المتحف البريطاني من أهم متاحف العالم

فيه معروضات من مصر واليونان وأفريقيا

مبنى المتحف البريطاني في لندن - بعض من الزوار داخل المتحف
مبنى المتحف البريطاني في لندن - بعض من الزوار داخل المتحف
TT

المتحف البريطاني من أهم متاحف العالم

مبنى المتحف البريطاني في لندن - بعض من الزوار داخل المتحف
مبنى المتحف البريطاني في لندن - بعض من الزوار داخل المتحف

يشغل المتحف البريطاني بناية ضخمة مشيدة على الطراز الكلاسيكي في قلب مدينة لندن بالقرب من محطة أنفاق هولبورن. وتم تخصيص المتحف للتاريخ الإنساني، والفن، والثقافة، حيث يضم مجموعة هائلة من الفنون والأدوات العالمية. يفتح المتحف أبوابه مجانًا طوال أيام الأسبوع باستثناء بعض العطلات الرسمية مثل أعياد الميلاد، وعيد رأس السنة.
ويحتوي المتحف على بعض من أهم الأدوات الأثرية التي تم العثور عليها في بريطانيا، إلى جانب معروضات عالمية من مصر، واليونان، وأفريقيا، ومناطق أخرى من العالم.
فيما يلي بعض المعروضات المفضلة لي:
حجر رشيد: ربما يكون هذا واحدا من أهم المعروضات في المتحف كله. هذا الجزء مقتطع من حجر أكبر منقوش عليه نص بثلاث لغات هي اليونانية، والديموطيقية، والهيروغليفية. وتم اكتشاف الحجر في عام 1799. وساعد وجود النص نفسه بثلاث لغات الباحثين في فك شفرة اللغة الهيروغليفية، وبالتالي اكتشافها، واكتشاف الثقافة المصرية القديمة. كذلك تتضمن المجموعة المصرية مجموعة رائعة من التوابيت الحجرية، وبقايا مومياوات الفراعنة، وغيرهم من الشخصيات المصرية النافذة.
تحتوي قاعة «ساتون هو» على مجموعة مذهلة من كنوز شعب الساكسون. وساتون هي مستوطنة صغيرة تقع بجوار نهر ديبين بالقرب من وودبريدج في سوفولك بالقرب من الساحل الشرقي.
وكلف إيديث بريتي، صاحب أراض محلي، في نهاية ثلاثينات القرن الماضي فريقًا من علماء الآثار تحت قيادة بازيل براون، لاستكشاف هضبة كبيرة على افتراض أنها كانت مخصصة للدفن. ما أسعد الجميع هو اكتشاف علماء الآثار بقايا لحاوية خشبية كبيرة تعود إلى القرن السابع، ويوجد بوسطها غرفة تم دفن بها رجل من النبلاء وإلى جواره كنز كان في حالة جيدة. وكان الكنز يتكون من مجموعة من الحلي، وخوذة احتفالات زاخرة بالتفاصيل.
قبل هذا الكشف ظهرت للنور بعض الأدوات التي تعود إلى فترة يرجح أنها بين الاحتلال الروماني لبريطانيا، وغزو النورمان عام 1066. ومن الواضح أن ذلك الكشف أثبت مدى تطور شعب الساكسون في بريطانيا، والطقوس المعقدة التي كانوا يمارسونها عند وفاة شخص من طبقة النبلاء. كذلك أوضح الكشف أن الساكسون كانوا يقيمون علاقات دولية، ولديهم ثورة كبيرة.
من أكثر الأدوات المثيرة للجدل هي تماثيل إلغين الرخامية. وكانت هذه بقايا لتماثيل منحوتة بشكل رائع من الرخام، وكانت توجد بالأساس على واجهة معبد الأكروبول في أثينا الذي يعود تاريخه إلى القرن الرابع قبل الميلاد.
جدير بالذكر أن اليونان كانت خلال القرن التاسع عشر تابعة للإمبراطورية العثمانية، ووافق الأتراك على إزالة اللورد إلغين للتماثيل الرخامية، ونقلها إلى لندن. ربما يكون معبد الأكروبول بالنسبة إلى اليونانيين هو أهم مبنى ثقافي لا يزال قائمًا في البلاد. وتسبب فقدان التماثيل الرخامية، التي كانت تمثل أهم ملمح زخرفي من ملامح المبنى، في الكثير من الألم، وكانت هناك حملة على مدى زمني طويل هدفها محاولة إقناع البريطانيين بإعادة تلك التماثيل الرخامية إلى اليونان.
مجموعة الساعات والقطع التي تدل على الزمن: لا يوجد شخص متأكد من هوية الشخص الذي صنع أول ساعة وتاريخ ذلك، لكن بدأت الساعات في الظهور في أوروبا الغربية خلال القرن الثالث عشر. وكان أول استخدام معروف للساعات في المباني الدينية حيث كانت هناك رغبة في الإعلان عن مواقيت الصلاة. قبل اختراع الساعات كان يتم معرفة الوقت باستخدام الساعة الشمسية، لذا لم يكن ذلك متاحًا إلا في وجود الشمس فحسب. ويضم المتحف البريطاني مجموعة خاصة من الساعات، التي يعود تاريخها إلى القرن الثالث عشر، وصولا إلى ساعات المعصم الحديثة.
ويعد المتحف البريطاني واحد من الأماكن التي يمكن زيارتها لبضع ساعات، ثم العودة إليها بعد ذلك ببضعة أشهر حتى تتمكن من استكمال الزيارة، ومشاهدة القاعات الأخرى؛ لذا زيارة واحدة لا تكفي.



سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)
TT

سوق البحرين العتيقة... روح البلد وعنوان المقاهي القديمة والجلسات التراثية

سوق المنامة القديم (إنستغرام)
سوق المنامة القديم (إنستغرام)

«إن أعدنا لك المقاهي القديمة، فمن يُعِد لك الرفاق؟» بهذه العبارة التي تحمل في طياتها حنيناً عميقاً لماضٍ تليد، استهل محمود النامليتي، مالك أحد أقدم المقاهي الشعبية في قلب سوق المنامة، حديثه عن شغف البحرينيين بتراثهم العريق وارتباطهم العاطفي بجذورهم.

فور دخولك بوابة البحرين، والتجول في أزقة السوق العتيقة، حيث تمتزج رائحة القهوة بنكهة الذكريات، تبدو حكايات الأجداد حاضرة في كل زاوية، ويتأكد لك أن الموروث الثقافي ليس مجرد معلم من بين المعالم القديمة، بل روح متجددة تتوارثها الأجيال على مدى عقود.

«مقهى النامليتي» يُعدُّ أيقونة تاريخية ومعلماً شعبياً يُجسّد أصالة البحرين، حيث يقع في قلب سوق المنامة القديمة، نابضاً بروح الماضي وعراقة المكان، مالكه، محمود النامليتي، يحرص على الوجود يومياً، مرحباً بالزبائن بابتسامة دافئة وأسلوب يفيض بكرم الضيافة البحرينية التي تُدهش الزوار بحفاوتها وتميّزها.

مجموعة من الزوار قدموا من دولة الكويت حرصوا على زيارة مقهى النامليتي في سوق المنامة القديمة (الشرق الأوسط)

يؤكد النامليتي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن سوق المنامة القديمة، الذي يمتد عمره لأكثر من 150 عاماً، يُعد شاهداً حيّاً على تاريخ البحرين وإرثها العريق، حيث تحتضن أزقته العديد من المقاهي الشعبية التي تروي حكايات الأجيال وتُبقي على جذور الهوية البحرينية متأصلة، ويُدلل على أهمية هذا الإرث بالمقولة الشعبية «اللي ما له أول ما له تالي».

