في حي الزمالك القاهري الراقي الذي يشتهر بعدد من المقاهي والملتقيات الثقافية، مقهى صغير، مثله في مصر كثير، خارجه لا شيء يلفت النظر، داخله عالم آخر من الأحوال والطقوس .
بصوت خافت يغني أحدهم: "العين تبصر من تهوى وتفقده وناظر القلب لا يخلو من النظر".
كلمات الحلاج ليست الوحيدة التي قد تطربك، فهناك تسمع كل ما غنّاه المتصوفون. وللوهلة الأولى قد يختلط عليك الأمر ما إذا كنت في مقهى أم ملتقى ثقافي أم معرض فني.
الحقيقة أن المكان يجمع بين كل هذا، فهو مقهى يقدم لك كل ما تريده من مشروبات ساخنة وباردة ووجبات سريعة. وينقسم المقهى إلى خمس قاعات، بينها القاعة الرئيسية التي تزين جدرانها أرفف تحمل كتباً في العلوم والفلسفة.
في هذه القاعة أيضا يقدم المقهى حفلات غنائية، ويعرض مع نهاية كل أسبوع فيلما سينمائيا روائياً أو وثائقيا. كما يتيح لزائريه فرصة استئجار القاعة لعرض أعمال فنية، شرط الحجز المسبق مقابل نسبة 30 في المائة من عائدات المبيعات.
يتميز "صوفي" بأجوائه الهادئة وأثاثه التراثي، فتجد الإضاءات في قوالبها النحاسية خافتة مريحة، كذلك المقاعد الخشبية القديمة، والجدران المزينة بلوحات فنية مختلفة ورسوم بديعة .
يستقطب المقهى أجيالاً شابة من المهتمين الذين لا يدرسون الثقافة واللغة والفلسفة فحسب، بل يأتون ليرتاحوا وينعموا بواحة من الهدوء.
لا تمانع إدارة المقهى أن تعرض موهبتك على الجالسين، فإذا كنت عازفا للجيتار أو البيانو بإمكانك تأدية المقطوعة التي تريد بكل ترحاب.
وقد جاءت فكرة إنشاء "صوفي" عندما قررت فريدة - 37 عاماً - تأسيس مقهى يضمن الراحة والهدوء للزبون. تقول: "أحببت استغلال المكان لنشر الثقافة والفن وتشجيع الناس على القراءة من أجل مجتمع أفضل". وتضيف: "قررت مع شركائي اختيار شقة معمارها قديم على أن تكون مساحتها واسعة وذات سقف عالٍ لتوسيع أكبر للأفق الفكري. واعتمدنا على الأثاث القديم لإضفاء طابع مختلف يكسر روتين المألوف اليومي مما نراه من حداثة في المقاهي والمكاتب".
يقول أحد مرتادي المقهى، ويدعى خالد: "أحب أن آتي إلى هنا لأعزف على البيانو وأجالس أصدقائي في جو لطيف" .
وتعتبر نادية التي تقصد المقهى بانتظام منذ افتتاحه أن "صوفي أحلى كافيه يمكن تقرأ فيه وتخالط الروّاد كأنك في بيتك على وقع موسيقى هادئة".
ويستهدف مؤسسو المقهى التوسع في مشروعهم، لنشر ثقافة الفنون المعمارية القديمة، والتشجيع على القراءة، وإبراز الفنون والأعمال الإبداعية المختلفة.
* مبادرة المراسل العربي
