في قلب السعودية، بين جبال السروات الخضراء، تتربع محافظة الطائف المعروفة بجمالها الساحر وطبيعتها النادرة، وتعد واحدة من أهم ما تشتهر به هذه المحافظة، هي زراعة الورود الفريدة من نوعها.
وفي منطقتي الهدا والشفا وما جاورهما، توجد مزارع «الورد الطائفي» التي تفتح أبوابها للزوار من داخل وخارج المملكة، لقضاء وقت مثالي بين أحضان الطبيعة هرباً من صخب المدينة، والاسترخاء في واحة من الألوان المبهجة والروائح العطرة الطبيعية.
عندما تصل إلى مزرعة ورد بين مرتفعات جبال الهدا والشفا، ستكون على استقبال حار وودود من فريق عمل المزرعة، لضمان تجربة ممتعة ومريحة، فيوفر أفراد هذا الفريق لك فرصة الاستمتاع بجولة في المزرعة لاستكشاف مساحاتها الشاسعة المليئة بالورود المتنوعة بألوانها الزاهية والمتعددة.
بعد جولتك في المزرعة، يُمكنك الاسترخاء في المقهى الذي يقدم مجموعة متنوعة من المشروبات اللذيذة والمنعشة في الهواء الطلق، للاستمتاع بالمناظر الخلابة ورائحة الورود المحيطة بك، التي ستشعرك بالهدوء والاسترخاء بينما تستمتع بفنجان من القهوة الطازجة أو الشاي العطري.
وبالطبع، لا يمكن أن تكتمل تجربة زيارتك لمزرعة ورد بالطائف دون تذوق وجبة الإفطار الشهية بين أحضان الورود. حيث يُقدم لك فريق المزرعة وجبة طعام لذيذة ومغذية تتكون من مجموعة متنوعة من الأطباق الشهية المحضرة من المنتجات العضوية المحلية؛ كون هذه المنطقة تشتهر ببساتين الفاكهة المتنوعة.
وبالتوازي مع المزارع، تنتشر في مدينة الطائف معامل متطورة لتصنيع منتجات ورد الطائف. فهذه المصانع تعتمد على أحدث التقنيات في تجهيز الورود، وتصنيع مستحضرات التجميل والزيوت العطرية والمستحضرات الصحية والدوائية المستخلصة من هذه الزهور الأصيلة. وتحظى منتجات ورد الطائف بشهرة عالمية بفضل جودتها العالية والتنوع الواسع في استخداماتها.
وبعد الاستمتاع بوجبة الإفطار، أو المشروب المفضل لديك، يأخذك فريق المزرعة في جولة تعريفية حول كيفية زراعة الورد وطريقة الاهتمام به وتقليمه وحصاده، وأوقات التقليم وسقاية الماء والحصاد، إلى جانب كيفية المحافظة على جودة الإنتاج، وطريقة المحافظة على هذه الوردة، وكيفية وزن الورد، ومعرفة المحصول اليومي للمزرعة، وكذلك طريقة طبخ الورد الطائفي بالتدريج والتدريب والترتيب، وصولاً إلى كيفية استخراج دهن الورد الطائفي وطريقة إضافته على الصناعات الأخرى، ووضعه للمستهلك بجودة عالية مثالية.
وبحسب مالك مزرعة ومعمل سالم بن مشيهيب، فإن من أهم المميزات التي تجعل ورود الطائف فريدة من نوعها مقارنة بأنواع الورد الأخرى في السعودية أو في العالم، أن لها تربة مكتملة العناصر، وتنبت في أجواء معتدلة ومائلة للبرودة في وقت الحصاد، كما أن كثرة مياه الأمطار التي تشتهر بها منطقة الطائف، واهتمام المزارعين بهذه الشجرة الحبيبة، يجعلان منها وردة متميزة.
وأوضح بن مشيهيب أن منطقة الهدا والشفا وما جوارهما على سلسلة جبال الحجاز من أبرز المناطق المشهورة بزراعة شجر الورد في الطائف، وعن زراعة وحصاد ورد الطائف يقول: «هذه الشجرة تقص أعوادها وفروعها في بداية كل عام زراعي في الأرض، وتُسقى بطريقة منظمة مرتبة وتسمى هذه الطريقة بالعُقل، ثم تصبح شجرة، ثم شجرة مثمرة، وبعد سنة من تكوّن هذه الشجرة تنتج الورد الطائفي، ويتم حصاده في شهر مارس (آذار) من كل سنة ميلادية».
ويعد دهن الملوك من أبرز المنتجات المصنعة من ورد الطائف، وهو دهن الورد الطائفي الشهير بهذا الاسم، وماء الورد الطائفي بأنواعه، كذلك يتم استخدام الورد في تصنيع مستحضرات التجميل؛ كالكريم المرطب ومعطر الجسم والشعر والصابون ومنظفات الملابس والمنازل ومعطرات المنازل والسيارات وغيرها.
ووصف بن مشيهيب، المشرف على مزرعته منذ أكثر من 35 سنة، ورد الطائف بـ«ثروة وطنية، وتراث للمنطقة، وحاضر للمستقبل»، وذلك بسبب قلته، وقوة جودته التي فاقت جودة ورود جميع دول العالم، أما الخطط المستقبلية فهناك بعض المهرجانات التي تقام على مستوى الطائف، وتكون من تنظيم وزارة البيئة والمياه والزراعة، كان آخرها مهرجان مزارعي الورد الطائفي الذي أقيم 8 أبريل (نيسان)، واستمر لمدة خمسة أيام.
وكشف برنامج التنمية الريفية الزراعية المستدامة «ريف السعودية»، عن زيادة إنتاج الورد العام الماضي بنسبة 34 في المائة، حيث ارتفع من 500 مليون وردة في عام 2020، إلى 960 مليون وردة، حيث يستهدف القطاع الوصول إلى إنتاج ملياري وردة بحلول عام 2026.
واستفاد من البرنامج 433 من المهتمين بقطاع الورد والنباتات العطرية بمنطقة جازان، وتم بناء مصنع استخلاص للورود والنباتات في أبو عريش، وتوريد 4 عيادات متنقلة لتشخيص أمراض وآفات الورد والنباتات الطبية والعطرية، إلى جانب تقديم الدعم الاستشاري لتنفيذ المدارس الحقلية بتطبيق الذكاء الاصطناعي، وتوريد بيوت محمية وعمل مظلات زراعية وشبكات ري لمدن الورد والنباتات العطرية، وإنشاء وتجهيز معمل لزراعة الأنسجة لإنتاج ورد عالي الجودة الرياض.
يُذكر أن برنامج «ريف السعودية»، يسعى من خلال دعمه لقطاع الورد، وغيره من القطاعات؛ إلى تطويرها، من خلال المشاريع والمبادرات الاستراتيجية، لتحسين نمط الحياة، والأمن الغذائي، إلى جانب تحقيق جدوى اقتصادية لتلك القطاعات.