فشل القلب الانبساطي

أمراض الشرايين التاجية واعتلال عضلة القلب من أهم أسبابه

فشل القلب الانبساطي
TT

فشل القلب الانبساطي

فشل القلب الانبساطي

فشل القلب الانبساطي (Diastolic Heart Failure) هو عدم قدرة عضلة القلب على التمدد والانبساط وتعبئة القلب بالدم الكافي واللازم لتلبية متطلبات أعضاء الجسم الحيوية والمهمة، مثل القلب والمخ والكلى والكبد. فما هي الأسباب التي تؤدي إلى هذا النوع من أمراض القلب؟ وما هي العلامات التي تدل على الإصابة بفشل القلب الانبساطي؟ وما هي المضاعفات التي تنجم جراء عدم الحصول على العلاج المناسب في وقت مبكر من الإصابة؟

* الاحتقان الرئوي
* التقت «صحتك» الدكتور ممدوح حسين صدقة سبحي، استشاري أمراض القلب للكبار بمستشفى الملك فهد العام بمحافظة جدة، للحديث حول أبعاد هذا المرض وطرق علاجه، فأرجع سبب الإصابة بفشل القلب الانبساطي إلى بطء وصعوبة تمدد وانبساط عضلة القلب، أو إلى صلابة وقساوة عضلة القلب على التمدد لتعبئة القلب بالدم الكافي. وهذا يؤدي إلى صعوبة ضخ الدم وتوجيهه من الأذين الأيسر إلى البطين الأيسر، ومن ثم إلى نقص في كمية الدم التي تملأ البطين الأيسر أثناء دورة الانبساط القلبية. وهذا بالتالي يؤدي إلى ارتفاع معدل ضغط البطين الأيسر، مما ينتج عنه ارتفاع معدل ضغط الأذين الأيسر، وهذا يسبب تضخمه وتوسعه في نهاية الأمر.
ويضيف د. ممدوح سبحي أن مردود كل تلك الأحداث والتغيرات التي تحدث في القلب سوف ينعكس على الأوردة الرئوية التي تحمل الدم المشبع بالأكسجين من الرئتين إلى الجهة اليسرى من القلب، حيث يرتفع ضغط الأوردة الرئوية، ومن ثم يرتفع ضغط الشعيرات الدموية الرئوية، وهذا يسبب الاحتقان الرئوي الحاد (Acute Pulmonary Congestion) مع تراكم السوائل بين أنسجة الرئتين في البداية، وفي نهاية الأمر يؤدي ذلك إلى تراكمها في الحويصلات الهوائية مما يسبب وذمة رئوية حادة (Acute Pulmonary edema)، مما ينتج عنه تقليل سطح المساحة اللازمة لتبادل الأكسجين مع ثاني أكسيد الكربون، ويؤدي إلى انخفاض في كمية وتركيز الأكسجين بالدم وارتفاع ثاني أكسيد الكربون، وهذا ينتج عنه فشل تنفسي حاد.

* أسباب فشل القلب الانبساطي
* أولا: تضخم عضلة القلب والذي ينتج عن أسباب عديدة، من أهمها:
- ارتفاع معدل ضغط الدم وأيضًا التضيقات الشديدة في الصمام التاجي.
- وجود العامل الوراثي والعامل العائلي بسبب خلل في بعض الجينات، والذي يؤدي إلى التضخم الشديد في الحاجز البطيني وهو المعروف طبيا باعتلال عضلة القلب التضخمي (hypertrophic obstructive cardiomyopathy).
- وأخيرا سبب خلقي وهو تضيق الشريان الأبهر الأورطى النازل بالصدر.
* ثانيا: اعتلال عضلة القلب التصلبي (Restrictive Cardiomyopathy).
* ثالثا: أمراض الشرايين التاجية القلبية، التي تعتبر أحد الأسباب المهمة لفشل القلب الانبساطي، كالذبحة الصدرية غير المستقرة واحتشاء عضلة القلب الجزئي والكامل.
* رابعا: أمراض غشاء التامور، ومثال ذلك الاندحاس القلبي الحاد (Cardiac tamponade) الذي يحدث عادة نتيجة تراكم السوائل بين طبقات غشاء التامور، وهذا بدوره يؤدي إلى ارتفاع ضغط غشاء التامور، مما يسبب صعوبة في قدرة عضلة القلب على التمدد والانبساط.

