نظم الاتحاد الدولي للتصلب العصبي المتعدد Multiple Sclerosis International Federation، (MSIF) احتفالا سنويا بمناسبة اليوم العالمي لمرض التصلب العصبي المتعدد الذي وافق يوم 30 مايو (أيار) من كل عام لرفع الوعي بهذا المرض ودعم ما يقرب من 2.3 مليون شخص يتعايشون معه في جميع أنحاء العالم. وفي هذا العام أقيمت المناسبة تحت شعار (البحوث تقربنا للقضاء على التصلب المتعدد bringing us closer).
وقد نظمت حملة توعية تحت عنوان «اليوم السعودي للتصلب المتعدد Saudi MS Day» امتدت على مدى أيام الشهر المنصرم، نظمتها كل من المجموعة السعودية الاستشارية للتصلب العصبي المتعدد وجمعية أرفى وجمعية ساعد لدعم مرضى التصلب المتعدد، شملت عدة مناطق ومدن منها الرياض وجدة والخبر، وفقا لتصريح الأستاذة فاطمة الزهراني مؤسسة جمعية أرفى للتصلب العصبي المتعدد ونائبة رئيس مجلس إدارة الجمعية الخبيرة في العمل التطوعي والخيري لدعم مرضى التصلب وذوي الاحتياجات الخاصة.
وقالت الأستاذة فاطمة الزهراني إن التصلب المتعدد يصيب 24 حالة لكل 100 ألف سعودي، وتختلف الأعراض من مصاب لآخر. وقد تم في هذه الحملة الربط بين الأشخاص المتأثرين بالتصلّب المتعدد بأولئك المنخرطين في بحوثه، بما فيهم العلماء والطلبة والممرضات وجامعو التبرّعات والمتطوّعون وغيرهم. وقد تم الاحتفال بما تحقق في بحوث التصلّب المتعدد حتى الآن ومشاطرة الآمال المعقودة نحو المستقبل.
- التصلب المتعدد
> ما هو مرض التصلب العصبي المتعدد (MS)؟ هو واحد من أكثر الأمراض شيوعا في الجهاز العصبي المركزي (الدماغ والحبل الشوكي). وينجم هذا المرض عن تلف مادة الميالين myelin (وهي مادة دهنية تغطي وتحمي محاور الخلايا العصبية في الدماغ والحبل الشوكي ويمكن تشبيهها بالمادة العازلة التي تُغطي أسلاك الكهرباء) بسبب هجوم جهاز المناعة وتدميره، بالخطأ، لمادة الميالين فتظهر كندبات في مناطق مختلفة من الدماغ والحبل الشوكي. ويرافق فقدان الميالين اضطراب في قدرة الأعصاب لإرسال واستقبال النبضات الكهربائية من وإلى المخ مسببا اضطرابات في الجهاز العضلي الحركي والاتزان والكلام والبصر. يتطور المرض إلى درجات متفاوتة من الإعاقات الجسدية والإدراكية.
> الأسباب. يُعتبر التصلب المتعدد واحداً من أمراض المناعة الذاتية فليس له سبب معروف. ويبدو أن المسؤول عن ذلك هو خليطٌ من العوامل الوراثية والبيئية على السواء.
> الأعراض. التصلب المتعدد هو حالة متغيرة وليس لها نمط محدد. وتعتمد الأعراض على المناطق التي قد تأثرت في الجهاز العصبي المركزي، ويمكن أن تختلف وتتغير في شدتها ومدتها عند الشخص المريض نفسه من وقت لآخر.
ورغم ذلك فهناك أعراض مشتركة بين المرضى، ومن أكثرها شيوعا: التعب، الألم، مشاكل بصرية كعدم وضوح الرؤية، ضعف الأطراف، الإحساس بوخز، مشاكل في المثانة البولية، العجز الجنسي، وضعف الإدراك والتغيرات العاطفية. قد يمر المريض بفترات من التحسن والانتكاس لا يمكن التنبؤ بها.
> المضاعفات. قد يصاب الأشخاص الذين يعانون التصلب المتعدد من: تصلب وتشنج العضلات، شلل الساقين، مشكلات في المثانة أو الأمعاء أو الوظيفة الجنسية، النسيان وتقلب المزاج، الاكتئاب والصرع.
- عوامل الخطر
يمكن أن تزيد هذه العوامل من خطر الإصابة بالتصلب المتعدد، وتشمل ما يلي:
- العمر. يمكن حدوث الإصابة في أي عمر، ولكنها أكثر شيوعاً في الأعمار التي تتراوح بين 15 و60 عاماً.
