة الاستفادة من موافقة ودعم سلطات بلدها لجعل مشروعاتها حقيقة واقعة»، مشيراً إلى تخلي شركة «Haite» الصينية في 2018 عن المشروع الطموح «مدينة محمد السادس طنجة تاك (Cité Mohammed VI Tanger Tech)» بعد سنوات قليلة من توقيع مذكرة اتفاق مع بنك أفريقيا ومنطقة طنجة المغربية بحضور الملك المغربي.

وأشارت مصادر صحيفة «أفريقيا الشابة» إلى نموذج مشروع صيني آخر لم يبصر النور. إذ وقّعت شركة «بي واي دي (BYD)» الصينية مع السلطات المغربية في عام 2017 مذكرة تفاهم تتعلق بإنتاج المركبات الكهربائية (سيارات، وحافلات، وشاحنات) وبطاريات، ولكن المشروع بقي إعلانات دون ترجمة للمستقبل. ويصر خبير بشرط عدم الكشف عن هويته: «عليك توخي الحذر من مجرد إعلانات».


مقالات ذات صلة

«تيك توك» يعود لمتجري تطبيقات «أبل» و«غوغل» في أميركا

الاقتصاد شعار تطبيق «تيك توك» للتواصل الاجتماعي على شاشة أحد الهواتف الذكية (د.ب.أ)

«تيك توك» يعود لمتجري تطبيقات «أبل» و«غوغل» في أميركا

عاد تطبيق «تيك توك» إلى متجري تطبيقات «أبل» و«غوغل» في الولايات المتحدة مساء الخميس، بعدما أرجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الحظر حتى الخامس من أبريل

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
خاص السعودية لا تواكب التكنولوجيا فقط بل تسهم في صياغة مستقبل الاتصالات عالمياً (إريكسون)

خاص رئيس «إريكسون» لـ«الشرق الأوسط»: «شبكات الاتصال في كأس العالم 2034 ستكون الأكثر تطوراً»

يقول رئيس «إريكسون» الشرق الأوسط وأفريقيا إن السعودية تقود التحول الرقمي بشبكات الجيل الخامس، فيما تستعد للسادس مع استضافتها إكسبو 2030 وكأس العالم 2034.

نسيم رمضان (الرياض)
تكنولوجيا امرأة تسير أمام شاشة كبيرة تُظهر شعار شركة «غوغل» (أ.ب)

«لحماية الأطفال»...«غوغل» تختبر الذكاء الاصطناعي لتحديد أعمار المستخدمين

أعلنت شركة «غوغل»، يوم الأربعاء، أنها ستبدأ في استخدام الذكاء الاصطناعي لتحديد ما إذا كانت أعمار المستخدمين مناسبة لاستخدام منتجاتها.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شخص يحمل جوالاً ذكياً يظهر على شاشته شعار تطبيق «تيك توك» (رويترز) play-circle

«تيك توك» يعود لمتجرَي «أبل» و«غوغل» في أميركا

عاد تطبيق «تيك توك» إلى متجرَي تطبيقات «أبل» و«غوغل» في الولايات المتحدة، أمس الخميس، بعدما أرجأ الرئيس دونالد ترمب الحظر حتى الخامس من أبريل (نيسان).

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم صورة من هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية في مدينة نيويورك الأميركية (رويترز)

رئيس «غوغل» السابق يحذر من «سيناريو بن لادن» للذكاء الاصطناعي

يخشى الرئيس التنفيذي السابق لشركة «غوغل» من استخدام الذكاء الاصطناعي في «سيناريو بن لادن»، أو استخدام «الدول المارقة» لهذه التقنية لـ«إيذاء الأبرياء».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أميركية جديدة على روسيا

أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
TT

اضطرابات في سوق النفط بعد عقوبات أميركية جديدة على روسيا

أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)
أدخنة تتصاعد من مداخن مصافة نفطية في مدينة أومسك بإقليم سيبيريا الروسي (رويترز)

أدى تشديد العقوبات الأميركية على موسكو إلى تعطيل إمدادات النفط الروسي الأقل سعراً إلى الصين والهند، وزاد الطلب على نفط الشرق الأوسط وأفريقيا، وأشاع الاضطرابات في قطاع الشحن، كما دفع أسعار النفط إلى الصعود.

