السفير الروسي في لبنان: لا نريد صداماً مع إسرائيل أو أميركا في سوريا

قال لـ «الشرق الأوسط»: حماية النظام ليست مسؤوليتنا

زاسبكين
زاسبكين
TT

السفير الروسي في لبنان: لا نريد صداماً مع إسرائيل أو أميركا في سوريا

زاسبكين
زاسبكين

أكد السفير الروسي لدى لبنان، إلكسندر زاسبكين، أن بلاده غير معنية بالدفاع عن النظام السوري في مواجهة الهجمات التي تشنها إسرائيل والضربات الأميركية، معتبراً أن هدف روسيا في سوريا «مواجهة الجماعات الإرهابية، وليس الصدام مع أي طرف آخر، سواء الأميركيون أو الإسرائيليون أو غيرهم».
ونفى زاسبكين في حوار مع «الشرق الأوسط» وجود خلافات إيرانية - روسية في سوريا، واصفا الأمر بأنه «شائعات». وشدد على أن مصير بشار الأسد وشكل النظام يجب أن يحدده السوريون أنفسهم، ورأى أن تجربة إسقاط الأنظمة في المنطقة «لم تؤدّ إلى الوفاق الوطني، بل بالعكس، هناك الحروب وتفكك الدول». وفيما يلي نص الحوار:
* هلا تلخص لنا الموقف الروسي مما يجري في سوريا اليوم؟
- الموقف الروسي لا يزال نفسه، وربما هذه هي الميزة الأساسية للنهج الذي تنتهجه روسيا طوال سنوات الأحداث في سوريا. فجوهر الحل في سوريا لا يزال هو الحوار الوطني بين السلطات والمعارضة، وهو ما توافق المجتمع الدولي عليه من خلال مؤتمر جنيف، الذي نص على مبادئ الحل السلمي للأزمة. لكن بصورة أكثر إلحاحا، أصبح موضوع مكافحة الإرهاب يتقدم إلى الأمام، ومنذ فترة أصبح أساسيا وله أولوية.
هدفنا كان من الأساس وقف سفك الدماء، ولهذا طورنا الحراك للوصول إلى الهدنة من خلال مسار آستانة، فأصبحنا نعمل على مسارين: السياسي في جنيف والعسكري في آستانة.
الجهود السياسية يجب أن تهدف بشكل أساسي إلى مساعدة الشعب السوري على تقرير مصيره، وخلق الظروف المناسبة لتحقيق هذا الهدف. هناك أشياء ملموسة مثل الإصلاح الدستوري وإجراء الانتخابات، وعلى المجتمع الدولي تأمين الظروف لمساعدة السوريين، كما أننا نتمنى تثبيت مسار آستانة وتطويره.
* إذن هناك 3 مسارات الآن: السياسي والعسكري ومكافحة الإرهاب.
- كلا، مساران فقط، وفي كل مسار شِق يتعلق بمكافحة الإرهاب.
* ما الذي حققه مسار آستانة؟
- تحقق تثبيت مبدأ الهدنة الذي ولد من خلال التعامل، خصوصاً بين روسيا والولايات المتحدة، عندما تم الاتفاق المبدئي على وجود فرصة لوقف الأعمال العدائية في بعض المناطق السورية، على أساس الفصل بين المنظمات الإرهابية وتلك المسماة معتدلة.
والأميركيون كانوا مصممين على أن هذا الأمر يمكن تحقيقه، وأصبح هناك إعلان للهدنة، لكن تم إفشاله، فوصلنا إلى أحداث حلب. وخلال تلك الفترة كنا نحاول مع الأميركيين إيجاد الحل المحلي، وتم اتفاق سمي اتفاق «لافروف – كيري»، لكن تم إفشاله فوراً. واتضح لنا أن الأميركيين لا يريدون، أو لا يقدرون، على الفصل بين المعتدلين والمنظمات الإرهابية. لكن فُتح مجال آخر، عبر التعامل مع الأتراك في هذا الموضوع، ووصلنا إلى اتفاق حول حلب بالشروط المعروفة. عندما تمت معالجة الموضوع، بادر الرئيس بوتين فوراً إلى إطلاق فكرة إعلان وقف إطلاق النار في كل سوريا من خلال توسيع الهدنة. وفعلاً تم تأسيس تعاون ثلاثي، تركي - إيراني – روسي، وإطلاق مسار آستانة. ونحن نتمنى أن تكون المشاركة بأكبر قدر ممكن من الفصائل. ومنذ هذا الوقت، نحن نعمل على تطوير هذا المسار.
* لكن الهدنة انتهت عملياً.
- لا يوجد لدينا تقييم مماثل.
* المعارك في كل مكان في سوريا، في درعا وحماة وغرب حلب وريف اللاذقية.
- قد ينظر البعض إلى الأمر بصورة سلبية، بأن يقال إن الخروقات تحصل يومياً، وهذا صحيح. هناك فعلاً معارك في أكثر من مكان، وعلى الأغلب في إطار عمليات مكافحة الإرهاب، لكن في الوقت نفسه، فإن نظام وقف الأعمال العدائية لا يزال قائماً في عدد من المناطق. طبعاً يجب تطويره عبر تأثير من قبل الأطراف الخارجية على المجموعات المسلحة للانضمام إلى هذا النظام. ونحن نتمنى أن تكون هناك مشاركة واسعة في مسار آستانة ليشمل أطرافاً أخرى ضامنة، خصوصاً إقليمية. والآن يجري الحديث عن مشاركة أطراف عدة، ونتمنى أن يتحقق هذا.
* تقصد الأميركيين؟
