الرئاسة اليمنية تعلن بطلان قرارات الحوثيين في المؤسسات المدنية والعسكرية

الحكومة تحقق مع مسؤولين في وزارة الشباب بعد إيقافهم.. و«الداخلية» تؤكد عدم التعاطي مع الانقلابيين

صورة تعود إلى سبتمبر الماضي  للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى سبتمبر الماضي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
TT

الرئاسة اليمنية تعلن بطلان قرارات الحوثيين في المؤسسات المدنية والعسكرية

صورة تعود إلى سبتمبر الماضي  للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن (أ.ف.ب)
صورة تعود إلى سبتمبر الماضي للرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي في مدينة عدن (أ.ف.ب)

أكد الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، أن القرارات التي أصدرتها الميليشيات الحوثية، والموالين للمخلوع علي عبد الله صالح، هي باطله منذ فترة الانقلاب في سبتمبر (أيلول) 2014، إذ وجه هادي، نائبه رئيس الحكومة، خالد بحاح، بسرعة اتخاذ الإجراءات اللازمة مع الجهات المعنية لذلك، فيما بادر وزير الشباب والرياضية، نايف البكري، بتجميد عمل مسؤولين في وزارته وإحالتهم للتحقيق، إلى ذلك، أكد اللواء عبده الحذيفي، وزير الداخلية، لـ«الشرق الأوسط» أنه تواصل مع المكاتب الأمنية بالمحافظات، وإبلاغهم ببطلان القرارات الصادرة عن المتمردين.
ووجه الرئيس اليمني هادي، مذكرة رئاسية إلى النائب بحاح، نصت على عدم شرعية وبطلان كل الإجراءات والقرارات الصادرة عن الميليشيات الانقلابية في مختلف مواقع ومرافق الدولة المدنية والعسكرية، وما يتصل منها بالخدمة المدنية من تعيين وإحلال وتوظيف وتقاعد وفي كل مؤسسات وأجهزة الدولة.
إلى ذلك، سارعت وزارة الشباب والرياضة، لتنفيذ توجيهات الرئيس هادي، وأصدر وزيرها نايف البكري، قرارًا حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، يتضمن تجميد عمل عبد الله هادي بهيان، نائب وزير الشباب والرياضة، وإحالته للتحقيق في المخالفات غير القانونية وتجاوزه لمهامه، ونصت المادة الثانية بإلغاء أي اتفاقيات وقعها بهيان مع جهات أخرى نيابة عن الوزير وإلغاء القرارات الوزارية التي أصدرها، فيما قضت المادة الثالثة بأن على الجهات المختصة والمعنية في الوزارة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ القرار، وأصدر البكري قرارا بتعيين خالد صالح حسين للقيام بأعمال وكيل أول وزارة الشباب والرياضة، بدلا عن بهيان.
من جانبه، ذكر اللواء عبده الحذيفي، وزير الداخلية لـ«الشرق الأوسط»، أن ما بني على باطل فهو باطل، وأن الرئيس هادي حريص على حماية مؤسسات الدولة المدنية والعسكرية والأمنية من العبث والفوضى التي تسبب فيها الانقلابيون.
وقال اللواء الحذيفي، إن الحكومة تنظر إلى القرارات الصادرة عن الانقلابيين في المحافظات والمناطق، باعتبارها باطلة وفوضوية، وإنها ستعمل على إلغائها وفقًا للقانون والدستور اليمني.
