عوامل تؤدي إلى انتحار الأطفال والمراهقين

الأمراض المزمنة وحب الشباب والألم النفسي والترهيب من أهمها

عوامل تؤدي إلى انتحار الأطفال والمراهقين
TT

عوامل تؤدي إلى انتحار الأطفال والمراهقين

عوامل تؤدي إلى انتحار الأطفال والمراهقين

على الرغم من ندرة حوادث الانتحار في مرحلة الطفولة والمراهقة التي تشمل الفئة العمرية الأقل من 18 عامًا، فإن معدل حدوثها في ازدياد بشكل يدعو إلى القلق ويلفت الأنظار إلى وجود مشكلة حقيقية.
والمعروف أن معظم الدراسات السابقة التي تناولت الانتحار كمرض نفسي كانت تركز على الفئة العمرية الأكبر، ولكن نتيجة لعدة عوامل انخفض السن الذي يبدأ معه الطفل في التفكير في الانتحار، حتى لو كانت بعض هذه العوامل تبدو بسيطة من وجهة نظر البالغين أو المتعاملين مع الأطفال من مدرسين ومدربين في النوادي، وحتى أولياء الأمور، إلا أنها يمكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة لاحقًا.

عوامل الانتحار

أشارت أحدث دراسة تناولت هذه العوامل ونشرت في شهر مايو (أيار) الماضي، إلى أن أسبابًا مثل الامتحانات أو بعض الأمراض الجسدية المزمنة مثل الأزمة الصدرية أو الإصابة بحب الشباب، يمكن أن تكون سببًا في الإقدام على محاولة الانتحار.
وكانت الدراسة التي قام بها باحثون من جامعة مانشستر (University of Manchester) بالمملكة المتحدة قد تناولت تحليل بيانات ومعلومات عن 130 شخصًا تقل أعمارهم عن 20 عامًا قد توفوا جراء محاولات انتحار في الفترة ما بين يناير (كانون الثاني) 2014 وأبريل (نيسان) عام 2015، ودرست الظروف الشخصية لكل منهم قبل محاولته الانتحار.
وتعتبر هذه أول دراسة على المستوى الوطني في المملكة المتحدة على الانتحار في هذه الفئة العمرية. وكشفت النتائج عن أن نسبة 28 في المائة من الأطفال انتحروا بسبب الألم النفسي الناتج من الحرمان، ونسبة 13 في المائة أقدموا على الانتحار بسبب انتحار شخص مقرب منهم سواء كان من العائلة أو صديقًا مقربًا. وكان للمرض العضوي نسبة كبيرة في تفكير المراهقين بالإقدام على الانتحار، حيث وصلت هذه النسبة إلى 36 في المائة (معظم هذه الأمراض مزمنة وبعضها يتعلق بالمظهر مثل حب الشباب)، وبلغت نسبة الانتحار جراء القلق من الامتحانات 29 في المائة، حيث أقدم 4 أطفال أو مراهقين على الانتحار في يوم الامتحان وواحد في اليوم التالي للامتحان مباشرة.
وأشار الباحثون إلى أن معدل الانتحار في ارتفاع في أوساط المراهقين، سواء في بداية فترة المراهقة أو قرب نهايتها إلى الحد الذي يعتبر فيه الانتحار واحدًا من الأسباب الرئيسية للوفاة في فترة المراهقة.
وقد وجد الباحثون أن هناك كثيرًا من الأسباب المعقدة تجعل المراهق يتخذ قرار الانتحار، حيث تتدهور الحالة النفسية ويصبح غير قادر على التكيف مع الحياة، وقد لعبت المشكلات الأسرية والبيئة غير المستقرة في المنزل دورًا كبيرًا كعامل من عوامل الخطورة للانتحار، مثل إدمان أحد الأبوين أو ممارسة العنف داخل المنزل سواء ضد الزوجة أو الأطفال، بجانب عوامل أخرى يتعرض لها المراهق يمكن أن تجتمع كلها معًا، مثل الفشل في علاقة عاطفية أو الابتزاز والترهيب عن طريق الإنترنت أو الفشل الدراسي المتكرر، ثم يأتي حدث معين قد يكون بسيطًا في حد ذاته مثل الامتحان أو سخرية أحد أصدقائه أو ظهور حب الشباب، ليكون هذا الحدث بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير «final straw».

الترهيب الإلكتروني

والعامل اللافت للنظر في هذه الدراسة هو أن شبكة الإنترنت كانت مسؤولة عن نحو 25 في المائة من حالات الانتحار سواء جراء التعرض للترهيب والابتزاز (Bullying) الإلكتروني، أو من خلال البحث عن وسائل للانتحار أو من خلال الدخول على صفحات تناقش الأفكار التي تدعو للانتحار أو تمجد المنتحرين على اعتبار أن فعل الانتحار يتسم بالشجاعة وغيرها من الأفكار المغلوطة. وأيضًا لعب الترهيب بشكل عام سواء وجهًا لوجه (أكثر الحالات كانت وجهًا لوجه) أو من خلال الإنترنت دورًا كبيرًا في الإقدام على الانتحار، حيث بلغت نسبته 22 في المائة من حالات الانتحار.
كانت نسبة المنتحرين من المراهقين الذكور ضعف نسبة المنتحرات من الفتيات، وكان هناك 5 حالات انتحار لأطفال تحت عمر الرابعة عشرة، وكان الانتحار عن طريق الشنق أكثر الطرق شيوعًا، وبلغت نسبة الانتحار عن طريقه 63 في المائة، وتلا طريقة الشنق القفز من أعلى مرتفعات، وأيضًا الوقوف أمام قطار متحرك، وهي طرق تدل على زيادة العنف في تنفيذ المحاولة. ورصدت الدراسة أن تناول الكحوليات أو المخدرات بجرعات زائدة بقصد الانتحار لم يكن شائعًا في تلك الفئة العمرية عكس البالغين أو المراهقين الأكبر عمرًا.
وكانت هناك نسبة بلغت 54 في المائة قد سبق لهم القيام بإيذاء النفس قبل أسبوع من الإقدام على الانتحار، وبلغت نسبة الأطفال الذين أخبروا آخرين بتفكيرهم في الانتحار قبل التنفيذ نحو 27 في المائة، وأيضًا بلغت نسبة المراهقين الذين انتحروا ولم يحاولوا الاتصال بأي مركز من المراكز المساعدة لمن يفكر في الانتحار 43 في المائة.
وحذرت الدراسة من أن هناك كثيرًا من المؤشرات التي تدل على أن المراهق يفكر جديًا في الانتحار وقد يقدم عليه مثل إيذاء النفس (على سبيل المثال يمكن أن يقوم الطفل بكسر الزجاج بقبضة يديه في حالة الضيق)، وأن تراكم عدة عوامل مثل المرض والتوتر والفشل الدراسي أو العاطفي يزيد من تفاقم المشكلة، وقد يعجل بالمحاولة. ونصحت الدراسة بضرورة الوعي بخطر عدم حل مشكلات المراهقين النفسية أو التعامل معها باستهانة، وضرورة أن يوفر الآباء الجو النفسي الخالي من التوترات للحفاظ على حياة أبنائهم.

* استشاري طب الأطفال



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».