واستهدفت العقوبات التي فرضتها واشنطن في العاشر من يناير (كانون الثاني) ناقلات تحمل الخام الروسي، في محاولة لتقليل إيرادات موسكو من النفط بشكل أكثر فاعلية، وهو الهدف من العقوبات الغربية المفروضة على موسكو بعد غزوها أوكرانيا قبل ثلاث سنوات.

وتركت العقوبات الجديدة ناقلات تحمل ملايين البراميل هائمة على وجهها في طرق التجارة البحرية، ودفعت المتعاملين إلى البحث عن بدائل، في حين تباطأت التعاملات في الخام الروسي لشهر مارس (آذار). والنفط الروسي وهو المصدر الأساسي لأكبر بلدين مستوردين في العالم وهما الصين والهند.

ودفعت حالة الارتباك التي أحدثتها تلك القرارات السوق إلى حالة من الفوضى. فخلال أسابيع قليلة أصبح خام دبي القياسي عالي الكبريت أكثر تكلفة من خام برنت منخفض الكبريت الذي يسهل معالجته. وأتاح ذلك فرصة للمنتجين من البرازيل إلى كازاخستان للاستحواذ على حصة من واردات الصين والهند.

وقال متعاملون إن علاوة الخام البرازيلي قفزت الشهر الماضي إلى نحو خمسة دولارات للبرميل فوق سعر خام برنت، بما يشمل تكلفة الشحن إلى الصين، ارتفاعاً من نحو دولارين في الشهر السابق. وانخفضت العلاوة حالياً إلى أقل قليلاً من خمسة دولارات للبرميل للشحنات المقرر تسليمها في مايو (أيار). وأظهرت بيانات «كبلر» أن الصين من المقرر أن تستورد في مارس أول شحنة لها من مزيج «سي بي سي» الكازاخستاني منذ يونيو (حزيران) الماضي.

ناقلة نفط تبحر قرب ميناء ناخودكا الروسي (رويترز)

وقال متعامل في سنغافورة إن الذراع التجارية لشركة «توتال إنرجيز» تلقت في الأسبوع الذي أعقب العقوبات الجديدة العديد من الاستفسارات، لدرجة أنها أجرت مناقصات بدلاً من المفاوضات المباشرة لبيع شحناتها من خامات الشرق الأوسط، التي ذهبت في النهاية إلى شركتي «سينوك» و«رونغشنغ» الصينيتين.

وفي انعكاس للطلب المتزايد على خامات في الشرق الأوسط، زادت العلاوة على خامات عمان ودبي ومربان القياسية بأكثر من المثلين في يناير مقارنة بديسمبر (كانون الأول) رغم انخفاض الطلب من المصافي بالتزامن مع أعمال صيانة موسمية. ورفعت «أرامكو» السعودية، أكبر مصدر للنفط في العالم، أسعار الخام الذي تبيعه إلى آسيا إلى أعلى مستوى منذ ديسمبر 2023، مما رفع التكاليف على المصافي.

وقال متعامل أنغولي إن هناك زيادة في الطلب من مشترين آسيويين. وقال متعامل صيني: «تأخذ (يونيبك) الكثير من شحنات الخام من غرب أفريقيا، وخصوصاً البراميل الأنغولية». و«يونيبك» هي الذراع التجارية لشركة «سينوبك» التي تعد أكبر مصفاة في آسيا.

مصفاة «إيسار أويل» النفطية في ولاية غوجارات غرب الهند (رويترز)

ومع توقف السفن الخاضعة للعقوبات في طرق التجارة البحرية، سارع الكثير من المتعاملين في التحول إلى سفن أخرى بتكاليف تفوقها عدة مرات، مما يرفع تكلفة الشحنة الواحدة ملايين الدولارات.

ويشكل ارتفاع التكاليف صعوبة كبيرة لمصافي النفط في الهند. ففي أواخر العام الماضي كثفت البلاد اعتمادها على النفط الروسي بدلاً من خامات الشرق الأوسط، عندما أبرمت شركة «ريلاينس إندستريز» اتفاقية توريد مدتها 10 سنوات مع «روسنفت» الروسية العملاقة بقيمة 13 مليار دولار سنوياً.