* الأعراض والمضاعفات
* يقول د. ممدوح سبحي إن من أهم أعراض فشل القلب الانبساطي حدوث ضيق في التنفس عند بذل الجهد وأثناء الراحة، وضيق في التنفس عند الاسترخاء، والحاجة إلى استخدام أكثر من مخدة عند النوم، وكتمان بالصدر مع الشعور باختناق أثناء النوم والصحو مرات عديدة بعد النوم، وكل هذه الأعراض بسبب الاحتقان الرئوي. وهناك مجموعة من الأعراض تحدث نتيجة احتقان الكبد والأمعاء، ومنها الشعور بمغص بالبطن، وغثيان، وتقيؤ، وانتفاخ بالبطن، وإسهال. كما قد يشكو المريض من الزيادة في إدرار البول وكثرة التبول بسبب ارتجاع السوائل.
أما المضاعفات، ففي الحالات المزمنة من نقص كمية وتركيز الأكسجين في الدم يحدث انقباض في الشريان الرئوي الرئيسي، مما يسبب ارتفاع ضغط الشريان الرئوي، مما ينتج عنه ارتفاع معدل ضغط البطين الأيمن مع تضخمه وتوسعه وفشله.
إن عضلة البطين الأيمن هي التي تضخ الدم غير المشبع بالأكسجين إلى الرئتين، وهذا ينتج عنه ارتجاع في الصمام الترايكسبي (tricuspid valve)، وارتفاع في معدل ضغط الأذين الأيمن، مع تضخمه وتوسعه، وهذا يؤدي إلى ارتفاع في معدل ضغط الوريد المركزي.
هذا هو السبب الرئيسي في ارتجاع وتراكم السوائل في مناطق مختلفة من الجسم، ومن أهمها ما يلي:
- تجمع السوائل في القدمين والكاحلين والساقين والخصية.
- تجمع السوائل في تجويف البطن مما يسبب استسقاء وارتشاحا بروتونيا (ascites).
- تراكم السوائل بين طبقات الغشاء البلوري المحيط بالرئتين، مما يسبب ارتشاحا بلوريا (Pleural effusion).
- بالإضافة إلى ذلك تتراكم السوائل بين طبقات غشاء التامور المغلف للقلب، وهذا يؤدي إلى ارتشاح تاموري (Pericardial effusion) وارتفاع معدل ضغط الوريد المركزي، وأيضًا يؤدي إلى احتقان وتضخم في الكبد مع ارتفاع إنزيمات الكبد وأيضًا احتقان في جدار الأمعاء وتضخم في أوردة الرقبة.
أما المضاعفات الأخرى فتشمل اختلال نظم القلب، ومثال ذلك حدوث رجفة أذينية بسبب توسع جدار الأذين الأيسر، وأيضًا حدوث رعشة أذينية بسبب توسع جدار الأذين الأيمن.

* العلاج
* يقول د. ممدوح سبحي إن علاج فشل القلب الانبساطي يكون على خطوات علمية، وكالتالي:
- أولا: علاج السبب، ومثال ذلك السيطرة على الضغط المرتفع بالعلاج، وعلاج أمراض الشرايين التاجية عن طريق الأدوية الطبية، وعمل القسطرة القلبية العلاجية وذلك بعمل توسيع بالوني مع زرع الدعامات بالشرايين التاجية، وعلاج التضيقات الشديدة في الصمام التاجي عن طريق تغيير الصمام التاجي بعملية قلب مفتوح.
- ثانيا: إعطاء مدرات البول، وذلك كما في حالة الاحتقان الرئوي الحاد وارتجاع السوائل بالجسم.
- ثالثا: إعطاء الأدوية التي تقلل من معدل ارتفاع ضغط حجرات القلب مثل موسعات الأوردة.
- رابعا: إعطاء الأدوية المقوية لعضلة القلب، كما في حالة وجود فشل قلبي انقباضي مصاحب للفشل الانبساطي.
- خامسا: عدم إضافة الملح إلى الطعام، وعدم الإكثار من شرب الماء والسوائل في حال وجود تورمات الأطراف وارتجاع السوائل.



باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
TT

باحثون يابانيون يختبرون عقاراً رائداً يجعل الأسنان تنمو من جديد

أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)
أسنان جديدة قد يقدمها عقار جديد (رويترز)

قد يتمكن الأشخاص الذين فقدوا أسناناً من الحصول على أخرى بشكل طبيعي، بحسب أطباء أسنان يابانيين يختبرون عقاراً رائداً يأملون أن يشكل بديلاً لأطقم الأسنان أو عمليات الزرع.

على عكس الزواحف والأسماك التي عادة ما تكون قادرة على استبدال أنيابها، من المعروف على نطاق واسع أنّ البشر ومعظم الثدييات الأخرى لا ينمو في فمها سوى مجموعتين من الأسنان. لكن تحت اللثة ثمة براعم نائمة من مجموعة ثالثة، بحسب رئيس قسم جراحة الفم في المركز الطبي التابع لكلية البحوث الطبية في أوساكا، كاتسو تاكاهاشي.

في أكتوبر (تشرين الأول)، أطلق فريقه تجارب سريرية في هذا المستشفى، موفراً لأشخاص بالغين دواء تجريبياً يقول الفريق الطبي إنّه قادر على تحفيز نمو هذه الأسنان المخفية. ويقول تاكاهاشي لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إنها تقنية «جديدة تماماً» في العالم.

وغالباً ما يُنظر إلى العلاجات المستخدمة للأسنان المفقودة بسبب التسوس أو الالتهابات على أنها مكلفة وتتطلب تدخلاً جراحياً. ويؤكد تاكاهاشي، قائد المشروع، أن «استعادة الأسنان الطبيعية لها بالتأكيد حسناتها».

