خادم الحرمين: نمد أيدينا محترمين جميع الأديان السماوية في مبادرة تنبذ الكراهية والعنف

في كلمة ألقاها الأمير سلمان لدى استقباله قادة الدول الإسلامية ورؤساء بعثات الحج

الأمير سلمان بن عبد العزيز لدى استقباله قادة الدول الإسلامية ورؤساء بعثات الحج في منى اليوم (واس)
الأمير سلمان بن عبد العزيز لدى استقباله قادة الدول الإسلامية ورؤساء بعثات الحج في منى اليوم (واس)
TT

خادم الحرمين: نمد أيدينا محترمين جميع الأديان السماوية في مبادرة تنبذ الكراهية والعنف

الأمير سلمان بن عبد العزيز لدى استقباله قادة الدول الإسلامية ورؤساء بعثات الحج في منى اليوم (واس)
الأمير سلمان بن عبد العزيز لدى استقباله قادة الدول الإسلامية ورؤساء بعثات الحج في منى اليوم (واس)

نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، أقام الأمير سلمان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودي، حفل الاستقبال السنوي لقادة الدول الإسلامية وكبار الشخصيات الإسلامية وضيوف خادم الحرمين الشريفين ورؤساء بعثات الحج الذين أدوا فريضة الحج هذا العام، وذلك في الديوان الملكي بقصر منى اليوم.
وألقى كلمة خادم الحرمين، الأمير سلمان بن عبد العزيز، وفيما يلي نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على من بُعث رحمة للعالمين، شاهدا ومبشرا ونذيرا، داعيا إلى الله بإذنه، وسراجا منيرا.
ونحمده تعالى القائل: (اليومَ أكملتُ لكم دينَكم وأتممتُ عليكم نعمتي ورضيتُ لكم الإسلام دينا). وقوله: (الحجُ أشهرٌ معلومات فمن فرضَ فيهن الحجَ فلا رفثَ ولا فسوقَ ولا جدال في الحج وما تفعلوا من خير يعلمه الله وتزودوا فإن خير الزاد التقوى واتقون يا أولي الألباب).
أيها الإخوة الحضور.. أيها المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
أهنئكم بعيد الأضحى المبارك، سائلا الله جل جلاله أن يتقبلَ من عباده حجهم، وأن يغمرنا جميعا برحمته، وغفرانه، وعفوه، وأن يعين الأمة الإسلامية على تحمل مسؤولياتها التاريخية، تجاه دينها وعزة أوطانها، وتعزيز وحدة الصف، والتعامل مع الغير بإنسانية متسامحة لا غلو فيها، ولا تجبر، ولا رفض للآخر لمجرد اختلاف الدين، فما اتفقنا عليه مع الآخر فله المنزلة توافقا مع نوازع القيم والأخلاق وفهم مدارك الحوار الإنساني وفق مبادئ عقيدتنا، وما اختلفنا عليه فديننا الإسلامي والقول الفصل للحق تعالى: (لكم دينُكم ولي دين).
أيها الإخوة والأخوات:
إننا أمة - ولله الحمد والمنة - عزيزة بعقيدتها، ما دمنا على قلب رجل واحد، فهمومنا واحدة، وآمالنا مشتركة، ولا عز ولا تمكين إلاّ في التمسك بعقيدتنا، واستنهاض كل القيم الأخلاقية التي أمر بها رب العزة والجلال، فكان الإسلام ولا زال بوسطيته، واعتداله، وتسامحه، ووضوحه، فيما لا يمس العقيدة النقية، طريقنا إلى فهم الآخر وحواره، وطريقنا للفهم الحضاري لحرية الأديان والثقافات والقناعات وعدم الإكراه عليها، يقول الحق تعالى: (لا إكراهَ في الدين قد تبين الرشدُ من الغي). ومن هذا المنطلق تم إنشاء مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي للحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ليكون مدخلا بين المسلمين وبين أتباع الأديان والثقافات الأخرى، لنقول للعالم إننا نمد أيدينا محترمين جميع الأديان السماوية في مبادرة تنبذ الكراهية، والعنف، وتبين للعالم أن الإسلام دين الصفاءِ، والنقاءِ، والوسطية.
فإذا كان هذا منهجنا مع غير المسلمين، كان من الواجب علينا جميعا، نبذ الخلافات والتناحر بين المسلمين أنفسهم، وعلى هذا الأساس دعونا لإنشاء مركز الحوار بين المذاهب الإسلامية في المدينة المنورة والذي تبناه مؤتمر التضامن الإسلامي الذي عقد في مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك سنة 1433هـ، هدفنا من ذلك صلاح أمر المسلمين، وخشية من الفرقة، والشتات. قناعة منا بأن الحوار بين المذاهب الإسلامية، هو بعد الله - جل جلاله - وبقدرته، المدخل السليم لفهم بعضنا بعضا، فما اتفقنا عليه فالحمد لله فضلا ومنة، وما اختلفنا عليه يجب أن لا يكون طريقا لهدم وحدة الأمة الإسلامية، فباب الاجتهاد سنة الله في خلقه، ولذلك جاء الخلاف في الرؤية بين المذاهب رحمة للعالمين، على أن لا يكون مدخلا للمساس بعقيدتنا السليمة التي لا نقبل المساومة عليها.
أيها الإخوة المسلمون:
من أرض الرسالة ومهبط الوحي، نقول للعالم أجمع، إننا أمة لا تقبل المساومة على دينها، أو أخلاقها، أو قيمها، ولا تسمح لكائن من كان أن يمسَ سيادة أوطانها، أو التدخل في شؤونها الداخلية، أو الخارجية، وليعي العالم أجمع بأننا نحترمه، ونقدر مساهمته الإنسانية عبر التاريخ، ولكن لا خيار أمام من يحاول أن يستبدَ، وفق نظرته الضيقة، أو مصالحه، فنحن أمة سلامتها من سلامة دينها وأوطانها، وتعاملها مع الآخر الند للند، ولذلك نأمل أن يكون الاحترام فيما بين الأمم والدول مدخلا واسعا للصداقة بينها وفق المصالح والمنافع المشتركة، إدراكا منا بأن هذا العالم وحدة متجانسة في عصر تُنبذ فيه الكراهية، وتُرفض سطوة التسلط والغرور، فمن أدرك ذلك فقلوبنا تتسع لكل مفاهيم ومعايير الصداقة، ومن رأى غير ذلك فهذا شأنه، ولنا شأنٌ آخر نحفظ فيه عزتَنا وكرامة شعوبنا الأبية.
وختاما أكرر لكم التهنئة بعيد الأضحى المبارك، سائلا المولى سبحانه أن يتقبل من الجميع حجهم وصالح أعمالهم.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.



مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان
TT

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

مغامرة بوتين في أوكرانيا... أمام الامتحان

لم يصدف في التاريخ أن كانت الحرب معزولة عن السياسة. فالحرب هي السياسة، لكن بوسائل أخرى، حسب كارل فون كلوزفيتز. والحرب تُخاض لأهداف سياسية بحتة، شرط أن تكون هذه الأهداف قابلة للتحقيق. والعكس قد يعني أن استراتيجيّة الحرب المرسومة سوف تناقض طبيعتها. فاستراتيجيّة الحرب بشكل عام، هي تلك الطريقة (الكيف في التنفيذ) التي تربط الأهداف بالوسائل، شرط التوازن بين الاثنتين.
أن تدخل الحرب بثقة زائدة، متجاهلاً الكثير والكثير من متطلّبات النجاح، لهو أمر قاتل. وأن تدخل الحرب ومفتاح نجاحها بيد الأعداء، لهو أمر يعكس السطحيّة الاستراتيجيّة للمخطّطين. لكن المصيبة تكمن، بالثمن المدفوع لأي تعثّر. فمن يرِدْ أن يكون قوّة عظمى فعليه تجميع عناصر القوّة لمشروعه.
وإذا تعذّر ذلك، فعليه ابتكار استراتيجيّة فريدة من نوعها، تجمع «القوّة الطريّة» مع القوّة الصلبة، بهدف التعويض عن أيّ نقص من عناصر القوّة.

