مضاعفات بعيدة المدى لارتجاج الدماغ

رصد أعراض الضربات الموجهة للرأس والوجه والعنق

مضاعفات بعيدة المدى لارتجاج الدماغ
TT

مضاعفات بعيدة المدى لارتجاج الدماغ

مضاعفات بعيدة المدى لارتجاج الدماغ

تشير تقديرات مراكز مكافحة الأمراض CDC إلى أن أكثر من 630 ألف طفل ومراهق يصلون إلى أقسام الطوارئ كل عام في الولايات المتحدة الأميركية بسبب تعرضهم لحوادث «إصابة الدماغ traumatic brain injury (TBI)». ومع أن غالبية هذه الإصابات تكون بسيطة، إلا أنها تصنف وتشخص على أنها حالة «ارتجاج دماغ hg brain concussion». ويتوقع أن يكون هناك انخفاض في تسجيل عدد حالات الإصابات البسيطة عما هي عليه في الواقع لعدم وصولها جميعها إلى أقسام الطوارئ رغبة من المرضى في المعالجة عند أطبائهم أو من قبل غير الأطباء في المدارس والنوادي الرياضية حيث تقع الحادثة ولا يتم تسجيلها.
وقد تم تعريف الارتجاج، وفقا للمؤتمر الدولي لارتجاج الدماغ في الرياضة الذي نشر في مجلة الطب الرياضي (Br J Sports Med. 2013)، بأنه «عملية فيزيولوجية مرضية معقدة تؤثر على الدماغ، نتيجة قوى ميكانيكية حيوية تنجم عن ضربة مباشرة للرأس والوجه والعنق أو في أي مكان آخر من الجسم تكون لها قوة (اندفاع impulsive) تنقلها إلى الرأس فتؤدي إلى اضطراب سريع ولبرهة زمنية قصيرة في الوظائف العصبيةK لا يرى بالتصوير العادي للجهاز العصبي».

إصابات الرأس

* الإصابات الطفيفة. تشير معظم الدراسات في هذا المجال، ومنها دراسة آيسنبيرغ وزملائه التي نشرت في مجلة «طب الأطفال» عام 2014 إلى أن معظم الإصابات الطفيفة تتماثل عادة للشفاء سريعا ولا تتطلب التصوير العصبي. أما دراسة الفريق الكندي برئاسة زيميك وزملائه التي نشرت في مجلة «جاما» عام 2016، فقد خلصت إلى أن ما يقرب من ثلث الأطفال والمراهقين الذين يتعرضون لمثل هذه الإصابات، وإن كانت خفيفة، سيعانون بعد شهر من الإصابة من أنماط متنوعة من الأعراض الجسدية أو المعرفية أو العاطفية مما يمكن أن يؤثر على نوعية جودة الحياة والوظائف اليومية لهم.
إن التعامل مع هؤلاء المرضى بعد الإصابة مباشرة، سوف يتيح للطبيب المعالج تقييم مدى وشدة الأعراض والعلامات، وتقييم مدى خطورة الإصابة داخل الجمجمة، ومن ثم علاج الأعراض، وترتيب الرعاية المستقبلية إن لزم.
* الإصابات الشديدة. وعلى الرغم من زيادة الأبحاث والدراسات واهتمام العلماء بتبعات إصابات الدماغ، فإن الأدلة حول إدارة هذه الإصابات لا تزال محدودة وبالتالي فإن المرضى والفريق الطبي أيضا هم غير متأكدين من مسارات الأعراض والتدخلات الفعالة.
ووفقا لدراسة نشرت في مجلة JAMA عام 2013 فقد تم تحديد عوامل الخطر للأعراض المستمرة بعد الارتجاج (persistent post concussive symptoms، PPCS) ومنها:، الصداع، الغثيان أو القيء، الدوخة، والتعرض لإصابة مماثلة سابقا. ولكن عمليا، لا يزال استخدام درجة خطر ارتجاج الدماغ (risk score for PPCS) محدودا.
ومن الناحية المثالية، فإن درجة خطر أعراض الارتجاج المستمرة تكون مفيدة لتقييم التشخيص السريري وتقرير تنويم المريض والمتابعة، وخصوصا تحديد المرضى ذوي الخطر الأعلى والتدخل المبكر لتلافي المضاعفات بعيدة المدى. وقد تم مؤخرا اعتماد «تصنيف مخاطر الارتجاج الحاد» التي یتعرض لها الأطفال والمراهقون لتطبيقها في أقسام الطوارئ. وقد وجد أنها تتفوق على التنبؤات السريرية التقليدية.

