أفتت دار الإفتاء المصرية، أمس، بتحريم دعوات تنظيم داعش الإرهابي لعناصره بقتل الأهل والبراء منهم، وقالت إنه «إثم كبير»، معتبره أنه «من يفعل ذلك من عناصر التنظيم المتطرف فهو من الآثمين المجرمين القاتلين للنفس التي حرمها الله سبحانه وتعالى، والتي توعد الله فاعلها بعقوبة مغلظة في الدنيا والآخرة».
وبينما نددت الإفتاء في مصر بالجريمة البشعة التي أقدم عليها أحد مقاتلي تنظيم داعش الإرهابي بقتل أمه أمام حشد في مدينة الرقة السورية مؤخرا، حيث قام الفتى البالغ من العمر 20 عاما بقتل والدته بالقرب من مكتب البريد الذي تعمل به، متهما إياها بالردة، كونها تحرضه على مغادرة التنظيم الإرهابي والهرب إلى خارج البلاد برفقتها، قال الدكتور محمود مهنى، عضو هيئة كبار العلماء في مصر، إن «داعش» يستغل الشباب من صغار السن غير الفاهمين لمفهوم «الولاء والبراء» للقيام بقتل ذويهم، مضيفا لـ«الشرق الأوسط» أن «التنظيم يستغل قاعدة (الولاء والبراء) لتسويق العنف والقتل؛ مما يدعو لقطع صلة الأرحام التي حث الإسلام عليها».
ويدعو «داعش» أنصاره بأن يتبرأوا من أقرب الناس إليهم من آبائهم وأمهاتهم وأخواتهم تحت قاعدة «الولاء والبراء»، ويقول «داعش» لأنصاره - على حد زعم التنظيم - تبرأ منهم أولا واقتلهم ثانيا.. وحرض من تعرف على البراء والقتل».
وأكدت دار الإفتاء في فتوى لها، أمس، أن التنظيم الإرهابي دفع أفراده إلى قتل ذويهم بدعوى ردتهم، مستندا إلى قاعدة «الولاء والبراء» التي يعتقد بها التنظيم، والتي تبرر لديهم قتل الأهل والأقارب والتنكيل بهم بدعوى نصرة الدين وإيثاره على كل ما سواه، وهو مفهوم مشوه يركن إليه أصحاب الفكر المتطرف والمشرب العنيف، لافتة إلى أن هذا الفعل الإجرامي الشنيع لا يعبر بحال من الأحوال عن الإسلام والمسلمين، فالإسلام رفع مكانة الأم وجعل برها من أصول الفضائل، كما جعل حقها أعظم من حق الأب لما تحملته من مشاق الحمل والولادة والإرضاع والتربية، وهذا ما يُقرره القرآن ويُكرره في أكثر من سورة ليثبته في أذهان الأبناء ونفوسهم، موضحة أن الإسلام قد أوجب بر الأم والإحسان إليها وتوقيرها، وطاعتها في غير المعصية، والتماس رضاها في كل أمر، حتى الجهاد، إذا كان فرض كفاية لا يجوز إلا بإذنها، فإن برها ضرب من الجهاد.
ولفتت الإفتاء المصرية إلى أن هذه الجريمة ليست الأولى من نوعها، فقد دعا التنظيم الإرهابي في مارس (آذار) الماضي، أنصاره إلى «البراءة من أهلهم وذويهم»، وذلك في إصدار مرئي أنتجه ما يسمى «المكتب الإعلامي لولاية البركة»، وتضمن تحريضا صريحا على قتل الأقارب والأهل بدعوى «المعروف والنصرة»، وتطبيقا لشريعة الولاء والبراء.
وأكدت الدار أن هذا الفعل الإجرامي يعكس جهل وسفه التنظيم الإرهابي، وسعيه إلى الإفساد في الأرض وقطع الأرحام وعقوق الوالدين وقتلهم واستباحة دم المسلم بغير حق، وهدم أركان المجتمع وتفكيكه ونشر الفتن والصراعات بما يحقق مصالح التنظيم في هدم الدول والمجتمعات القائمة.
من جانبه، قال الدكتور مهنى، عضو هيئة كبار العلماء بمصر، إن «ما قام به الشاب الداعشي في حق أمه، فيه جهل وغلو شديد وفكر منحرف، ويدعو لقطع الرحم وعقوق الوالدين واستباحة دم المسلم بغير حق.. فهو جمع من الكبائر والموبقات ما لا يستبيحه مسلم»، لافتا إلى أنه غالبا ما يكون تصوير الولاء والبراء مؤثرا، عندما يمزج بآيات وأحاديث، وتستغل الجماعات المتطرفة الشباب من صغار السن في تنفيذ عمليات القتل ضد ذويهم، موضحا أن «داعش» يحول كلام الله تعالى وسنة رسوله لأداة لتسويق عمليات القتل والتدمير.
ودعا مهنى علماء الأمة إلى شرح مفاهيم كثيرة وحساسة للشباب مثل «الولاء والبراء»، حتى لا يقع الشباب والفتيات ضحية لتفسيرات مغرضة، تعبث باسم الدين والعقيدة، موضحا أن الدواعش يقرأون بعض النصوص فيصرفونها إلى أنفسهم، ويقومون باحتكارها، وهو نفس الفكر الإخواني الذي يحتكر الدين.. ففكر «داعش» فكر تكفيري يبدأ في تكفير المخالفين ولا يتورع في إطلاق صفة التكفير على الناس جميعا، وادعاء الوﻻء والبراء، لافتا إلى أن أفكارهم الشيطانية تأتي بعد نفور الناس منهم.. فعقليات عناصر «داعش» مفعمة بالصدام وحتمية الصراع وتريد تحميل هذا القبح ونشره بين الشباب باسم الدين.
الإفتاء المصرية: دعوات «داعش» للشباب لقتل ذويهم بدعوى ردتهم.. مُحرمة
عضو هيئة كبار العلماء دعا إلى شرح المفاهيم الحساسة للشباب
الإفتاء المصرية: دعوات «داعش» للشباب لقتل ذويهم بدعوى ردتهم.. مُحرمة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة