مشروب «القونقليز» السوداني.. منعش ولذيذ ودواء للكوليسترول

شجرة «التبلدي» مخزن للماء ومصنع للغذاء ومأوى للجن والمردة

شجرة التبلدي مخزن الماء
شجرة التبلدي مخزن الماء
TT

مشروب «القونقليز» السوداني.. منعش ولذيذ ودواء للكوليسترول

شجرة التبلدي مخزن الماء
شجرة التبلدي مخزن الماء

تحيط كثير من الأساطير الشعبية بشجرة «التبلدي» الضخمة، لكن «أسطورة علمية» جديدة قد تجعل منها الشجرة الأهم والأشهر، وتقول إن أطباء كنديين اكتشفوا في عصير ثمارها المعروفة سودانيًا بـ«القونقليز» مادة مضادة لـ«الكوليسترول»، المسبب الرئيسي لأمراض القلب وتصلب الشرايين.
وتنتشر أشجار التبلدي في المناطق شبه الاستوائية المطيرة، وفي أقاليم غرب السودان على وجه الخصوص، واسمها العلمي «أدانسونيا»، ويطلق عليها في بعض المناطق «الباوباب». وهي شجرة ضخمة قد يصل قطر جذعها إلى 15 مترًا فيبدو مثل برميل ضخم، وهي تخضر في موسم الأمطار، وتسقط أوراقها في الفصل الجاف، وهي شجرة معمرة قد يصل عمرها إلى 5 آلاف عام.
وتحيط بشجرة التبلدي هالة من التقديس وتدور حولها الأساطير، فهي عند بعض الشعوب «شجرة الحياة» ورمز الخصوبة، وأن من يشرب عصير ثمارها «القونقليز» سيمتلك القوة والشجاعة. وتعمد بعض المجموعات الأفريقية لغسل الأطفال بعصير القونقليز ليشبوا أقوياء وأبطالاً. وقرب الأنهار، فإن الأساطير تقول إن امتصاص بذور القونقليز الرطبة يحمي من التماسيح، أما من يأكل البذور الداخلية فإن التماسيح ستطارده، فيما يعتقد سكان بعض المناطق أن زهرة التبلدي تسكنها «أرواح الأسود»، ومن يقطفها ستفترسه هذه الأسود.
ويوحي شكل الشجرة - تبدو جافة، كأن جذورها إلى الأعلى وأوراقها داخل الأرض - بكثير من المعتقدات الشعبية، منها أن جدة التبلدي الأولى كانت ترتعب من الأفيال، لذلك أخفت رأسها تحت الأرض، وأن الآلهة ضجرت من كثرة تنقلها فانتزعتها من جذورها، وجعلت أغصانها تحت التربة لتجبرها على البقاء مكانها.
وتقول الأساطير العربية إن الشيطان نزع شجرة التبلدي من جذورها وقلبها في الأرض، فيما تقول أخرى إنها باعتبارها أولى الأشجار غارت حين خلقت النخلة بسموقها، ومن ثمار التين اللذيذة باعتبارها أولى الأشجار، فنفد صبر الآلهة من غيرتها وتبرمها، فقلبتها رأسًا على عقب، كما يعتبر بعض أهالي غرب السودان جذع شجرة التبلدي مسكنًا للجن والمردة، لذلك لا يقربونها ليلاً.
وتقدم الشجرة فوائد جمة للمجتمعات المحلية، ففي بعض المناطق يستخدمون جذعها خزانًا للمياه بعمل تجويف داخلي للاستفادة منه في الفصل الجاف، كما يُستخدم الفراغ داخله مسكنًا وملجأ، وأوراقها اليانعة الحديثة الغنية بالسكريات والبوتاسيوم وفيتامين سي، يأكلها السكان المحليون خضراوات طازجة، وتعرف في أنحاء كردفان ودارفور بـ«العفوس»، وتتبل بزبد الفول السوداني، كما تستخدم بعد تجفيفها في صناعة أطعمة محلية.