- منذ البداية كانت هناك دعوة للأميركيين للمشاركة، كما أن هناك الاهتمام من قبل بعض الدول، لكن يجب أن يكون أي توسيع لعدد المشاركين مبرراً من ناحية فعالية المسار. فنحن لدينا علاقات متينة مع النظام السوري ومع الأطراف التي تحارب إلى جانبه، فيما الأتراك لديهم علاقات مع الفصائل المسلحة. وإذا كانت هناك علاقات للأطراف الإقليمية يمكن استثمارها، فلم لا؟
نحن لا نرى أي طريق آخر إلا اعتراف الأطراف كافة بأولوية مكافحة الإرهاب. يمكن أن تكون هناك مستويات للتعاون، ونحن نتمنى أن يكون التعاون بأوثق ما يمكن.
* ما تصنفونه إرهابياً يصنف في مكان آخر معتدلاً في أوساط المعارضين السوريين؟
- يجب أن يكون الهدف هو تسهيل التعاون بين الأطراف، وتجنب الأشياء التي تعرقل اصطناعياً. ولذلك يمكن أن نعتمد مبدأ التصنيف الدولي للفصائل الإرهابية، أو على أساس تصرفاتها العملية في ضوء المشاركة أو عدم المشاركة في نظام وقف الأعمال العدائية.
* هناك مشكلة اسمها مستقبل بشار الأسد، ويؤخذ على روسيا دعمها هذا الرجل وتمسكها به، فإلى أي مدى أنتم متمسكون به؟
- لماذا يجب أن يعتبر طلب المعارضة رحيل الأسد هو طلب الشعب؟ إنه طلب جزء من الناس، والمشكلة أن هذا الجزء مسلح، وهناك أجانب فيه. ونحن نسعى إلى تأمين الحصول على رأي الشعب بهذا الموضوع عبر الإجراءات الدستورية.
أكثر من ذلك، فإن تجربة إسقاط الأنظمة، وبالتحديد الرؤساء، كما حصل في العراق وليبيا ويوغوسلافيا وأوكرانيا، كان قاسمها المشترك هو أنها لم تؤد إلى الوفاق الوطني، بل بالعكس، هناك الحروب وتفكك الدول.
نحن نريد من خلال الحوار بين السلطات والمعارضة أن نصل إلى تأمين حق الشعب في تقرير مصيره من خلال الانتخابات. أي طريق غير ذلك غير مضمونة النتائج، ولا تجلب الاستقرار في سوريا، بل جولة جديدة من الاقتتال.
* المعارضة تقول إنها لا تثق بتأمين انتخابات نزيهة؟
- إذا كان هناك تعاون جيد بين الأطراف الخارجية، وبرعاية الأمم المتحدة، سيكون الطريق الأنسب لتحقيق هذا الهدف. طبعاً لا توجد ضمانة كاملة لتصرفات أي طرف؛ لأن الثقة مفقودة بين الأطراف، وهذا يتطلب جهداً مشتركاً بين الجميع.
* هل عاد التنسيق الأميركي - الروسي إلى سوريا؟
- لا أستطيع أن أعلق على موضوعات ميدانية لوجستية عسكرية في هذا الصدد. سياسيا، نحن اتخذنا موقفاً مبدئياً من الاعتداء الأميركي غير المبرر على مطار الشعيرات. منذ البداية كانت هناك أشياء غير مقبولة بالنسبة إلينا في الحراك الأميركي في سوريا، وهي عدم التنسيق مع النظام وغموض الأهداف، وكانت هناك أشياء كنا نعتبرها مقبولة، على أساس الأهداف المعلنة في محاربة «داعش» والإرهاب. التصعيد الأخير عرقل التنسيق. أما سياسيا، فمسألة تتعلق بأفق التعاون بين البلدين على الصعيد الدولي، وتحديداً في سوريا، وهو أمر غير واضح حتى الآن. يبدو أننا في مرحلة انتقالية. واتضح أثناء زيارة (وزير الخارجية الأميركي ريكس) تيلرسون أن هناك فرصة لاستئناف الحوار الروسي - الأميركي حول الملفات ذات الاهتمام المشترك، لكننا لا نعرف هل سيتحقق التنسيق؛ لأن الاتفاق الحالي هو اتفاق بسيط على مراجعة الملفات. سنرى طبيعة العلاقات الروسية - الأميركية في المرحلة المقبلة من خلال هذا الحراك، ونأمل في أن نعود إلى التعاون.
* لماذا تمتنع روسيا عن حماية النظام من الضربات الأميركية ومن الضربات الإسرائيلية المتكررة؟
- منذ البداية كان معروفاً أن هدف المشاركة الروسية مكافحة الجماعات الإرهابية في سوريا، وليس الصدام مع أي طرف آخر، سواء الأميركيون أو الإسرائيليون أو غيرهم. ونحن ننفذ هذه المهمة. أي شيء آخر يمكن أن يحدث هو يحدث دفاعاً عن القوات الجوية الروسية في سوريا. ينفذ النظام السوري والجيش المهام المتعلقة بحماية سيادة سوريا، ونحن نؤيده في هذا المجال.
* تردد وجود تباين مع الجانب الإيراني في أكثر من مناسبة؟
- هذه الشائعات منتشرة في كثير من الأوساط، خصوصاً في الإعلام، إلا أن الجوهر يتكون بالتعامل في مجال مكافحة الإرهاب والتفاهم حول أهداف الحفاظ على وحدة الدولة السورية وسيادتها، والوصول إلى التسوية السياسية.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.