دراسة كندية

وشملت دراسة رصد متعددة الأوجه، قام بها فريق كندي برئاسة زيميك وزملائه ونشرت في مجلة «جاما» عام 2016 تحديدا 9 أقسام طوارئ خاصة بالأطفال من مختلف أنحاء كندا، تم فيها ملاحظة 3063 طفلا ومراهقا، تراوحت أعمارهم بين 5 إلى 18 عاما، يوجد لديهم واحد أو أكثر من الأعراض المرتبطة بارتجاج الدماغ مع درجة مقياس غلاسكو كوما (Glasgow Coma Scale score) 14 أو 15. واستطاع الفريق تحديد 9 عوامل يمكن التوصل إليها بسهولة من التاريخ والفحص البدني من مجموعة من المتغيرات المرتبطة بشكل كبير مع (PPCS) وعددها 46.
وكانت عوامل الخطر الأقوى الناجمة عن الارتجاج هي: جنس الإناث، العمر 13 سنة أو أكثر، الصداع النصفي، ارتجاج سابق مع أعراض تستمر لفترة أطول من أسبوع واحد، الصداع، حساسية للضوضاء، التعب، الإجابة على الأسئلة ببطء، و4 أو أكثر من الأخطاء في نظام التوازن. تم تعريف نتائج الدراسة الأولية بأنها تصريح المريض عن وجود 3 أو أكثر من الأعراض الجديدة أو المتفاقمة مقارنة مع حالته قبل الإصابة موثقة على استبيانات تملأ هاتفيا أو بالبريد الإلكتروني بعد 28 يوما من الإصابة.
وجد في نتائج هذه الدراسة أن 31 في المائة من المرضى كان لديهم أعراض ارتجاج مستمرة (PPCS)، مقارنة مع نسبة 33 في المائة المسجلة في معظم أقسام الطوارئ الخاصة بالأطفال. وكان نموذج العوامل التسعة ذا قدرة مقبولة في التنبؤ بأعراض الارتجاج المستمرة. صمم الباحثون نظاما ذا (12) نقطة مقسما إلى 3 مستويات من مخاطر (PPCS) وكانت كالتالي:
* أولا: فئة المخاطر المنخفضة، تراوحت احتمالات وجود المخاطر من 4.1 في المائة إلى 11.8 في المائة، فمن من غير المرجح أن يتعرض هؤلاء المرضى لمخاطر الارتجاج وعلى طبيب الطوارئ أن يطمئن المريض وأسرته بالشفاء التام وأن ليس ثمة سبب جوهري لإحالته إلى عيادة تخصصية.
* ثانيا: فئة الخطورة العالية، تراوحت احتمالية المخاطر من 57.1 في المائة إلى 80.8 في المائة، مما يشير إلى أن هؤلاء المرضى سوف يستفيدون من: المتابعة المباشرة، التوجيه الاستباقي حول توقع حدوث أعراض مرضية، تعديل النشاط والجدول الدراسي، والإحالة إلى العيادة المتخصصة.
* ثالثا: فئة المخاطر المتوسطة، تراوحت احتمالات حدوث المخاطر من 16.4 في المائة إلى 47.6 في المائة، وهي فئة محيرة حيث إن هذا النطاق من درجات المخاطر قد لا تكون مخاطره منخفضة بما فيه الكفاية لتكون مطمئنة ولا عالية بما فيه الكفاية لتبرير العناية المكثفة. فهناك ما يقرب من 70 في المائة فرصة للشفاء التام في غضون شهر واحد.