وكشف وزير الداخلية، عن إجراءات تنفيذية ستقوم بها الحكومة لإلغاء القرارات، تنفيذا لتوجيهات الرئيس هادي في رسالته إلى نائبه رئيس الوزراء خالد بحاح، لكنه لم يكشف عن ماهية هذه الإجراءات، ولفت الحذيفي إلى أن قيادة وزارة الداخلية «على تواصل دائم مع القيادات الأمنية والضباط في إدارات الأمن في جميع المحافظة سواء التي تم تحريرها أو المناطق التي لا تزال تحت سيطرة الميليشيات، ووجهناهم بعدم التعاطي مع أي قرار صادر من قبل الميليشيات الانقلابية، ونبهناهم بأن هذه القرارات كلها باطلة وغير شرعية».
ولجأت الميليشيا الانقلابية منذ سيطرتها على صنعاء في سبتمبر 2014، إلى تقاسم المؤسسات الحكومية المدنية والعسكرية مناصفة بين جماعة الحوثي والمخلوع علي عبد الله صالح، وقامت بفرض قيادات مؤيدة لها لإدارتها، وإقصاء القيادات السابقة واعتقال عدد منهم، وشكل الانقلابيون ما يسمى اللجنة الثورية العليا التي شكلت في 6 فبراير (شباط) 2015، وأعطت لنفسها صلاحيات لإدارة البلاد، برئاسة إحدى القيادات التي شاركت في حروب الحوثي في الشمال يدعى محمد علي الحوثي.
وكان الرئيس هادي عزل الكثير من الوزراء والقيادات العسكرية والمدنية إحالتهم للقضاء، بينهم وزراء منهم محمد زمام، وحسن زيد، وغالب عبد الله مسعد، إضافة إلى قيادات عسكرية منهم اللواء عبد الله خيران الذي كان يشغل رئيس هيئة الأركان، وعبد الرزاق المروني قائد قوات الأمن الخاصة.
واستغل الانقلابيون غياب الدولة والحكومة وتمكنت من السيطرة على مركز السلطة في صنعاء التي كان يدار منها كل شؤون المؤسسات الحكومية في عموم محافظات الجمهورية، وأصدروا قرارات في معظم المؤسسات والوزارات أبرزها وزارة المالية والدفاع، والأمن، والإعلام، والخدمة المدنية، والعدل، والخارجية.
وبحسب مراقبين فإن الكثير من السفراء والمسؤولين في سفارات البلاد بالخارج موالون للانقلابيين ويزاولون أعمالهم حتى اليوم، ولم يتخذ الرئيس هادي أو الحكومة التي تتخذ من الرياض مقرا مؤقتا لها أي إجراءات لاستبدالهم أو توقيفهم.
ومطلع الشهر الماضي قطعت الحكومة الشرعية العلاقات الدبلوماسية مع إيران، وأنزلت العلم الوطني من سفارتها، لكن عبد الله السيري، سفير اليمن في طهران قال إن المتمردين عبر القيادات الموالية لهم بالسفارة أعادوا فتحها، وقاموا باستقبال عناصر الانقلابيين الذين يتنقلون بين بيروت وطهران وموسكو، وقاموا بممارسة أعمالهم هناك، رغم إبلاغ وزارة الخارجية الإيرانية، بقرار الحكومة الشرعية.
وقال السفير إن الميليشيات الحوثية والموالين للمخلوع صالح، قاموا بإرسال تقارير منسوبة إلى وزارة الخارجية اليمنية من مقرها في صنعاء، والتواصل مع الدول عبرها.
إلى ذلك واصلت الميليشيات الانقلابية عمليات القمع ضد المناهضين لهم في صنعاء، وأعلنوا عما أسموه ميثاق شرف وقعت عليه شخصيات موالية للحوثيين وصالح، وجرم الميثاق أي نقد ضد الانقلاب سواء صادر من جهة سياسية أو مجتمعية أو أفراد، وحظر التشهير أو التحريض أو التعريض أو النقد الإعلامي عبر جميع وسائل الإعلام أو الـ«فيسبوك» ومواقع التواصل الاجتماعي.
ونشرت وسائل إعلامية تديرها الميليشيات نصوص الميثاق التي تضمنت خمس بنود، تشمل محاربة المناهضين للانقلابين، والاستمرار في الحرب ضد الحكومة الشرعية والجيش الوطني والمقاومة الشعبية، وعدم التهاون أو التعاطي أو التعامل مع كل من يساند الشرعية في اليمن.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.