عندما سألناه عن المقهى وبداياته، ارتسمت على وجهه ابتسامة وأجاب قائلاً: «مقهى النامليتي تأسس قبل نحو 85 عاماً، وخلال تلك المسيرة أُغلق وأُعيد فتحه 3 مرات تقريباً».

محمود النامليتي مالك المقهى يوجد باستمرار للترحيب بالزبائن بكل بشاشة (الشرق الأوسط)

وأضاف: «في الستينات، كان المقهى مركزاً ثقافياً واجتماعياً، تُوزع فيه المناهج الدراسية القادمة من العراق، والكويت، ومصر، وكان يشكل ملتقى للسكان من مختلف مناطق البلاد، كما أتذكر كيف كان الزبائن يشترون جريدة واحدة فقط، ويتناوبون على قراءتها واحداً تلو الآخر، لم تكن هناك إمكانية لأن يشتري كل شخص جريدة خاصة به، فكانوا يتشاركونها».

وتضم سوق المنامة القديمة، التي تعد واحدة من أقدم الأسواق في الخليج عدة مقاه ومطاعم وأسواق مخصصة قديمة مثل: مثل سوق الطووايش، والبهارات، والحلويات، والأغنام، والطيور، واللحوم، والذهب، والفضة، والساعات وغيرها.

وبينما كان صوت كوكب الشرق أم كلثوم يصدح في أرجاء المكان، استرسل النامليتي بقوله: «الناس تأتي إلى هنا لترتاح، واحتساء استكانة شاي، أو لتجربة أكلات شعبية مثل البليلة والخبيصة وغيرها، الزوار الذين يأتون إلى البحرين غالباً لا يبحثون عن الأماكن الحديثة، فهي موجودة في كل مكان، بل يتوقون لاكتشاف الأماكن الشعبية، تلك التي تحمل روح البلد، مثل المقاهي القديمة، والمطاعم البسيطة، والجلسات التراثية، والمحلات التقليدية».

جانب من السوق القديم (الشرق الاوسط)

في الماضي، كانت المقاهي الشعبية - كما يروي محمود النامليتي - تشكل متنفساً رئيسياً لأهل الخليج والبحرين على وجه الخصوص، في زمن خالٍ من السينما والتلفزيون والإنترنت والهواتف المحمولة. وأضاف: «كانت تلك المقاهي مركزاً للقاء الشعراء والمثقفين والأدباء، حيث يملأون المكان بحواراتهم ونقاشاتهم حول مختلف القضايا الثقافية والاجتماعية».

عندما سألناه عن سر تمسكه بالمقهى العتيق، رغم اتجاه الكثيرين للتخلي عن مقاهي آبائهم لصالح محلات حديثة تواكب متطلبات العصر، أجاب بثقة: «تمسكنا بالمقهى هو حفاظ على ماضينا وماضي آبائنا وأجدادنا، ولإبراز هذه الجوانب للآخرين، الناس اليوم يشتاقون للمقاهي والمجالس القديمة، للسيارات الكلاسيكية، المباني التراثية، الأنتيك، وحتى الأشرطة القديمة، هذه الأشياء ليست مجرد ذكريات، بل هي هوية نحرص على إبقائها حية للأجيال المقبلة».

يحرص العديد من الزوار والدبلوماسيين على زيارة الأماكن التراثية والشعبية في البحرين (الشرق الأوسط)

اليوم، يشهد الإقبال على المقاهي الشعبية ازدياداً لافتاً من الشباب من الجنسين، كما يوضح محمود النامليتي، مشيراً إلى أن بعضهم يتخذ من هذه الأماكن العريقة موضوعاً لأبحاثهم الجامعية، مما يعكس اهتمامهم بالتراث وتوثيقه أكاديمياً.

وأضاف: «كما يحرص العديد من السفراء المعتمدين لدى المنامة على زيارة المقهى باستمرار، للتعرف عن قرب على تراث البحرين العريق وأسواقها الشعبية».