- الجنس. احتمالات إصابة النساء بالمرض ضعف احتمالات الرجال.
- التاريخ العائلي. إصابة أحد الوالدين أو الأشقاء ترفع خطر الإصابة بالمرض.
- عدوى محددة. تم ربط عدة فيروسات بمرض التصلب المتعدد، بما في ذلك إبشتاين بار (Epstein - Barr)، وهو فيروس يسبب كثرة الوحيدات العدوائية.
- العِرق. الأشخاص البيض المنحدرون من شمال أوروبا أكثر عرضة لخطر الإصابة من الآسيويين والأفريقيين أو الأميركيين الأصليين.
- المناخ. تكثر الإصابة في الدول ذات المناخ المعتدل مثل كندا وأميركا وأوروبا.
- بعض أمراض المناعة الذاتية.
- التدخين.
- التشخيص
ليس هناك اختبار معين لتشخيص مرض التصلب العصبي المتعدد (وفقا لخبراء مايوكلينيك، وإنما يتم التشخيص من خلال استبعاد الأمراض الأخرى ذات الأغراض المشابهة (differential diagnosis)، كالآتي:
• أولا: الفحص الإكلينيكي، الذي يشمل كامل الجهاز العصبي والتاريخ المرضي والتعرف على الأعراض التي قد تكون غامضة أحيانا، فقد تحدث بشكل متقطع على مدى فترة طويلة من الزمن، ويمكن في كثير من الأحيان أيضا أن تعزى إلى عدد من الحالات الطبية الأخرى. وغالبا ما يصعب التشخيص على الأطباء والمهنيين الصحيين عندما تكون الأعراض غير مرئية أو غير موضوعية. ومن المألوف أن يستغرق التشخيص عدة أشهر، في بعض الحالات.
• ثانيا: وسائل متطورة، لقد تم أخيرا تحديث معايير التشخيص لتشمل تقنيات متطورة أصبح لها دور في تسريع عملية التشخيص، وهي:
- التصوير بالرنين المغناطيسي MRI. يجري حاليا استخدام تقنية MRI غير التقليدية في تشخيص مرض التصلب المتعدد، وهو فحص مزعج ولكنه غير مؤلم، يستغرق ما بين 20 و60 دقيقة، يمكنه أن يحدد مكان وحجم الضرر أو الآفة في الدماغ والحبل الشوكي.
- تحليل السائل النخاعي CSF. يتم من خلال إدخال إبرة في الفراغ حول النخاع الشوكي، تحت التخدير الموضعي، ويتم أخذ عينة صغيرة من السائل النخاعي للفحص واختبار الشذوذ الذي يطرأ في مرض التصلب المتعدد.
- اختبار الآثار البصرية (Evoked Potential tests، EP). يتم فيها تسجيل الإشارات الكهربائية التي ينتجها الجهاز العصبي استجابة للمؤثرات. ويمكن استخدام محفزات بصرية، يتم فيها مشاهدة نمط بصري متحرك. كما يمكن تطبيق نبضات كهربائية قصيرة على الأعصاب في الساقين أو الذراعين، فتقيس الأقطاب السرعة التي تنتقل بها المعلومات عبر المسارات العصبية.
- العلاج
لا يوجد علاج لمرض التصلب المتعدد، وإنما يركز العلاج عادة على إسراع وتيرة التعافي من النوبات، وإبطاء تطور المرض والتحكم في أعراض التصلب المتعدد. وتتم إدارة الأعراض غالبا بتقديم مزيج من العلاج بالعقاقير جنبا إلى جنب مع العلاج الطبيعي والعلاج المهني ومحاولة التكيف مع المرض وتغيراته إضافة إلى الدعم الأسري والاجتماعي. ويطرح الاختصاصيون في الأعصاب خطوات العلاج:
> أولا: علاج نوبات التصلب المتعدد:
- الكورتيكوستيرويدات Corticosteroids، لتقليل التهاب العصب.
- تبادل البلازما Plasma exchange، للأعراض حديثة الظهور والشديدة ولم تستجب للستيرويدات.
> ثانيا: علاج الحد من تفاقم المرض.
- التصلب المتعدد الأولي، يعتبر أوكريليزوماب (ocrelizumab (Ocrevus العلاج الوحيد المعدل للمرض الذي تمت الموافقة عليه من قبل إدارة الغذاء والدواء الأميركية. يبطئ تدهور الإعاقة.
- التصلب المتعدد متكرر الانتكاس، يهدف العلاج لتقليل معدل الانتكاس وإبطاء تشكيل آفات جديدة. ومن الخيارات العلاجية ما يلي:
- إنترفيرون بيتا Beta interferons، أفضل الأدوية وأقدمها.