فشل منظومة بوتين
لردع الغرب!
لم يستطع الرئيس بوتين وبعد سنة على عمليته العسكريّة في أوكرانيا، تركيب منظومة ردعيّة فاعلة وقادرة على تسهيل حربه. بكلام آخر، لم تنفع استراتيجيّته والمُسمّاة استراتيجيّة الرجل المجنون (Mad Man Theory)، في ردع الغرب. فهو أراد حماية حربه التقليديّة بمظلّته النوويّة، مُظهراً نفسه لاعباً غير عقلانيّ (Irrational). فمن التهديد النوويّ المتكرّر من قبله، ومن قبل الرئيس الروسي السابق ميدفيديف، إلى وزير الخارجيّة سيرغي لافروف. كان ردّ الغرب عبر اتباع استراتيجيّة القضم المُتدرّج لخطوط بوتين الحمراء.
وللتذكير فقط، استعمل الرئيس الأميركي الراحل ريتشارد نيكسون، وبالتعاون والتنسيق مع هنري كيسنجر، استراتيجيّة الرجل المجنون في حربه على فيتنام. فصوّر نيكسون نفسه آنذاك على أنه لاعب غير عقلاني قد يذهب إلى استعمال النووي في حال لم تلبَّ مطالبه، وذلك مقابل حركيّة كيسنجر العقلانيّة لإيجاد مخرج من مستنقع فيتنام.

من يريد كلّ شيء، قد
لا يحصل على شيء
وضع الرئيس بوتين لنفسه أهدافاً تعجيزيّة. من طلبه عودة وضع حلف «الناتو» إلى منتصف التسعينات، إلى إلغاء الدولة الأوكرانيّة، وضمّها إلى روسيا على أنها جزء لا يتجزّأ من مناطق النفوذ الروسيّ، إلى قيادة الانتفاضة العالميّة ضد الإمبرياليّة الأميركيّة، إلى رسم نظام عالميّ جديد تكون فيه روسيا لاعباً كونيّاً وقوّة عظمى على غرار أميركا والصين. كلّ ذلك، باقتصاد ودخل قوميّ يوازي الدخل القومي لمدينة نيويورك. كل ذلك مع تصنيع حربيّ متواضع، يعود أغلبه إلى أيام الاتحاد السوفياتيّ، ودون تصنيع محلّي للشرائح الذكيّة، التي تعد حيويّة لتشغيل أسلحة القرن الحادي والعشرين. كل ذلك مع جيش أغلبه من الأقليات التي تعيش في المناطق النائية وعلى هامش حياة الشعب الروسي في المدن الرئيسّية. جيش لا يحسن القتال المشترك للأسلحة (Combined). جيش مؤلّف من عدّة جيوش، منها الجيش الروسيّ الرسمي، إلى الفرق الشيشانيّة، وحتى شركة «فاغنر» الخاصة. حتى إن هذه الجيوش لا يقاتل بعضها مع بعض، وهي ليست على وفاق، لا بل تتصارع علناً، إن كان حول الاستراتيجيات العسكريّة، أو حتى في طريقة إدارة الحرب. جيش لم يخطط للسيناريو السيّئ، فوقع في فخ الرضا المسبق عن الذات.
بوتين الحائر
بين الاستراتيجيّة والتكتيك
في المرحلة الأولى للحرب حول كييف، خسر بوتين في الاستراتيجيّة والتكتيك. غيّر الاستراتيجيّة وتوجّه نحو إقليم الدونباس فحقق نجاحات تكتيكيّة، لكنها لم تُصَب وتتراكم لتؤمّن النجاحات الاستراتيجيّة.
بعد الدونباس، خسر الرئيس بوتين التكتيك في إقليم خاركيف، كما أجبر على الانسحاب من مدينة خيرسون. وبذلك، تراكمت الخسائر التكتيكيّة والاستراتيجيّة على كتف الرئيس بوتين لتعيده إلى مربّع الخسارة الأول حول العاصمة كييف.