وقال وزير النفط الهندي هذا الأسبوع إن مصافي التكرير في البلاد ترغب في شراء النفط الروسي عبر شركات وسفن غير خاضعة لعقوبات الولايات المتحدة، التي أدت بالفعل إلى تقليل عدد الشحنات والسفن المتاحة، وفقاً لمصادر هندية بقطاع التكرير.

وأوضحت المصادر أنه في ظل وجود إمدادات محدودة من الشحنات غير الخاضعة للعقوبات، تقلصت الخصومات على خام الأورال الروسي مقارنة بخام برنت إلى 2.50-2.90 دولار للبرميل للتسليم في مارس، مقابل ثلاثة إلى ثلاثة ونصف دولار قبل عقوبات يناير، وهي زيادة كبيرة في التكلفة على شحنة قياسية حجمها مليون برميل.

وقالت المصادر الهندية بقطاع التكرير إن ارتفاع تكلفة الخام الروسي قلص الفجوة السعرية مع نفط الشرق الأوسط إلى نحو ثلاثة دولارات للبرميل، من ستة إلى سبعة دولارات للمصافي الهندية، وهو ما لا يوفر حافزاً كبيراً للمخاطرة بتكبد عقوبات ثانوية.

وأوضحت المصادر أن المشترين الهنود رفضوا عروضاً من شركة الشحن الروسية العملاقة «سوفكومفلوت» لتلقي مدفوعات بأي عملة، بما في ذلك الروبية الهندية، مقابل النفط الروسي المنقول على ناقلات خاضعة للعقوبات، وذلك بعد أن التقى رئيسها التنفيذي بالمشترين الهنود على هامش مؤتمر للطاقة في الهند هذا الأسبوع.

ويعني ذلك التباطؤ أن مخزونات النفط الروسي العائمة زادت 17 مليون برميل منذ 10 يناير، وفقاً لمذكرة صادرة عن «غولدمان ساكس» في الخامس من فبراير (شباط)، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 50 مليون برميل في النصف الأول من 2025.

ويأتي توقف الإمدادات الروسية في أعقاب انخفاض واردات الخام الإيراني إلى الصين، وهي أكبر مشترٍ له، وسط ضغوط أميركية مشددة وتعهد من الرئيس دونالد ترمب مؤخراً بخفض صادرات طهران النفطية إلى الصفر.

ويقدر «غولدمان ساكس» أن مخزونات النفط الإيراني العائمة زادت 14 مليون برميل منذ بداية العام إلى أعلى مستوى لها في 14 شهراً. وقال المحللون إن فرض عقوبات أشد قد يخفض إنتاج إيران بمقدار مليون برميل يومياً ويرفع سعر برنت إلى 80 دولاراً للبرميل بحلول مايو.

وقال أحد المتعاملين إن تقليص المتاح من الخام الأقل سعراً وضعف الطلب في الصين دفع عدد من المصافي إلى الإغلاق للصيانة بدلاً من خسارة 500 يوان (68.62 دولار) لكل طن من النفط غير الخاضع للعقوبات.

وقال مسؤولون في قطاع التكرير إنه قبل أسابيع من الإعلان عن العقوبات في وثيقة مكونة من 27 صفحة، حذرت السلطات الهندية المصافي في البلاد، مما دفعها إلى إبرام بعض عمليات الشراء في خطوة استباقية.

وفي الصين أصدرت مجموعة مواني شاندونغ حظراً على رسو السفن الخاضعة للعقوبات قبل ثلاثة أيام من إعلان تلك الإجراءات، لكن من غير الواضح ما إذا كانت تلك الخطوة مرتبطة بتحذير مسبق.

وقال متعاملون إن هناك إشارات إضافية على أن الأسواق توقعت عقوبات جديدة، منها ارتفاع الطلب على نفط الشرق الأوسط وأفريقيا من المشترين الصينيين والهنود، والتدافع على استئجار سفن مما أدى لاحقاً إلى ارتفاع حاد في أسعار الناقلات.