توصيات

أوصى فريق البحث بأن درجة المخاطر التي استنتجتها الدراسة تستوجب التحقق عند تقييم الأطفال والمراهقين المصابين بارتجاج حاد ليس فقط في أقسام الطوارئ الخاصة بالأطفال بل أيضا في مراكز الرعاية العاجلة والرعاية الصحية الأولية وعيادات جراحة العظام والطب الرياضي. وهناك حاجة أيضا إلى تقييم درجة مخاطر حدوث أعراض الارتجاج المستمرة (PPCS) في فئات السكان الأخرى وعند الإصابات المتعددة، والأطفال الصغار، وكذلك للذين يعانون من انخفاض درجات مقياس غلاسكو كوما أقل من 14(<14). كما ينبغي تقييم أداء نموذج مخاطر الارتجاج بعد إضافة مؤشرات أخرى ذات أهمية مثل المؤشرات الحيوية في الدم، والعوامل الوراثية، والتصوير العصبي المتقدم خاصة في حالة إصابات ارتجاج الدماغ الحادة.
وصرح الباحثون أن لدراستهم هذه بعض القيود مثل تقييم أعراض المشاركين قبل 28 يوما من الإصابة، استبعاد الأطفال الذين يعانون من أعراض أقل ولكن أكثر حدة، استخدام الاستبيانات عن بعد بدلا من المقابلات الشخصية، وعدم وجود مجموعة مقارنة من غير المصابين بارتجاج الدماغ.
إن تطبيق درجة المخاطر في الممارسة الإكلينيكية يجب أن يأخذ بعين الاعتبار عددا من العوامل مثل نسبة الانتشار المحلي لحدوث أعراض الارتجاج المستمرة، الظروف الاجتماعية للمريض والتاريخ الطبي، وفي غياب العلاجات القائمة على الأدلة والبراهين لحالات الارتجاج، ينبغي أن يسترشد المعالجون بالمبادئ التوجيهية للممارسة.
إضافة إلى ذلك، فإن تطبيق درجة المخاطر السريرية سوف يسهل تصنيف المرضى الذين هم في خطر أعلى للتدهور الصحي بعد الارتجاج الدماغي فيتم التعامل معهم كحالات طارئة وتقدم لهم التدخلات الطارئة المناسبة لحالتهم والوقاية من مضاعفات بعيدة المدى محتملة الحدوث.



شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
TT

شعبية حليب الحمير تزداد في ألبانيا لخصائصه الغذائية والجمالية

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)
يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي نادراً (أ.ف.ب)

تؤكد فاتيكو باشا وهي تداعب بلطف حمارتها «ليزا» قبل أن تجمع حليبها أنّ «حليب الحمير له طعم الحب»... منه تصنّع المزارعة من منطقة جيروكاستر الألبانية مصل اللبن أو اللبن الرائب أو نوعاً من الجبن هو الأغلى في العالم.

ووفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، فإن فوائد حليب الحمير معروفة منذ آلاف السنين. تقول الأسطورة إن كليوباترا كانت تستحم في حوض مليء بحليب الحمير؛ للمحافظة على جمالها وشبابها.

بالإضافة إلى الخصائص الجمالية لملكة مصر، من شأن حليب الحمير أن «يشفي الأطفال، إذ هو علاج طبيعي للجهاز التنفسي والحساسية والجهاز المناعي»، على ما تقول فاتيكو.

يراقب حمار صغير كيف تنظّف فاتيكو ضرعي أمّه. ولإنتاج الحليب، ينبغي أن تكون أنثى الحمار في فترة رضاعة، ويبدأ حلبها عندما يبلغ صغيرها 3 أشهر.