وتشير الاختبارات التي أُجريت على فئران وقوارض إلى أن وقف عمل بروتين «أوساغ-1» (USAG-1) يمكن أن يوقظ المجموعة الثالثة من الأسنان، وقد نشر الباحثون صوراً مخبرية لأسنان حيوانات نمت من جديد.

وفي دراسة نُشرت العام الماضي، قال الفريق إن «العلاج لدى الفئران فعّال في تجديد الأسنان، ويمكن أن يشكل اختراقاً على صعيد علاج تشوهات الأسنان لدى البشر».

«ليست سوى البداية»

في المرحلة الراهنة، يعطي أطباء الأسنان الأولوية للاحتياجات «الماسة» للمرضى الذين خسروا ستاً من الأسنان الدائمة أو أكثر منذ الولادة.

ويشير تاكاهاشي إلى أنّ الجانب الوراثي يؤثر على نحو 0.1 في المائة من الأشخاص الذين قد يواجهون صعوبة كبيرة في المضغ، وفي اليابان غالباً ما يمضون معظم مراهقتهم وهم يضعون كمامة لإخفاء الفجوات الواسعة في أفواههم. ويضيف أنّ «هذا الدواء قد يكون نقطة تحوّل لهم»؛ لذلك يستهدف الدواء الأطفال في المقام الأول، ويريد الباحثون إتاحته قبل عام 2030.

ولا يعرف أنغراي كانغ، وهو أستاذ في طب الأسنان لدى جامعة كوين ماري في لندن، سوى فريق واحد آخر يسعى إلى تحقيق الهدف المماثل باستخدام الأجسام المضادة لجعل الأسنان تنمو من جديد أو لإصلاحها.

وفي حديث إلى «وكالة الصحافة الفرنسية»، يقول الخبير في تكنولوجيا المناعة وغير المنخرط في البحث الياباني، إنّ «مجموعة تاكاهاشي تقود المسار».

ويعتبر كانغ أنّ عمل تاكاهاشي «مثير للاهتمام ويستحق المتابعة»؛ لأنّ دواء للأجسام المضادة يستهدف بروتيناً مطابقاً تقريباً لـ«USAG-1» يُستخدم أصلاً لعلاج هشاشة العظام.

ويضيف: «السباق لتجديد أسنان الإنسان ليس قصيراً، لكنه مجموعة من سباقات الماراثون المتتالية، على سبيل التشبيه». ويتابع: «إنها ليست سوى البداية».

ويرى الأستاذ في علاج جذور الأسنان في جامعة هونغ كونغ، تشينفي تشانغ، أنّ طريقة تاكاهاشي «مبتكرة وتحمل إمكانات».

ويقول لـ«وكالة الصحافة الفرنسية» إن «التأكيد على أن البشر يمتلكون براعم أسنان مخفية قادرة على إنتاج مجموعة ثالثة من الأسنان، هو مسألة ثورية ومثيرة للجدل».

ويشير إلى أنّ «النتائج التي لوحظت لدى الحيوانات لا يمكن دائماً ترجمتها بشكل مباشر إلى البشر». ويقول تشانغ إن نتائج التجارب على الحيوانات تثير «تساؤلات بشأن ما إذا كانت الأسنان الجديدة قادرة وظيفياً وجمالياً على أن تحل محل الأسنان المفقودة».

«في قمة السعادة»

يشير تاكاهاشي إلى أنّ موقع السنّ الجديدة في الفم يمكن التحكم به إن لم يكن تحديده، من خلال موقع حقن الدواء.

وفي حال نمت الأسنان في المكان الخطأ فيمكن نقلها عن طريق تقويم الأسنان أو الزرع، على حد قوله.

ولم يشارك أي مريض صغير يعاني من مشكلة خلقية في الأسنان في التجربة السريرية الأولى؛ إذ إن الهدف الرئيس هو اختبار سلامة الدواء لا فاعليته؛ لذا فإن المشاركين في المرحلة الحالية هم بالغون صحتهم جيدة خسروا سناً واحدة على الأقل.

ومع أنّ تجديد الأسنان ليس الهدف الصريح للتجربة هذه المرة، فإن هناك فرصة ضئيلة لحدوث ذلك للمشاركين، بحسب تاكاهاشي.

وإذا نمت أسنانهم، فسيكون الباحثون قد أكدوا أن الدواء فعّال لمَن يعانون من خسارة أسنان، وهو ما سيشكل نجاحاً طبياً. ويقول تاكاهاشي: «سأكون في قمة السعادة في حال حدث ذلك».

وقد تلقى هذه الأنباء ترحيباً خاصاً في اليابان التي تضم ثاني أعلى معدّل من السكان في العالم. وتظهر بيانات وزارة الصحة أن أكثر من 90 في المائة من الأشخاص الذين تتخطى أعمارهم 75 عاماً خسروا سنّاً واحدة على الأقل.

ويقول تاكاهاشي: «ثمة توقّعات عالية بأن تكون تقنيتنا قادرة بشكل مباشر على إطالة متوسط العمر الصحي المتوقع».