التقييدات على سلوك بوتين
في المرحلة المقبلة
• لا يمكن للرئيس بوتين أن يخسر مرّتين متتاليتين في أوكرانيا.
• فالخسارة تعني بالحدّ الأدنى الإطاحة به سياسياً، حتى ولو لم تتظهّر معارضة داخلية حتى الآن.
• تاريخيّاً، لا مكان للضعفاء في الكرملين. فكلمة الكرملين وهي من أصل تتريّ، تعني القلعة المُحصّنة. وكلّما كان هناك تعثّر عسكريّ روسي في الخارج، كان التغيير السياسي في الداخل النمط المعتاد.
• لا بد للرئيس بوتين من تقديم نصر عسكريّ للداخل الروسي، حتى لو كان محدوداً. وقد يكون هذا النصر في إقليم الدونباس أولاً، وفي إقليم زابوريجيا ثانياً. فهو قد ضمّ هذين الإقليمين إلى جانب إقليم خيرسون.
• لكن السيطرة على الأقاليم الثلاثة: الدونباس وزابوريجيا وخيرسون، بأكملها، ليس بالأمر السهل، وذلك استناداً إلى التجارب السابقة مع الجيش الروسيّ. فعلى سبيل المثال لا الحصر، لم يستطع الجيش الروسي، و«فاغنر» إسقاط مدينة بخموت حتى الآن، وبعد مرور أكثر من سبعة أشهر على العمليّة العسكريّة حولها.

المنتظر من بوتين
• بدل النوعيّة أغرق الرئيس بوتين الجبهات بالكميّة، خصوصاً من العسكر الجديد. ألم يقل الزعيم السوفياتي الراحل جوزيف ستالين: «إن للكميّة نوعيّة بحد ذاتها؟»، وبذلك يحاول بوتين اختبار جاهزيّة الانتشار الأوكراني على طول الجبهة لرصد نقاط الضعف.
• تقول المعلومات إن الجيش الروسي قد حشد كثيراً من الطائرات الحربيّة والطوافات على حدود أوكرانيا استعداداً لاستعمالها في المعركة المقبلة، خصوصاً أن جاهزيّة السلاح الجويّ الروسي تتجاوز نسبة 80 في المائة.
• كما تقول المعلومات إن التجمعات العسكريّة بدأت تظهر داخل الأراضي الروسيّة خصوصاً في مدينة كورسك، التي تقع خارج مدى راجمات «الهايمرس».
• يحاول الرئيس بوتين استرداد زمام المبادرة من يد الجيش الأوكراني، وذلك استباقاً لوصول المساعدات الغربيّة، خصوصاً الدفاعات الجويّة ودبابات القتال الرئيسيّة.
• وأخيراً وليس آخراً، قد يحاول الرئيس بوتين زرع الفوضى في المحيط الجغرافي لأوكرانيا، إن كان في مولدوفا، أو انطلاقاً من إقليم كاليننغراد الروسي والواقع على بحر البلطيق. هذا عدا إمكانيّة ضرب خطوط الإمداد لأوكرانيا على ثلاثة ممرات بريّة؛ تمرّ عبر كل من: سلوفاكيا ورومانيا وبولندا.
في الختام، هذه هي صورة الجبهّة الروسيّة. لكن رقصة «التانغو» بحاجة إلى شخصين كي تكتمل. فكيف ستكون عليه الجاهزيّة الأوكرانيّة؟ خصوصاً أننا عاينّا في هذه الحرب نماذج الحرب من العصر الزراعي، كما من العصر الصناعي، ودون شكّ من العصر التكنولوجيّ.
بعد عام على الحرب... هل باتت روسيا أكثر أمناً؟
مستقبل الحرب... واحتمالات توسعها وخروجها عن السيطرة
كيف أساءت روسيا تقدير موقف ألمانيا؟
أوروبا... تساؤلات حول مآلات الدعم لأوكرانيا
الأزمة... والدور «المشلول» لمجلس الأمن