وللأوراق تأثيرات علاجية، فهي تستخدم في الطب الشعبي علاجًا للحمى وأمراض المعدة ووقف النزيف، أما خلاصة ثمارها المعروفة بـ«القونقليز»، فهي تقدم في شكل مشروب محلي شهي، حظي بشهرة كبيرة في الآونة الأخيرة ولفوائده الغذائية والدوائية.
وثمار شجرة التبلدي عبارة عن علبة قشرية سميكة لا تنفتح تلقائيًا، وهي مخملية الملمس بلون بني أو مائل للصفرة، وفي داخلها عدد كبير من البذور التي تشبه الكلية. تفصل البذور عن بعضها مادة بيضاء هشة ذات طعم بين العسلي والحامضي، وتحتوي على نسب كبيرة من فيتامين سي، وعدد من الحوامض، وهي سهلة الذوبان في الماء. من هذه المادة ذات القوام الدقيقي يصنع مشروب التبلدي، وهو مشروب منعش وملطف، ويضاف له السكر وربما الحليب.
ويعد الرعاة في بوادي كردفان غرب السودان، أول من اكتشفوا فوائد هذا المشروب، فهم يحلبون أغنامهم وأبقارهم داخل الثمرة بعد أن يشقوها، ثم يشربون الخليط المنعش والمشبع معًا. ثم راجت أخيرًا فكرة القونقليز بـ«الشطة»، إذ تتحلق حول المدارس والجامعات نساء وصبية يخلطون ثمار القونقليز بالشطة والملح بعد ترطيبها داخل أكياس، ليبيعوها للطلاب والطالبات خاصة، باعتبارها نوعًا من أنواع المكسرات الشعبية.
وقال الكاتب الكندي السوداني محمد محمد خير في حديث لـ«الشرق الأوسط»، ونشر في أحد مقالاته ضمن سلسلته «من أقاصي الدنيا» التي تلقى رواجًا واسعًا، إن الدهون ترسبت في شرايينه وكادت تسدها، وإنه لولا عناية خاصة أتيحت له لكان في عداد الموتى، بسبب حبه للحم الضأن والدهون الحيوانية المعروفة بـ«الربيت»، وما نتج عنه من ارتفاع نسبة الكوليسترول في دمه، لدرجة أن طبيبه الكندي البارع أبلغه أن نوع الكوليسترول الذي يعانيه نوع خاص جدًا، وكتب له وصفة لتقليل كوليستروله ليتناولها مدى الحياة.
ويوضح خير أن طبيبه بعث له بريدًا إلكترونيًا أثناء وجوده في السودان أوصاه فيه بشراء «عصير القونقليز»، لأن البورد الصيدلي الكندي توصل إلى اكتشاف علمي جديد يقول إن التبلدي «عبارة عن مادة مضادة للكوليسترول» وأوصاه بتناوله يوميًا على شكل عصير، وأن يجري فحصًا بعد شهرين، يقول: «لم يعد يشغلني غير شراب عصير القونقليز المركز، وبعد شهرين توجهت للفحص، وكانت النتيجة أن دمي وكل شراييني وأوردتي ومساماتي وشرياني التاجي، أصبحت في حل من الكوليسترول بانخفاض معدله العام الضار والصالح، وكانت نتيجة مدهشة لم تستطع العقاقير الطبية المعتمدة صيدليًا الوصول إليها خلال عشرين عامًا».
ويشير خير إلى معلومة شعبية سمعها في أنحاء دارفور، تقول إن كبار السن كانوا ينصحون الشباب بشراب عصير القونقليز بعد تعاطي اللحوم الدسمة، دون أن يكونوا مدركين لفوائده العلمية في تقليل نسبه الدهون في الدم، يقول: «ربما استندوا في ذلك إلى الفطنة الشعبية».



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.