زادت شهرة حليب الحمير خلال جائحة «كوفيد - 19»، فقررت فاتيكو وزوجها إحضار مجموعة صغيرة من الحمير وإناث الحمير إلى مزرعتهما، لكنّهما لم يتخيّلا أنهما سيبيعان حليب هذه الحيوانات في ألبانيا ومقدونيا الشمالية ومونتينيغرو واليونان.

في نهاية عام 2024، بات لديهما نحو ثلاثين أنثى حمار و4 ذكور حمير، ويرغبان بدءاً من يناير (كانون الثاني) في زيادة عدد هذه الحيوانات، مستفيديْن من المراعي الطبيعية عند سفح جبال جيروكاستر الغنية بالتنوع البيولوجي.

وباتت هذه المنطقة من جنوب ألبانيا تضم 15 مزرعة للحمير.

ذهب أبيض

يُعدّ حليب الحمير الذي يرى منتجوه أنه استثنائي، نادراً. في يوم الحلب، يمكن جمع نصف لتر من الحليب من كل حيوان. وتُباع هذه الكمية بسعر مرتفع يراوح بين 52 و63 دولاراً للتر الواحد.

ويقول زوج فاتيكو إنّ «حليب الحمير هو ذهب أبيض».

بدأ وعائلته منذ عام بإنتاج الجبن اللذيذ والطازج والقشدي، بالإضافة إلى اللبن الرائب ومصل اللبن. ويرتفع الطلب على هذه المنتجات بشكل كبير، لدرجة أنهم يشترون الحليب من المزارعين في محيطهم.

توضح المنتجة شيكو باشا، وهي تحضّر الجبن لتوفيره لأحد المطاعم في المنطقة «إنّ جبن الحمير مطلوب جداً، ويصعب تحضيره».

يتطلّب إنتاج كيلوغرام من الجبن 25 لتراً على الأقل من حليب الحمير، وهي كمية يصل سعرها إلى 1049 دولاراً.

يباع الكيلوغرام الواحد من الجبن بأكثر من 1573 دولاراً، ويشتهر بأنه أغلى نوع جبن في العالم.

يقول جاكو ميسي، وهو طبيب بيطري ومنتج جبن حمير تقدّمه مطاعم فاخرة في تيرانا إنّ «الفرنسيين يقولون إن وجبة خالية من الجبن كامرأة جميلة من دون عين، لكنّ التفصيل الأهم في الطبق هو جبن الحمير».

يقول إليو تروكي، رئيس مطعم «أوكسهاكيت» في العاصمة إنّ «الزبائن يفضلون الجبن الطازج، أي بعد 48 ساعة من تحضيره لا أكثر»، مضيفاً أنّ «سعره مرتفع لكنه لذيذ جداً، فهو يضفي نكهة شهية على الوجبة مع نبيذ جيّد».

جمال

في مختبرها الصغير، لا تخمّر الصيدلانية الشابة فابجولا ميسي الحليب لصنع الجبن، بل لتوفير مجموعة من مستحضرات التجميل المصنوعة من حليب الحمير والتي اكتسبت شعبية أيضاً خلال السنوات الأخيرة.

تقول المرأة التي أسست ماركتها «ليفا ناتشرل» وهي تستعجل لإنهاء طلبية أخيرة تتألف من مستحضر للبشرة مخصص للنهار يوفر نعومة، «إن حليب الحمير هو سر الجمال الفعلي». وفي هذه الفترة التي تقترب فيها أعياد نهاية العام، تصف منتجاتها بأنها تتمتع بـ«رائحة الحب».

وترغب في أن تتمكن قريباً من تصدير هذه المنتجات المصنّعة من حليب الحمير، حتى تصبح معروفة في مختلف أنحاء العالم.

وتقول إنّ «مستحضر الوجه المصنوع من حليب الحمير يعزز الجمال، ويتغلغل بسرعة في البشرة، ويعطيها نعومة. رائحته الخفيفة تعطي شعوراً بالراحة والانتعاش، وبمجرد استخدامه يصعب التخلي عنه».