جدل في تونس بشأن مشروع قانون لزجر الاعتداءات على القوات المسلحة

ردود فعل متباينة بشأن قابلية تطبيقه دون المساس بالحريات

جدل في تونس بشأن مشروع قانون لزجر الاعتداءات على القوات المسلحة
TT

جدل في تونس بشأن مشروع قانون لزجر الاعتداءات على القوات المسلحة

جدل في تونس بشأن مشروع قانون لزجر الاعتداءات على القوات المسلحة

أكد الحبيب الصيد رئيس الحكومة التونسية في لقاء جمعه، أمس، بمجموعة من الإعلاميين التونسيين والأجانب، على أن مشروع «قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة» (الأمن والجيش والديوانة) الذي تناقشه لجان برلمانية في الوقت الحاضر، لا يختلف في جوهره عن بقية القوانين الموجودة في عدة بلدان ديمقراطية.
وأشار إلى أن معظم فصوله تم استلهامها من القانون الفرنسي، غير أنه استدرك ليؤكد على أن الاختلاف الوحيد بين القانون التونسي والقوانين الأجنبية، يكمن في أن العقوبات التي تضمنها مشروع القانون التونسي المتعلق بزجر الاعتداءات على القوات المسلحة «أكثر شدة من غيرها».
ودافع الصيد عن الحكومة التونسية الحالية بالقول إن مشروع القانون المذكور قد صيغ من قبل حكومة المهدي جمعة، وإن حكومته تسلمته جاهزا. وأضاف أن مشروع القانون الذي خلف جدلا حادا في تونس، كان محل مجلسين وزاريين قبل عرضه على مجلس الوزراء التونسي، ولم تصدر ملاحظات مهمة تجاه محتواه.
واعتبر الصيد أن ما عرض من فصول على اللجان البرلمانية المهتمة بالحقوق والحريات، كان محل تصديق من قبل مجلس الوزراء الذي نظر في جميع تفاصيله. ولتخفيف الانتقادات المسلطة على مشروع قانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة، قال الصيد إنه لا يزال مشروع قانون قابل للتعديل في أي لحظة، ومن المنتظر أن يُعرض على اللجان البرلمانية المختصة التي ستبدي رأيها في مختلف فصوله القانونية. كما أنه سيعرض لاحقا على جلسة برلمانية عامة، وهي ستنظر من جديد في جميع تفاصيله، ليجري عرضه بعد التصديق البرلماني على المجلس الدستوري للنظر في مدى مطابقته للدستور التونسي الجديد.
وخلفت النقاشات التي تعلقت بقانون زجر الاعتداءات على القوات المسلحة التونسية ردود فعل متباينة بشأن قابلية تطبيق هذا القانون من دون المساس بالحريات الفردية والعامة. وفيما رأت فيه المؤسسة العسكرية والأمنية «قانونا معتدلا هدفه الحفاظ على أرواح الأمنيين والعسكرية»، اعتبره الإعلاميون وعدة منظمات حقوقية «إضرارا بمكاسب الحريات التي تحققت بعد الثورة».
وبشأن هذا القانون المثير للجدل، قال لطفي العربي السنوسي رئيس تحرير صحيفة «الصحافة اليوم» (حكومية) إن مشروع القانون يحمل «عنفا مسلطا على مدنيي الدولة التونسية ومواطنيها»، وأضاف أنه «سيضيق عليهم الأنفاس أمام الدولة الجديدة التي تتجلى أركانها المتصلبة في مشروع الزجر».
ويضم مشروع القانون الجديد 20 فصلا قانونيا، وعدة عقوبات سالبة للحرية، من بينها ما تضمنه الفصل السادس الذي ينص على عقوبة مدتها عشر سنوات وأخرى مالية قدرها 50 ألف دينار تونسي (نحو 25 ألف دولار أميركي) ضد «كل شخص ليست له صفة في مسك أو استعمال أو حفظ أو تداول سر من أسرار الأمن الوطني». كما تخضع العقوبات كل استعمال آلات التصوير (سينمائي أو هاتف أو تسجيل) داخل المنشآت الأمنية إلى الترخيص المسبق، وهو ما اعتبرته المؤسسات الإعلامية حدا من حقها في النفاذ إلى المعلومة.
على صعيد متصل، قال محمد صالح بن عيسى وزير العدل التونسي إن عدد الموقوفين في قضايا إرهابية مقدر بنحو ألف عنصر. ودعا يوم أمس في تصريح إذاعي إلى الزيادة في عدد القضاة المكلفين بالنظر في القضايا الإرهابية، وقال إن السلطات التونسية ستوفر حماية أكثر أمانا لفائدة القضاة المعنيين بملفات الإرهاب.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.