- أوكرليزوماب ocrelizumab، Ocrevus، يُعد العلاج الوحيد الموافق عليه من قبل FDA لعلاج كل من التصلب المتعدد الانتكاسي والأولي.
- أسيتات الغلاتيرأمير Glatiramer acetate، Copaxone، يساعد في وقف هجوم نظام المناعة على الميالين.
• ثنائي ميثيل فومارات Dimethyl fumarate، Tecfidera، يقلل من الانتكاسات.
- فينغوليمود Fingolimod، Gilenya، يقلل من الانتكاسات.
- تيريفلونومايد Teriflunomide، Aubagio، يقلل من الانتكاسات.
- ناتاليزوماب Natalizumab، Tysabri، يعتبر العلاج الأول لبعض المصابين بالنوع الوراثي الحاد والعلاج الثاني للأنواع الأخرى. يمنع حركة الخلايا المناعية الضارة من مجرى الدم إلى الدماغ والحبل الشوكي.
- ألمتوزوماب Alemtuzumab، Lemtrada، يعتبر أحدث الأدوية وأقواها، يساعد على تقليل انتكاسات النوع الوراثي عن طريق استهداف البروتين الموجود على سطح الخلايا المناعية واستنزاف خلايا الدم البيضاء فيحد من تلف الأعصاب المحتمل الذي تسببه خلايا الدم البيضاء.
- علاج أعراض التصلب المتعدد. ويشمل على العلاج الطبيعي - مرخيات العضلات - أدوية لتقليل التعب وعلاج الاكتئاب والألم والضعف الجنسي ومشاكل السيطرة على المثانة والأمعاء التي ترتبط بالتصلب المتعدد (وفقا لتوصيات الأكاديمية الأميركية لطب الأعصاب American Academy of Neurology).
- علاجات تحت البحث
كشفت أحدث الأبحاث أن الخلايا الجذعية لديها القدرة على القيام بـ«إعادة الميالين remyelination «للجهاز العصبي، وتحسين الأعراض وإطالة أمد الحياة. تقوم الخلايا الجذعية بإصلاح الخلايا المتضررة وإنشاء خلايا جديدة سليمة وإعادة بناء الميالين. تعتبر هذه الأبحاث ثورة في مستقبل الطب الحديث والمتجدد. وسوف نذكر منها آخر دراستين.
الدراسة الحديثة الأولى تسمى (HALT - MS)، نشرت في شهر فبراير (شباط) الماضي في موقع المجلة الطبية للأكاديمية الأميركية لعلم الأعصاب، وكانت الدراسة برعاية المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية (NIAID) التابع للمعاهد الوطنية للصحة NIH. تشير نتائجها، بعد 5 سنوات من المتابعة، إلى أن 69 في المائة من المرضى المشاركين في الدراسة تمكنوا من النجاة من المرض وإعاقته أو انتكاسته أو حدوث آفات جديدة في الدماغ، وذلك بعد خضوعهم لزراعة الخلايا الجذعية المأخوذة من أنفسهم. وجدير بالذكر أن هؤلاء الناجين لم يحتاجوا لأخذ أدوية المرض بعد تلقي الزراعة.
أما الدراسة الحديثة الأخرى، فقد نشرت نتائجها الأولية في الاجتماع السنوي الأخير للجمعية الأوروبية لزراعة العظام والنخاع في لشبونة (European Society for Bone and Marrow Transplantation in Lisbon)، أجريت في مستشفيات شيكاغو، شيفيلد، أوبسالا في السويد، وساو باولو في البرازيل، شارك فيها أكثر من 100 مريض مصاب بالتصلب العصبي المتعدد الانتكاسي والهجومي. وبعد متابعة متوسطة لمدة ثلاث سنوات، كانت نسبة الفشل 6 في المائة (ثلاثة من 52 مريضاً)، مقارنة بـ60 في المائة (30 من 50) في المجموعة الضابطة. انخفض العجز في مجموعة الزرع، في حين تفاقمت الأعراض في مجموعة الأدوية.
علق البروفسور ريتشارد بيرت Prof Richard Burt، رئيس الباحثين في جامعة نورث وسترن في شيكاغو: «إن البيانات تميل بشكل مذهل إلى زراعة الأعضاء مقابل أفضل العقاقير المتاحة - لقد كان الكثيرون متشككين بشأن هذا العلاج، لكن هذه النتائج ستغير ذلك».
- استشاري طب المجتمع